الجوع في اليمن يدق ناقوس الخطر ونسبة المجاعة وسوء التغذية ترتفع يوما بعد آخر في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة، وحسب بعض المصادر المحلية فإن مخزون بعض السلع الغذائية موشك على النفاد، وتشير تقارير بعض المنظمات الدولية.. إن نسبة الفقر في اليمن قد تعدت خمسة وسبعين بالمائة..صحيفة الجمهورية طرقت هذا الموضوع الحساس في التحقيق التالي: وضع غذائي متدهور الوضع الغذائي في اليمن متدهور للغاية حيث يواجه البلد أزمة غذائية حادة، وتتناول نسبة كبيرة من السكان الطعام بمعدل مرة واحدة كل ثلاثة أيام، وعائلة أحمد الفقيه المكونة من ثمانية أفراد والساكنة بالإيجار في العاصمة صنعاء لا تجد الطعام الذي يسد رمقها، فالأب لا يملك أي مصدر للرزق، فتبقى الأسرة بلا حول لها ولا قوة صابرة على جوعها لأكثر من يومين حتى يجود الرب عليها بطعام يمنع عنهم الموت يقول احمد الفقيه بحسرة زائدة وجوع”ما الذي بيدي أفعله فلقد بحثت عن عمل أي عمل اضمن من خلاله طعاما يقي أولادي وزوجتي من الموت جوعا بلا فائدة، وكان هذا البحث المضني من سنوات طويلة، وخلال هذا العام بالذات انعدمت اللقمة التي كانت تشبعنا على رأس كل يومين، ومما زاد المعاناة إصابتي بانزلاق في العمود الفقري ومرض في القفص الصدري، كما أن أولادي الثمانية نصفهم مرضى ومقعدون لا يستطيعون الحراك من أماكنهم، وهم هكذا معوقون من طفولتهم ، وكوني لا أمتلك ثمن الحفاظات، ولا حول لهم ولا قوة في التحرك قيد أنملة من أماكنهم، فأحدهم في الثامنة من العمر وباقي الأطفال أقل من تلك السن، ولدي من المقعدين ثلاث بنات وولد، والحمدلله على كل حال ويستطرد الفقيه في سياق حديثه بعد نوبة بكاء أصابته وحوله أولاده وزوجته: إننا نسكن في غرفة لا تتجاوز خمسة أمتار فيها الحمام والمطبخ الخالي من الطعام وفيها مرقدنا أيضا الخالي من الفرشان والبطانيات ،ويظل أطفالي يبكون من الجوع والبرد،ثم يفتح احمد الفقيه احد الزنابيل المهترئة مستخرجا معاملات طبية وأفلام أشعة مقطعية ومعاملات ..أكوام من العلاج الطويل والمرض المستديم والجوع القاتل على مدى سنوات طويلة. الجوع لأيام الأم أو زوجة احمد الفقيه الغارقة في جلبابها الأسود الحزين والهزيل تحدثت بالقول وآثار الجوع يبدو على حديثها: الناس لم يعودوا يلتفتوا لأحد ونحن والله نجلس جائعين،فيرتفع صراخ الأطفال،ولا نملك أنفسنا سوى الانخراط في البكاء جوعا وشفقة على الأطفال وحسرة على ما أصابنا في هذه الحياة من كرب وبلاء،ووالله إنني لا أبالي بنفسي سواء حييت أو مت وما يهمني سوى الأولاد، وزوجي المسكين يعاني من عموده الفقري، وأنا أشعر بالصداع، بل أحس أن رأسي يوشك أن ينفجر من شدة الهم والغم وانعدام الطعام، ويارب يرحمنا ويسخر أصحاب الخير في مساعدتنا وانتشالنا من هذا الجوع، مع العلم أننا نسلم عشرة آلاف ريال إيجار هذا المسكن الضيق ويحاول زوجي بكل ما يستطيع أن يدبر ثمن الإيجار من فاعلي الخير، وحتى لا يطردنا صاحب المنزل فنجد أنفسنا بلا طعام ولا مأوى، أدعو الله أن يسترنا، والأفضل أن نموت جوعا في المنزل على أن لا نموت في العراء أمام خلق الله، ويتلفت الأطفال بنظرات بريئة وهم لا يستطيعون حراكا من أماكنهم ،ولا يدرون ماذا يخبئ لهم المستقبل المليء بالفقر والجوع،على الرغم من النداءات وصرخات الاستغاثة التي أطلقها احمد الفقيه لإنقاذ عائلته من شبح الجوع الذي يكاد أن يقضي عليهم،لكن أحدا لم يسمعه أحداً لا من الجهات الخيرية ولا الرسمية فاقتنع بحظه البائس الذي كتب له. أزمة غذائية حادة أزمة غذائية حادة يواجهها اليمن، خطر المجاعة يتهدد أكثر من ثلاثة ونصف مليون يمني، وتعد محافظات الجوف والحديدة وحجة من أكثر المناطق اليمنية تأثرا بمظاهر المجاعة؛ الأمر الذي يهدد اليمن بأزمة غذائية كارثية أشبه بتلك التي يعيشها الصومال في الوقت الحالي، فالأسرة اليمنية عاجزة وغير قادرة على توفير الغذاء والاحتياجات الأساسية لأفرادها يقول الطفل محمد ذو التسع سنوات وهو يحمل ميزانه الصغير: إننا سبعة في المنزل مع أبي وأمي،فأبي لديه بسطة ألعاب صغيرة وأنا اذهب إلى المدرسة وأعود وااخذ اثنتين من أخواتي الأولى عمرها سبع سنوات والثانية خمس سنوات وكل منا يحمل ميزانا، فوالدي يطلب منا أكثر من ألف ريال ندبرها، ونحن بالكاد يحصل كل واحد منا على ثلاثمائة ريال، مع العلم أننا نتناول طعامنا مع المعتصمين في ساحة التغيير وأكثر الأحيان نجلس بلا غداء، ولا نعود إلى المنزل سوى على مشارف العاشرة مساء والمصيبة أننا نعود إلى المنزل جياع ولا نحصل على طعام كما أننا لا نتجرأ بخصم فلس واحد مما حصلنا عليه من أجرة الميزان،فأي حياة هذه التي نعيشها مع العلم أن هناك من الجيران من يرمون بالأكل الكثير في مقلب القمامة ونحن في أمس الحاجة إليه. وجه آخر للتسول في محافظة صعدة أقصى شمال اليمن للتسول وجه آخر،فالمتسولون لا يريدون الريالات وإنما يقولون بالحرف الواضح اشتري لي طعاما،كما أن هناك الكثير ممن يرقبون المطاعم بأعين جائعة وخائفة من مسافات بعيدة حتى لا يصيح عليهم صاحب المطعم،وبمجرد أن يفرغ المتناول طعامه من مائدته حتى يهبون إليها بسرعة البرق ولديهم قراطيس بلاستيكية لحشر بقايا الطعام في داخله،ولو ضبطتهم أعين مباشر المطعم كما حصل العديد من المرات فانه يمنعهم حتى من رشف بقايا الشاي المخثر في ألكاس،وعلى الطرق الرئيسية هناك اسر تصنع المطبات وتمد يدها للبحث عن لقمة تسد بها جوع أولادها المتناثرين على جوانب الإسفلت. تخوف من المستقبل منظمات تابعة للأمم المتحدة تؤكد أن قرابة أربعة ملايين شخص سيتضررون في 2012 من جراء الأزمة التي يشهدها اليمن، محذرة من إمكانية تحول هذا البلد، إلى صومال آخر، وأكدت اللجنة المشتركة لهيئات الأممالمتحدة ومنظمات إنسانية شريكة في بيان أن سوء التغذية يتجاوز ثلاثين بالمائة، وأعربت اللجنة عن قلقها إزاء الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد الذي قد يحول دون وصول المساعدات الكافية للمتضررين، وارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية في اليمن ارتفاعا فلكيا بلغ قرابة خمسين بالمائة بينما بلغت أسعار النفط نحو خمسة أضعاف. الأخ مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن تحدث عن هذا الموضوع بالقول: هناك أزمة كبيرة يعانيها المجتمع اليمني، لاسيما ما يتعلق بتوفير المواد الأساسية التي ارتفعت أسعارها حيث ارتفعت نسبة الفقراء أو المعرضين لسوء التغذية وفقر الغذاء حيث ارتفع إلى تسعة مليون يمني مقارنة بسبعة مليون ونصف قبل حوالي عام حسب التقارير والمؤشرات الدولية لذلك فان الفقر تزايد بنسبة خلال الأزمة الراهنة ونداء الأممالمتحدة جاء بناء على تقارير ومعلومات محلية نحن كنا قد أصدرنا في المركز تقريرا وحذرنا فيه من وجود كارثة، ووصول الفقراء إلى مرتبة الجوع ذلك أن بعض الأسر لا تستطيع أن تحصل على وجبات الغذاء الأساسية جراء تفشي ظاهرة الفقر نتيجة ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة جدا. لقد أضحت اليمن تعاني نقصا كبيرا في الخدمات الأساسية فهناك انقطاع للكهرباء والمياه والمشتقات النفطية التي ضاعفت من المأساة الإنسانية في اليمن؛ لذلك فإن كثيرا من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أفلست خلال الفترة الماضية وخرج الكثير من العاملين سواء في قطاع السياحة أو قطاع الإنشاءات وقطاعات أخرى مختلفة إلى الشارع وبالتالي تضاعفت حدة البطالة في اليمن ماأدى إلى ازدياد حالات الفقر، وهناك تحديات كبيرة فيما يتعلق بشريحة الأطفال والفئات الفقيرة التي كانت موجودة أصلا في المجتمع اليمني بسبب حالة الفساد في البلاد وأيضا عجز السلطة السياسية والإدارات الحكومية المتعاقبة عن إنعاش الاقتصاد اليمني؛ الأمر الذي أدى إلى تكاثر الملايين من الفقراء، الآن زادت حدة الفقر؛ ولذلك نؤكد أن الدعم الدولي أو المنظمات الدولية إذا لم تتدخل بصورة عاجلة فستكون هناك كوارث على الصعيد الإنساني، لاسيما في محافظات كانت نسب الفقر فيها لا تتجاوز الستين بالمائة بين المجتمع.