برهنت المرحلة السابقة أن التعليم لم يكن رسالة هدفها تحقيق البناء الفعلي للإنسان وتطوير قدراته ومداركه للوصول بالذات والوطن إلى مستويات متقدمة من الإنجاز الذي يواكب حركة التطورات العلمية التي يشهدها العالم.. كما هي البنية التحتية لهذه المؤسسة ومتطلبات العامل التعليمي الملبي للزيادة السكانية وضرورة توسيع منشآتها على مستوى المدينة والريف.. بقدر ما كانت مدخلاً للكثير من جوانب الفساد بشقيها التعليمي والإنشائي للجهات ذات العلاقة.. الاستطلاع التالي يكشف لنا قدراً مما أشرنا إليه عبر كشف ما تتعرض له إحدى مدارس مدينة تعز من فساد ممنهج.. العمل الخيري والتسويف نظراً للكثافة السكانية التي تعيشها مديرية المظفر كان من الواجب على الجهات التعليمية التعامل مع ذلك الأمر بمسئولية تلزمها بوضع خطط يجري التنسيق بشأنها مع السلطة المحلية بالمديرية لبناء مدارس جديدة لمواجهة متطلبات زيادة الطلاب ومع ذلك لم يتم ذلك ليتدخل العامل الخيري بمنطقة المناخ من خلال منح المواطن عبده محمد راجح عمارته قبل سنوات لتصبح مدرسة حكومية «بالمجان» وبلا مقابل على أن يتكفل المعنيون بتوفير مستلزمات المدرسة من الكراسي والطاولات، لكن المؤسف ما جرى من تهميش هذا العطاء السخي من قبل الآخرين رغم أن المدرسة أصبحت اليوم مساحة العديد من مراكز المديرية بتوافد الطلاب الدارسين فيها من الصف الأول حتى السادس ابتدائي..مدير المدرسة وطاقمها التربوي لم يجدوا حلاً لمواجهة الكثافة الطلابية غير الاستعانة بغرف المسجد المجاور وفتحها لتدريس الأطفال وذهبوا في الفترة الأخيرة لاستئجار شقة مجاورة للمدرسة وتحويلها لفصول دراسية أيضاً تجنباً منهم لقول «عفواً المدرسة غير قادرة على استيعاب المزيد»! التعليم من زاوية الجهات الرسمية بعد محاولات لإدارة المدرسة لتوسيع مساحة المدرسة عبر شراء بعض المساحات المجاورة لها وتحويلها إلى فصول وبكلفة مالية قليلة لم تفِ بما يلزم للتوسعة.. يقول أحد أولياء الأمور:المجلس المحلي بالمديرية وجد بعد سنوات من تلك المطالبات بوابة لتحقيق المآرب الخاصة به.. عمل على الاستجابة لتوسيع المدرسة ولكن من الجهة الشرقية لها وبمسافة فارقة عنها لا تقل عن 400 متر تقريباً.. والحكاية أن رجلاً نافذاً قام بالبسط على أرضية تابعة لمقبرة الأجينات وأسس عليها قواعد بناء بدعوة أنه سيقوم ببناء مسجد عليها ثم مضى يماطل في إتمام البناء لينتفع طيلة سنوات من مشروع المسجد.. وفي الأخير عرض أرضيته على المجلس المحلي للمديرية بمبلغ (6) ملايين ريال.. المجلس الذي يفترض به التأكد من وثائق الرجل قبل شراء الأرض ومحاسبته على البسط على حقوق الأوقاف.. وقع عقد الشراء للأرض ودفع المبلغ للنافذ بغير حق تحت شعار (احملني أحملك)، من غرائب الأمور أن المجلس المحلي أقر أن تكون الأرض «المأخوذة» من المقبرة الراقد تحت ركام أتربتها العشرات من الموتى مدرسة ملحقة للمدرسة القديمة الخاصة بالمرحوم عبده محمد راجح. الملايين تهدر والمدرسة حكاية أسرع المجلس وأقر الإعلان عن مناقصة في الاجتماع الرابع للهيئة الإدارية السابقة 12/2009م لبناء عشرة فصول مع المرافق والتسوير لمدرسة (عبده محمد راجح) بالأجينات وتسليم الموقع ومباشرة العمل والمحدد فترة إنجازه بعام واحد في النموذج الثاني رقم 3/13 الصادر عن الاجتماع الأول من شهر 1/2010م بالهيئة الإدارية الجديدة والذي يفصله عن الأنموذج الأول وطرح المناقصة شهر واحد فقط.. يمكن ملاحظة واقع التلاعب هنا.. يشير هذا الأنموذج في بياناته بمستوى تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية إلى بناء 9 فصول لمدرسة عبده راجح.. بمدة تنفيذ (سنة) وتكلفة إجمالية 62.461.645 ريالاً.. فيما المنصرف من التكلفة مبلغ 38.257.214 ريالاً قرابة النصف فقط!, لكن الفضيحة والفساد العلني هنا هو بتحديد نسبة الإنجاز ب(100 %)وهنا يجدر التساؤل: كيف تحقق الإنجاز خلال شهر بنسبة 100 %..؟ أنموذج رقم 3/3 والصادر عن الاجتماع الثاني لعام 2010م والخاص بمستوى تنفيذ المشاريع جاء في الفقرة 7 منه بناء 12 فصلاً وسور لمدرسة عبده محمد راجح بتكلفة إجمالية 62.461.645 ريالاً فيما المنصرف «لاحظ» 38.833.763 ريالاً.. نسبة الإنجاز 62.17 تمويل محلي.. أما النموذج رقم 3/3 والصادر عن الاجتماع الثالث لعام 2010م والخاص بمستوى تنفيذ المشاريع جاء بالفقرة (1) منه إلى مشروع بناء المرحلة الأولى لمدرسة عبده محمد راجح بفترة تنفيذ 18شهراً.. فيما لم يذكر مبلغ التكلفة والمنصرف لكن نسبة استكمال إجراءات الإنجاز حددت ب90 % فيما احتوى عمود الملاحظات اقتراح استكمال إجراءات إعلان المناقصة للمرحلة الثانية من المشروع في العام نفسه 2010م.. وتشير مصادر متعددة إلى أن المدرسة المذكورة التي أنفق عليها الملايين في الأمس لا تزال تستنزف حتى اليوم عشرات الملايين من مخصصات مجلس محلي المديرية فيما النتيجة تكشفها نتائج نزولنا الميداني على النحو التالي: مدرسة أسم بغير شكل المدرسة التي تم زيارتها وجدت من الخارج متشققة البنيان وكذا أرضيتها الخارجية خالية من وسائل الخدمات بينما تتعدد مسميات تلك المخلفات من حولها وعندما صعدنا إلى المبنى العلوي منها وجدنا «6» غرف «4» فصول و«2» للإدارة والمدرسات بينما في الداخل من هذه الفصول أرضية وجدران غير مشطبة وسقف من الزنج فقط! وطلاب يؤدون امتحانات نصف العام على الأرض.. سألنا عن هذا الوضع أجابوا أن إدارة مدرسة المرحوم راجح لم يكن أمامها من الخيار إلا البحث عن وسيلة ذاتية وخيرية لإغلاق السطح بالزنج وعدم حرمان الطلاب من حقهم في الدراسة خاصة أن المدرسة الجديدة مخصصة لخامس وسادس ابتدائي وللمرحلة الإعدادية ونظراً للتطويل وعدم المصداقية في التنفيذ الجاد للمشروع من قبل المعنيين لم يكن أمام الطلاب إلا القبول بهذا الحال والتوجه إلى الدراسة في البدروم بعد أن كان مليئاً بالأخشاب والركام للمقاول والذي ينقسم إلى فصلين كبيرين هما أيضاً غير مشطبين وبدون كهرباء عملت إدارة المدرسة والمدرسون على تنظيفهما وإعلانهما كفصلين خاصين بطلاب الإعدادية الذين كانوا أيضاً يفترشون الأرض أثناء الامتحانات.. بينما خارج المدرسة شوهد العمال يوسعون لسور داخلي وتركوا المهم في عملهم وهو استكمال بناء المدرسة وصب سطحها وتشطيبها. سور المقبرة من الناحية الجنوبية بني قبل سنوات قلائل ثم هدم جزء منه خلال بناء المدرسة ولم يعد بناؤه. يرى عدد ممن التقيتهم من مدرسي المدرسة أن غرف أو فصول المدرسة لا تساوي الملايين التي أهدرت لتوسعتها على النحو الذي وجدناه والمتعارف عليه «مبنى عظيم». وبالانتقال من الفساد في المنشأة تلك إلى ما ينقصها من تجهيز وأثاث لشقي المدرسة القديم والحديث فالأولى بالمناخ تضم 900 طالب وطالبة.. والجديدة غير المكتملة تضم 467 طالباً أما الجانب المشرق لمجمل المدرسة فيتمثل في كوادرها التعليمية والإدارية حسب ما يثني عليهم عدد من أولياء الأمور. ولتسليط الضوء حول هذه القضية كان لابد لنا من الالتقاء بالمعنيين عن ملكية أرض المدرسة والمعنيين ببنائها. أسباب التشققات الأخ عبداللطيف الشغدري مدير عام مديرية المظفر رئيس المجلس تطرق للقضية بقوله: أرضية مدرسة الأجينات قام أحد المواطنين باستئجارها من الأوقاف ومن ثم تنازل بها مقابل مبالغ مالية وقد وجدنا عند التنفيذ أن الأرضية تحتاج إلى جدار ساند وقد أخذ الجدار نصف المبلغ وهو 58 مليون ريال تقريباً صرفت على الجدار والدور الثاني.. فيما البدروم كان جاهزاً وقد نفذت المرحلة الثانية عام 2011م من خلال المناقصة الثانية على أحد المقاولين والمحددة بتنفيذ سطح الدور الثاني مع التشطيب وفي تلك الفترة كنت غير موجود بعد.. أما التشققات داخل الفصول وخارج المبنى بسبب وجود الردميات في الأرضية ونتيجة أيضاً للأمطار في تلك الفترة والتي تم فيها بناء المدرسة وكان سبباً لهبوط جانب من المبنى وقد تقدمنا بمذكرة للمحافظ بهدف إرسال مهندس لمعاينة الموقع من الناحية الفنية والهندسية وبموجب تقرير المهندس والذي سيحدد لنا إمكانية إنزال مناقصة جديدة لبناء الدور الثالث من عدمه ونحن لا نزال ننتظر تقرير المهندس لمعرفة ما إذا أمكننا التنفيذ أو أن هناك إشكالية مانعة تحول دون استكمال تسوير المدرسة بعد وصول التقرير. الأرضية استئجار ضابط! الأخ عبده محمد حسان مدير عام مكتب الأوقاف بتعز قال: إن الأرضية التي تم البناء عليها لمدرسة المرحوم عبده محمد راجح تم استئجارها من قبل «ضابط» وبعد ذلك تنازل عنها للمجلس المحلي بمديرية المظفر ولكن الأخير لم يستأجرها من الأوقاف حتى الآن! مدير المديرية السبب! الأخ عبده همدان مدير إدارة المشاريع بمكتب التربية والتعليم بتعز قال: نحن في إدارة المشاريع نقوم بالإشراف على المشاريع المنفذة من المديرية ومتابعتها حتى يتم إنجازها وبسبب المشاكل الراهنة تم توقيف بناء مدرسة المرحوم بالأجينات منذ عام 2010م كغيرها من المشاريع التي جرى توقيفها نظراً للظروف التي تعاني منها البلاد.. والحقيقة أن المبالغ التي طرحت لهذه المدرسة والمناقصات المتكررة المسئول عنها هو مدير مديرية المظفر الأسبق. وعن التشققات بالمبنى قال همدان: سيتم تشكيل لجنة من المديرية والنزول للتحقيق في هذه المشكلة ولن يتم استلامها من قبلنا إلا بعد أن يعطونا تقريراً نهائياً بأن المدرسة جاهزة من كل الجوانب سواءً في التشطيب أو تركيب النوافذ والأبواب وغيرها من الجوانب التي تهم سلامة المبنى وتضمن السلامة للطلاب والمدرسين.. بينما نحن علينا تنفيذ المشاريع المقدمة من المحافظة وتوزيعها على المديريات بينما لا نتحمل مسئولية مثل هذه المشاريع الاستثنائية المخول بها المجالس المحلية بالمديريات كالمدرسة المذكورة.