ترجمة/ هدى جعفر سأل الرجل ذو العشر الأشيب الذي يقف بجانب النافذة “ متى يجب أن يتوقفوا؟” أجابه الرجل الذي كان يحلق شعره “ عاجلا أم آجلا على ما أعتقد، لقد مرت فترة زمنية لا بأس بها منذ أن حدثت واقعة مشابهة لآخر مرة” قال الرجل الأول “ إن طريقة صموده مدهشة” “ بالكاد الأمر مدهش، ما هي الخيارات الأخرى التي لديه أصلا؟” “ أعتقد بأنك على صواب” “ حتما أنا كذلك” قال عندها الحلاق الذي عادة كان يتجنب أي محادثة: “ لقد كان زبونا جيدا، كان يأتي ليقص شعره مرة كل أسبوعين، لا يشتكي أبدا، وكان يمنح بقشيشا مرتفعا”. سأل الرجل الجالس بجانب النافذة “ هل تعتقد بأن لديه عائلة” “ لا، إنه أصغر بكثير من أن تكون لديه عائلة” “ لا أقصد أطفال، أعني بأن لديه عائلة من أي نوع” “ لا أعرف” أعاد الرجل الجالس بجانب النافذة فنجانه بالقهوة من مكان ما في آخر المحل ثم عاد للجلوس بجانب النافذة “ إنهم كالحيوانات تماما” “ من تقصد” قالها الرجل الذي انتهى الحلاق لتوه من جعل سالفيه رفيعين، وقد تساءل بينه وبين نفسه هل يجب على رجل بشعر خفيف أن يكلف نفسه عناء الحلاقة. “جميعهم، الضاربون والمضروبون” قال الحلاق “ من الطريف قول ذلك” “ ما هو الطريف في الموضوع؟” “ أن تصف الضحية بقولك المضروب” “نعم إنها الحقيقة، أليس كذلك؟” “ الموضوع هو أنك لا تستطيع أبدا أن تجزم في هذا الأمر” قال الرجل والذي كان الحلاق يضع رغوة الحلاقة على مؤخرة رأسه “تعرف صحة ماذا؟ “ إن تجزم في أنه يستحق هذا أم لا” خيم صمت طويل على المكان قال الرجل وهو يحدق في قهوته “بالرغم من إني أعتقد بأنه لا أحد يستحق هذا” قال الحلاق “ إن الأمر حزين ولكنها الحقيقة” “ أي أمر؟” “ بأن تلك الأشياء دائما تحدث دون سبب” وللحظة سرح الحلاق وتوقف عن حلاقة شعر الزبون وبدأ يحدق خارج النافذة، سقط بعض من الرغوة التي كانت بيده على ساعده ومن ثم على حذائه فأطلق لعنة. قال الرجل بجانب النافذة “ إنها مجرد رغوة” قال الحلاق “ اللعنة في جميع الأحوال” ثم مشى إلى آخر الحجرة ومسح حذاءه بالمنشفة “ إن هذه هي الطريقة الخاطئة للنظر في هكذا موضوع، كل الناس يرتكبون الأخطاء ولهذا فهم يستحقون أن يرتكب الآخرون الآثام في حقهم، ولهذا فإن الشخص المضروب يستحق ما يحدث له بطريقة أو أخرى، وإذا قلت العكس فإنك تدعي بأنه شخص كامل” سأل الرجل الجالس بجانب النافدة“ هل تعتقدون بأن حرارة الشمس سوف تجعلهم يتوقفون لبرهة” “تقصد من؟” “من يقومون بضرب الرجل بطبيعة الحال” قال الحلاق “ نعم أعتقد ذلك، الحرارة ترهق جميع الناس، الشمس تستهلك كل شيء” دخل رجل ما إلى المحل فأصدر الجرس صليلا باهتا، قال الحلاق “لا أقبل سوى الحجز قبل الموعد” قال الرجل“ولكني أحتاج لقص شعري، بوسعي أن أنتظرئ، “ضحك الرجل الجالس بجانب النافذة وقال“هناك حلاق في أسفل الشارع يستحق المال، اذهب إلى هناك”، فذهب الرجل دون اعتراض. سأل الرجل الذي كان الحلاق يجعل شعر مؤخرة رأسه أكثر خفة” هل قرأتم الصحف اليوم؟ رد الرجلان “ لم نقرأ الكثير” عندها قام الرجل الجالس بجانب النافذة بجمع أغراضه الشخصية، وتمنى للآخرين ليلة طيبة، خرج من الباب واتجه نحو الرجال المتعاركين رغم أن طريقه كان من الناحية الأخرى، وقف بجانبهم وسأل عن أقرب مكان لتناول العشاء، توقفوا للحظة فرفع الرجل المضروب رأسه المغطى بالدماء وأشار إلى ناحية مطعم (هاستنغ) المشهور بوجباته الشهية. قال الرجل “ في الحقيقة أنا أريد مطعماً أكثر رقيا إذا كنت تفهم قصدي” توقف الضرب مرة أخرى، ولكن الرجل لم يستطع أن يرفع رأسه هذه المرة، فقال أحد الرجال الذين كانوا يوسعونه ضربا “ هناك مطعم (تارينت) بعد بنايتين من هنا، إنه يقدم وجبات سمك لذيذة” شكرهم ثم أنهى قهوته وذهب إلى المطعم.