سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ماوية.. ماراثون القبور العميقة فيها أگثر من «100» بئر ارتوازية «مخالفة» منذ مطلع العام الماضي لتسلب حاضرها ومستقبلها أمام مرأى ومسمع الأهالي والمعنيين..
حمى انتشار نقاط التفتيش العسكرية على مداخل مدينة تعز خلال العام المنصرم 2011م لم تسفر عن توافد دبابات وآليات الحرب على المحافظة الثائرة فحسب، بل فتحت تلك النقاط “العبثية” أحضانها و «جيوبها» لمرور آليات أشد فتكاً لحفر الآبار الارتوازية فمرت مرور الكرام عشرات “الحفارات” لا لتقهر هذا الجيل فحسب، بل لتسلب حياة ومقومات بقاء أحفاد أحفاده من خلال حفر أكثر من “100” بئر منذ مطلع العام الماضي 2011م حفراً عشوائياً جائراً في مديرية ماوية فقط، ناهيك عن مئات الآبار الأخرى في باقي المديريات.. لا أمن ولا قضاء ولا تشريع ما زاد الطين بلة أن إطالة أمد اعتصام الجهاز القضائي منذ أشهر أبطل ما تبقى من إجراءات الردع والعقاب للحفر العشوائي للآبار، لكن هذا التحقيق كما سيكشف سيناريو تلك الحفارات سيعرج أيضاً على مكامن الخلل في التشريع المائي للبلد وللأداء العقيم لفرع الهيئة العامة للموارد المائية بتعز، وما تشهده من اعتصام موظفيها للمطالبة برحيل الإدارة واستعادة حقوقهم..فإلى التحقيق: فرزة حفارات ماوية الطفرة في زراعة شجرة القات في مديرية ماوية بمحافظة تعز جعلها قبلة تحج إليها عشرات الحفارات القادمة من سائر المحافظات، وطريقها الإسفلتي ذو الالتواءات المخيفة لا يتجاوزه إلا المستمتع بالمناظر الزراعية الخلابة ومنارة جامع الجند التاريخي أو الاستماع إلى تندر بعض الركاب في الحافلة، لاسيما ذلك الأربعيني بائع القات عبدالغني سيف؛ فعند سؤالنا له عما إذا كان يعرف منطقة أو قرية ما في ماوية يتواجد فيها حالياً حفار ارتوازي، فأجاب مندهشاً: أيش من قرية؟ وأيش من عزلة؟ ماوية فيها أكثر من «45» حفاراً. ويضيف: حتى إن عددها العام الماضي أصبح يضاهي عدد حافلات وهيلوكسات الركاب في المديرية! قلت: مش معقول!..قال: كان بإمكانك قبل ما تركب هذا الهيلوكس معانا من فرزة “المفرق” أن تركب لك “حفار” على الماشي يوصلك معه...في إشارة من الرجل إلى أن المشاهد اليومية لدخول وخروج الحفارات من وإلى مديرية ماوية أصبح أمراً مألوفاً. في عمق (700) متر وبعد جولة استطلاعية في عدد من قرى وعزل مديرية ماوية، التقطت الكاميرا عدداً من حفارات الموت، تلك التي بدأت مطلع العام الماضي2011م تحفر على عمق (100) متر حد قول الشيخ عبداللطيف الشغدري - أحد أعيان مديرية ماوية - وبعد أن انتشرت وتكاثرت تلك الحفارات لتربو نحو “45” حفاراً ذهبت تعمق الحفر في باطن الأرض ليصبح الحفر بأعماق تصل إلى “700” متر وقابلة للزيادة، يقاطعه الأخ عارف محمد أحمد الشغدري بالقول: قبل بضع سنوات كان الماء «يطلع» على عمق«1020» متراً فقط حفراً يدوياً، وكنا لا نعرف هذه الحفارات العملاقة، لكن “هوس” الأهالي بزراعة القات تسبب في استنزاف المخزون الجوفي للمديرية ، فلم يعد الحفر اليدوي يجدي في استخراج الماء على أعماق «10أو 20أو50متراً»، والأمر من ذلك أن حفر الحفارات العملاقة الارتوازية بأعماقه تلك جفف الآبار اليدوية التقليدية التي حفرت منذ عقود وتضرر أصحابها من جراء ذلك، حتى أصبح الميسورون فقط بإمكانهم جلب الحفارات لاستخراج الماء، أما المعسرون والفلاحون البسطاء صاروا ضحية لتلك «الوحوش» المعدنية العملاقة ولجشع الوحوش الأفتك منها، الذين جلبوها. مليون.. حق المخالفة وحول كيفية وكلفة دخول تلك الحفارات إلى المديرية قال الشيخ عبداللطيف الشغدري: إن الانفلات الأمني الذي شهده العام 2011م أسفر عن عبور تلك الحفارات ونقلها بين المحافظات ومديرياتها بشكل سلس وعبثي ودون مساءلة، وهذا الوضع خدم أصحاب تلك الحفارات بعد أن كانوا لا يجرأون سابقاً من انتقالها من منطقة إلى أخرى إلا بترخيص من فرع الهيئة العامة للموارد المائية. يضيف الشيخ عبداللطيف: حتى بلغ عدد الحفارات التي دخلت مديرية ماوية منذ بداية العام 2011م وحتى الآن “45” حفاراً، وحالياً ماتزال “30” منها تواصل الحفر من منطقة إلى أخرى، وبسبب العلاقات القبلية بين أبناء المديرية وأواصر القربي وكل يستحي من الآخر، يجد الأهالي صعوبة وتحرجاً في التوجه إلى الجهات المختصة والقنوات الأمنية لوقف الحفر العشوائي. وأنا على يقين أن الانفراج الذي بدأت تشهده محافظة تعز لاسيما بعد تولي المحافظ الرائع شوقي أحمد هائل زمامها سيفتح أفقاً واسعة لتضييق الخناق على تحرك الحفارات العبثية الجائرة، من خلال إرسال الأطقم الأمنية لسحبها ثم تغريمها جزاء ما اقترضته في كل بئر، ثم ردم جميع تلك الآبار المخالفة. يبتسم الشيخ عبده محمد صالح الصوفي، مقاطعاً: أيش من غرامة وأيش من “طلي”؟! أنت تعلم يا شيخ عبداللطيف وأخي الصحفي أن مالك الحفار لا يدخل أي منطقة بغرض الحفر إلا وقد استلم مبلغ مليون ريال “حق المخالفة مقدماً”، دون المبلغ المقابل للحفر رغم أن الغرامة المحددة «200» ألف ريال فقط! في إشارة من الشيخ عبده الصوفي إلى أن ذلك المليون يعد مبلغاً كافياً لمواجهة و «مراضاة» أي نقطة أمنية قد تعترض سير وعبور تلك الحفارات وأيضاً لمواجهة وإرضاء أية لجنة أو فريق تفتيش “حكومي”، هذا إذا تجرأ في الوصول إلى موقع الحفر أصلاً، في إشارة - أيضاً - قصد بها بأن مساءلة أصحاب تلك الحفارات سواء من الأهالي أو من الجهات الرسمية في ظل الانفلات الأمني والاستهتار بالقانون قد يغدو حالياً ضرباً من المجازفة المؤدية إلى بالاقتتال أحياناً خاصة ومبلغ “23” ملايين ريال لمالك الحفار، إضافة إلى مليون “بدل المخالفة” وهو مبلغ ليس بالهين للاستسلام، والأعتى من ذلك الملايين التي ينتظرها ملاك تلك الآبار من بيع وايتات الماء أو سقي أراضيهم المكسوة بالقات. ضحايا يضيف الشيخ الشغدري: دفعت مديرية ماوية جراء الصراع والخلاف على دخول تك الحفارات إلى الأراضي من خيرة أبنائها منذ مطلع العام الماضي وحتى الآن “5” قتلى و«6» جرحى، أما قضية مقتل مالك الحفار الذي جاء من بني حشيش فقد كان ناتجاً عن خلاف بينه وبين من استجلبه للحفر، بمعنى أن الرجل لم يقتل بسبب رفض ونقمة الأهالي المتضررين من دخول حفاره، فالقرويون كما أسلفت طيبون، وكل منهم يستحي من الآخر إذا ما استجلب حفاراً يهلك أراضيهم، وهذه الطيبة لها وجه آخر تضر بأصحابها الذين لا يعلمون أو ربما يعلمون ويتجاهلون أن استحياءهم هذا سيسلب حصة أبنائهم وأحفادهم من المياه الجوفية، إذا لم تكن حصتهم وأحفادهم قد جفت من الآن. يختتم الشيخ عبداللطيف الشغدري بالإشارة إلى أن مايربو على مائة بئر ارتوازية تم حفرها منذ مطلع العام الماضي وحتى الآن في عزل ومناطق مديرية ماوية أبرزها “الشرمان، قاع دم، بيت عبيدان، عرق الشرمان، مركز ماوية، الخلل، مرية”. وحول الدور المناط بفرع الهيئة العامة للموارد المائية بتعز إزاء ما سلف من انتهاك جائر لتلك الحفارات العشوائية في مديرية ماوية ومديريات أخرى قمنا بزيارة مدير عام الفرع بتعز المهندس عبدالصمد محمد يحيى الشجاع فأوجز قائلاً: كما تعلمون أن العام الماضي شهد انفلاتاً أمنياً لم يسمح بدخول حفارات الماء فحسب بل حتى حفارات النفط دخلت إلى تعز قادمة من محافظة شبوة، ولم يقتصر عمل تلك الحفارات في مديرية ماوية التي مُنيت بالحظ الأوفر من الحفر ومديريات المعافر والشمايتين وخدير، بل بلغ الأمر بدخول أحد تلك الحفارات للحفر في مدينة تعز وتحديداً في حوش جامعة الإيمان في الحوبان، وهو الأمر الذي كان مستحيلاً حدوثه منذ صدور قانون المياه لعام 2006م الذي حرم حفر الآبار الخاصة وسط المدن.. يضيف المهندس عبدالصمد عارضاً علي ملفاً من الشكاوى والمناشدات موجهة من قبله إلى محافظي تعز السالف والحالي بإلزام الجهات الأمنية لتحمل مسؤوليتها ووقف عبث تلك الحفارات، لكن يا فصيح لمن تصيح؟! وأضاف: المشكلة في ردع الحفر العشوائي حتى اليدوي لم تبدأ من مطلع العام المنصرم وحتى الآن فحسب، فالمخالفات ترتكب حتى من قبل العام الماضي بالنسبة للحفر اليدوي للآبار؛ بسبب القصور في قانون المياه لدينا والمعدل بسنة 2006م والذي اكتفى للأسف الشديد بتغريم المخالف فقط مبلغ “200” ألف ريال فقط، والكل يعلم أن تلك الغرامة سيدفعها المخالف بكل سرور طالما وسيجني أضعافها في أقل من شهرين، أما الحفارات الارتوازية - والحق يقال - إننا في فرع الهيئة كنا خلال السنوات الماضية مسيطرين عليها ونراقب ونقنن تنقلاتها حتى أننا وحتى الآن على وشك مصادرة مبلغ “3” ملايين ريال قيمة مخالفات سابقة عليهم لولا ترددنا في ذلك؛ كوننا عجزنا عن تحصيل مخالفات عشرات الحفارات التي دخلت من خارج تعز خلال العام الماضي، وبالتالي نطمح خلال الأيام القادمة أن ينهض رجال الأمن بدورهم ويلبوا صرختنا ونجدة أبناء محافظة تعز في وقف تلك الحفارات وتغريمها غرامة استثنائية رادعة؛ لأن المخزون المائي ليس ملكاً خاصاً لأحد وإنما ثروة وطنية سيادية مثلها مثل النفط، لكن القانون كما أسلفت - ليس رادعاً بما فيه الكفاية، ففي سوريا - مثلاً - يتعرض الحفار المخالف للصهر وصاحبه للسجن لسنوات.. تخيلوا إذا كان هذا العقاب الصارم في بلد كسوريا وفيها من الأنهار ما يستحيل مقارنتها بوضعها المائي ببلادنا، وفي مديرية جافة.. بفعل الهوس على زراعة القات كمديرية (ماوية) تلك الحلبة الواسعة لسباق أبنائها الماراثوني على حفر قبورهم وأبنائهم الموغلة في باطن الأرض بتلك المناقير المعدنية اللعينة للحفارات العشوائية. توفيق عبدالرحيم أم طلبة جامعة الإيمان؟! من يشرب أكثر؟! قبل عامين بالتحديد، وبعد نحو«3» أشهر من زيارتي المشؤومة إلى مديرية خدير بمعية الشرجبي منصور، مأمور الضبط القضائي بفرع الهيئة العامة للموارد المائية بتعز، وما أسفر نزولنا كما أسلفنا في زاوية أخرى من هذا الملف وما أعقبها من نشر اكتنفته محاذير “تلك الفترة” لتحقيق في صحيفتنا هذه كنت أتذكر جيداً كلام منصور الشرجبي، ومدير عام الفرع بأن قانون المياه 2006م يجرم دخول الحفارات الارتوازية لحفر آبار خاصة في مدينة تعز بل وحتى يحظر القانون حتى حفر الآبار اليدوية الخاصة في سائر المدن عامة أو حتى التعميق. وفي ذات صباح أرسلت عيني إلى نافذة منزلي المجاور لحي المجلية، فإذا ببرج معدني غريب ينتصب على مقربة من منزلي بعشرات الأمتار، لقد كان حفاراً ارتوازياً يجثم بقوائمه الأربع، ومنقاره الطويل يوغل في أعماق وادي “المجلية” سابقاً على أرضية كانت لم تسور بعد، قال لي منصور بعد أن سألته إنها أرضية رجل الأعمال توفيق عبدالرحيم. سألته وأين دورك يا منصور أنت “جعجعتنا معك” إلى دمنة خدير لتصوير آبار يدوية صغيرة ونالنا سوياً مالنا من هيانة، واليوم تتركون هذا الحفار العملاق يحفر وسط مدينة تعز .. ألم تقل لي بأن دخول هذه الحفارات لحفر الآبار الخاصة في المدن جريمة عظمى؟. واصلت عتابي وهجومي على منصور الذي صار صديقاً لي قلت: هل تبحثون وراء مخالفات قصية عن المدينة في تلك الأرياف المفتقرة إلى مشاريع مياه حكومية وتتغاضون عن هذه الآبار المخالفة بكل جرأة وسط المدينة وأمام الله والناس، رغم أن المدينة فيها مشروع مياه رسمي وإن وصل ماؤه في رأس الشهر إلا أنه أفضل من لا شيء خلافاً لما في الريف “المضطر” لحفر الآبار! أجاب منصور الشرجبي - مأمور الضبط القضائي بفرع الهيئة - بأن ذلك الحفار لم يحصل على ترخيص من فرع الهيئة وإنما دخل المدينة وباشر حفره بموجب موافقة خطية من المحافظ الحجري قبل انتقاله إلى محافظة إب، وأضاف: لكن هذا لا يعني ولا يبرر سكوت مدير عام فرع هيئتنا بتعز فقد كان ينبغي عليه تحرير مخالفة ورفعها إلى الجهات المعنية وهم “في القضاء والنيابة والأمن” عليهم بعد ذلك تحمل المسئولية، يضيف منصور: لكن هذا للأسف الشديد لم يحصل؛ بسبب عجز وتردد مدير فرع الهيئة، خاصة ضد أولئك الكبار! عموماً استمر الحفر في تلك الأرضية التي سورت حالياً والدنيا “عوافي” ورعى الله من “تجمل” وسبحان من خلق “الدعممة”! وبالتأكيد لم أقصد صاحبي منصور.. لكن وجهي خيل لي بأن ذلك الحفار العملاق لو نطق في وجه منصور لقال ساخراً: يا شرجبي القانون حقك “بله” وأشرب “ماؤه”. حفارة جامعة الإيمان بعد مضي نحو عامين من دخول ذلك الحفار إلى حي المجلية وخلال إجراء هذا الملف المعني بالحفر العشوائي الجائر في تعز قيل لي بأن ال«45» حفاراً ارتوازياً لم يقتصر عبثهم في أرياف مديريات محافظة تعز بل بلغ الأمر من الانفلات الأمني والتسبب والدعممة الإدارية إلى السماح بأحد تلك الحفارات بالحفر في مدينة تعز وتحديداً في الحوبان، سألت مدير عام فرع الهيئة العامة للموارد المائية فلم ينكر، بل أشهر لي صور مناشدات من لدنه إلى المحافظ ومدير الأمن بوقف وإخراج ذلك الحفار الذي يحفر في حوش فرع جامعة الإيمان في الحوبان.. قد لا ينجو كاتب هذه السطور من الانتقاد واللوم من قبل طلاب جامعة الإيمان ومن يسير في فلكهم بقولهم: أنتم ياحكومة لا أنتم أوصلتم لمبنانا المياه، ولا أنتم تركتمونا وشأننا نبحث لنا عن شربة ماء، بل ورحتم تشهرون بنا في وسائلكم الإعلامية الرسمية على غرار منحة مسجد جامعة الإيمان بصنعاء، لكنني سأستبق بالرد لا بلسان الصحفي، بل بلسان أحد ساكني هذه المدينة المقتولة ظمأ بالقول: لا نطمح بأكثر من تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير وعلى “العالم” قبل “الجاهل” وعلى “الميسر” قبل “المعسر” وإلا لتحركت الحفارات الارتوازية لا بالمئات بل بالآلاف من حوش توفيق إلى حوش هزاع طه إلى حوش الشيباني...إلخ حينها سنترك لهم المدينة ونعود إلى السكن في القرى أو نصبر متيممين صعيداً طيباً. جفت فيها آبار ورزان و «أُجِّلة» وما يعلوها ماضٍ أيضاً خدير.. حوض مسجون في زنزانة الشيخ بعد الانتهاء من مقابلة مدير عام فرع الهيئة العامة للموارد المائية بتعز، انتقلنا إلى مكتب الأخ منصور عبداللطيف الشرجبي - مأمور الضبط القضائي في الفرع والمعني الأول بالنزول الميداني إلى مديريات المحافظة - لرصد مخالفات الحفر العشوائي، وقبل أن يبدأ الرجل حديثه معي أصر على استذكار تجربة مريرة مرت عليه، وكاتب هذه السطور قبل أكثر من عامين أثناء دعوته لنا بالنزول الصحفي الميداني لرصد وتحرير مخالفات عديدة أبلغ عنها في مديرية خدير، وبعد وصولنا بمعيته على سيارة أحد المزارعين الشاكين المتضررين من تلك الآبار العشوائية التي جففت بئره القديم وأهلكت مزارعه، إذ بمجموعة ممن كانوا يحفرون أحد تلك الآبار المخالفة التي وصل منصور لتحرير مخالفات بشأنها وتصويرها لتنشر طي التحقيق الذي نشر في حينه في هذه الصحيفة إذ بالرجال يطوقونا من كل جانب شاهرين علينا العصى وفؤوس الحفر، بعد أن علموا من نحن، حافظنا على رباطة جأشنا ما أمكن لنا ذلك! وحذرناهم من مغبة وعواقب ما قد يرتكبونه ضدنا من حماقات، وبعد دقائق تركونا وواصلوا حفر بئرهم الواقع وسط حقول القات، غادرناهم نحن أيضاً دون أن نجرؤ على تصويرهم وبئرهم. ورغم أن تلك الصورة لم تكن ستغنينا لاسيما وقد التقطنا مثيلاتها دون علمهم، إلا أننا غادرناهم نجر خلفنا أذيال القهر من إهانتهم لنا على ذلك النحو، وهو ما دفعنا للاتصال بوكيل نيابة مديرية خدير في حينها؛ لنشكو إليه ماحل بنا، فتفضل الرجل بطلب غرمائنا ولم يفرج عنهم من السجن إلا بعد أن تنازلنا عن البلاغ بعد إحراجهم الشديد لنا. المهم في هذه القصة أن الجماعة عادوا إلى مواصلة حفر آبارهم أسوة بباقي آبار خدير التي تجاوزت في ذلك العام أكثر من “80” بئراً، دون أن يتمكن وكيل النيابة أو الأمن من مساءلتهم لقيامهم بحفر تلك الآبار دون تراخيص؛ بسبب قوة نفوذ وسلطة المشيخ في خدير على مادونها من سلطات. وحيال ذلك العبث العشوائي في الحفر لاستنزاف المخزون الجوفي لمديرية خدير راح الأهالي “العابثون” يستنزفونه من الأسفل صعوداً إلى الأعلى، حيث جفت آبار ورزان التي كانت تنضح بالماء من مجرد الحفر على عمق أقل من عشرة أمتار ثم جفت أعلى منها آبار “أجّلة” وهكذا صعوداً إلى أعلى قرى وعزل المديرية حيث كانت زيارتنا المؤسفة تلك وهكذا تغدو آبار المزارعين في أسفل أودية “خدير” عرضة للجفاف كلما حفرت آبار من مناطق أعلى ارتفاعاً منها، وفق نظام جيولوجي معروف وهو ما أدى إلى لجوء أصحاب تلك الآبار والحقول السفلية إلى القضاء وإلى فرع الهيئة العامة للموارد المائية لإنصافهم من خلال وقف حفر آبار تعلو مناطقهم، لكن القضاء حسب قول مأمور الضبط القضائي “الشرجبي” أصبح حامياً وحارساً لذلك العبث في مديرية خدير، فمن السهل على المتضرر من الحفر العشوائي الحصول على منع الحفر من فرع الهيئة، ولكن الصعوبة تكمن في عجز وتراخي جهات الضبط والأمن من تنفيذ تلك البلاغات الصادرة من الهيئة تحت وطأة الإغراءات والضغوطات و «المشيخات» في تلك المديرية التي لا تخفى على أحد، وترى نفسها فوق القانون، والأرض - بحقولها وآبارها وبشرها - من أملاكها. ولن نذكر اسم أحد من المشائخ والمتنفذين في هذا المقام حتى وإن حلفنا القراء؛ حتى لا تتهم صحيفتنا بإثارة المناكفات السياسية وعرقلة بنود المبادرة الخليجية، حسناً إذا لتمضي تلك الآبار في مسالكها، ولتنتظر الحقول والأفواه الجافة في «خدير» الأمل الموعود القادم عبر تحلية مياه البحر ! بإضراب منتسبي فرع هيئة الموارد المائية بتعز غلّقت «الفَوْرة» لم يكن ينقص محافظة تعز مع حمى انتشار الحفارات العشوائية على طولها وعرضها منذ مطلع العام (2011) م إلا أن يكتمل المشهد بإضراب منتسبي فرع الهيئة العامة للموارد المائية فيها عن مبرراتهم المتصلة - حسب من تحدث منهم - بأسباب فشل وعجز فرع الهيئة عن القيام بمهامه.. عموماً أجري هذا التحقيق المقتضب .. لعنة الدوام والتعاقد بداية يتحدث المهندس محمد منصور محسن - رئيس قسم الدراسات المائية بفرع الهيئة قائلاً: مضى على التحاقي للتعاقد لدى فرع الهيئة سبع سنوات، وحتى اليوم لم أثبّت مثلي مثل غيري ال«15»، غير أن الحرقة تحز في نفسي؛ كوني حصلت على الترتيب “الأول” على مستوى جامعة تعز، وحاصل على عديد من الدورات في سوريا والأردن وألمانيا وهكذا كلما تأهلنا كلما زاد تجاهلنا وظلمنا، فيما حظي زملاؤنا في المراتب الأدنى على فرص عمل في شركات ومؤسسات النفط، وأنا قبرت نفسي هنا فقط براتب عشرة آلاف ريال أنفقها على أجرة التنقل من وإلى الفرع ..بالله عليكم أفي هذا عدل؟! ويضيف: الإدارة لدينا لا تشعر بنا ولا تسعى لتثبيتنا وحدها لعنة التوقيع على حافظة الدوام تطاردنا وتقض مضاجعنا، وهذا بالطبع عائد إلى ذهاب إدارة الفرع وقيادة الهيئة عموماً إلى ترتيب أمورها المالية بعيداً عن مستحقاتنا نحن المهندسين، على سبيل المثال الذين نغامر بحياتنا وتنتهك كرامتنا ونتعرض للمخاطر من جراء النزول الميداني إلى أرجاء مديريات محافظة تعز، إما بإقرار الموافقة أو الممانعة من حفر الآبار ومهام أخرى، ورغم أن عددنا نحن المتعاقدين في الفرع فقط «15» متعاقداً من أصل “45” لا ندري لماذا تعجز الهيئة أو فرعها في تعز من مواجهة رواتبنا الموقفة منذ ثمانية أشهر. فشل إداري مريع من جانبه تحدث الأخ منصور الشرجبي مأمور الضبط القضائي بفرع الهيئة قائلاً: فشلت إدارة الفرع فشلاً إدارياً مريعاً لا لمعالجة أوضاع ومشاكل واستحقاقات العاملين ولا لإيجاد حل لإيقاف العبث المتمثل بالحفر العشوائي لمحافظة تعز. ويضيف: شخصية الإدارة ضعيفة وغير مؤهلة في التواصل مع القيادات العليا في السلطات المحلية والأمنية والحكومية أيضاً لما فيه صالح العاملين أو مصلحة المحافظة، ونحن نعاني من الفساد الإداري أكثر من الفساد المالي؛ لأن الفساد الإداري يقود إلى الفساد المالي. أنا أستغرب كيف نهبت محتويات المكتب من سيارات وأجهزة كمبيوتر وأجهزة مخبرية عالية الكلفة.. هل استطاعت الإدارة أن تعمل شيئاً أو تسترد قطعة واحدة؟ يضيف منصور: وحدها سيارة المدير تم تهريبها من حوش الفرع يوم نهب في شهر يونيو من العام الماضي، أما باقي السيارات الثلاث الخاصة بتحركات الموظفين فقد دمرت ونهبت. نحن نطالب بلجنة تحقيق مشكلة من المحافظة ووزارة المياه والبيئة لكشف الملابسات التي تمت أثناء نهب محتويات الفرع، هذا إضافة إلى نهب وإهدار أموال الفرع من خلال مثلاً: استئجار سيارة لإنجاز بعض مهام الفرع وتنقلات مهندسين بمبلغ شهري« 360.000» ريال، بينما تحتاج إحدى سيارات المكتب لإصلاحها فقط إلى مبلغ “100-150” ألف ريال أليس هذا عبثاً بواحاً، فيما حوافز الموظفين لمدة سنة ونصف لم تسلم، ورواتب المتعاقدين أيضاً لم تسلم لثمانية أشهر، ما الذي ينتظره أبناء محافظة تعز من هيئة معنية بمصير تعز المائي، وموظفوها يعيشون هذا المستوى المتردي من الفاقة والعوز والإحباط. نهب بعد الجرد يضيف منصور الشرجبي: من أبرز النقاط المريبة التي أتحفتنا بها إدارة الفرع أن قيمة مقتنيات الجرد لمحتويات الفرع بعد أن تم نهبه بلغ “22.948.000” ريال، وبعد ذلك مباشرة اختفت أجهزة الفحص والمختبرات والقياس الثمينة، رغم جردها سلفاً، وحتى الآن لم تحرك الإدارة ساكناً!. أهذه أمور يسكت عليها؟ ما جدوى بقائنا في الفرع على كراسي ومكاتب بلا تلك الأجهزة الخاصة بالنزول الميداني؟ ما الفرق بيننا وبين أي مكتب إداري آخر وحتى قسم شرطة؟! مبنى جديد “مجازاً!” أمين صندوق فرع الهيئة هو ذاته أمين المخازن ومدير المشتريات هو الآخر خرج عن صمته مهدداً بوثائق عديدة وأوامر صرف لمدير عام الفرع توديه حسب قوله في “أبو نكله” يقول عبدالله المحيا: أولاً هذا المبنى الذي بني خصيصاً لنا فقط منذ أقل من عامين ظهرت فيه عيوب جمة وتشققات وهبوط ورطوبة، ولا ندري كيف وافق المدير العام على الانتقال إليه بمواصفاته الرديئة هذه، لكن كل همه أثناء بنائه كان فقط في استلام بدلات الإشراف المتتالية بمئات الآلاف، أما المقاول الذي سور المبنى بمواصفات ممتازة خالية من العيوب فقد حفيت قدماه لأكثر من عامين بحثاً عن مستخلصه الأخير. هذا المبنى الصغير ذو العيوب بني على نفقة المانحين بكلفة “128” مليوناً + “25” مليوناً أعمالاً إضافية مكون من طابقين لا تزيد غرفه عن “30” غرفة، وفي الأخير بمواصفات رديئة وبوابته زجاج ونوافذه بلا حماية وسهل الدخول المسلح إليه ونهب محتوياته، قال عبدالله وزاد: لدي وثائق جمة لبدلات إشراف صرفت للمدير دون أدنى إشارة إلى أي إشراف قام به أثناء بناء الفرع وبدلات غيرها أكثر لأي عمل يقوم به أي فريق هندسي أو ميداني مباشر تجده يحشر اسمه في رأس الكشف “100” ألف أو “200”ألف أو أكثر هكذا “عفاطة” دون أن يبذل أي جهد معهم. أنا مستعد للرحيل نقلت بعض النقاط التي شكا منها المعتصمون في الفرع إلى طاولة المدير العام المهندس عبدالصمد محمد يحيى فأجاب عليها: بعد أن تلقى اتصالاً هاتفياً أثناء جلوسي أمامه من المهندس سالم باشعيب - رئيس الهيئة العامة للموارد المائية - دار الاتصال حول اعتصام الموظفين، وللأمانة قال المتحدث أمامي لباشعيب: الموظفون ظروفهم ساءت ومطالبهم مشروعة، وأنا بصراحة أعذرهم وما لم تجدوا لهم حلاً فإني مستعد لمغادرة مكتبي والمكوث في منزلي ليستلم الإدارة غيري.. عموماً انتهت المكالمة وعاد المهندس عبدالصمد للرد على النقاط التي أشار إليها الموظفون على النحو التالي: أولاً: بخصوص المبنى ما يكتنفه من عيوب أنا أعترف بذلك، لكني أيضاً رفضت التوقيع في يومها على محضر الاستلام، ولم أستلم إلا المفتاح فقط؛ كوني لست مهندساً معمارياً لأطرح نفسي في تلك الورطة، ومن يتحمل العيوب هم من قاموا ببنائه. أما بالنسبة للسيارة الوحيدة التي تم إنقاذها من النهب فهي بالفعل السيارة الخاصة بتنقلاتي، وذلك بعد أن اتصلت بسائقي فهرع بإنقاذها وعليها لوحة زرقاء خصوصي، ولم يصدقوه إلا بعد أن حلف لهم الأيمان المغلظة أنها ملك له، ولأنه لا سائقين غيره فلم يتمكن من إخراج غيرها. أما بخصوص طلب المتعاقدين صرف رواتبهم ولو حتى سلفة من الرصيد الوحيد للفرع فلا يمكنني ذلك؛ لأنها فقط 3ملايين ريال مقابل غرامات قد نضطر لإعادتها إلى أصحابها من مالكي الحفارات، الخمس العاملة في تعز التي نسيطر عليها خلال السنوات الماضية قبل أحداث 2011م؛ إذ كيف لنا تغريمهم فيما عشرات الحفارات دخلوا تعز من مداخلها دون أن نتمكن من ردعهم وتحصيل مخالفات.. واختتم المهندس عبدالصمد: صدقوني لم أعد حريصاً على هذا الكرسي، وأنا متضامن مع زملائي المعتصمين، وبانتظار من يعين بدلاً عني بروح رياضية. قال بأن الأولوية الراهنة هي في إنهاء المظاهر المسلحة في مدينة تعز محمد الحاج أمين عام محلي تعز: قريباً سيتم النزول الأمني الميداني لردم الآبار المخالفة وتغريم أصحابها ومالكي الحفارات في ختام هذا الملف الصحفي الخاص بحمى الحفر العشوائي الجائر للآبار في محافظة تعز، كان لابد من وضع قيادة السلطة بالمحافظة في الصورة، فعن الدور المناط بهم لوقف ذلك العبث الهمجي بالمياه الجوفية للمحافظة تحدث الأخ محمد أحمد الحاج - نائب المحافظ، أمين عام محلي محافظة تعز - قائلاً بأن قيادة السلطة المحلية على علم بما يحدث، لكن الأولويات الراهنة لها وللقيادات الأمنية بالمحافظة هي القضاء على المظاهر المسلحة في المدينة خاصة وإعادة الطمأنينة إلى الأهالي، ولعل شوطاً كبيراً قد قطعته السلطة المحلية والأمن في ذلك، وخلال الأيام القادمة وبالتأكيد سينتقل التحرك الأمني لفرض سطوته واستعادة هيبته على باقي مديريات وأرياف محافظة تعز. ولإنجاح ذلك دعا الحاج أبناء المحافظة إلى التوجه إلى مكتبه ومكتب المحافظ، لتقديم البلاغات عمن جلب تلك الحفارات، وقام بحفر تلك الآبار؛ ليتم رصد خطة حصر ونزول أمني ميداني مدروس إلى جميع تلك الآبار لردمها وتغريم أصحابها ومالكي الحفارات.