جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    انقلاب وشيك على الشرعية والرئاسي.. المجلس الانتقالي الجنوبي يتوعد بطرد الحكومة من عدن وإعلان الحكم الذاتي!    "الوجوه تآكلت والأطفال بلا رؤوس": الصحافة الامريكية تسلط الضوء على صرخات رفح المدوية    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    فعلها في العام 2019...ناشطون بالانتقالي يدعون الزبيدي "لإعلان عودة الإدارة الذاتية"    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي أحمد ماهر وتطالب بإلغائه    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    الحوثي يسلّح تنظيم القاعدة في الجنوب بطائرات مسيرّة    الرئيس الزُبيدي: تدهور الأوضاع يحتّم على الانتقالي مراجعة قراراته    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    استشهاد طفل وإصابة والده بقصف حوثي شمالي الضالع    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    الحكومة اليمنية تبحث مع سويسرا استرداد عرشين أثريين    فلكي يمني يحدد موعد أول أيام عيد الأضحى المبارك وبداية أيام العشر    عاجل: الحكم بإعدام المدعو أمجد خالد وسبعة أخرين متهمين في تفجير موكب المحافظ ومطار عدن    الزُبيدي يؤكد على أهمية المخيمات الصيفية لخلق جيل مناهض للفكر الحوثي    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    وزير الإعلام: مليشيا الحوثي تواصل استغلال مأساة المخفيين قسراً للمزايدة السياسية    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    شاهد .. وزير الزراعة الحوثي يعترف بمجلس النواب بإدخال الحوثيين للمبيدات الإسرائيلية المحظورة (فيديو)    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    برشلونة تودع تشافي: أسطورةٌ تبحث عن تحديات جديدة وآفاقٍ أوسع    الإعلان عن تسعيرة جديدة للبنزين في عدن(السعر الجديد)    العكفة.. زنوج المنزل    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    معالي وزير الصحة يُشارك في الدورة ال60 لمؤتمر وزراء الصحة العرب بجنيف    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الثاني خلال أسبوع.. وفاة مواطن نتيجة خطأ طبي خلال عملية جراحية في أحد مستشفيات إب    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعض المحددات الدستورية لبناء الدولة اليمنية الحديثة

مشكلة الدساتير في الوطن العربي أن الذي صاغها هم الحكام دون أن تشارك الشعوب في هذه النشأة، سواء كان منها الأنظمة الملكية أو الجمهورية.
ينبغي أن تحتوي المبادئ الأساسية لأي دستور يمني أو عربي على نصوص صريحة وواضحة تؤكد حق الناس في التغيير السلمي للسلطة بوسائل التغيير السلمية كالمظاهرات ،والمسيرات، والإضراب ، والاعتصام والعصيان المدني وكل وسائل التعبير المكتوبة والمقروءة والمرئية ووسائل النشر كحق أصيل للشعوب يحظر على أي سلطة تنفيذية كانت أم تشريعية أو قضائية تعطيل هذا الحق أو الانتقاص منه..
ففي نهاية الأمر كان لأصحاب السلطة الأولى في قيادة الدولة اليد العليا في هذه الصياغة، وسيطرت في الغالب على هذه الصياغة ثقافة الأيديولوجيا للحزب الواحد أو المجموعة الانقلابية المدعية قيامها بثورة ضد الاستبداد التي – للأسف - لم تكن التعددية الحزبية أو الاعتراف بالآخر المختلف في الحياة السياسية في ظل نظام الحزب الواحد ولذلك أقصي الآخر المختلف عن هذه الصياغات فهي تصاغ من طرف واحد أكان هذا الطرف حاكماً ملكياً أم حاكماً حزباً واحداً يرتدي ثوب اليسارية أو القومية أو الإسلام بعمامتيه البيضاء والسوداء أو جماعة عسكرية .
لذلك نشأت تلك الدساتير وهي مكبلة بنصوص الملكيات العصبوية أو ثقافة أيديولوجية متعصبة أو عسكرية متسلطة من ناحية، ومع ذلك فإن النصوص الدستورية المقررة للحقوق الأساسية الصادرة عن هذا الشكل من أشكال الحكم المستبد –هذه النصوص- كُبِّلَت بقيد آخر هو إيراد عبارة “وفقاً للقانون” في نهاية المادة الدستورية ، والمعلوم أن القانون يصدر أو يصاغ من تلك الحكومات وتقره مجالس نيابية من لون حزبي واحد ويصدر من رئاسة السلطة التنفيذية التي هي مالكة لسلطات مطلقة على السلطة التنفيذية والتشريعية برئاسة رئيس الدولة الذي يكون هو ذاته صاحب السلطة الأولى في الحزب الحاكم.
ولذلك فإن الدستور والقانون كما هو المعاش في العالم العربي في حقيقة الأمر هما إرادة رأس السلطة التنفيذية الحاكمة، وفوق ذلك فإن هذه الإرادة للسلطة السياسية كانت في حياتنا ومازالت هي القانون فهذه الدساتير والقوانين وإن قررت بعض الحقوق فإنها تعطلها وتلغيها تارة بقوانين الطوارئ وتارة أخرى بإفسادها وسيطرتها على السلطة القضائية المناط بها حماية هذه الحقوق .
ومن ناحية ثانية أتت نصوص مقررة لحق في بداية المادة الدستورية تلغيه في نهايتها بالقول “وفقا للقانون”.. من هنا تأتي هذه الورقة لتتحدث عن أهم المحددات العملية لقضايا يجب أن يتضمنها دستور اليمن الجديد:
نظام الحكم:
النظام الفيدرالي
تقرير أن نظام الحكم الفيدرالي (اللامركزية الديموقراطية) هو النظام الذي يجب أن يقوم على أساسه الدستور وفقاً لما يتفق عليه من فيدرالية تقوم على أساس التقسيم الجغرافي إلى عدد من الأقاليم ومجال بحث هذا التوزيع يأتي بعد إقرار هذا المبدأ في مؤتمر وطني جامع لا يستثني أحداً من القوى السياسية والاجتماعية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني التي يرى بعضها قيام نظام اتحادي على أساس إقليمين أو حتى الذي يدعو إلى فك الارتباط طالما وقد قبل الحوار في ظل مظلة الوطن دون الاستقواء بقوة عسكرية أو رفع السلاح في فرض رؤيته أو مطلبه، وكذلك الطيف الحزبي والاجتماعي الذي يتخوف من أن الفيدرالية هي الباب المؤدي إلى الانفصال ويرى بأن نظام اللامركزية في ما يسمى بالحكم واسع الصلاحيات في دولة بسيطة هو الأسلم والأضمن لوحدة اليمن ولذلك فإن اختيار النظام الأنسب وسماع حجج كل فريق لا يستوعبه مقام هذه الورقة ولكن الحوار السياسي والمجتمعي على طريق انعقاد مؤتمر الحوار الوطني القادم الذي لا يستثني أحدا هو مكان مناقشة حجج كل فريق.
النظام البرلماني
هناك شبه إجماع على اختيار النظام البرلماني كنظام سياسي لحكم اليمن الجديد، والسائد في هذا النظام أن النظام التشريعي يقوم على أن الغرفة الأولى “البرلمان” يقوم فيه التمثيل على أساس التمثيل السكاني من خلال دوائر انتخابية متساوية من حيث عدد الناخبين وللبرلمان كل صلاحيات التشريع والرقابة وإقرار الميزانية وسحب الثقة ... الخ بينما اختصاصات الغرفة الثانية “مجلس العموم في بريطانيا كمثال” يكون التمثيل فيه شرفياً كما هو الحال في مجلس الأمة الأردني أيضاً والأنظمة الأخرى المشابهة، بينما تختلف الحالة اليمنية من حيث الشكوى من قبل سكان المحافظات الجنوبية والشرقية الذين يعيشون في مساحة جغرافية كبيرة قليلة السكان بالمقارنة مع المحافظات الغربية والشمالية كثيفة السكان، وقيام دولة الوحدة بإرادة الشطرين والشكوى من اختلال التمثيل في البرلمان على أساس التقسيم السكاني ولهم كل الحق في هذه الشكوى ولذلك نرى أن النظام البرلماني في اليمن يجب أن يأخذ هذا الأمر في الاعتبار على نحو منصف وجاد ونقترح لذلك الاستفادة من تجربة النظام الرئاسي كما هو الحال في مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يتساوى فيه التمثيل لكل الولايات بغض النظر عن عدد السكان مع صلاحيات تشريعية ورقابية ومشاركة في اتخاذ القرار ورسم السياسات، مع وجود البرلمان الذي يقوم فيه التمثيل على أساس التقسيم السكاني وله صلاحيات تشريعية ولذلك فإذا ما أخذ اليمن بالنظام الفيدرالي فإن المجلس الثاني “الشورى أو الشعب .. أياً كانت التسمية” يجب أن يكون فيه التمثيل بالتساوي بين ممثلي الأقاليم والتصويت فيه على القرارات بنسب خاصة ستين بالمائة مثلاً حتى تكون الأقاليم قد مثلت بشكل غالب، وبصلاحيات تشريعية ورقابية كما أسلفنا على غرار نظام مجلس الشيوخ الأمريكي بحيث تشعر الأقاليم بأنها على السوية في اتخاذ القرار وتوزيع الثورة ورعاية الحقوق والحريات وكفالتها وسلامة أداء الوظيفة العامة ورعاية منظمات المجتمع المدني والنقابات والأحزاب .. الخ فتحل بذلك مسألة الاختلال في التمثيل السكاني.
الحقوق الأساسية والحريات العامة
جرت الصياغات لنصوص الدساتير العربية في الباب الأول منها والتي تقرر فيها الحقوق الأساسية والحريات العامة للمواطنين والملاحظ أن هذه الصياغات تنتهي فيها نص المادة بعبارة “وفقاً للقانون” والذي جرى عملياً نتيجة هذا القيد للنص الدستوري أن القوانين تقيد هذه الحقوق وتعطلها ويتحول النص القانوني إلى نص يعلو على النص الدستوري، باعتبار أن تفسير إعمال هذا الحق الدستوري موكل إلى السلطة التشريعية التي لها الحرية المطلقة في صياغته على هوى الحزب أو السلطة الحاكمة، على سبيل المثال تقرر (مادة (42) من دستور الجمهورية اليمنية : لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون.) وكذلك المادة ( (44) من الدستور: ينظم القانون الجنسية اليمنية، ولا يجوز إسقاطها عن يمني إطلاقاً ولا يجوز سحبها ممن اكتسبها إلا وفقاً للقانون.).. ولذلك عشنا ولمسنا على أرض الواقع أن القوانين المتصلة بالحقوق والحريات التي صدرت في العالم العربي جاءت في معظمها معطلة للحقوق الدستورية بل وملغية لها، والذي نقترحه رفعاً للقيود عن الحقوق الأساسية والحريات العامة مايلي:
1 - أن لا تذيل نصوص المواد في الباب الأول المقرر للحقوق الأساسية للمواطنين بلفظ وفقاً للقانون .
2 - أن يرد نص واحد في آخر هذا الباب يقرر أن القوانين المنظمة لممارسة الحقوق الأساسية والحريات العامة يجب أن لا تصدر معطلة لحق أو منتقصة منه وإنما تصدر القوانين لكفالة وممارسة هذه الحقوق وحسن تنظيمها.
3 - أن تقرر هذه المادة أن أي قانون يصدر معطلاً أو مقيداً أو منتقصاً لهذه الحقوق يعتبر القضاء في حل من تطبيقه والحكم بعدم ملاءمة القانون للنص الدستوري بحيث لا يحتاج الأمر لأن يطعن المتقاضي أو المحتج به عليه بعدم الدستوريه بل يكتفى بالدفع بعدم الملاءمة، فإذا رأت المحكمة وانتهت إلى أن النص القانوني غير متوافق مع النص الدستوري قررت أنها غير ملزمة بتطبيق النص القانوني غير الموائم للنص الدستوري، وللطرف المتمسك بدستورية النص القانوني الحق بالطعن إلى المحكمة الأعلى درجة.
حق الناس في التغيير السلمي للسلطة
كشفت ثورات الربيع العربي عن مدى الخلل القائم في فهم حق الناس في التغيير وذلك بما مارسته السلطات من قمع وقتل وتدمير وإبادة وجرائم ضد الإنسانية للشعوب المطالبة بالتغيير (الحالة السورية والليبية واليمنية والمصرية و التونسية والبحرينية ) أمثلة على ذلك .
هذا الخلل مرده أن الدساتير القائمة حصنت هذه السلطة في مواجهة المطالبين بالتغيير السلمي بترسانة من نصوص دستورية و قوانين مقيدة للحريات ومكبلة لحرية التعبير وحق الاختلاف السلمي والخروج للتعبير عن الرأي و الموقف السياسي، فكانت هذه النصوص ذريعة للحكام المتسلطين على شعوبهم الذين أغراهم هذا التسلط بتحويل الجمهوريات المفترض أنها قامت على أنقاض الحكم الوراثي إلى جمهوريات وراثية “ سوريا نموذجا” والباقي كانت تسير في ذات الاتجاه.
لذا فالذي أقترحه أن تكون ضمن المبادئ الأساسية لأي دستور يمني أو عربي نصوص صريحة وواضحة تؤكد حق الناس في التغيير السلمي للسلطة بوسائل التغيير السلمية كالمظاهرات والمسيرات والإضراب والاعتصام والعصيان المدني وكل وسائل التعبير المكتوبة والمقروءة والمرئية ووسائل النشر من كتاب وقصة ورواية وخطابة ومنشور...الخ.كحق أصيل للشعوب يحظر على أي سلطة تنفيذية كانت أو تشريعية أو قضائية تعطيل هذا الحق أو الانتقاص منه وأن ينص على عدم شرعية أي إجراء في هذا الصدد بالنص على أن أي جهة تقدم على الانتقاص منه او تعطيله كلياً أو جزئياً يعزل فاعله من منصبه بحكم الدستور ويحرم من العمل السياسي لفترة ينظمها قانون العقوبات ويعتبر هذا العمل جريمة جسيمه لا تسقط بالتقادم .
وبالمقابل النص على حظر الاستيلاء على السلطة بالقوة المسلحة سواء بانقلاب عسكري أو بأعمال عنف مسلح وكل من يستولي على السلطة بهذه الوسيلة فلا شرعية له ويحق للناس مقاومته وعدم الانصياع لسلطته ويعتبر عمله جريمة جسيمة في حكم الخيانة الوطنية لا تسقط بالتقادم.
إلغاء الحصانات
تعطلت الرقابة على شاغلي الوظائف العامة بحكم تمتعهم بالحصانات (ويقصد بالوظيفة العامة هنا حسب تعريف قانون العقوبات اليمني رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة والسلطة التشريعية والقضائية وكل من يشمله الكادر العام للدولة).
وحتى تستقيم أمور الناس وإعمال مبدأ «السلطة تقابلها المسئولية» و«مبادئ الحكم الرشيد» و«قواعد الشفافية والمساءلة» ولسهولة وسلاسة محاسبة شاغلي الوظيفة العامة فلابد من إلغاء نصوص الحصانات في الدستور والقوانين ويشمل ذلك رئيس الجمهورية والوزراء والنواب والقضاة....إلى آخر القائمة وأن تقتصر الحصانة على أعضاء المجالس النيابية في إطار الحديث والمعلومات والبيانات التي يدلون بها تحت قبة البرلمان.. وذلك لأن بقاء هذه الحصانات في الواقع العملي والقانوني يعتبر إلغاء لمبدأ المساءلة والرقابة على أعمال السلطات النيابية والتنفيذية والقضائية والوظيفة العامة لما تضعه هذه الحصانات من قيود تعطلها وتعيق اجراءات التحقيق وتؤلههم وتلغي مبادئ الحكم الرشيد القائم على أن السلطة تقابلها المسؤولية والمحاسبة على اعتبارهم “أجراء لدى الشعب مالك السلطة ومصدرها لا ملاكاً له” وفي هذا الأمر تفصيل كثير ليس في المقام متسع لإيراده.
استقلال القضاء
يقصد باستقلال القضاء أن لا يكون تابعاً ولا متأثراً بالسلطتين التنفيذية أو التشريعية ومؤدى هذا أن لا تملك السلطة التنفيذية حق التعيين أو العزل لقيادات وأعضاء السلطة القضائية ورغم أن النصوص في الدستور اليمني الحالي حققت تقدماً جيدا على مستوى النص حيث نصت على أن تقدم ميزانية السلطة القضائية الى مجلس النواب رقماً واحداً بمعنى أن لا تمر ميزانية السلطة القضائية على مجلس الوزراء، لكن هذا الانجاز النصي في الدستور الذي لا يضاهيه في هذا المجال دستور عربي تم إلغاؤه بما ورد في نصوص قانون السلطة القضائية الذي جعل تعيين رئيس مجلس القضاء الاعلى ورئيس المحكمة العليا والنائب العام واعضاء مجلس القضاء وتعيين رؤساء وأعضاء المحاكم والنيابات بقرار جمهوري علاوة على أن وزير العدل وهو من السلطة التنفيذية يتمتع بسلطات على القضاة تعييناً وندباً وتفتيشاً وعزلاً ولا يكون اجتماع مجلس القضاء الأعلى صحيحاً إلا بحضوره أي أن السلطة القضائية عملياً هي فرع من فروع السلطة التنفيذية بل إنها في المحصلة شعبة من شعب الحزب الحاكم.
بالإضافة الى أن جل رؤسائها هم من ضباط المخابرات، ولتحرير السلطة القضائية، فالمقترح أن ينص الدستور على:
• يُنتخَب مجلس القضاء الأعلى رئاسةً وأعضاء من قبل القضاة.
• إلغاء سلطة وزارة العدل على القضاء تفتيشاً وندباً وإدارة مالية.
• يرشح مجلس القضاء أحد أقدم أعضاء النيابة لمنصب النائب العام ويعرض الترشيح على البرلمان للتزكية بعد عقد جلسات استماع لسماع سيرته المهنية والتأكد من عدم وجود شائبة تؤثر على اختياره في هذا الموقع الهام، ويتاح المجال للجمهور والإعلام ووسائل الاتصال في جلسة الاستماع وتطبيق ذلك أيضاً على رئيس المحكمة العليا ونائبه والمحامي العام على أن تكون ولاية كل واحد منهم لفترة واحدة فقط تحدد بكذا سنة....، ذلك أن القضاء هو حصن حماية الحقوق والحريات والحكم بين السلطات وبعضها البعض وبينها وبين الناس ولذلك يجب أن يتحصن باستقلالية حقيقية تنظمها النصوص الدستورية بشكل تفصيلي على النحو الذي أوردنا.
- الفصل بين الخزينة العامة والوظيفة العامة وحزب الاغلبية الذي يتولى الحكم واحداً كان أو إئتلافاً.
اختلت العملية الديمقراطية وانتهكت الحقوق والحريات وأهدرت الدماء والأعراض ودمرت وصودرت الممتلكات العامة والخاصة واستشرى الفساد بسبب الخلط في التجربة الحزبية العربية سواء في مرحلة حكم الحزب الواحد أو التعددية الحزبية الشكلية نتيجة اختلال الحقوق بين القوى السياسية في المعارضة والحكم وسيطر الحزب الحاكم على الوظيفة العامة والإعلام والمال العام والجهاز الامني وتعدى ذلك الى القوات المسلحة وللخروج من هذه الدوامة السوداء اقترح - ونحن نتجه الى نظام حكم برلماني في نظام فيدرالي - أن يحدد الدستور في نصوص واضحة الفصل بين الحزب أو الائتلاف الحاكم وبين الخزينة والوظيفة العامة وجهاز الامن والجيش.
وقد جرى العرف في النظام البرلماني التقليدي أن رئيس الحزب أو أمينه العام هو الذي يتولى رئاسة الوزراء في الوقت الذي يظل فيه رئيساً أو أميناً عاماً لحزبه وإذا اخذ الدستور اليمني القادم بهذا الاتجاه التقليدي سيظل الخلط بين السلطة التنفيذية واستغلال المواقع الحكومية قائماً لا محالة وتختل بالتالي العملية الديمقراطية وتتكرر نسخ الاستبداد في مجتمع حديث التجربة كنتاج تاريخي لممارسة السلطة المطلقة بين صلاحية الحاكم وبطانته أو عصبويته وحزبه اليوم، لذ اقترح التالي:
• تحريم الجمع بين المنصب الحكومي والقيادة الحزبية للأسباب التالية:
- أن الموظف الحكومي يعتبر شرعاً وقانوناً أجيراً لدى الشعب كل الوقت فلا يجوز له أن يمارس عملاً آخر في وقت توليه لهذه الوظيفة.
- أن الذهنية العامة قد اعتادت على أن من يتولى منصباً حزبياً وفي ذات الوقت منصباً حكومياًًً فإنه بالضرورة لابد أن يقدم من الخدمات الاستثنائية لأعضاء حزبه وجماعته حتى لو لم يرد ذلك .
- أن أعضاء الحزب في الغالب يعولون عليه في قضاء حاجاتهم وحاجات الناس لكسب الأصوات وللسلطة بريقها وجاهها وقد تكرست هذه الممارسات عبر العقود بل والقرون الماضية.
وحتى لا يختلط الأمر على المطلع فإن من يتولى منصباً حكوميا من حزب الأغلبية أو الإئتلاف الحاكم يبقى عضواً في حزبه ولكن لا يمارس نشاطاً أو دعاية لحزبه خلال فترة توليه المنصب الحكومي بما في ذلك أمانة الحزب أو رئاسته.
الذمة المالية
ارتبطت الوظيفة العامة في الأنظمة التقليدية المستبدة ومنها الامبراطورية الإسلامية بعد الخلافة الراشدة على أن السلطة مكان للثروة على خلاف السيرة النبوية في دولة المدينة ومن ذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسنده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعمل رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبيه على الصدقة، فجاء فقال: “هذا لكم وهذا أهدي لي” فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر فقال :ما بال العامل نبعثه على عمل فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا يأتي أحدكم منها بشيء إلا جاء به يوم القيامة على رقبته إن كان بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر” ثم رفع يديه. -يقول راوي الحديث-: حتى رأينا عفرتي إبطيه. ثم قال: اللهم هل بلغت.)
وكذلك ما خطه الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه من ذهابه إلى السوق للعمل بعد أن اختاره الناس خليفة لرسول الله في إدارة الدولة فانتقده الناس لأنه بذلك يعطل عمل الدولة فقال لهم من أين أعيل أولادي فقالوا له نفرض لك فريضة راتباً أو أجرة ليست بنفقة أغنانا ولا بنفقة أفقرنا، وهكذا كانت سيرة الخلفاء الراشدين في فهمهم لوظيفة الخليفة أنهم أجراء لدى الناس لا ملاك لهم أو ملوك عليهم، وهذا ما وصلت إليه الإنسانية اليوم في عصرها المتحضر، فموقع السلطة في البلدان ذات الديمقراطيات العريقة ليس موقعاً للثروة ولذلك فإن الفصل بين السلطة والثروة لا يقوم إلا بالرقابة الشديدة والشفافية المطلقة للذمة المالية للموظف العام منذ بدء التحاقه بالوظيفة العامة أو انتخابه لمنصب نيابي أو تنفيذي أو قضائي ونقترح لتحقيق ذلك أن ينص الدستور على:
• يقدم الموظف العام عند تعيينه في وظيفة ما أو ترشيحه لها إقراراً بذمته المالية ولأقاربه حتى الدرجة الرابعة على أن تعلن هذه البيانات في مواقع مفتوحة ونشرات يطلع عليها العامة وتجدد سنوياً بإضافة ما يطرأ عليها من تغيير وظهور أي قرابات جديدة ويكون من حق أي مواطن الإبلاغ عن أي شبهة تضخم لثروة الموظف العام خلافاً لما هو معلن ومنشور.
الجيش والأمن
من الأهمية بمكان النص صراحة على حدود صلاحيات وسلطات القوات المسلحة وتكوينها وفي هذا الصدد اقترح الاتي:
1 - أن يكون قوام الجيش والأمن في 50 % منه بالتساوي بين الأقاليم ضباطاً وافراداً والباقي عن طريق المسابقة الوظيفية.
2 - أن تحدد فترة قيادة الألوية العسكرية وفقاً للأقدمية وتحدد بفترة واحدة مدتها.....
3 - يحظر عليها التدخل ولو بطلب من قياداتها لقمع الحريات وانتهاك الحقوق ولها حق رفض تنفيذ تلك الأوامر وعدم طاعتها.
4 - تنحصر مهام الجيش في الدفاع عن الوطن أو مواجهة العنف المسلح الداخلي بطلب من المؤسسات الشرعية بمعنى أنه يحظر عليه بأي حال من الاحوال التدخل في حق الناس في التغيير السلمي للسلطة السياسية وينطبق مبدأ عدم التدخل القمعي على الأجهزة الأمنية أيضاً.
5 - يحظر على الأقارب حتى الدرجة الرابعة لشاغلي الوظائف العليا في السلطة كرئيس الجمهورية أو اعضاء مجلس رئاسة الدولة أو رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب تولي قيادة الألوية العسكرية والأمنية حتى ولو كانوا مستحقين قانوناً لشغل هذا المنصب وهذا الحظر خلال فترة ولايتهم.
مفوضيات المجتمع المدني
لضمان تعزيز الحقوق والحريات وحمايتها من تغول السلطة التنفيذية، يجب أن تتضمن أحكام الدستور إنشاء عدد من المفوضيات التي تكون ضامنة وكافلة حماية الحقوق الاساسية للمواطنين والمقيمين ومن ذلك.
1 - مفوضية أو مجلس حقوق الانسان.
2 - مفوضية أو مجلس حقوق المرأة والطفل.
3 - مفوضية أو مجلس حماية الموظف العام.
4 - المراجع العام أو جهاز المحاسبة.
5 - اللجنة العليا للانتخابات.
6 - مفوضية الاوقاف وحماية حقوق الايتام والقصر وذوي الاحتياجات الخاصة.
7 - مفوضية الحق في الحصول على المعلومات وحرية النشر والتعبير.
8 - مفوضية الشفافية والنزاهة والذمة المالية.
9 - مفوضية القطاع الخاص والنقابات والمنظمات العمالية.
تكمن اهمية هذه الآليات في أنها تكون هيئات ضامنة لهذه الحقوق كسلطة شعبية موازية وتكون مستقلة وينتخب اعضاء مجلس إدارتها من قبل البرلمان على أن لا يزيد عدد هيئة المفوضين المتفرغة لإدارة اي منها عن ثلاثة اشخاص وبقية اعضاء مجلس المفوضية منتخبون غير متفرغين ولا يزيد عددهم عن أربعة اشخاص على أن لا تزيد مدة عمل الاعضاء المتفرغين عن ست سنوات يتم التجديد النصفي لهم بالاستمرار أو انتخاب غيرهم في منتصف المدة ولمرة واحدة فقط وتقدم هذه المفوضيات تقاريرها النصف سنوية والسنوية الى المجلسين النيابيين وعلى أن تكون من صلاحياتها التحقيق والمساءلة وعقد جلسات الاستماع وتقديم المساعدة القانونية للضحايا .
ما هي مهمة مفوضية حماية الموظف العام ؟
إن الجهاز الإداري للدولة في سلطاتها المختلفة عارٍ عن أي حماية ضد تغول القيادات الإدارية العليا على أداء هؤلاء الموظفين مما يجعلهم يخالفون القانون القائمين على إنفاذه و تتعطل حقوق الناس وتخضع لأمزجة القيادات الإدارية في المرفق أو المصلحة أو الوزارة أو جهاز الشرطة أو القضاء .....إلخ لذلك فالمقترح ينصب على وجود هيئة أو مفوضية أو مجلس يعنى بحماية هؤلاء الموظفين من تغول الإدارة بحيث يلجأ إليها لتقوم ببحث الحالة وحماية الموظف من تغول رئاسته بل ومساءلة ومقاضاة المسئول الأعلى في حال مخالفته للقانون وإجبار مرؤوسيه على ذلك.. ذلك أننا مهما شرعنا من دساتير وقوانين جيدة فمناط تنفيذها بيد أشخاص طبيعيين هم أشخاص الجهاز الوظيفي وحتى نلزمهم باحترام القانون في تعاملهم مع المستفيدين فيجب أن نحميهم أصلاً من التعسف الذي قد ينزله بهم رؤساؤه.
الإعلام ووسائل النشر
• هذه مسماة السلطة الرابعة مجازاً وهي في حقيقة الأمر كذلك إذا توفر لها مناخ آمن، ولتحقيق ذلك يحظر على الحكومة والأحزاب امتلاك أو إدارة وسائل النشر والإعلام وأن تكون الملكية لأشخاص مثلها مثل الشركات التجارية تسجل لدى وزارة التجارة على أن تلغى عقوبة الحبس الخاصة بالصحفيين وتقتصر العقوبات بما ينص عليه قانون عقوبات عام يتفق ومبادئ الدستور المأمول يعامل الصحفي كغيره ولا يخصص بعقوبة خاصة.
• يجب أن يتضمن الدستور نصوصاً صريحة على الحق في الوصول إلى المعلومات ونشرها وحق النقد لأعمال الموظف العام ولا يقيد هذا الحق إلا بما يعتبر سباً صريحاً أو طعناً في الأعراض أو اعتداء على الحياة الخاصة، ولا تحصن أعمال الإدارة عن النقد بأي حال في مختلف هياكل الدولة.
إلغاء وزارة الإعلام
• الحق الأصيل للناس ووسائل النشر والإعلام في الحصول على المعلومات كحق أصيل لا يقيد إلا بقيد محدود في نصوص واضحة حماية لمصلحة مشروعة ولا تحصن عن النقد بأي حال أعمال الادارة بمختلف هياكل الدولة باعتبار أن صاحب الحق في هذه المعلومة هو الشعب مالك السلطة ومصدرها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.