باتت تشرئبُ أعناق معظم أبناء اليمن صوب الحوار الوطني القادم.. كونه سيكون الشاطئ الآمن لحل كل القضايا المرّحلة منذُ سنوات، وتجنيب الوطن المزيد من الصراعات الدامية التي أثّرت كثيراً على حياة اليمنيين ونغّصت عيشهم اليومي .. ولم يعد أمامهم سوى تعليق الآمال على الحوار الوطني المزمع انعقاده في الأيام القادمة.. - ولأهمية إنجاح ذلك الحوار قُدمت العديد من المقترحات في ملتقى اسطنبول لتعزيز الحوار من عدّة مشاركين يمثلون طيفا واسعا من المجموعات والكيانات السياسية في اليمن، بما في ذلك الحراك السلمي الجنوبي، والثورة الشبابية السلمية، و(الحوثيين)، والأحزاب السياسية الرئيسية المؤتمر وحلفاؤه، والمشترك وشركاؤه، وقام المشاركون بالاجتماع والالتقاء مع بعضهم البعض ليس كممثلين لتلك الكيانات بل من إحساسهم بالمسئولية الوطنية وتقديم الدعم والمساندة لإقامة الحوار والتوّصل إلى إجماع بين مختلف المجموعات اليمنية حول القضايا التي تتعلق بصورةٍ وثيقة بإجراء الإصلاحات، كون إقامة الحوار وتقبّل آراء الآخرين يمثّل أداةً أساسية لتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء للجميع.. ومما يجدر ذكره هو أن الاجتماع التشاوري الأول والذي هدف إلى بناء جسور الثقة وإقامة حوار وطني عُقد في مدينة اسطنبول التركية خلال الفترة ما بين 25 - 26أكتوبر - تشرين الأول، وناقشت ورشة العمل أهمية إقامة حوار على المستوى الوطني من أجل التغلّب على التحديات التي تحول دون إطلاق العملية السياسية في اليمن، ومع أخذ النقاشات على المستوى المحلي بعين الاعتبار قامت المجموعة بعد ذلك بإعداد توصيات توافقية حول أبرز خمسة مجالات هي: الدستور..كصياغته بواسطة جمعية منتخبة، وشكل الدولة والنظام السياسي، والسلطة التشريعية كنظام الغرفتين(مجلسا النواب والشورى) ويكون انتخاب أعضاء الغرفتين لمعياريّ المساحة والسكان. والسلطة القضائية : أن يضمن الدستور استقلالية القضاء ماليا وإداريا وإنشاء المحكمتين الدستورية والإدارية العليا المنتخبتين.. - يلي ذلك (القضية الجنوبية) كتهيئة المناخ السياسي ويتضمن: الاعتراف بالقضية الجنوبية، ووقف الخطاب التحريضي والتشهير بالحراك السلمي، والاعتذار عن فتوى تكفير وقتل الجنوبيين التي صدرت عام 94م، وإجراء حوار جنوبي جنوبي لتقريب وجهات النظر بشأن الخروج برؤية موحدة لحل القضية الجنوبية.. - ثم (هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية) ومن تلك المقترحات : إعادة هيكلة الجيش تحت قيادة وإشراف وزارة الدفاع وكذا الوحدات الأمنية تحت قيادة وإشراف وزارة الداخلية، عدم السماح للقيادات العسكرية تولي مناصب سياسية قي الدولة إلا بعد الاستقالة لفترة لا تقل عن عشر سنوات، تدوير المناصب العسكرية العليا من رتبة عقيد فما فوق.. إلخ.المقترحات التي تمت مناقشتها من قبل الأعضاء المشاركين. - (قضية صعدة) جاءت بعد ذلك وأبرز تلك المقترحات : تهيئة المناخ السياسي، الحق الفكري والثقافي، معالجة آثار الحروب الستة، الجوانب الاقتصادية والخدمية.. إلخ - يلي ذلك (العدالة الانتقالية) وأبرز ماجاء فيها : تحقيق العدالة الانتقالية وتطبيقها بما يضمن تأمين إقامة عدالة مستدامة في المستقبل، تشكيل لجان لتقصي الحقائق وفقا لمعايير الكفاءة والنزاهة بعد إجراء حوارات موسعة، وضع استراتيجية وطنية شاملة لتطبيق العدالة الانتقالية. - وتمثل مقترحات ملتقى اسطنبول لتعزيز الحوار مواضيع للنقاش والحوار يُؤمل منها دفعة جديدة لإقامة حوار وطني وبناء الثقة والإجماع بين الأطراف اليمنية المختلفة، كما أن المشاركين في ملتقى اسطنبول لتعزيز الحوار يقترحون على قيادات مختلف المجموعات والاتجاهات الاجتماعية والسياسية المشاركة في الحوار لجمعهم في مكان واحد، بحيث يمكن إبراز الحوار كقيمة أساسية لحل الخلافات مهما كانت، على أن يكون ذلك الحوار شاملا فلا يستثني قضية ماوجامعا تشارك فيه كل الأطياف والمكونات الاجتماعية والسياسية، مع الالتزام بالحد الأعلى من المسؤولية، كما اقترح المشاركون تجنّب وقوع أزمات بفعل تصويت الأغلبية أن يتبنى مؤتمر الحوار الوطني مبدأ الإجماع في عملية اتخاذ القرار. - من خلال مصفوفة المقترحات أعلاه للمشاركين في ملتقى اسطنبول لتعزيز الحوار.. نرى بارقة أمل جديدة تلوحُ في أفقنا السياسي الذي ما يزال بين مدّ وجزر من قبل (بعض) أعداء الأمان والسلام والاستقرار لوطنٍ آن له أن يستريح من عناء الصراعات التي أعادته ألف مرة إلى الوراء، وآن لهذا الوطن أن يلتفت إلى الإهتمام بالتنمية وبنائه على أيدي جميع أبنائه دون استثناء ليستعيد دوره الريادي والحضاري بين الأمم والشعوب.