ليس من المبالغة في شيء أن نقول إن الإعلام اليمني لعب دوراً مهماً في نجاح الثورة وعكس التطور الذي طرأ على مجتمعنا كالتزام ومسؤولية وطنية تجاه أهداف ثورة 26 من سبتمبر من حيث التوعية وإذاعة البيانات والبلاغات وتنشيط الجهود الوطنية للعمل وإذكاء الروح اليمنية الأصيلة في نفوس الجيش والمواطنين وتربية الجيل الجديد من شباب الوطن والمحافظة على تراثنا الخالد ومتابعة الأحداث المعاصرة.. فكل تقدم أو إنجاز ثوري نشط الإعلام في التعبير عنه والتفاعل معه بحيث يمكن القول إن نجاح الإعلام وتطوره يتناسب تناسباً طردياً مع نجاح الثورة وتضاعف إنجازاتها, ونلحظ أن النشاط الإعلامي يستمر ملازماً لسمع المواطن وبصره وعقله معظم ساعات الليل والنهار, ووصلت الخدمة الإعلامية إلى كافة العزل والقرى بشكل أفقي واسع النطاق, بل لقد امتد النشاط الإعلامي اليمني إلى خارج الوطن ليُبرز صورة اليمن أمام أسماع وأعين العالم كله. كما أسهم الإعلام في بلادنا مساهمة فعالة في قضية التنمية وهي قضية الوطن الكبرى, وأسهم بإيجابية في تقديم المزيد من الخدمات للشعب بحيث يختلط الدور التنموي للإعلام بالدور الخدمي, أخذاً بالأسباب المعاصرة في توازن دقيق بين هذه العناصر كلها؛ ذلك لأن الإعلام والثقافة إبداع وفكر ومعاصرة وثقافة واسعة.دور الإعلام في إنجاح التنمية من المسلّم به أن ثروتنا البشرية هي أغلى ثراوتنا على الإطلاق, ومن ثم فإن تنمية هذه الثروة الهائلة ضرورة لازمة لإنجاح خطة التنمية؛ لأن هذه الثروة هي المنبع الحقيقي للكوادر التي تتحمل مسئولية النهوض بأهداف الثورة ومنجزاتها, وعلى ذلك فإن الجهد الإعلامي الذي تنهض به بلادنا يلعب دوراً كبيراً في تنمية ثروتنا البشرية وتهيئة الفرد نفسياً ومعنوياً وذهنياً للاقتناع والتجاوب وفهم السياسة العامة للدولة واستيعاب خطة التنمية, وتحليل هذه السياسة وتبسيطها للمواطن العادي بالأسلوب المناسب وكذا خلق رأي عام وتوجيه هذا الرأي العام الوجهة الصحيحة في اتجاه المصلحة الوطنية والسياسة العليا للدولة وتعميق المفاهيم السياسية التي تنطلق منها أهداف الثورة الست كالديمقراطية والتنمية والحرية وتبصير المواطن بقدراته وواجباته ما يجلعه أكثر استجابة لأداء ما عليه من مسئوليات تجاه الوطن والمواطنين وبالتالي تهيئة المواطن ثقافياً ذهنياً ومدّه بالأخبار الصحيحة المحلية والعربية والعالمية ليكون ملماً بأحداث عصره ومتفهماً لقضاياه, مشاركاً كعنصر في مجتمعه أولاً والأسرة العربية ثانياً والأسرة الدولية على نطاق واسع. ولا شك أن رسالة الإعلام في مجتمعنا تتضاعف على وجه الخصوص للدور المنوط به والذي لا نجد له نظيراً في أية دولة عربية؛ لأنه يتداخل فيه العنصر التنموي والخدمي معاً ضمن الناحية التنموي. استطاع إعلامنا أن يرفع المستوى الثقافي والفكري لدى المواطن من مختلف الأعمار والبيئات الاجتماعية وقدّم لأولئك الذين لم يحظوا بقسط من المعرفة أو الثقافة قدراً كبيراً من الثقافة العامة جعلهم أكثر إلماماً وتبصيراً بالمجتمع والدنيا من حولنا ومن ثم أكثر استجابة لما يطلب منهم من واجبات فضلاً عن قيام الإعلام بمواكبة الأحداث المحلية أولاً بأول وإلقاء الضوء عليها. دور الإعلام في دعم الثورة فيما يتعلق بدور الصحافة في دعم الثورة ألغيت كل الصحف التي كانت تصدر قبل ثورة 26 من سبتمبر وصدرت صحيفة “الثورة” في التاسع والعشرين من سبتمبر لتكون لسان حال الشعب الناطق ولتعلن المسيرة الثورية وتبشّر بالعهد الجديد.. وفي عشرين اكتوبر من نفس العام صدر العدد الأول من صحيفة “الجمهورية” لتكون مع صحيفة “الثورة” البديل عن صحف العهد السابق, وحين جاءت الخبرات المصرية كانت بصماتها واضحة في نشر يومية سميت “الأخبار” واحتفظت بالاسم نفسه حين تحولت عام 1963م إلى أول صحيفة يومية تصدر في شمال اليمن وبالثورة والجمهورية والأخبار بدأت المرحلة الثانية في تاريخ الصحافة اليمنية, وظهرت صحف حكومية أخرى ليست ذات أهمية ما لبثت أن اختفت مثل صحيف الثغر واللواء الأخضر ومجلة اليمن الصادرة عن ديوان وزارة الإعلام بصنعاء وكذا مجلة الشعب ومجلة 26 سبتمبر, وصدرت أيضاً عن القوات المسلحة صوت اليمن ومجلة الجيش عام 1967م, وعن الدوائر الأمنية صدرت صحيفة الشرطة ثم اختفت وتبعتها صحيفة الحراس وصحيفة شريعة الله عام 1963م في غير انتظام عن علماء الدين, وعن وكالة الأنباء اليمنية صدرت نشرة يومية تطبع بالاستنسل. وتتابعت الصحف الأهلية في الصدور مثل صحيفة الرسالة والشعب والوحدة ومجلة الحياة الجديدة والصباح والحرية والرأي العام وصنعاء ولكنها كانت مفتقرة إلى العديد من المقومات من رأس مال ومادة خام وأجهزة فنية وقوى عاملة واستثمار طويل الأجل وقدرة على الصمود أمام كافة الاحتمالات, لذلك كانت النتيجة غيابها عن الساحة أو الصدور غير المنتظم. وموافقة للأحداث السياسية التي أحدثت تغيرات في توجهات الدولة صدرت صحيفة التصحيح ثم تحول اسمها إلى صحيفة الميثاق التي صدرت في 13 يونيو ثم تحولت إلى 26 سبتمبر.. ومن أهم المجلات الصادرة في السبعينيات صدرت مجلة الكلمة ومجلة اليمن الجديد الصادرة عن وزارة الإعلام والثقافة ثم مجلة دراسات يمنية الصادرة عن مركز الدراسات والبحوث اليمنية. محطة إذاعة صنعاء وعن دور الإذاعة في دعم الثورة بمجرد استيلاء ضباط الثورة على محطة الإذاعة تم فتح الإذاعة وبدأ البث الإذاعي منها قبل بزوغ الشمس في ذلك اليوم العظيم, أي قبل السادسة صباحاً ينطلق عبر الأثير, كان ضوء الشمس يلوّن السماء بألوانه الرائعة ويؤذن بقدوم يوم جديد تشرق فيه شمس جديدة تسبقها أشعتها الذهبية, كانت الطبيعة في هذا الصباح الندي في أبهى تجليها فكانت مأخوذة بهذا البهاء تردّد بيتاً من شعر الزبيري كلما طلع صباح يوم 26 سبتمبر: يوم من الدهر لم تصنع أشعته شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا ثم نطق المذيع بعد ذلك: “هنا صنعاء إذاعة الأحرار.. إذاعة الثوار.. إذاعة الشعب.. إذاعة الجمهورية” ثم جاء نشيد “الله أكبر”, واستمرت هذه العبارة تذاع عقب كل نشيد وقبل كل بلاغ أو بيان لمدة ثلاث ساعات, ثم تغيرت الجملة الأخيرة فأصبحت (إذاعة الجمهورية العربية اليمنية) ثم أذاعت الإذاعة نشيد “أخي جاوز الظالمون المدى” بصوت الفنان محمد عبدالوهاب. عاش اليمانيون هذا البهاء الطبيعي دقائق لتعلن إذاعة صنعاء للعالم أن يوم الحرية والجمهورية قد أشرقت شمسه التي لا تغيب.. فكانت إذاعة صنعاء تردّد عبارات “هنا صنعاء إذاعة الأحرار.. إذاعة الثوار.. إذاعة الشعب.. إذاعة الجمهورية العربية اليمنية”. ثم أذاعت بعد ذلك هذا التعليق ونصه: أيها اليمانيون في كل مكان, لقد انتهى حكم بيت حميد الدين إلى الأبد, وها هي دبابات جيشكم البطل قد دكّت دار البشائر ودفنت البدر المخلوع تحت الأنقاض, فبشرى لكم جميعاً يا أبناء اليمن. وكان لإذاعة صنعاء دور مشهود في السبعين يوماً عام 1967م عندما حوصرت صنعاء من قبل أذناب الملكية؛ إذ أنها ساعدت على تماسك المدافعين عنها بانتهاجها خطة الدعاية المضادة, فكانت تذيع الأغاني الحماسية والتعليقات السياسية والشعارات القوية. إذاعة تعز بجهاز من طراز (تلا) من صنع تشيكوسلوفاكيا يبلغ طاقته 60 كيلووات شرعت محطة تعز في بث برامجها سنة 1963م لمدة ثماني ساعات يومياً ابتداءً من الساعة الثانية بعد الظهر حتى العاشرة مساءً, وكانت تبث ساعتين بالإنجليزية لمواجهة الدعاية الإنجليزية وفضح مساوئ الاستعمار البريطاني في جنوباليمن. إذاعة الحديدة بدأت إذاعة الحديدة إرسالها في عام 1968م بقوة (10) كيلووات وعلى موجة طولها 65 متراً. محطة التلفزيون وفيما كان يسمّى بالشطر الشمالي من اليمن فقد افتتحت محطة التلفزيون بصنعاء في تاريخ 24 سبتمبر 1975م وتم افتتاح المحطة وبدأت باستوديو بث صغير لا يتجاوز مساحة 100 متر مربع وجهاز سينما وجهاز فيديو 2 انش ومازج صوت وإضاءة خاصة بالاستديو وبعض الكاميرات, ولم يكن البث يغطي سوى مدينة صنعاء وضواحيها بمساحة لا تتعدى 4 كيلو مربع, وبدأت المحطة ب 11 عاملاً فقط ما بين مهندسين ومذيعين وإداريين بالإضافة إلى 9 أشخاص قدموا من عدن وبعض الإخوة من دولة الإمارات العربية المتحدة في بداية الافتتاح, واستمروا قرابة اسبوعين, وبعد ذلك تم تنفيذ مشروع النظام الملوّن واستقطاب عدد من الكفاءات وابتعاث عدد منهم إلى الخارج في دورات قصيرة وقد تم توسيع البث بحيث أصبح البث يصل إلى أغلب المناطق اليمنية. وكالة الأنباء اليمنية في أواخر 1964م أنشئت وكالة يمنية للأنباء بتعاون مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط في صنعاء, وكان ينسب إليها بعض الأخبار آنذاك, ولكن لم تدم طويلاً لانعدام الأسس القانونية والفنية والمالية لهذه الوكالة. وكان الجهاز الوحيد الذي يعمل في اليمن في الفترة 1962م 1967م هو مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط, وهو الوحيد الذي يقدم الأنباء للمؤسسات الحكومية ومختلف المؤسسات الإعلامية ووسائل النشر. وقد توقفت هذه الوكالة عن العمل في سنة 1967م, وكانت القوة الأولى للوكالة قد ظهرت خلال حصار السبعين يوماً أواخر عام 1967م, وفي هذه الفترة كانت الوكالة تقوم بتوزيع الأخبار على مراسلي وكالات الأنباء العربية والأجنبية المتواجدين في صنعاء, وكذا تزويد الإذاعة والصحافة وبعض الأجهزة الحكومية بالأخبار.. كما كانت الوكالة تقوم برصد الإذاعات العربية والأجنبية ونقل الأخبار الخاصة ببلادنا من الإذاعات المؤيدة والمعادية وتوزيعها على كبار المسئولين والأجهزة الخاصة للاطلاع والاستفادة من تحليلها ووضع السياسة الإعلامية المناسبة للرد على الإشاعات المعادية التي كانت تروّجها الوسائل الإعلامية الخارجية.. كما كانت الوكالة تصدر نشرة يومية مطبوعة على الاستنسل تضم أهم الأحداث المهمة خلال ال 24 ساعة. وفي عام 1970م أصبحت المؤسسة يمنية مستقلة ذات صفة اعتبارية وتتمتع بالشخصية القانونية التي تحول لها حق التعاقد لتطوير إمكانياتها وجهودها وأجهزتها وخدماتها, وحدّدت الفقرة الثانية من النظام الأساسي هدف إنشاء الوكالة بتمويل الإذاعات والصحف والوكالات والهيئات المحلية والعالمية بالأخبار والتعليقات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والمالية والتجارية المحلية والعالمية.. وفي عام 1975م أصبحت وكالة سبأ للأنباء أحد قطاعي مؤسسة سبأ العامة للصحافة والأنباء وذلك بموجب قرار مجلس القيادة بالقانون رقم 59 لسنة 1975م ويرأس مجلس الإدارة وزير الإعلام, وتتناول الوكالة الأخبار على المستوى الخارجي مع وكالات عربية محدودة هي القطرية والعراقية والعمانية مع وكالة الأبناء الألمانية الديمقراطية (أدن).