كلنا يسمع لفظة “حُميني” أو “شعر حُميني” فما معنى ذلك؟ سُمي الشعر الحميني بهذا الاسم نسبة إلى قرية الحُمينية إحدى مخاليف الحديدة مديرية حيس وشعراء الحميني هم شعبيون وشعرهم على شكل موشحات ومبيتات التي اشتق منها الشكل العمودي المعروف في الأشعار النبطية والحمينية، والحورانية أما أهم الشعراء الشعبيين اليمنيين أحمد فضل العبدلي الملقب بالقمندان، وشاعر الوجدان حسين أبوبكر المحضار، وعبدالرحمن الآنسي، والقاضي الآنسي الأكبر وغيرهم الكثير أما أبرز شعراء الشعر الحميني فهو شاعر الحب والجمال كما سماه الدكتور عبدالعزيز المقالح واسمه محمد بن عبدالله بن الإمام شرف الدين يحيى الكوكباني، ينتمي للأسرة الزيدية الحاكمة سابقاً. فهو شاعراً موهوباً مجيداً ذو نزعة صوفية، تميز شعره برقة العاطفة وصدقها وكذا القوة والقدرة الفائقة على التعبير عنها، كما أنه أول من استخدم القصة والحوار في القصيدة الحمينية. بن شرف الدين هو شاعر الحمينية الأول وبامتياز سمت مكانة قصائده وامتازت بعذوبة اللغة، وتوهج العاطفة وصدقها فكانت أجمل ما كتب في هذا النوع من الشعر فهو من مواليد كوكبان سنة 877ه وتوفي رحمه الله سنة 965ه. روت زوجته أنه كان مغرماً بفتاة ذات حسن فائق، وجمال رائق، تسبي الفحول وتفتن العقول، غادة هيفاء ذات عفة وحياء، وكان يود الزواج منها لكنه لم يتمكن لأنها صغيرة السن. قالت زوجته: كنت أشاهد لمحات وجهه وتعلق قلبه، وفلتات لسانه، وشرود ذهنه، فغلب عليّ الظن فأخذت المصحف واستحلفته فحلف ونظم بعد ذلك قصيدة قال فيها: عليك سمّوني وسمسموني وبالملامة فيك عذّبوني وجروا المصحف وحلفوني وقصدهم بالنار يحرقوني حلفت ما حبك فكذبوني وقبل ذا كانوا يصدقوني هم يحسبونِ اضمرت في يميني فقلت الله بينهم وبيني فأكد لزوجته بأنه غير صادق في يمينه، وانه كان يخفي حبها خشية من زوجته وتكاد تكون قصيدة من قصائد شاعرنا شرف الدين نابعة من تجربة حب ذاتية، تغزّل في المحبوب، ووصف الوصل والفراق، وتأوه من الوداع وشكا من هجر محبوبه وصدوده فما أجمله حين يقول: يامن سبا قلبي بطرف أحور وثغر باسم وجبين أزهر ذا غُرتك أم ذا قمر مصوّر وذا قوامك أم قضيب أسمر ويتحدث عن الهجر ويشكو منه ويتذمر ويضجر فيقول : يامن هجرني وقلبي له بيت في القلب حليت أصبحت في وسط قلبي وأمسيت وفيه ظليت لمه إذا اقبلت عني وليت أشجيت وأبكيت وما أجمل وما أعذب تغزله حين يقول : البدر طالع من سنى جبينك والغصن أم ذه قامتك ولينك ياسين عليك ما احلى حور عيونك ما أحلاك في جدك وفي مجونك ويقول : في صدرها الفضي تفاحتين وجيدها السامي ككأس اللجين والسحر تنفث به من المقلتين وفي لماها البرق لألأ ولاح ويقول : يامن خطر يثني قوام مياس والفت عنيقه تحت بدر أغلاس هواك أورثني شجن ووسواس ما عاد يشأ قلبي حديث مع الناس أصبحت همّي بل حديث نفسي ما أنساك حين أصبح وحين أمسي فكيف تنساني وأنت أُنسي ولست أقطع من وصالك اليأس ويقول : معشوق الجمال نهب فؤادي جماله في هجري اطال وأذاب قلبي مطاله لا كان المطال لمه تقولوا أطاله أبدى لي الملال ويلاه من ذا أماله وما أعذب الشاعر الحميني الشاب المعاصر وهو من محافظة أبين يقول في حمينيته : صغير بالسن لا يخشى ولا يرحم رفع قناعه وهو بُني من أعيانه وقف لي بالخط لا تأخر ولا اتقدم أعمى عيوني وطر ؟؟ من أوجانه عيون تسحر وفيها الموج يتلاطم من شافها تقتله بالسحر مليانه فحبذا الشعر الحميني وحبذا شعراءه وحبذا برنامج صدى القوافي الذي أهتم بالشعر الشعبي الحميني غالباً.. ونعود لنقول: أنه قيل أن الحكاك الجوزي هو أول من اشتهر بالحميني وبلدته كما قلنا محافظة الحديدة وتحديداً مديرية حيس ولا يهمنا إن كان بن شرف الدين أو الجوزي أو غيرهما من الحُمينيين إنما همنا الأكبر هو تذوق الأشعار الحمينية. المراجع 1 الميزان لعبد القادر بامطرف. 2 موشحات محمد شرف الدين. تحقيق إسماعيل المؤيد، اسماعيل الجرافي.