لا يبالغ من يرى بأن حسم مسألة توزيع حصص قوام مؤتمر الحوار الوطني على الأطراف المشاركة من أهم أعمال اللجنة الفنية التحضيرية ويمثل الشق الفني من الحوار ونجاحه ويعزز عوامل نجاح المؤتمر وإنقاذ مخرجاته وتأتي آلية التصويت على القرارات تتويجاً للإعداد الجيد للمؤتمر.. إلا أن المكايدات والمزايدات السياسية تشير لما يبرر تحفظ وحتى رفض أطراف رئيسية لطريقة التعامل مع هذه المسألة؛ ذلك لأن مؤتمر الحوار سيؤسس ليمن جديد ما يقتضي حسم القضايا الفنية ودخول معترك الحوار السياسي بقناعات ومصداقية وثقة متبادلة، وضمان تمثيل الحراك بمكوناته بطريقة أو بأخرى.. فاصل بين زمنين يقول الدكتور. منصور الواسعي استاذ القانون بجامعة تعز: إن المكايدات السياسية والمزايدات الإعلامية والخلفيات المؤلمة ينبغي أن تتلاشى أو تحيد من أجل حوار على أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبحيث يكون الحوار ومخرجاته فاصلاً بين زمنين مختلفين جوهرياً.. معايير وهذه اللجنة أنجزت الكثير وكان الأصل أن تضم شخصيات مهنية أكثر عدداً وحيادية وأكثر شمولاً لمناطق اليمن وفئاته وهو ما نأمله على صعيد تمثيل كل الفئات والمكونات في مؤتمر الحوار تحت بند فئات أخرى من منظمات مجتمع مدني ومهمشين، وعلماء وشخصيات ذات وزن تحقق المعيار الجغرافي الذي لم تأخذ به اللجنة الفنية. وأضاف د.منصور قائلاً: إن التمثيل العادل وعلى معيار متفق عليه لن يكون إلا في صالح الوطن وتحديد طريقة التصويت بأغلبية على قضايا معينة من الأمور الضرورية ولابد من الاستفادة من أناس مهنيين محايدين؛ لأن الأحزاب التي تريد كلمتها ليس من حقها ولا من حق طرف ما أن يفرض رأيه أو يصر على تفويض أو تحكيم طرف خارجي لحل مشكلة أو خلاف ناشئ فالأطراف الدولية دورها مساعد ويقتصر على الدعم الفني والتمويل وليس التدخل في عملية الحوار. حسم مسألة التمثيل ويرى الدكتور منصور الواسعي، مدرس القانون الدستوري بجامعة تعز أنه لابد من حسم مسألة تمثيل كل فئات الشعب ومكوناته وتوزيع قوام المؤتمر وفقاً لمعيار متفق عليه وكذا حسم آلية التصويت على القرارات في المؤتمر بالاتفاق على أغلبية محددة بالنسبة للقضايا الأكثر أهمية والاتفاق مسبقاً على هذه الآلية وكذا طريقة معالجة الخلافات الحادة عند بدء الحوار؛ لأن الحوار عملية شاقة ومضنية فكيف نتحسب لمثل هذه الخلافات والمفاجآت إذا كنا لم نستطع نتحاور في اللجنة الفنية وحسم مسألة نسب التمثيل. تمثيل شامل كما أن تمثيل جميع فئات المجتمع قد يكون من الصعب تحديد معيار لكل فئة، لكن عندما نقول 40 %كنسبة للشباب أو 75 % من قوام المؤتمر يقتضي أن نحدد من هم الشباب. وعندما يُقال 30 % للحراك ينبغي أن نقول: من هم؟ هل الحراك الذي يقبل بالمشاركة في الحوار أم المطالب بحق تقرير المصير أم الداعي إلى فك الارتباط؟ كذلك بالنسبة للمرأة ومنظمات المجتمع المدني، هل من الحزبيين أم اتحاد نساء اليمن وهن قيادات في أحزاب أو نقصد المستقلين من نساء ومنظمات المجتمع المدني. مسألة التصويت أحزاب اليوم من يستطيع أن يقول إنها ستكون ذات وزن وقبول شعبي بعد عشر سنوات مثلاً حتى تكون لها كلمة أقوى ثم في ظل الشرخ القائم والمكايدات إذا لم تحسم مسألة التصويت بوضوح فمن سيمنع أحد الحزبين الكبيرين من الاعتراض على قرار ما وإن تم التصويت عليه بأغلبية 51 % فإن ال49 %سيرفض ويلجأ لطلب التحكيم. تغليب المصلحة الوطنية الدكتور. محمد الغابري أستاذ القانون الدستوري بجامعة صنعاء من جانبه قال: ينبغي على الجميع تغليب المصلحة الوطنية واحترام مبدأ التوافق الذي يبدو أنه هو السائد رغم ما حدث قبل سفر المندوب الأممي جمال بن عمر والضجيج حول توزيع نسب قوام مؤتمر الحوار على الأحزاب والحركات أما ما توفر من معلومات حول آلية حل الإشكاليات لاحقاً فمن الأهمية بمكان أن تكون هناك لجنة حكماء تعود إليها اللجان الأساسية لمؤتمر الحوار لتنظر فيما ينشأ من خلافات ونتمنى أن يكون أعضاؤها أشخاصا على درجة عالية من القبول لدى جميع المشاركين. مآسي الماضي وأضاف الدكتور الغابري قائلاً: إن النظر إلى المستقبل هو السمة الغالبة ونتمنى أن تسود وهذا يتحقق إذا نظر إلى الماضي ومآسيه وما فيه من مشاق، لتكون نظرتنا إلى المستقبل صافية وتتحقق الغايات من مؤتمر الحوار الوطني. وجهات نظر أما المحامي. عبدالعزيز البغدادي فيرى أن هناك وجهات نظر مختلفة لمسألة التمثيل في مؤتمر الحوار الوطني بين أحزاب كبيرة وأحزاب صغيرة حول ما قيل إن الجنة الفنية التحضيرية توصلت إليه بهذا الشأن ثم جاء تفويض مستشار بن عمر لمعالجة المشكلة وهو تفويض حول مسألة محددة هي تحديد نسب تمثيل الأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار وبعد رفض البعض تمت إعادة النظر في النسب وطرحها بن عمر على الأطراف وعقد مؤتمره الصحفي وغادر اليمن. حوار مفتوح ويرى البغدادي أن الأحزاب السياسية لن تكون راضية رغم ما قام به بن عمر لإرضائها والمفروض أن الحوار مفتوح لكل القوى طالما وأن الهدف هو الوصول لحل كل القضايا وبناء يمن موحد وفقاً لقواعد متفق عليها فنتائج مؤتمر الحوار وقراراته ستصدر بالتوافق بنسبة 90 % وحق المعارضة بنسبة 10 %.. وأضاف البغدادي قائلاً: طالما، وأن القضية وطنية كان يفترض تمثيل كل القوى غير الممثلة في الأحزاب السياسية، ولا في منظمات المجتمع المدني وهي قوى مستقلة وصامتة ولها أوزان سياسية واجتماعية تم تجاهلها حتى الآن وكان يفترض النظر إليها من منظار أن القضية وطنية؛ لأن من سيكون في منصة الحوار هم سيكونون وسيلة لإيصال الرؤى الوطنية المفترضة لحل القضايا الوطنية بمعنى أن الأهواء الفردية والمصالح الشخصية والحزبية ليست هي التي ستسير مؤتمر الحوار وإذا حصل ذلك وتوصل البعض إلى تقاسم السلطة فلن يتحقق التوافق المطلوب لبناء الدولة المدنية... ينبغي تمثيل جميع الفئات والتركيز على كيفية بناء الدستور ما يتطلب إنشاء جمعية أو لجنة أو مؤسسة لصياغة الدستور التركيز على اختيار أعضائها للعمل على إعداد دستور يلبي مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل. المطلوب جهود داخلية إن نسب التمثيل في المؤتمر بعد أن أُقر قوام المؤتمر هي من متطلبات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وعلى قاعدة التوافق والذي بموجبه شكلت حكومة الوفاق وتم انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي. من أجل تمثيل گل قوى الحراك السلمي جبر الضرر أولاً! تحظى القضية الجنوبية باهتمام متزايد من قبل الناس العاديين وتثار التساؤلات حول من يتطوع بين وقت وآخر ليعطي دروساً في مفهوم الوحدة وبهدف إصلاح الشأن اليمني وتعبيد طريق التغيير وبالإشارة إلى أن العالم قد أجمع على أولوية الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره والأهم لابد أن يأتي من الداخل بجهود كل القوى ومساندتها لرئيس الجمهورية وعمل ما من شأنه جذب فصائل الحراك ذات السقف الأعلى من المطالب حتى يلتئم الحوار دون استثناء أي طرف وحتى يفتح طريق المستقبل المزدهر لكل اليمنيين.. فهل سيحتاج الحوار لحل القضية الجنوبية برؤى تسبق مؤتمر الحوار تمكن كل قوى الحراك من استعادة الثقة بخصومها أم سيحتاج الجميع إلى مبادرة من طرف دولي وتنازلات متبادلة؟! مشاكل تتراكم ولكي يأتي الجنوبيون إلى الحوار الوطني على الآخرين أن يقدموا لهم ما يشعرهم جميعاً بالاطمئنان والثقة وفي مقدمة المتطلبات تنفيذ ما أمكن من النقاط العشرين المتفق عليها في اللجنة الفنية التحضيرية للحوار والتي هي الآن بين يدي الرئيس عبدربه منصور هادي ويتوقع الناس منه الكثير من ذلك؛ نظراً لما حظي به الرجل من تأييد شعبي يتزايد يوماً بعد يوم وتأييد إقليمي ودولي يضاف إلى وحدة الموقف الداخلي والخارجي الداعم لأمن واستقرار اليمن ووحدته. وحسب رأي الدكتور صالح باصرة عضو اللجنة الفنية وعضو اللقاء التشاوري الجنوبي الذي عقد مؤخراً في صنعاء فإن عدم الاستعجال في معالجة القضايا الممكن حلها يزيد من تعقيداتها ورفع تكاليف معالجتها بعد حين.. هذا الكلام قيل في أعوام سابقة، كسطور في تقارير أصبحت مجالاً للمزايدة السياسية من جهة وعوامل إحباط لدى الناس العاديين ومن أوجب الواجبات أمام الدولة اليوم البدء بتنفيذ النقاط التي لا تتطلب سوى قرارات تخدم أغراض الحوار الوطني. معالجات مطلوبة ولعل معالجة وضع صحيفة الأيام والإفراج عن المعتقلين واعتبار شهداء الحراك الجنوبي شهداء وصرف راتب جندي لأسرة كل شهيد ومعالجة المصابين وكذا معالجة القضايا الحقوقية كل ذلك يحقق نوعاً من الثقة بأن الوضع تغير وأن المزيد في الطريق إلى التغيير بعد الحوار الوطني الذي لن يكتب له النجاح بدون مشاركة كل أطياف الحراك.. صحيح أن قضايا الأراضي ورفع المظالم عملية ليست سهلة ومنها ما يتعلق بآثار العهد التشطيري وآثار حرب صيف 1994 إلا أن القرارات المتوقعة لن تتأخر وستعالج ما أمكن من القضايا التي لا تتطلب وقتاً طويلاً وهذا ما أشار إليه د. باصرة ولعل أهم ما قاله باصرة أن على السلطة أن تقدم رؤية تحدد سقف مطالبها من الحوار بشأن حل القضية الجنوبية؛ لأن الحراك الداعي إلى فك الارتباط “الاستقلال” أنصار الفيدرالية قد حددوا السقف ولابد من عمل يجذب هؤلاء إلى الحوار والوصول إلى سقف وسط يحافظ على الوحدة والأمن والاستقرار. إجماع في صف الوحدة الدكتور محمد الغابري يرى أن الموقف الإقليمي والدولي مع حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً في إطار دولة الوحدة ويضيف قائلاً: بالنسبة إلى القرار الدولي رقم 2014 فأول ما نص عليه هو التأكيد على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، والمبادرة الخليجية نصت على معالجة القضية الجنوبية وهناك ممثلون لفصائل في الحراك ستشارك في الحوار الوطني من أجل تصحيح مسار الوحدة، ولن تتوقف الجهود لإقناع فصائل أخرى بالمشاركة مادام لا يوجد خطوط حمراء أمام كل صاحب مشروع سيقدم إلى المؤتمر ليناقش بحرية وبدون قمع، أما في اللحظة الراهنة فإن الداعين إلى فك الارتباط.. إن هذه الدعوة ظاهرة إعلامية أكثر مما هي تعبير عن قطاعات واسعة من الجنوبيين؛ لأن فصيلا ثالثا يتبنى حل المشكلة عن طريق الأخذ بنظام الفيدرالية وما يفرضه من تغيير لشكل الدولة في حال توافق عليه الجميع في المؤتمر. إزالة آثار الحرب الأهم الآن هو تقدم مسار العمل على صعيد تطبيق ما أمكن من النقاط العشرين لمعالجة قضايا الناس في الجنوب وإزالة آثار حرب صيف 1994م ومن هذه النقاط ما يتطلب وجود حكومة في المرحلة القادمة وبرامج تنفيذية لمقررات التوافق الوطني بعد الفترة الانتقالية فالغاية من الإجراءات والتدابير العاجلة هو توضيح حقيقة المتغيرات الحاصلة والتي على أساسها جاءت المبادرة الخليجية وآليتها والحوار الوطني ومآلاته المنتظرة فيما يتصل ببناء الدولة الحديثة وهو كفيل بحل كثير من القضايا التي يأمل اليمنيون حلها وإذا ركز المتحاورون على مفهوم المواطنة في إطار دولة مدنية فسيكون حل القضايا الأخرى التي ترتبت عن حرب 1994م والتي ليس بإمكان الحكومة حلها الآن. إن جبر الضرر والتصالح وطمأنة الإخوة في الجنوب والاعتذار عن الحرب ستغير شيئاً في النفوس وليع الجميع أن إزالة آثار حرب 94م يتطلب حكومة تنفيذية. الجميع اليوم على المحك ويعلمون أن كثيرا من أسباب الأزمة كان بالإمكان معالجته بعد الحرب دون حاجة إلى خبراء؛ لذا لا خيار آخر أمام اليمنيين جميعاً إلا الحوار الشامل والبناء. انقسام فصائل الحراك المحامي عبدالعزيز البغدادي من جانبه قال: ينبغي أن تكون رؤية فصائل الحراك الجنوبي للقضية واضحة وبشكل صحيح والمعروف أن بعض قوى الحراك رفضوا المبادرة الخليجية وقالوا إنها لا تعنيهم وهذه مشكلة، أما المشكلة الثانية فيفترض ألا تكون المبادرة الخليجية مقدسة فهي اتفاق سياسي وكان يفترض أن توجد مبادرة ملحقة لحل القضية الجنوبية. قضية عادلة وحول معالجة القضايا الحقوقية ورفع المظالم الناتجة عن حرب 94م يرى البغدادي أن المبادرة السياسية حاضرة لكن القول شيء والسلوك شيء آخر فالقضية الجنوبية عادلة وواضحة حتى من قبل حرب 1994م؛ لأن الشركاء في تحقيق الوحدة لم يستكملوا بناء الدولة وخلافاتهما أدت إلى الحرب.. ونأمل أن يدرك طرف من الأطراف الذين سيشاركون في مؤتمر الحوار الوطني. والذين هم داخل لجنة الحوار أو خارجها بأن الغرض من الحوار هو الخروج باليمن إلى بر الأمان وليس تقاسم مصالح ذاتية محكومة بالأنانيات التي أوصلت اليمن إلى ما نحن فيه ولن نخرج منه إلا بالحوار.