عثمان أبو ماهر ينضم مؤخراً إلى قطار رحيل المبدعين, كتب هو نفسه عند رحيل الفضول عبدالله عبد الوهاب قائلاً: في مبسم الفجر مبلول النسيمات سكبت ضوئي وعطري وابتساماتي نعم هكذا قال الشاعر الأديب المناضل عبد الله عبد الوهاب نعمان الراحل عنا اليوم.. هكذا قال في مبسم الفجر، وهكذا سكب ضوءه وعطره وابتساماته ورحل، فبأي شيء نودعه اليوم! وكيف نودع البلبل الصداح؟ بأي القوافي! وعلي أي الأوزان! أفي مدارب السيل الذي لم يرتوي منها قلبه الخفاق الظامئ طوال عمره!.. أم في مبسم الفجر الجاف النسيمات حزناً علي! ليست أدري! لقد توقف وحي فؤادي إلى قلمي فلم أجد من حولي غير وقع دموعي الساكبة.. سكبت دمعي وأناتي وآهاتي لم أختفيتَ وعاتبتُ السماوات فغنت الحور ياغادٍ ويا آتي ورشرشت عطر أدواحٍ وجنات فارس يترجل فهاهو أبو ماهر يرحل وقد رحل فرسان قبله هو الآخر, وهناك من ينتظر.. فأعلام عظام توقع الرحيل بإبداعية أيضاً, فقد توسدوا الحروف وعشقوا الوطن وأسكنوه حدقات العيون، كانوا عشاقاً معاً لمدارب السيل للحقول وشبابات الرعاة ومهاجل الزراع.. كانوا عاشقاً لهذه الأرض, فأروت كلماتهم ظمأ الغيول ودموع الخريف.. تجاوبت مع أنغامهم الطيور والبلابل فرددت ألحاناً للحقول وخيراتها الحسان.. نعم رحل عنا شاعرنا أبو ماهر فيقول عن رحيله أ.د محمد عبد الباري القدسي ترجل شاعر اليمن.. عثمان أبو ماهر المخلافي.. إنما تفجع البلدان بموت أعمدتها.. ترك بصماته على الشعر في جدار اليمن.. شاعر اليمن وذاكرتها.. قال الهموم والأفراح شعراً.. فبقيت إلى ما شاء الله.. ورحل عن دنيانا كما يرحل المؤثرون في ذاكرة الأمة.. يرحمه الله ويسكنه فسيح جناته.. كان مناضلاً من مآثر أبي ماهر أنه كان من ثوار الثورة السبتمبرية وله فيها بطولات وتضحيات عظيمة فقبل أن يكون ثائراً ومناضلاً بالكلمة كان جندياً ومقاتلاً, فلوقع كلماته تأثير كبير؛ إذ لها سحر أخاذ وبريق مختلف, فيه من العشق والتماهي في هذه التربة الزكية.. كما أننا نرى في قصائده ذلك العشق الرومانسي التصوفي فالوطن عنده أم رؤوم تحتضنه فيحتضنها بطفولة وبراءة وحب: هوى الروح بالغيب بالمشهد أحبك ملئ الفؤاد بلادي وأحضن ثدييك في المرقد أحبك أماه حب الحياة كحبي لأمسي وبشرى غدِ أحبك أمي ليومي وليلي وعند الأصيل على المورد أحبك عند الشروق الجميل فهو نفسه ذلك الحنين مغلفة بمفرادات وطقوس تعبيرية جميلة تجعل من شاعرنا رومانسياً بامتياز في لدن العشق الوطني الخالص.. فالوطن امرأة معبودة كما هي المرأة عند كبار الشعراء الرومانسيين الغربيين والعرب فهي ملاك مقدس.. وعند أبي ماهر معبد وقبلة يمم نحوها: حصى الروضة البيض كالمسند ترابك ديباج ليلي الطويل وأركع نحوك يا معبدِ إليك توجهت ياقبلتي مؤلفاته من مؤلفاته: النغم الثائر. ديوان شعر, طبع ثلاث مرات: الأولى منها سنة 1393ه/1973م.. الحلم الواعد قصة طبعت سنة 1410ه/1990م.. هيجة ما يدخلها حطّاب. رواية تحت الطبع, وهي رواية واقعية تتحدث عن أحداث النضال في أيام الثورة الجمهورية, جعل صديقه (سعيد الأسلمي) بطلاً لها... السوجر رواية تحت الطبع.. فحاتت “فتات” رواية تحت الطبع.. الهجرة الطويلة قصة –..الغائب الذي لم يعد.. قصة – .. المنتقم. قصة.. الدوامة.. زَمْبَرْفِط قصة تحت الطبع.. غنى له العديد من المطربين اليمنيين منهم: أيوب طارش عبسي, وأحمد بن أحمد قاسم, وعبده إبراهيم الصبري, ومحمد حمود الحارثي, وعمر غلاب, وأحمد المعطري.. يا نسيماً عابقاً يا نسيماً عابقاً كالزهر طيب الأنفاس عند السحر يا جلال الحق صوت القدر يا وثوب الشعب في سبتمبر اسقني عدلاً وغذّ عمري بسلام الثائر المنتصر مولدي أنت ونور البصر ووميض في دمي المستعر ذكرياتي عبرٌ سطرتها فوق هامات جبال العبر أنت يا أيلول فجري بدمي سجلت تاريخي وفجري فأخصبي يا أم ياخضراء قد فجرت نهري يا سطوراً من دماء الشهداء يا ضياء في طريق الأوفياء القسم أنا الثائر الحرُّ رمز النضالْ وجندي بلادي ليوم القتالْ شربت المنايا كشرب الزلالْ وتوجت بالنصر هام التلالْ وحدثني الصخر عند الصمود لك الله فاصمد صمود الجبالْ سنون مضت كان ظني بها مماتًا فكانت حياة الكرامْ وجاء السلام. سلام الختامْ تمخض عن حربنا والحمامْ وها أنا أبني ليحيا أخي ويحيا البنون بظل السلامْ مضينا على درب أيلولنا يقود خطانا الإخا والوئامْ فرشنا الدروب بأرواحنا وسرنا على هديها للأمامْ