يحسب للدكتور قاسم بريه رئيس جامعة الحديدة السابق أن قام بتأسيس كليات نوعية تميزت بها المدينة الساحلية عن بقية مدن اليمن المختلفة، لكنه سرعان ما دمر تلك الكليات قبل أن ترى النور وهو كمن يكتب معادلة حسابية واحد - واحد = صفر! كلية الفنون الجميلة بجامعة الحديدة واحدة من الكليات المتميزة والفريدة والوحيدة باليمن أتشرف أنني أحد طلابها الذين تخرجوا وعددهم بالمئات يعملون الآن في عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة. أتابع أخبارها فأصاب بإحباط شديد؛ نظراً للتدهور الكبير، تحولت الكلية بفعل الفساد المتنامي في البلد إلى ما يشبه الأطلال تحطمت معه كل آمال عشاق الفن في الوطن. في رحلة لا تتعدى الدقائق يمكن لأي زائر للكلية أن يرى المشهد الصادم من خلال وجوه الطلاب المتذمرين من إدارة الكلية يمكنك أن ترى الفوضى بقاعات قسم الإذاعة والتلفزيون، توجه سؤالك المشروع لطالب يبعثر أوراقه: أين استديو الكلية!؟ فيبادرك بابتسامة ساخرة، لقد بيعت معظم أجهزة الاستديو وها هو المبنى خاو منذ سنوات، فترجع بي الذاكرة قليلاً عندما وجدت أحد موظفي الكلية يبيع عدسة كاميرا الاستديو في صنعاء بثمن لا يساوي قيمة تذكرة سفر من الحديدة إلى صنعاء.. حال الأقسام الأخرى في الكلية لا تقل سوء عن ذلك القسم، فقسم التربية الفنية والتشكيلية هو الآخر لم يكن بمنأى عن الفساد الأكاديمي فمخرجات القسم لم يتم استيعابها بشكل إيجابي والأقسام الأخرى كالتصميم الداخلي والتربية الموسيقية. محبو الفنون باليمن يأملون من قيادة الجامعة الجديدة أن تعيد النظر في واحدة من أهم الكليات النوعية قبل أن تصبح أثراً بعد عين، وأن توليها الاهتمام وأن تعيد النظر في التعيينات الأكاديمية البعيدة عن الانحياز الحزبي. وهي دعوة أيضاً لجامعات اليمن إلى تأسيس كليات فنون تهتم بالمبدعين وتعمل على تأهيلهم أكاديميا حتى يلتحقوا بسوق العمل وهم على قدر عال من الكفاءة والقدرة.