لا يكون الحب إلا بالشعر ولا يكون الشعر إلا بالحب فما من شاعر إلا ذكر الحب بأبياته، وما من أديب إلا ذكر الحب بأدبه فالحبُ في الأرض شيء من تخيلنا إن لم نجدهُ عليها لاخترعناهُ فما من كبير وصغير شاعر مُبدع وخطيب مصقع، شباب وشيبة، ذكر وأنثى إنسان وحيوان إلا وغريزة الحب مبذورة في قلبه منذ التكوين إما سلباً أو إيجاباً إذا أنت لم تعشق ولم تدر ماالهوى ولم تك معشوقاً فأنت حمارُ وللعلم فالحمار تحب وكل الحيوانات ولاحظ بأم عينيك في قصص الشعر والشعراء قيس أحب فتاته ليلى فمات مُتيماً. عنترة بن شداد العبسي أحب ابنة عمه عبلة فُحرم منها من قبل أبيها لشدة سواده. جميل أحب بثينة فمنُع منها. عروة أحب عفراء. أمرؤ القيس أحب المتزوجات، وعمر بن ربيعة أحب العازبات من النساء. الصمة القشيري أحب (ريا). ذو الرمة أحب (مية) حاتم الطائي أحب الكرم، وقتُل النابغة الذبياني بسبب وصفة للمتجردة امرأة النعمان. ووضاح اليمن أحب أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان فقتله الوليد بنم عبدالملك بسببها وغيرهم الكثر الكثير من الشعراء ممن قتلهم الحب، وكذلك الأدباء وغيرهما. إذا حُرم الإنسان من حبيبته انفجر شعراً وإذا حزن بكى شعراً وإذا سعد قال شعراً. إذا أحب تغزل شعراً وإذا كره هجا شعراً إذاً ماهو الشعر؟ وما هو الحب؟ فمن علامات المحُب أنك تجده يحب سماع اسم من يحب ويحبُ من الأسماء ما وافق اسمها وأشبه منه أو كان منه مُدانيا فالحب أعمى وأصم والحب أوله هزل وآخره جد ومن علامات المُحب الانطواء ونحول الجسم، والسهر، والبكاء. ومن علامات المحبُ أنه يحب أهل محبوبته كبيرهم وصغيرهم كما يقول المثل الشعبي” من أحب الشجرة أحب الفروع”. وأول الحب كما قال أحمد شوقي نظرة، فسلام، فكلام، فموعدٌ، فلقاء والهيام وهو أعلى مراتب الحب وعندما يهيم المحب بمحبوبته يُصاب بشبه الجنون وما أجمل قول الشاعر الحُميني محمد شرف الدين بقوله: أحضر مع الناس بجسمي والفؤاد غائب وأخاطب القوم بالخاطي وبالصائب وقول الملوح: قالوا جُننت بمن تهوى فقلت لهم مالذة العيش إلا للمجانين وما أجمل من جميل بثينة حين يقول: إذا قلت ما بي يابثينة قاتلي من الوجه قالت ثابتُ ويزيدُ وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به مع الناس قالت ذاك منك بعيدُ وما أعذب قول عنترة: هلا سألت الخيل يا ابنة مالك إن كنت جاهلة بما لم تعلمي فالحب مجموعة من المشاعر الإنسانية الإيجابية، والشعر هو حالة الصفاء العظمى للوعي والشعر لحظة فرح وحزن وحب وفراق ولقاء ويحكى أن بشار بن بُرد الشاعر العباسي الضرير “الأعمى”. أحب فتاة جميلة فتزوجها. وعندما سألوه كيف أحببت وأنت رجل أعمى؟ فرد لهم شعراً يقول فيه: ياقوم أذُني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحياناً قالوا بمن لا ترى فقلت لهم الأذن كالعين توفي القلب ماكانا وإلى هنا قد يقول قائل لماذا ذكرنا الحب؟ ولماذا نحب؟ ولماذا ولماذا؟ فأقول له أتى الحب عاطفة إنسانية نبيلة، ولفظة الحب ذات دلالة عامة وعميقة وإنما تُخصص عن طريق الإضافة فيقال “حب الحياة وحب النفس، وحب الوطن وحب الله، وحب الوالدين، وحب الأبناء، وحب الأخوة، وحب الجمال وحب المال...الخ إلا أن حب الله سبحانه وتعالى هو أسمى أنواع الحب. وصدق من قال “من لا يحب لا يحُب”. ومجاراة للشعراء قلت: الحبُ ما الحب يا أمي وياأبتي الحب صمام قلبي بل ونبضته الحب سمعي وأصفائي له طربُ الحب عيني وأم العين مسكنهُ الحب سجعٌ جميل اللحن أسجعهُ فلتبق ياحب طول العمر مزهرةً ولتبقَ ياحب تزرعني وتعهدني الحب روحي وريحاني وأوردتي دوماً ستبقى لأجل الحب عابقتي يدغدغ الروح أنفاساً إلى رئتي من كذب القول جرب بعض تجربتي الحب شعري وأوزاني وقافيتي لها شذاها بأيامي وذاكرتي فالشعر أنت وأنت الضاد في لغتي