العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    كيف طوّر الحوثيون تكتيكاتهم القتالية في البحر الأحمر.. تقرير مصري يكشف خفايا وأسرار العمليات الحوثية ضد السفن    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    صور الاقمار الصناعية تكشف حجم الاضرار بعد ضربة إسرائيل على إيران "شاهد"    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع غزة وتنديدا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    شبوة.. جنود محتجون يمنعون مرور ناقلات المشتقات النفطية إلى محافظة مأرب    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    لحظة بلحظة.. إسرائيل «تضرب» بقلب إيران وطهران: النووي آمن    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبناء زبيد يعملون على إسقاط مدينتهم من قائمة التراث
يبسطون على الشوارع والمتنفسات العامة والدولة لم تقم بواجبها أو تقر قانون الحفاظ على المدن التاريخية منذ التسعينيات
نشر في الجمهورية يوم 27 - 02 - 2013

زبيد المدينة التاريخية التي اختطها محمد بن زياد مؤسس الدولة الزيادية في العام 204 للهجرة أول مدينة إسلامية في اليمن تواجه خطر الخروج من قائمة التراث العالمي وذلك مع اقتراب موعد انعقاد الدورة ال37 لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) التي ستعقد في كمبوديا خلال يونيو المقبل ، حيث تعتبر هذه الدورة هي آخر فرصة للحكومة اليمنية لتقديم تقريرها بشأن تنفيذ التزاماتها تجاه المحافظة على المدينة وصيانة مبانيها القديمة ومنع البنايات العشوائية فيها.
اليونسكو قدمت لليمن سابقا أربع مهل لاتخاذ إجراءات عملية لحماية المدينة حتى لا يتم شطبها نهائيا من قائمة التراث العالمي غير أنه بات من المؤكد شطب زبيد من قائمة التراث العالمي خاصة بعد زيادة وتيرة البناء العشوائي في المدينة والبسط على الشوارع والمتنفسات والساحات والطرقات العامة والبناء عليها من قبل المواطنين بصورة غير معقولة وسط تجاهل الجهات المعنية بهذا الأمر.
هذه المخالفات والبسط على الشوارع زادت حدتها بعد يوم واحد فقط من تدشين وزارة الثقافة لحفل في منتصف شهر مايو من العام الماضي لإشهار كتاب مخطط الحفاظ على المدينة التاريخية والذي نفذه مشروع التنمية الاقتصادية للمدن التاريخية (جي آي زد) بالتعاون مع وزارة الثقافة والهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية والهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني.
وكما هو معلوم فإن فن العمارة هي أهم مجالات الإبداع الفني التي تفوق فيها اليمنيون منذ آلاف السنين ، ويتجلى هذا الإبداع في التقنية واستخدام العناصر والمواد التي نراها بوضوح على المباني أو أجزاءَ من المباني الأثرية المشيدة في فترات مختلفة من عصور ما قبل الإسلام، كالقلاع والحصون الموجودة في مختلف المناطق اليمنية لكن الآثار الإسلامية هي التي تتجسد فيها حقيقة أن اليمنيين أصحاب مهارة كبيرة في فن العمارة لأن هناك العديد من الآثار الإسلامية التي مازالت شامخة إلى يومنا هذا عكس آثارنا قبل الإسلام ومن هذه الآثار المعمارية التي مازالت باقية حتى اليوم مدن زبيد وصنعاء القديمة وشبام حضرموت التي تتميز مبانيها بمميزات رئيسية استمدت أصولها من البيئة والطبيعة اليمنية التي ظلت منذ أقدم العصور أهم عوامل التنوع الهائل في طرز وأساليب فن العمارة في اليمن، غير أن مدينة زبيد التاريخية والتي تعرف بمدينة العلم والعلماء مهددة بالشطب النهائي من قائمة التراث الإنساني العالمي لما لحق بها من دمار وخراب لا يوصف ولا يصدق أمتد إلى البسط على الشوارع والطرقات والمساحات والمتنفسات العامة من قبل سكانها وسط صمت غريب من الدولة والسلطة المحلية بمحافظة الحديدة ومديرية مدينة زبيد.
خارج اهتمامات الدولة
نزلت إلى زبيد في إطار حرص صحيفة الجمهورية بالتنبيه للخطر الذي يداهم مدينة أبي موسى الأشعري فوجدت المخالفات والبسط على الشوارع مستمراً على قدم وساق وفي وضح النهار ، يحدث ذلك بالرغم أن محافظ محافظة الحديدة من زبيد ومدير الأمن من زبيد ورئيس المجلس المحلي لزبيد أيضاً من زبيد ، حينها أدركت أن زبيد خارج اهتمامات الدولة لأن أهاليها أساسا لا يريدونها في قائمة التراث الإنساني العالمي ، بل وجدت من خلال التحدث مع بعض أعيانها أن وضعها في قائمة التراث حاصرهم من عدم توسعة منازلهم أو ترميمها أو البناء في الساحات التي يمتلكونها لسنوات عديدة ، لذلك وجدوا انشغال الدولة بكامل قيادتها في ما حدث أثناء الثورة الشبابية وما يليها من موجة عنف مستمرة حتى اليوم ، وتحضير للحوار الوطني وما إلى ذلك وجد أهالي مدينة زبيد كل هذا فرصة للانتقام من المدينة من خلال بناء و ترميم منازلهم بصورة مخالفة وعشوائية بالمواد الإسمنتية والخرسانية مما يقلل من فرص بقاء زبيد ضمن قائمة التراث ، وامتد بهم الأمر إلى البسط على الشوارع والطرقات العامة في ظل تجاهل الجهات المعنية فالجميع للأسف في زبيد يردد كلمة (مافيش دولة) بينما المسئولون يريدون أن يحافظون على شعبيتهم بين أهالي المدينة لذلك لم يحركوا ساكنا إزاء كل ما يحدث في هذه المدينة التاريخية والجهات الأخرى كوزارة الثقافة وغيرها تتعامل مع الوضع وكأن المسالة لا تعنيها، خاصة أن الوزارة لم تعمل على إيجاد قانون للحفاظ على المدن التاريخية منذ ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ، بالرغم أن سقوط المدينة من قائمة التراث سيحرم اليمن من إضافة أية مدينة أخرى إلى القائمة لفترة عشرين عاماً قادمة ، وبالتالي سيحرم جزيرة سقطرى من الانضمام إلى قائمة التراث بالرغم أنها كانت المرشحة الأبرز..
سنعالج الوضع من خلال الخطباء
رئيس المجلس المحلي بزبيد سعيد جرمش يقول: بان سبب المخالفات هي الظروف المعيشية الصعبة للمواطنين في مدينة زبيد، فحالتهم المادية لا تسمح لهم بالبناء بالياجور ووفقا لنمط العمارة التقليدية في المدينة .
ويضيف جرمش قائلا: أيضا أن من أسباب زيادة المخالفات في المدينة هو عدم وجود قانون يمنع البناء فيها ، كما أن مناقشة القانون مؤخرا في مجلس النواب أثار حفيظة الناس في زبيد، لذلك زادت المحالفات قبل إقرار القانون ، والدولة إذا أرادت أن تحافظ على زبيد ضمن قائمة التراث العالمي عليها أن تقوم بواجبها وتتحمل نفقات البناء التقليدي بالياجور ، وبالنسبة لبسط المواطنين على الشوارع والمتنفسات العامة والبناء عليها هذا لا يجوز شرعا وأنا كما يعلم الجميع تم تعييني مؤخراً كرئيس للسلطة المحلية في مدينة زبيد جئت وهذا الوضع قائم وللأسف الشديد أن البسط على الشوارع والطرقات ما يزال مستمراً ، ولمواجهة هذه الإشكالية عملنا كمجلس محلي خطة للحد منها أو القضاء عليها وتتمثل هذه الخطة في الاجتماع مع العلماء وخطباء المساجد والمرشدين والمثقفين والتأكيد عليهم بضرورة توعية المواطنين بأن هذا لا يجوز شرعا وأن الشارع العام له حرمة لا يجوز انتهاكها ، وقد بدأ الخطباء في ذلك ، أيضا للأسف الشديد هناك قصور أمني وقصور من قبل مكتبي هيئة المدن التاريخية والأشغال العامة بالمدينة حول هذه الإشكالية ولا يتحملها المجلس المحلي بمديرية زبيد لأننا لسنا جهة ضبطية وإنما نشرف ونحث وهذا عملنا..
لم يتعاملوا معنا كبشر
أما نجيب هارون أمين عام المجلس المحلي بمديرية مدينة زبيد من جانبه قال: بأن الإشكالية تتمثل أساسا منذ عام 1993م عندما قام شخص فرنسي بضم المدينة إلى قائمة التراث وليس الحكومة اليمنية ، ومنذ ذلك الوقت لم تقدم الحكومة أي اعتبار لأبناء زبيد كبشر أو للمدينة كحجر حتى العام 2007م عندما هددت اليونسكو بشطب المدينة من قائمة التراث ، هذا هو الواقع الذي يجب أن يعرفه الجميع ، من بعد هذا العام اهتمت منظمة ال جي تي زد الألمانية ، التي بدأت في تنفيذ بعض المشاريع وفي العام الماضي تم إنزال مخطط للمدينة بشكل تعسفي للمواطن في زبيد، وتم وضع هذا المخطط في صنعاء وليس عبر النزول إلى أرض الواقع لذا فإن المخطط الحالي عشوائي ولا يراعي واقع المدينة ولا سكانها.
ويضيف قائلا: يتحدثون عن وجود مخالفات في زبيد في الوقت الذي لم تقم الدولة بواجبها تجاه زبيد كإنسان وكمدينة عندما نقوم بمنع المواطن من البناء أين يذهب هذا المواطن خاصة والمدينة صغيرة والنمو السكاني كبير ، نحن أبناء زبيد مهمشون منذ العام 93م كيف نحافظ عليها ونحن مهمشون ، والبناء في الشوارع ليس مسؤوليتنا في المجلس المحلي وإنما مسؤولية مكتب المدن التاريخية المغلق بصورة مستمرة ، ومسؤولية الجهات الأمنية التي لا تقوم بواجبها هناك انفلات امني بسبب شحة الإمكانيات .
انفلات في اليمن كلها
ويلقي أهالي زبيد باللائمة على الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية والجهات الحكومية الأخرى في إهمال المدينة ووصولها إلى مستوى خطير، يقول مدير التربية والتعليم بالمحافظة ماجد عطية بالنسبة للانفلات الأمني هو في اليمن بشكل عام فكيف يستطيع امن زبيد أو المجلس المحلي أن يحافظ على طابعها المعماري ، كما أن الدولة لم تقدم أي تعويضات للمواطنين فكيف للمواطن أن يحافظ في ظل هذا التقصير من الدولة..
دمار وخراب لم يتوقف
الجدير بالذكر أن الدمار والخراب لمدينة زبيد لم يتوقف عند بناء منازل بالخرسانات المسلحة والإسمنتية فحسب بل طال مختلف المدارس والمساجد القديمة والتي تعد بحوالي ستة وثمانين مدرسة ومسجداً تعود معظمها إلى القرن الأول الهجري، وأيضا المؤسسات الاقتصادية كمبنى مؤسسة القطن التي تعتبر من ابرز المعالم المعمارية التي دمرت وتم إغلاقها في التسعينات أيضا تم تدمير السوق القديم والذي يعتبر العمود الفقري للمدينة التاريخية ، أيضا توقف مشروع رصف الشوارع ساعد المواطنين في البسط على مختلف الساحات والشوارع العامة.
أعيان المدينة أبرز المخالفين
مسئولو مدينة زبيد يتحدثون بأن السبب الرئيسي لزيادة المخالفات هي الحالة المعيشية الصعبة للمواطنين في حين أننا وجدنا من خلال نزولنا الميداني إلى مدينة زبيد بأن أكثر المخالفات هي لكبار مسئولي المحافظة والمدينة والأعيان والشخصيات الاجتماعية والسياسية ورجال المال والتجار ، كما أن البناء العشوائي والبسط على الشوارع والمتنفسات العامة يتم في وضح النهار وأمام الجميع ..
اليونسكو تحذر
أمين عام اللجنة الوطنية لليونسكو الدكتور أحمد المعمري أكد من جانبه أن الحكومة لم تقم بدورها ولم تنفذ التزاماتها حيال الحفاظ على المدينة، كما أنها لم تقدم تقريرها الأولي بهذا الخصوص الذي كان محددا له أول فبراير. وقال إنه لا توجد جهود عملية ملموسة على أرض الواقع حتى الآن بالرغم من المهل الأربع السابقة التي أعطيت للحكومة بين 2009 و2012، مشيرا إلى أن زبيد ستخرج من قائمة التراث العالمي في حال استمر الوضع على حاله، وهو ما سيؤدي إلى خروج الثقافة اليمنية بالكامل، وحرمان المدن الأخرى من الدخول لمدة عشرين عاما قادمة.
وجدد المعمري دعوته للتحرك بجدية لإنقاذ زبيد التاريخية كونها تحفة نادرة من مدن الروح، وفيها ما يدعو للاهتمام، وبقاؤها مهم للسياسة والاقتصاد والتاريخ والجغرافيا والمستقبل، وهي ذاكرة جمعية لتاريخ مهم.
تأخر صدور القانون
مدير عام مكتب الهيئة العامة للمدن التاريخية بمدينة زبيد الأخ محمد مطهر يقول: بأن الإجراءات المتخذة من قبل الجهات الرسمية لا تعتبر كافية بالقدر المطلوب وأنه لابد من تضافر كافة الجهود في سبيل الحفاظ على مدينة زبيد التاريخية وتخطي كافة العقبات والإشكاليات والتي يأتي من أهمها :-
- تأخر صدور قانون حماية المدن التاريخية.
- حصر ومراقبة المخالفات ورصدها عن بعد بسبب خوف المفتشين من إشعار المخالفين رسميا.
- عدم التزام الجهات الأمنية بمسئولياتها الوطنية في سبيل الحفاظ على الموروث الثقافي، وضبط المخالفين بعد استلامها الإشعار رسمياً.
- التأخير بوضع آليات لمعالجة التشوهات وإزالة المخالفات خاصة في الشوارع والساحات العامة، ورصد التعويضات اللازمة والرؤية الواضحة المدروسة للتنفيذ.
- عدم الاهتمام بموضوع توفير مواد البناء التقليدية بأسعار مدعومة.
- انعدام المبادرة الإيجابية من قبل المواطنين وخاصة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، والركون إلى الدولة ومؤسساتها في جميع خطوات التطوير والتحسين والترويج .
- عدم قيام المؤسسات الإعلامية بدورها في التوعية والترويج للمدينة التاريخية .
- وجود فئات معارضة لعملية الحفاظ داخل المجتمعات (المستفيدين من الوضع العشوائي وهم متزعمون التحريض والمخالفات).
- عدم القدرة على إزالة المخالفات والتشوهات الحديثة أولا بأول.
- عدم توفر التمويل المناسب لترميم المعالم والمباني العامة والخاصة ذات القيمة التراثية العالية.
وأضاف محمد مطهر: لذلك يجب وقف المخالفات والتشوهات المخالفة للطابع العمراني للمدينة و-استكمال إقرار قانون حماية المدن التاريخية والبدء في تنفيذه , أيضا يجب الوقوف بصرامة ضد أي مخالفة لاقتطاع أجزاء من الشوارع والساحات وإزالتها – وعدم تشويه الطابع المعماري للمدينة وتأمين مصدر الأحجار لرصف مدينة زبيد للمقاولين بسهولة وضبط أي معارض مهما كانت الأسباب وحث الصندوق الاجتماعي على إنزال مراحل جديدة لأعمال الرصف لشوارع المدينة وإزالة التشوهات والمخالفات من خلال رصد موازنة حقيقية لإزالتها والتزام الجهات الرسمية بمسئولياتها الوطنية في الحفاظ على مدينة زبيد (الأشغال – الأوقاف – النيابة – الأمن ) وإعادة الموازنة التشغيلية لمكتب الهيئة بالمدينة ، ودعم مادة الآجر من صندوق التراث لفرع الهيئة على ما كانت عليه ، وكذلك اعتماد الدرجات الوظيفية للمتعاقدين بفرع الهيئة ، بالإضافة إلى وكيل نيابة ومحامي متخصص في التراث ، واعتماد موازنة تشغيلية لمحراق الياجور التابع للهيئة ، وإنشاء محاريق جديدة، وإلزام مدير مكتب الأشغال بوقف التراخيص داخل المدينة القديمة ومنطقة الحمى وإزالة المخالفات أولا بأول ، واعتماد موازنة تشغيلية لإعداد الدراسات للتأهيل وترميم الأبنية التاريخية ، وكذلك اعتماد توفر التمويل اللازم للكادر الفني للقيام بأعمال الدراسات بشكل علمي متكامل و إشراكه في الإعداد والإشراف على الأعمال التي تنفذ داخل المدينة.
المطالبة بتعيين شيخ لمنطقتهم
من العجائب التي شاهدناها أثناء زيارتنا للمدينة هي أهالي المدينة ليس لديهم أي وعي بأهمية استمرار المدينة ضمن قائمة التراث العالمي ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي يشيدون المنازل الإسمنتية ويرممون المنازل السابقة بالإسمنت وما إلى ذلك بل ويطالبون بتعيين شيخ لمنطقتهم بدلا عن شيخ آخر وذلك من خلال التظاهر أمام المجلس المحلي بالمديرية ، في الوقت الذي قامت ثورة شبابية في مختلف المدن والمحافظات اليمنية للمطالبة بدولة مدنية حديثة لا باستمرار سلطة الشيخ والاحتكام إلى الثور بدلا عن النظام والقانون..
دعا لها رسولنا الكريم عند قدوم وفدها إليه برئاسة أبي موسى الأشعري
قصة مدينة تحتضر
تكتسب مدينة زبيد التاريخية أهميتها وشهرتها الكبيرة من خلال احتوائها على أكبر عدد من الآثار والمعالم الإسلامية في اليمن , إذ يوجد بها 86 مسجداً ومدرسة إسلامية أهمها الجامع الكبير ومسجد الأشاعر والذي يعتبر أول جامعة في العالم ،ويعود معظم هذه المعالم الإسلامية إلى القرن الهجري الأول ، كما يوجد بها مئات المنازل التاريخية التي تعاني من الإهمال مما جعلها آيلة للسقوط .
وزبيد هي (بفتح الزاي وكسر الباء الموحدة وسكون الياء المثناة التحتية ودال مهملة): يطلق هذا الاسم اليوم على إحدى مديريات محافظة الحديدة وهو اسم لوادي زبيد الذي يعتبر من أشهر أودية اليمن ،وقد سميت باسمه هذه المدينة التاريخية ،والتي كانت تعرف حتى بداية العصر الإسلامي بالحصيب نسبة إلى الحصيب بن عبد شمس ,وفيها يقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمعاذ رضي الله عنه: إذا وصلت أرض الحصيب فهرول أي .. يسرع في مشيته ؛ وذلك لأنها حارة بطبيعتها . ويذكر المؤرخ الهمداني في كتابه ، صفة جزيرة العرب بأن الحُصيب هي قرية زبيد وسكانها من قبيلة الأشاعر.
أيضا تشير العديد من المصادر التاريخية أن زبيد لبت الدعوة الإسلامية في أواخر العام السابع وبداية دخول العام الثامن الهجري, برئاسة الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري وأخويه رهم وأبي بردة وستة وثلاثين نفراً من الأشاعرة فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم بارك الله في زبيد «ثلاثاً».
موقعها :
تقع مدينة زبيد على بعد 25 كم من الساحل الشرقي للبحر الأحمر وتبعد عن الجبال الواقعة في الجهة الشرقية منها 25 كم أي إنها تقع على نصف المسافة التي تفصل بين المناطق الجبلية والبحر الأحمر لذلك هي أكثر حرارة من مدينة الحديدة. وتعتبر مديرية زبيد من المناطق الخصبة، التي يرويها من الشمال وادي رماع ومن الجنوب وادي زبيد.
نشأتها:
أما عن نشأة مدينة زبيد: فيجمع المؤرخون اليمنيون ومؤلفو كتب التراجم والطبقات، الذين عاشوا فيما بين القرن السادس والعاشر الهجريين/ الحادي عشر والسادس عشر الميلاديين على أن مدينة زبيد أنشئت في بداية القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي؛ ويذكرون بأنه في أواخر القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي ازدادت القلاقل في اليمن فخرجت قبيلتا عك و الأشاعر في تهامة عن طاعة الخليفة العباسي ، فجهز لهم الخليفة المأمون سنة 202ه/817م جيشاً كبيراً بقيادة محمد بن عبدالله بن زياد وبعد حروب جرت بينه وبين اليمنيين استطاع بن زياد الاستيلاء على تهامة كلها.
وتنفيذاً لأوامر الخليفة المأمون باستحداث مدينة باليمن في بلاد الأشاعر بوادي زبيد، اختط ابن زياد مدينة زبيد سنة 204ه/819م واتخذها عاصمة سياسية وعسكرية لدولته التي بسطت نفوذها على معظم مناطق اليمن.
استغل ابن زياد الاضطرابات والقلاقل التي تعرضت لها الدولة العباسية فانفرد بحكم اليمن واقتصرت تبعيته للخلافة العباسية على إرسال الهدايا والدعاء للخليفة في خطبة الجمعة فقط.
توفي محمد بن زياد في سنة 245ه/859م وتولى الحكم من بعده ولده إبراهيم بن محمد واستمر في الحكم حتى توفي سنة 289ه/901م، وتولى الحكم من بعده ولده زياد بن إبراهيم (من 289ه/901م إلى 291ه/904م) وخلفه بعد وفاته أخوه أبو الجيش إسحاق بن إبراهيم الذي توفي سنة 371ه/981م. انتقل الحكم بعد وفاة أبي الجيش إلى الحسين بن سلامة أحد موالي بني زياد. وسقطت دولة بني زياد بعد وفاة الحسين بن سلامة سنة 412ه/1021م، بعد حكم دام مائتين وتسع سنوات. وردت هذا الرواية في العديد من المصادر التاريخية، لكن بعض الباحثين في العصر الحديث يشككون في صحة هذه الرواية، أو على الأقل في صحة بعض المعلومات التي وردت فيها. ويعود سبب هذا الشك إلى غياب هذه الرواية في مؤلفات عالم اليمن المشهور الحسن بن أحمد الهمداني (ولد سنة 280ه/891م وتوفي سنة 350ه أو 360ه/ 961 أو 971م) صاحب العديد من المؤلفات الهامة في علوم مختلفة والذي يذكر في كتابه، صفة جزيرة العرب بأن الحصيب هي قرية زبيد.
أهم وأشهر مدن العالم
كانت مدينة زبيد في عصر الهمداني واحدة من أهم وأشهر مدن العالم الإسلامي، ولم تكن كما يعتقد بعض الباحثين مجرد قرية صغيرة لا وجود لها على الخارطة السياسية ليمن القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، فالمؤرخ الهمداني نفسه يذكر مدينة زبيد في كتابه «صفة جزيرة العرب» كواحدة من أشهر مدن العرب، بل كانت واحدة من أكبر المدن العربية وأكبر مدن اليمن في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي. ووصف الهمداني لهذه المدينة لا يترك مجالاً للشك في هذه الحقيقة الدامغة ؛ حيث ذكر الهمداني مدينة زبيد ضمن مدن العرب المشهورة واقترن ذكره لها بذكر مدن اليمن الكبرى مثل عدن وصعدة وشبام وحضرموت والجند.
زبيد في عصر الدولة الرسولية
في عصر الدولة الرسولية أصبحت زبيد من أهم مدن العالم الإسلامي ابن الديبع والمقري والحضرمي والفيروز أبادي أشهر علمائها :
تؤكد المعلومات التي وردت عن مدينة زبيد في مؤلفات المؤرخين والرحالة والجغرافيين في القرنين الثالث والرابع الهجريين/التاسع والعاشر الميلاديين مثل:
اليعقوبي (توفي سنة 284ه/891م)، وابن رسته (توفي بعد سنة 290ه/903م)، وابن حوقل (توفي سنة 367ه/977م) وغيرهم بأن مدينة زبيد كانت منذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي مدينة إسلامية مشهورة. مرت بمراحل مختلفة من التطور والازدهار منذ إنشائها حتى عصر الدولة الرسولية حيث أصبحت خلال القرنين السابع والثامن الهجريين/ الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين العاصمة الثقافية والاقتصادية، فقد احتلت مكانة علمية مرموقة وصارت واحدةً من أهم وأشهر مدن العالم الإسلامي بشكل عام. ويرجع الفضل في ذلك إلى اهتمام ملوك وأمراء وأميرات الدولة الرسولية بالمدينة حيث أنشأوا فيها القصور والمساجد والمدارس والأربطة والخوانق والأسبلة ودور الضيافة، وأوقفوا على كل واحدة من تلك المنشآت أموالاً عظيمة مكنت بعضها من الاستمرار في أداء وظيفتها الدينية ورسالتها العلمية حتى اليوم.
إن اهتمام ملوك وأمراء بني رسول بالعلم وإكرامهم وتبجيلهم وتقديرهم العلماء وتشجيع المؤلفين ومساعدة طلاب العلم جذب إلى زبيد عدداً كبيراً من مشاهير علماء العالم الإسلامي في ذلك الوقت، وطاب المقام فيها لبعضهم فسكنوها وتأهلوا بها؛ فهذا مجد الدين الفيروز آبادي، العالم النحوي المشهور، زار مدينة زبيد فأحبها واستقر فيها، وتقديراً لمكانته العلمية عينه الملك الأشرف إسماعيل بن العباس قاضي القضاة في سنة 797ه/1395م وزوجه الملك الأشرف بابنته؛ عاش مجد الدين الفيروز آبادي في زبيد عشرين سنة، ألف معجمه المشهور بالقاموس المحيط في إحدى مدارسها وتوفي ودفن بها سنة 818ه/ 1395م.
كما تؤكد كتب التاريخ أن مدينة زبيد تطورت كثيراً في العصر الرسولي تطوراً عمرانياً كبيراً وازدهرت الحياة الاقتصادية فيها وازدادت عدد منشآتها الدينية، إذ بلغ عدد المساجد والمدارس فيها في النصف الأول من القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي ما يقرب من مائتين وأربعين مسجداً ومدرسة. وقد اهتم ملوك وأمراء وأميرات بني رسول ببناء المدارس العلمية المتخصصة في مدينة زبيد، فزاد عدد المدارس التي أنشئت فيها لتدريس المذهب الشافعي ومدارس المذهب الحنفي، ومدارس للحديث النبوي الشريف، ومدارس الفقه ومدارس النحو، ومدارس لتعليم القرآن الكريم، وأوقفوا على كل مدرسة أوقافاً جليلة مكنتها من أداء وظائفها التعليمية عبر قرون طويلة، عشرون مدرسة من هذه المدارس ما تزال قائمة حتى اليوم، يتوافد عليها عدد من الطلاب، من سكان مدينة زبيد ومن القادمين إليها من مناطق مختلفة من اليمن ومن غير اليمن من البلدان العربية والإسلامية ، يتلقون العلم في هذه المدارس التي كانت توفر لطلابها العلم ، وتوفر للقادمين منهم من مناطق بعيدة للعلم مكاناً للإقامة.
لم يقتصر اهتمام ملوك وأمراء بني رسول على بناء المنشآت الدينية فقط بل حرصوا كذلك على ترميم وتجديد وتوسيع كل المنشآت الدينية والتعليمية وكذلك أسوار وأبراج المدينة وبواباتها وخنادقها. وأنشأوا الأسبلة وأقاموا دور الضيافة التي تستقبل الغرباء عن المدينة وتقدم لهم الطعام والإقامة مجاناً.. رافق ازدهار الحياة العلمية والثقافية والتطور العمراني والاقتصادي في زبيد نهضة زراعية وصناعية كبيرة، فكانت المدينة محاطة بالحدائق الجميلة وخصوصاً حدائق النخيل التي أنشأها ملوك وأمراء الدولة الرسولية وبنوا لهم فيها قصوراً فخمة. يصف الرحالة الشهير ابن بطوطة، الذي زار مدينة زبيد في سنة 728ه/1328م أيام الملك المجاهد الرسولي، المدينة بأنها «مدينة عظيمة… وليس باليمن بعد صنعاء أكبر منها، ولا أغنى من أهلها، واسعة البساتين، كثيرة المياه، والفواكه من الموز وغيره..، كثيرة العمارة، بها النخل والبساتين والمياه».
عاشت مدينة زبيد عصرها الذهبي في العصر الرسولي الذي دام ما يقرب من مائتين وثلاثين عاماً (628-858ه/1229-1454م)، حينها كانت هي العاصمة الثقافية لواحدة من أقوى دول الشرق في تلك الفترة. أنجبت زبيد جيلاً من فطاحل العلماء والمؤرخين الذين ذاع صيتهم في الآفاق وخلفوا لنا أعدادا هائلة من المؤلفات الهامة في مجالات العلم المختلفة، منها في العلوم الدينية: علم الحديث والفقه والتفسير والقراءات…، ومؤلفات في علم الفلك والكيمياء والرياضيات والطب وفي اللغة العربية وقواعدها وآدابها، ومؤلفات في الجغرافيا والتاريخ وفي الزراعة وفنون الصيد وعلم المساحة وغيرها من العلوم، وهنا يذكر لنا الأستاذ والأديب أسامة الحضرمي بعضا من هؤلاء العلماء الذين أنجبتهم زبيد أو عاشوا فيها كالفيروز آبادي والمقري
الزبيدي والمرتضى الزبيدي والعلامة الحضرمي والمؤرخ الشهير ابن الديبع وغيرهم الكثير من العلماء والشعراء الذين مازالت تنجبهم زبيد مدينة العلم والعلماء. والتي أصبحت في تلك الفترة، قبلة العلم التي جذبت إليها كبار العلماء والفقهاء والمؤرخين والرحالة وأقطاب الصوفية وطلبة العلم من مختلف الأقطار العربية والإسلامية.
تخطيط المدينة :
عرفت بالمدينة المدورة وتسمى بغداد اليمن ولها أربعة أبواب:
عرفت مدينة زبيد بالمدورة أي المدينة الدائرية، فهي مدينة دائرية التخطيط منذ اتخاذها عاصمة سياسية وعسكرية لدولة الزياديين في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، كما كانت المدينة محاطة بسور من الطين، تفتح فيه أربعة أبواب هي، على ما يبدو نفس الأبواب الحالية للمدينة، اثنان من هذه الأبواب يحملان نفس الأسماء التي عرفا بها في مطلع القرن الثالث الهجري وما يزالان يعرفان بهما حتى اليوم: باب غَلاَفِقَه ( يعرف حاليا باسم باب النخل) ويفتح في الواجهة الغربية من سور المدينة وباب عدن (يعرف حاليا بباب القرتب) ويفتح في الواجهة الجنوبية من سور المدينة، باب سِهام ويفتح على وادي سهام، الذي يقع إلى الشمال من مدينة زبيد، وما يزال هذا الباب يحمل نفس الاسم حتى اليوم، باب سهام البوابة الشمالية لمدينة زبيد وأخيراً باب الشَبَارق الذي يفتح في الجهة الشرقية من المدينة على قرية تحمل نفس الاسم. ورد ذكر هذه الأبواب في وصف المقدسي (توفي سنة 380ه/990م) لمدينة زبيد في كتابه المشهور أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم. يقول المقدسى «زبيد… بلد جميل حسن البنيان يسمونه بغداد اليمن..، به تجار كبار وعلماء وأدباء، مفيد لمن وصله مبارك على من سكنه. آبارهم حلوة وحماماتهم نظيفة. عليه حصن من طين بأربعة أبواب باب غلافقة (حالياً باب النخل) وباب عدن (حالياً باب القرتب) وباب سهام وباب الشبارق..، أكثر بنيانهم الآجر ومنازلهم فسيحة طيبة والجامع ناء عن الأسواق نظيف مبيرق الأرض تحت المنبر تقويرة..، أجرى إليها ابن زياد قناة. وهو ( أي مدينة زبيد) بلد نفيس ليس باليمن مثله غير أن أسواقه ضيقة . .ويتضح من الوصف أن المدينة كانت في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي حاضرة اليمن الأولى ومقر أقوى ملوكها وأهم مراكزها التجارية والعلمية.
سور المدينة :
كان لزبيد خمسة أسوار كجانب دفاعي اندثرت جميعها:
أما بالنسبة لسور مدينة زبيد والذي اندثر في السبعينيات نتيجة للإهمال الذي أصاب المدينة كمختلف المعالم التاريخية فيها فتذكر المصادر التاريخية اليمنية بأنه كان لزبيد خمسة أسوار بنيت حول المدينة كجانب دفاعي في المقام الأول :
السور الأول تم بناؤه عند إنشاء المدينة على يد محمد بن عبدالله بن زياد في مستهل القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، وأقام الحسين بن سلامة في نهاية القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي سورها الثاني؛ أما السور الثالث فتفيد بعض المصادر التاريخية بأنه من بناء الوزير منَّ الله الفاتكي، والذي نرجحه هنا هو أن هذا الوزير قام فقط، في بداية القرن السادس الهجري، بعملية تجديد وترميم للسور الذي بناه الحسين بن سلامة؛ والسور الرابع بناه علي بن مهدي في منتصف القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، وتنسب المصادر التاريخية بناء السور الخامس إلى طغتكين بن أيوب، ثاني ملوك بني أيوب على اليمن، في الربع الأخير من القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي. كانت مدينة زبيد في بداية القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، حسب وصف ابن المجاور لها دائرية التخطيط محاطة بثلاثة أسوار يتخللها عدد من الأبراج. الغريب في المعلومات التي أوردها ابن المجاور عن أسوار مدينة زبيد بأنه يذكر بأن سور مدينة زبيد تتخلله مائة وتسعة أبراج. وهذا يعني حسب قوله أن مدينة زبيد كانت في عصره محاطة بسور واحد فقط. وهنا يتساءل الدكتور محمد العروسي أستاذ الأثار والعمارة الإسلامية بجامعة صنعاء قائلا : إذا كان كذلك أين ذهبت الأسوار الأخرى التي تحدث عنها وأشار إلى وجودها المؤرخ ابن المجاور وذكر أسماء منشيئيها!؟
يبدو أن التوسع العمراني الذي عرفته مدينة زبيد فيما بين القرنين الرابع والثامن الهجريين/ العاشر والرابع عشر الميلاديين كان أهم الأسباب التي أدت إلى إلغاء الأسوار القديمة وبناء سور جديد حول المدينة في كل مرة يتزايد فيها عدد سكانها. أما أبواب المدينة الأربعة، التي أشرنا إليها، فقد ازدادت وبلغت في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي ثمانية أبواب، يذكر الرحالة الدانمركي كارستن نيبور الذي زار مدينة زبيد في تلك الفترة بأنه شاهد خمسة من هذه الأبواب التي كانت تفتح في سور المدينة. كانت مدينة زبيد مدينة واسعة تقدر مساحتها في العصر الرسولي بأربعمائة هكتار تقريباً.
أحياء المدينة:
دخلت زبيد الصراع السياسي بسبب الدويلات التي حكمت فيها ,فظهر التنوع الصناعي والعمراني وكذلك التنوع المذهبي من خلال المساجد والمدارس الإسلامية والدينية التي تمثلها كل المذاهب . وأصبحت زبيد مدينة مختطة تضم حارات وأحياء عرفت ب : ربع العلي وربع المجنبذ وربع الجامع وربع الجزء.
يقول أسامة الحضرمي بأن أهالي مدينة زبيد استبشروا خيراً في المحافظ السابق لمحافظة الحديدة القاضي أحمد عبدالله الحجري والذي كان له اهتمام خاص بالمدينة وكان يزورها أسبوعياً ووعد بتغيير حالها إلى الأفضل وإزالة مختلف التشوهات والمخالفات منها ,إلا أن الحظ لم يسعفه لتحقيق حلمه وحلم جميع اليمنيين في الحفاظ على هذه المدينة التاريخية الإسلامية..
الأحياء في الوقت الحاضر هي كما يلي:
(1) رُبع العلي: وهو ربع الأعلى المسمى الحصيب نسبة إلى الحصيب بن عبد شمس ويشمل الحافات التالية أ حافة الزيالع ب حافة القسارنية ج حافة الحصيب د حافة خزيجة ه حافة سوق المملاح الأول و حافة الجابي ز حافة المعرص أهم المنشآت المعمارية التاريخية الباقية في هذا الربع هي: باب سهام: (البوابة الشمالية للمدينة) والمدرسة الفاتنية والمدرسة الجعمانية ومسجد الخطوة ومسجد الجبلي .
(2) ربع المُجنبذ: وسمي بهذا الاسم لموقعه بمقر الحكم مجنبذ الملك ويشمل الحافات التالية: أ حافة الودن ب حافة المرباع ج حافة السويقة د حافة الشريجة ه حافة الحائط و حافة الخليفة المعز بن طغتكين ز حافة المجهبذ أما بالنسبة لأهم المنشآت التاريخية الموجودة حالياً في هذا الربع فهي كما يلي: باب الشبارق (بوابة زبيد الشرقية)؛ قلعة زبيد؛ مدرسة الميلين المعروفة في وقتنا الحاضر بالإسكندرية؛ المدرسة الكمالية والمدرسة الدعاسية والمدرسة الوهابية ومدرسة الريمي وكل من مسجد المهادلة ومسجد سرور ومسجد الحداد .
(3) رُبع الجَزَء: وسمي بذلك لموقعه في الجزء الجنوبي الغربي للمدينة .ويشمل الحافات التالية أ حافة الطور ب حافة المندوح ج حافة الهنود د حافة السايلة ه حافة الجورة و حافة عريش العامري ز حافة المحراق ح حافة المليان ط حافة الفرحانية وأهم المنشآت التاريخية في هذا الربع هي كما يلي: .باب القَرْتَب، البوابة الجنوبية للمدينة والمدرسة العفيفية والمدرسة الجبرتية والمدرسة الفرحانية والمدرسة الياقوتية والخان المجاهدي والمدرسة الغصينية ومسجد الخاص ومسجد العدني .
(4) وأخيرا رُبع الجامع: وسمي بذلك نسبة إلى الجامع الكبير ويشمل الحافات التالية :أ. حافة المصلى ب حافة الجامع ج حافة سوق المملاح الثاني د حافة العلوي ه حافة المخلولة . ويشمل هذا المربع على العديد من المنشآت التاريخية والأثرية أهمها : باب النخل (البوابة الغربية للمدينة)، الجامع الكبير، المدرستان المنصوريتان العليا والسفلى، المدرسة التاجية والمدرسة المزجاجية ومسجد المحب ومسجد الرهائن.
الجامع الكبير:
عاصر تاريخ المدينة واليوم معرض للانهيار:
يعتبر الجامع الكبير بزبيد من أهم وأبرز الجوامع في العالم الإسلامي ,ويؤكد العديد من المؤرخين بأن الجامع أنشئ في عهد الدولة الزيادية وفي سنة 393ه جدد عمارته الحسين بن سلامة ,وفي سنة 574ه أعاد عمارته المبارك بن منفذ الكناني نائب توران شاه الأيوبي .وفي سنة 579ه قام السلطان طغتكين بن أيوب بتوسيعه في الجناح الشرقي والغربي والمؤخر والمنارة ,وفي سنة 897ه أعاد عمارته الملك الظافر بن عامر بن عبد الوهاب بن داود بن طاهر وزينت جدرانه وسقوفه بالنقوش والآيات القرآنية .وفي سنة 1131ه قام بعمارة المقاصير لطلاب العلم بداخل الجامع وتحتوي على أربع عشرة مقصورة .وللجامع محرابان الأول للجمعة والثاني جهة الشرق خاص لصلاة الفروض. ويتخلل الجامع سبع قبب وثلاثة عشر بابا وأربعون نافذة ومساحة الجامع أربعة آلاف وخمس مائة متر مربع .ويحتوي على مائة وواحد وتسعين أسطوانة ومائتين وواحد وتسعين عقدا وخمسة عشر طارودا ويتوسط الطارود الثالث منبر للسادن مقابل للمحراب ومنبر الخطابة ويوجد خلف المحراب غرفة خاصة للخطيب ويتوسط الجامع صحن كبير مكشوف وبجواره غربا سقاية للماء وتسمى سقاية الخضر. ويعد الجامع الكبير بزبيد من أهم المدارس العلمية التي كانت مشاعل للفكر في جميع الفنون العلمية والقرآن وعلومه والحديث الشريف وأسانيده ومصطلحه والفقه وأصوله وفروعه ,ومن أشهر مدرسيه وخطبائه ومحدثيه العلامة أبو الفتوح ابن أبي عقامة التغلبي في علم القرآن والفقه والقاضي العلامة محمد بن عبدالله بن أبي عقامة وغيرهم الكثير.
واليوم يعاني الجامع الكبير إهمالاً شديداً من قبل الجهات ذات العلاقة فمختلف جدرانه وسقوفه تعاني تصدعاً شديداً, وبحاجة إلى ترميم سريع كما أن الزخرفة والنقوش والآيات القرآنية طمست وكان المصحف مكتوباً كاملاً في الجامع لطن تم طمسه أثناء الترميمات عشوائية السابقة ويحتاج إلى إعادته ،وفي العام الماضي تسببت الأمطار الشديدة التي تعرضت لها مدينة زبيد بانهيار سقف الطارود الرابع من مبنى الجامع التاريخي ، أيضا تحتاج الحمامات الخاصة بالجامع إلى ترميم وتزويده بخزانات كافية للمياه , كما أن الجامع غير مفروش حاليا ويحتاج إلى فرش والى مولد للكهرباء خاصة أن درجة الحرارة مرتفعة جدا في فصل الصيف.
جامع الأشاعر:
بناه أبو موسى الأشعري في القرن الثامن للهجرة واليوم بحاجة ماسة للترميم :أما جامع الأشاعرأو جامعة الأشاعر فقد بناه الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري وقومه في العام الثامن للهجرة وسمي باسم قبيلة الأشاعر وتم بناؤه بجوار بئر قديمة كان العرب الأشاعرة ينزحون منها الماء ويسقون دوابهم وهي تقع الآن غرب مسجد الأشاعر .وفي سنة 204ه اختط محمد بن زياد مدينة زبيد عسكريا عندما أرسله الخليفة العباسي المأمون لإخماد ثورة الأشاعرة بالقوة ,وفي سنة 205ه أتخذها محمد بن زياد عاصمة لدولته الزيادية ومن ثم بنى مسجد الأشاعر في الربع الأول من القرن الثالث الهجري ,وفي سنة 407ه بنى الحسين بن سلامة مسجد الأشاعر وكتب اسمه على لوح خشبي موجود حاليا شرق المحراب بالخط الكوفي, وفي سنة 834ه بدأ المسجد في التصدع فجدد بناءه الخازندار برقوق الظاهري وقام بتوسيعه في الجناح الشرقي والغربي والجناح الجنوبي وخصص مقصورة للنساء وأوقف عليه أرضا ثمينة ومقدمة قرآنية تقرأ بعد الظهر . وفي سنة 891ه جدد بناءه الملك المنصور عبد الوهاب بن عامر بن طاهر وفي سنة 1276ه في بداية الحكم العثماني الأخير أصلح ما تخرب من سقفه, و للأشاعر محراب كبير للصلاة ويتوسطه حلقات العلم وقراءة الأمهات الست ,والتي مازالت قائمة حتى اليوم ,حيث يأتي العديد من طلاب العلم إلى الجامع ليس من اليمن فحسب وإنما من العديد من الدول الإسلامية كماليزيا و إندونيسيا وغيرها ,وله أيضا محراب يقع شرقا للطريقة الجيلانية ومحراب آخر في الغرب للطريقة النقشبندية . وللمسجد ثلاثة أبواب الأول يقع في الجنوب والثاني في الغرب والثالث في الشرق وللمسجد بكتان الأولى في غرب المسجد وتسمى الطويلة والثانية في الشرق وتسمى الحريبية وبنتها الحرة ماء السماء جهة الطواشي فرحان أم الملك الزاهر الرسولي سنة 831هJ831ه ,وفي سنة 674ه أصلح منبر الوعظ والإرشاد والحديث الأمير أبو غازي بن المعمار وأوقف عليه الأمير شهاب دكاكين وقطعة أرض ، وفي سنة 949ه أنشأ مصطفى باشا النشار منبراً لخطبة الجمعة .
واليوم يعاني الجامع تصدعاً كبيراً في الأسقف وتشقق مختلف الجدران الأمر الذي يهدد بسقوط الجامع في أية لحظة كحال بقية معالم المدينة المهددة بالاندثار، كما أن مختلف الكتابات التي على الجدران لآيات من القرآن الكريم والزخارف النباتية والهندسية قد طمست بالكامل في أوقات سابقة نتيجة للترميم بطرق عشوائية من قبل بعض فاعلي الخير نتيجة إهمال الجهات المختصة في القيام بواجباتها, كما يحتاج الجامع إلى إنشاء خزان للمياه والى مولد للكهرباء والى فرش جديد بدلاً عن الفرش السابق الذي اتلف نتيجة تقادم الزمن عليه. الأخ محمد يوسف والذي يسكن بالقرب من الجامع يقول: الجامع أهمل بشكل كبير كمختلف معالم المدينة ويتساءل: إذا كانت الجهات المختصة لم تستطع توفير مولد للكهرباء فكيف ستنقذ المدينة من الوضع الذي صارت إليه؟.
شهرة زبيد :
لم تشتهر مدينة زبيد بالعلم والعلماء وفنها المعماري الفريد وفنونها الشعبية والفلكلورية وصناعاتها وحرفها اليدوية المتعددة فحسب و إنما اشتهرت كذلك بحدائق النخيل التي تحيط بها وتزرع فيها الخضروات والقمح والذرة بأنواعها والموز وبعض الأعشاب الطبية، ويعود الفضل في ذلك إلى استخدام نظام ري متطور منذ وقت مبكر غير أن كل ذلك للأسف انتهى خلال السنوات القليلة الماضية بسبب قلة الأمطار أولاً والبناء في مزارع وبساتين المدينة .
احتلت زبيد مكانةً مرموقة بفضل منشآتها الدينية والعلمية التي جعلتها أهم المراكز العلمية والثقافية في العالم الإسلامي، أيضا كانت مركزاً تجارياً مشهوراً، بفضل موقعها الهام بين عدن ومكة، حيث كانت تمر منها منتجات الهند عن طريق عدن إلى بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط. اشتهرت زبيد كذلك بمصنوعاتها التقليدية والحرفية، فكانت من أكبر المراكز الإنتاجية لصناعة الأقمشة من القطن والحرير، وصناعة النيلة وكذلك الأغطية التي تعرف باليمن «باللحافات»، فضلاً عن الصناعات الفخارية من أوان وكؤوس ومباخر وغير ذلك.
التشاؤم من طائر البومة:
أهل زبيد حسب معتقداتهم الشعبية يتشاءمون كثيراً من طائر البومة ويعتقدون بأنه إذا طار فوق أحد المنازل فإن هذا المنزل وأصحابه سيصابون بمكروه ,وعلى ما يبدو أن اعتقادهم هذا صحيح إلى حد كبير حيث أصيبت زبيد بالإهمال والخراب منذ أن أدرجت ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي وحتى اليوم وأصبحت بيوتاً لطائر البومة .
الطابع المعماري لمنازل زبيد:
تمتاز مدينة زبيد بطابعها المعماري المميز فهي كما يلاحظ مبنية من الياجور المسمى القولب ومادة النورة الكدري والطين ,وهذه المنازل مقسمة ما بين مربعة وقبل ساحة أمام المربعة وكذلك صفة وحمام ومطبخ ,وهناك بعض البيوت تحتوي على خلوة دور ثان ومبرز للمقيل (مفرج بلهجة أهل صنعاء) .كما أن معظم منازل زبيد مزخرفة من الداخل وكذلك من الخارج لبعض المنازل وهناك أكثر من ثلاثمائة نوع من هذه الأشكال الزخرفية النباتية والهندسية وذلك ما تحتويه واجهة المربعة من نقوش وزخارف بمادة القولب والنورة أما من داخل المربعة أي (الغرفة) فهناك نقوش وزخارف في صدر المربعة ونقوش أخرى على الأخشاب في السقف تمثل رسومات متنوعة بالألوان الطبيعية النباتية المبتكرة في ذلك الوقت.
مكونات البيت الزبيدي:
المربعة : وهي غرفة كبيرة المساحة تصل إلى 3×4 أو 4×4 وهي عالية السقف وتحتوي على شبابيك أمامية وغريبة وخزانة كبيرة نسبيا لحفظ الكتب ومختلف جدران وأسقف المربعة منقوشة بنقوش زيتية طبيعية لأشكال نباتية في الغالب تمثل نقوشا في غاية الجمال والإبداع...الصفة : وهي عبارة عن غرفة مفتوحة الأبواب وقد تكون بعض أبوابها على شكل عقود كبيرة وتستخدم غالبا في فصل الصيف عندما يكون الجو حارا ,وبذلك نلاحظ أن المعماري راعى بشكل كبير الخصوصية البيئية لمدينة زبيد .
الخلوة : وهي عبارة عن غرفة كبيرة تبنى في الدور الثاني للمنزل وفيها العديد من النقوش والزخارف في مختلف جدرانها وسقفها وأيضا على شبابيكها.
أقدم المنازل في المدينة:
ومازالت العديد من المنازل القديمة في مدينة زبيد التاريخية موجودة رغم اندثار الكثير منها وهذه المنازل تعاني حاليا خرابا كبيرا وتحتاج إلى ترميم سريع للمحافظة على ما تبقى منها بسبب الملوحة وعدم الصيانة المستمرة لها ,ومن هذه المنازل بيت أحمد طاهر حويج وبيت الوجيه ,وبيت المرزوقي ,وبيت الوجداني ,وبيت الرملي ,ويقول أحمد طاهر الحويج بأن منزله بني قبل حوالي مائتين وخمسين سنة تقريبا ويعاني تصدعا كبيرا في مختلف جدرانه وحاليا يتم ترميمه بمساعدة منظمة ال جي تي زد والتي تتحمل حوالي 40% من التكاليف وهو 60% ويقول: منازل زبيد تعاني تصدعا كبيرا في مختلف أجزائها وحالة المواطنين المادية محدودة جدا ولا يستطيعون تحمل تكاليف الترميم بالمواد الأصلية خاصة و أن الأسعار في ارتفاع يوميا , خصوصا أسعار الياجور والنورة , كما أن معامل البلك متوفرة بكثرة بالقرب من المدينة عكس محاريق الياجور مما يستوجب على الدولة وبمشاركة القطاع الخاص المساهمة الفاعلة في انقاذ هذه المدينة ,ويضيف قائلا: لا أعتقد أن البناء الإسمنتي سيتوقف مالم تكن هناك حلول حقيقية للمشكلة .أيضا سامي رمضان من سكان المدينة يقول: الجهة التي تعمل ولو أنه بشكل بسيط هي ال جي تي زد أما الجهات الرسمية المعنية بالأمر فهي في نوم عميق , المحافظ الحجري وعد بأنه سيكون هناك مدينة لذوي الدخل المحدود إلا أنه بعد انتخابه محافظاً لإب تبخر الحلم.
مدرسة الميلين:
أنشئت لتدريس المذهب الشافعي وتعتبر من أهم مدارس العالم الإسلامي:
يتحدث الدكتور محمد العروسي أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة صنعاء عن هذه المدرسة قائلاً: إنها أنشئت لتدريس المذهب الشافعي وتعتبر من أجمل وأهم مدارس العلوم الإسلامية في مدينة زبيد بنيت مدرسة الميلين في الركن الشمالي الشرقي لمبنى قلعة مدينة زبيد التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من حي ربع المجنبذ ، أنشأها الملك المعز إسماعيل بن طغتكين بن أيوب سنة 594ه/1198م، وهذه المدرسة هي نفس المدرسة التي اعتقد بعض المؤرخين بأنها أول مدرسة ظهرت في اليمن، وقد أثبتنا عدم صحة هذا الاعتقاد. عرفت هذه المدرسة كذلك باسم المدرسة المعزية وتعرف حاليا باسم مسجد الإسكندرية نسبة إلى الأمير العثماني إسكندر موز بن سولي الذي قام بترميمها في القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي.
وللملك المعز المدرسة السيفية التي أنشأها في مدينة تعز، كانت هذه المدرسة في الأصل منزلاً اشتراه الملك المعز وحوله إلى مدرسة وضريح أعاد دفن جثة والده الملك طغتكين فيه ويعتبر الملك المعز إسماعيل بن طغتكين الملك الأيوبي الوحيد الذي بنى مدرسة في اليمن. كان الملك المعز صاحب شخصية غريبة متقلبة وتصرفاته عجيبة، وقد أعلن استقلاله بحكم اليمن عن الخلافة العباسية في بغداد ونصب نفسه خليفة للمسلمين ولقب نفسه أمير المؤمنين الهادي سنة 597ه/ 1201م، كما ادعى بأنه هاشمي من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
التخطيط المعماري للمدرسة:
ويضيف أستاذ العمارة الإسلامية بجامعة صنعاء الدكتور محمد العروسي بأن مدرسة الميلين تتكون في تخطيطها المعماري العام من فناء أول مكشوف يصل إليه ، عن طريق مدخل المدرسة الذي يفتح في الجزء الغربي من الجدار الجنوبي للفناء المذكور. تقع بركة المدرسة وأماكن الوضوء وعددها اثنان في الزاوية الجنوبية الغربية للفناء الخارجي للمدرسة، يؤدي هذا الفناء، عن طريق باب يفتح في الجدار الذي يطل عليه من جهة الشرق، إلى الرواق الغربي المطل على الفناء الرئيسي للمدرسة وتحيط بهذا الفناء وتطل عليه أربعة أروقة: يطل الرواق الشمالي على الفناء بواسطة ثلاثة عقود مدببة، والرواق الجنوبي بواسطة ثلاثة عقود فارسية الشكل، ويطل كل من الرواقين الغربي والشرقي على هذا الفناء بواسطة عقدين فارسيين في كل منهما، ويلاحظ وجود فسقية صغيرة مضلعة بجوار العمود الثاني للرواق الجنوبي ، تغطي جدران الأروقة الأربعة زخارف نباتية وهندسية وكتابية ملونة رائعة غاية في الجمال. يتم الصعود إلى السقف المسطح لهذه الأروقة عبر درج تلي الباب الذي يفتح في الزاوية الجنوبية الغربية للرواق الغربي. قاعة الصلاة في هذه المدرسة مستطيلة الشكل ( الطول 18.10 م × العرض 7.40 م ) : يتم الدخول إلى قاعة الصلاة من الرواق الشمالي عن طريق باب يفتح في منتصف واجهتها الجنوبية المطلة على هذا الرواق.
تنقسم قاعة الصلاة إلى ثلاثة أقسام : المساحة الرئيسية المخصصة للصلاة وتتقدم المحراب ويتوسط جدارها الجنوبي باب خشبي يعلوه وردة سداسية، وتظهر آثار زخارف ملونة تحيط بهذا الباب والبابين الجانبيين وهذه المنطقة الرئيسية في بيت الصلاة عبارة عن مساحة مربعة الشكل تقريباً 7.40 × 7.35م، تغطيها قبة كبيرة مقامة على طنبور مثمن تفتح فيه أربع نوافذ ونفذت مناطق الانتقال من الدائرة إلى المثمن ومن المثمن إلى المربع بواسطة ثماني حنايا ركنية في المستوى الأعلى و أربع حنايا ركنية في المستوى الأسفل، تنتهي كل حنية من هذه الحنايا بعقد فارسي الشكل.
يكتنف هذه المساحة الرئيسة من الجانبين الشرقي والغربي إيوانان يغطي الإيوان الشرقي قبتان صغيرتان، أما الإيوان الغربي فيغطيه سقف مسطح، ويبدو أن السقف الأصلي لهذا الإيوان والذي كان عبارة عن قبتين مماثلتين لقبتي الإيوان الشرقي قد استبدل أثناء عملية ترميم في فترة متأخرة عن إنشاء المدرسة بالسقف المسطح الموجود حالياً تزين جدران هذين الإيوانين زخارف كتابية ونباتية وهندسية ملونة تؤطرها عقود زخرفية يفتح كل إيوان على مساحة الصلاة بعقدين فارسيين، ويفتح في الجدار الجنوبي لكل إيوان باب، يعلوه عقد مفصص، يؤدي إلى الرواق الشمالي الذي يقع جنوب قاعة الصلاة. المحراب : العمق : 1.45م ؛ العرض : 2.70ميتوسط المحراب منتصف جدار القبلة وهو عبارة عن دخلة نصف دائرية الشكل محاطة بأربعة عقود فارسية الشكل ترتكز على تيجان وأعمدة متداخلة تتوج فتحة المحراب نصف قبة تزينها التجاويف من الداخل، وثلاثة عقود فارسية الشكل وتؤطرها ثنية زخرفية مسطحة ناتئة وترتكز نصف القبة على شريط من الزخارف الكتابية الملونة يكتنف المحراب لوحتان من الرخام نفذت عليهما بعض النصوص الكتابية، يدور حول القبة شريط من الكتابات الكبيرة قوامها آية الكرسي ( آية رقم 255 من سورة البقرة).
المئذنة:
تقع مئذنة المدرسة في الركن الشمالي الشرقي للمدرسة والقلعة في آن واحد،. وتعتبر مئذنة هذه المدرسة أجمل مآذن مدينة زبيد، كما تعتبر هذه المئذنة، من حيث البناء والزخرفة، واحدةً من أجمل المآذن اليمنية. تتكون مئذنة مدرسة الميلين من قاعدة مثمنة ( 6 م ) تقريباً يختفي أحد أضلاعها الثمانية في سور القلعة ؛ يدور حول قاعدة المئذنة شريط من الكتابات تذكر تاريخ إصلاح المئذنة في سنة 742 أو 747ه/ 13411346م وهذا النص الكتابي يدل ويؤكد أن هذه المدرسة هي مدرسة الميلين، وليست المدرسة الإسكندرية كما اعتقد البعض، يعلو الشريط الكتابي إفريزان من الأوراق النخيلية، تعلوها تجاويف زخرفية تزين الجزء الأعلى من قاعدة المئذنة يعلو القاعدة المثمنة بدن أسطواني الشكل ينتهي بشرفة مقامة على أربعة صفوف من العقود الزخرفية تليها حطات من المقرنص، ويعلو الشرفة بدن مضلع (يتكون من ستة عشر ضلعا) يعلوه بدن مثمن تفتح في كل ضلع من أضلاعه الثامنة فتحة معقودة بعقد فارسي الشكل، وينتهي هذا البدن المثمن بقبة صغيرة من الآجر، تعد السقف الذي يغطي المئذنة، ولهذه المئذنة مدخل يفتح في الجهة الجنوبية على سقف الرواق الجنوبي للمدرسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.