قيادي حوثي يواصل احتجاز طفل صحفي ويشترط مبادلته بأسرى حوثيين    وفاة وإصابة خمسة أشخاص في حجة وصعدة جراء الصواعق الرعدية    ما هو شرط زيدان لتدريب فريق بايرن ميونيخ؟    الارياني: الأسلحة الإيرانية المُهربة للحوثيين تهدد الأمن والسلم الدوليين ومصالح العالم    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    أكاديمي: العداء للانتقالي هو العداء للمشروع الوطني الجنوبي    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    الكشف عن تصعيد وشيك للحوثيين سيتسبب في مضاعفة معاناة السكان في مناطق سيطرة الميلشيا    صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    بالصور .. العثور على جثة شاب مقتول وعليه علامات تعذيب في محافظة إب    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة زبيد
مدن و مساجد يمنية تاريخية
نشر في الجمهورية يوم 03 - 09 - 2008

زبيد (بفتح الزاي وكسر الباء الموحدة وسكون الياء المثناة التحتية ودال مهملة): يطلق هذا الاسم اليوم على إحدى مديريات محافظة الحديدة وهو اسم وادي زبيد؛ من أشهر أودية اليمن الذي سميت به مدينة زبيد، التي كانت تعرف حتى بداية العصر الإسلامي بالحصيب. يذكر المؤرخ الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب بأن الحُصيب هي قرية زبيد وسكانها من قبيلة الأشاعر. تقع مدينة زبيد على بعد 25 كم من الساحل الشرقي للبحر الأحمر وتبعد عن الجبال الواقعة في الجهة الشرقية منها 25 كم أي أنها تقع على نصف المسافة التي تفصل بين المناطق الجبلية والبحر الأحمر.
وتعتبر مديرية زبيد من المناطق الخصبة، التي يرويها من الشمال وادي رماع ومن الجنوب وادي زبيد. أما عن نشأة مدينة زبيد: فايجمع المؤرخون اليمنيون ومؤلفو كتب التراجم والطبقات، الذين عاشوا فيما بين القرن السادس والعاشر الهجريين/ الحادي عشر والسادس عشر الميلاديين، على أن مدينة زبيد أنشئت في بداية القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي؛ ويذكرون بأنه في أواخر القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي ازدادت القلاقل في اليمن فخرجت قبيلتا عك والأشاعر في تهامة عن طاعة العباسيين، فجهز إليهم الخليفة المأمون سنة 202ه/817م جيشاً كبيراً بقيادة محمد بن عبدالله بن زياد وبعد حروب جرت بينه وبين اليمنيين استولى على تهامة كلها، وتنفيذاً لأوامر الخليفة المأمون باستحداث مدينة باليمن في بلاد الأشاعر بوادي زبيد، اختط ابن زياد مدينة زبيد سنة 204ه/819م وأتخذها عاصمة سياسية وعسكرية لدولته التي بسطت نفوذها على معظم مناطق اليمن.
استغل ابن زياد الاضطرابات والقلاقل التي تعرضت لها الدولة العباسية فانفرد بحكم اليمن واقتصرت تبعيته للخلافة العباسية على إرسال الهدايا والدعاء للخليفة في خطبة الجمعة. توفي محمد بن زياد في سنة 245ه/859م وتولى الحكم من بعده ولده إبراهيم بن محمد واستمر في الحكم حتى توفي سنة 289ه/901م، وتولى الحكم من بعده ولده زياد بن إبراهيم (من 289ه/901م إلى 291ه/904م) وخلفه بعد وفاته أخوه أبو الجيش إسحاق بن إبراهيم الذي توفي سنة 371ه/981م. انتقل الحكم بعد وفاة أبي الجيش إلى الحسين بن سلامة أحد موالي بني زياد. سقطت دولة بني زياد بعد وفاة الحسين بن سلامة سنة 412ه/1021م، بعد حكم دام مائتين وتسع سنوات. وردت هذا الرواية في العديد من المصادر التاريخية، لكن بعض الباحثين في العصر الحديث يشككون في صحة هذه الرواية، أو على الأقل في صحة بعض المعلومات التي وردت فيها. ويعود سبب هذا الشك إلى غياب هذه الرواية في مؤلفات عالم اليمن المشهور الحسن بن أحمد الهمداني (ولد سنة 280ه/891م وتوفي سنة 350ه أو 360ه/ 961 أو 971م) صاحب العديد من المؤلفات الهامة في علوم مختلفة والذي يذكر في كتابه، صفة جزيرة العرب بأن الحصيب هي قرية زبيد. كانت مدينة زبيد في عصر الهمداني واحدة من أهم وأشهر مدن العالم الإسلامي، ولم تكن كما يعتقد بعض الباحثين مجرد قرية صغيرة لا وجود لها على الخارطة السياسية ليمن القرن الثالث الهجري - التاسع الميلادي، فالمؤرخ الهمداني نفسه يذكر مدينة زبيد في كتابه «صفة جزيرة العرب» كواحدة من أشهر مدن العرب، بل كانت واحدة من أكبر المدن العربية وأكبر مدن اليمن في القرن الثالث الهجري - التاسع الميلادي. ووصف الهمداني لهذه المدينة لا يترك مجالاً للشك في هذه الحقيقة الدامغة: حيث ذكر الهمداني مدينة زبيد ضمن مدن العرب المشهورة واقترن ذكره لها بذكر مدن اليمن الكبرى مثل عدن وصعدة وشبام حضرموت والجند.
أما عن عدم ذكر الهمداني لدولة بني زياد وتاريخ قيامها فإننا لا نستبعد أن يكون قد تناولها في إحدى مؤلفاته العديدة التي لا تزال مفقودة حتى الآن، فالباحثون في مجال التاريخ اليمني يعلمون بأن ستة أجزاء من كتاب «الإكليل» المكون من عشرة أجزاء لا تزال مفقودة. وربما تجاهل الهمداني ذكر الدولة الزيادية وملوكها بغية عدم الاعتراف بها لأسباب مذهبية أو سياسية. ومهما تعددت الافتراضات فإن غياب ذكر الدولة الزيادية في مؤلفات الهمداني المتوفرة بين أيدي الباحثين اليوم يعود حتماً إلى أسباب مازلنا جميعاً نجهلها. تؤكد المعلومات التي وردت عن مدينة زبيد في مؤلفات المؤرخين والرحالة والجغرافيين في القرنين الثالث والرابع الهجريين/التاسع والعاشر الميلاديين مثل: اليعقوبي (توفي سنة 284ه/891م)، وابن رسته (توفي بعد سنة 290ه/903م)، وابن حوقل (توفي سنة 367ه/977م) وغيرهم بأن مدينة زبيد كانت منذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي مدينة إسلامية مشهورة. مرت مدينة زبيد بمراحل مختلفة من التطور والازدهار منذ إنشائها حتى عصر الدولة الرسولية حيث أصبحت خلال القرنين السابع والثامن الهجريين/ الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين العاصمة الثقافية والاقتصادية، فقد احتلت مكانة علمية مرموقة وصارت واحدةً من أهم وأشهر مدن العالم الإسلامي. ويرجع الفضل في ذلك إلى اهتمام ملوك وأمراء وأميرات الدولة الرسولية بمدينة زبيد التي أنشأوا فيها القصور والمساجد والمدارس والأربطة والخوانق والأسبلة ودور الضيافة، وأوقفوا على كل واحدة من تلك المنشآت أموالاً عظيمة مكنت بعضها من الاستمرار في أداء وظيفتها الدينية ورسالتها العلمية حتى اليوم.
إن اهتمام ملوك وأمراء بني رسول بالعلم وإكرامهم وتبجيلهم وتقديرهم للعلماء وتشجيع المؤلفين ومساعدة طلاب العلم جذب إلى زبيد عدداً كبيراً من مشاهير علماء العالم الإسلامي، وطاب المقام فيها لبعضهم فسكنوها وتأهلوا بها؛ فهذا مجد الدين الفيروز آبادي، العالم النحوي المشهور، زار مدينة زبيد فأحبها واستقر فيها، وتقديراً لمكانته العلمية عينه الملك الأشرف إسماعيل بن العباس قاضي القضاة في سنة 797ه/1395م وزوجه الملك الأشرف بابنته؛ عاش مجد الدين الفيروز آبادي في زبيد عشرين سنة، ألف معجمه المشهور بالقاموس المحيط في إحدى مدارسها. توفي مجد الدين الفيروزبادي ودفن في مدينة زبيد سنة 818ه/ 1395م.
تطورت مدينة زبيد في العصر الرسولي تطوراً عمرانياً كبيراً وازدهرت الحياة الاقتصادية فيها وازداد عدد منشآتها الدينية، إذ بلغ عدد المساجد والمدارس فيها في النصف الأول من القرن الثامن الهجري - الرابع عشر الميلادي ما يقرب من مائتين وأربعين مسجداً ومدرسة.
وقد اهتم بنو رسول ببناء المدارس العلمية المتخصصة في مدينة زبيد، فزاد عدد المدارس التي أنشئت فيها لتدريس المذهب الشافعي ومدارس المذهب الحنفي، ومدارس للحديث النبوي الشريف، ومدارس الفقه ومدارس النحو، ومدارس لتعليم القرآن الكريم، وأوقفوا على كل مدرسة أوقافاً جليلة مكنتها من أداء وظائفها التعليمية عبر قرون طويلة، عشرون مدرسة من هذه المدارس لا تزال قائمة حتى اليوم، يتوافد عليها عدد من الطلاب، من سكان مدينة زبيد ومن القادمين إليها من مناطق مختلفة، يتلقون العلم في هذه المدارس التي كانت توفر لطلابها العلم ، وتوفر للقادمين منهم من مناطق بعيدة العلم مكاناً للإقامة.
لم يقتصر اهتمام ملوك وأمراء بني رسول على بناء المنشآت الدينية فقط بل حرصوا كذلك على ترميم وتجديد وتوسيع كل المنشآت الدينية والتعليمية وكذلك أسوار وأبراج المدينة وبواباتها وخنادقها. وأنشأوا الأسبلة وأقاموا دور الضيافة التي تستقبل الغرباء عن المدينة وتقدم لهم الطعام والإقامة مجاناً..رافق ازدهار الحياة العلمية والثقافية والتطور العمراني والاقتصادي في زبيد نهضة زراعية وصناعية كبيرة، فكانت المدينة محاطة بالحدائق الجميلة وخصوصاً حدائق النخيل التي أنشأها ملوك وأمراء الدولة الرسولية وبنو لهم فيها قصوراً فخمة. يصف الرحالة ابن بطوطة، الذي زار مدينة زبيد في سنة 728ه/1328م أيام الملك المجاهد الرسولي، المدينة بأنها «مدينة عظيمة… وليس باليمن بعد صنعاء أكبر منها، ولا أغنى من أهلها، واسعة البساتين، كثيرة المياه، والفواكه من الموز وغيره..، كثيرة العمارة، بها النخل والبساتين والمياه».
عاشت مدينة زبيد عصرها الذهبي في العصر الرسولي الذي دام ما يقرب من مائتين وثلاثين عاماً (628-858ه/1229-1454م)، حينها كانت هي العاصمة الثقافية لواحدة من أقوى دول الشرق في تلك الفترة. أنجبت زبيد جيلاً من فطاحل العلماء والمؤرخين الذين ذاع صيتهم في الآفاق وخلفوا لنا أعداداً هائلة من المؤلفات الهامة في مجالات العلم المختلفة، منها في العلوم الدينية: علم الحديث والفقه والتفسير والقراءات…، ومؤلفات في علم الفلك والكيمياء والرياضيات والطب وفي اللغة العربية وقواعدها وآدابها، ومؤلفات في الجغرافيا والتاريخ وفي الزراعة وفنون الصيد وعلم المساحة وغيرها من العلوم، وقد أصبحت مدينة زبيد، في تلك الفترة، قبلة العلم التي جذبت إليها كبار العلماء والفقهاء والمؤرخين والرحالة وأقطاب الصوفية وطلبة العلم من مختلف الأقطار الإسلامية .
لم تفقد مدينة زبيد مكانتها وأهميتها بعد سقوط الدولة الرسولية أي في عصر الدولة الطاهرية التي قامت في سنة 858ه/1454م على أنقاض الدولة الرسولية، بل ظلت من أهم مراكز العلم والمعرفة. وبرغم الحروب وأعمال السلب والنهب والحرائق المتعددة التي تعرضت لها مدينة زبيد في العصور المختلفة خصوصاً في نهاية العصر الرسولي، فقد حافظت هذه المدينة التاريخية على مكانتها المرموقة وعلى استمرارية تطورها العمراني حتى في عهد الدولة الطاهرية التي اتخذت من مدينة المقرانة في منطقة رداع عاصمة لها. فقد كانت مدينة زبيد في عصر الدولة الطاهرية وهو عصر المؤرخ ابن الديبع في بداية القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي أعظم مدن اليمن وأكبر من صنعاء.
وبعد مقتل أقوى سلاطين الدولة الطاهرية في 924ه - 1517م وخلال فترة الاحتلال العثماني الأول لليمن كانت زبيد هي القاعدة العسكرية الرئيسة للعثمانيين الذين انطلقت جيوشهم منها لإخضاع المناطق اليمنية لسيطرتهم، وفور تحقيقهم ذلك نقلوا العاصمة منها إلى صنعاء.
تخطيط مدينة زبيد: عرفت مدينة زبيد بالمدورة أي المدينة الدائرية، فهي مدينة دائرية التخطيط منذ اتخاذها عاصمة سياسية وعسكرية لدولة الزياديين في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، كما كانت المدينة محاطة بسور من الطين، تفتح فيه أربعة أبواب هي، على ما يبدو نفس الأبواب الحالية للمدينة، اثنان من هذه الأبواب تحملان نفس الأسماء التي عرفا بها في مطلع القرن الثالث الهجري ولا يزالان يعرفان بهما حتى اليوم: باب غَلاَفِقَه ( يعرف حالياً باسم باب النخل) ويفتح في الواجهة الغربية من سور المدينة وباب عدن (يعرف حالياً بباب القرتب) ويفتح في الواجهة الجنوبية من سور المدينة، باب سِهام ويفتح على وادي سهام، الذي يقع إلى الشمال من مدينة زبيد، ولا يزال هذا الباب يحمل نفس الاسم حتى اليوم،
وأخيراً باب الشَبَارق الذي يفتح في الجهة الشرقية من المدينة على قرية تحمل نفس الاسم. ورد ذكر هذه الأبواب في وصف المقدسي (توفي سنة 380ه/990م) لمدينة زبيد في كتابه المشهور أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم. يقول المقدسي «زبيد… بلد جليل حسن البنيان يسمونه بغداد اليمن..، به تجار كبار وعلماء وأدباء، مفيد لمن وصله ، مبارك على من سكنه، آبارهم حلوة وحماماتهم نظيفة ، عليه حصن من طين بأربعة أبواب باب غلافقة (حالياً باب النخل) وباب عدن (حالياً باب القرتب) وباب سهام وباب الشبارق..، أكثر بنيانهم الآجر ومنازلهم فسيحة طيبة والجامع ناء عن الأسواق نظيف مبيرق الأرض تحت المنبر تقويرة..، أجرى إليها ابن زياد قناة. وهو ( أي مدينة زبيد) بلد نفيس ليس باليمن مثله غير أن أسواقه ضيقة والأسعار بها غالية» ويتضح من الوصف أن المدينة كانت في القرن الرابع الهجري - العاشر الميلادي حاضرة اليمن الأولى ومقر أقوى ملوكها وأهم مراكزها التجارية والعلمية.
وعن أسوار مدينة زبيد تذكر المصادر التاريخية اليمنية بأن عدد الأسوار التي بنيت حول مدينة زبيد خمسة أسوار:
السور الأول تم بناؤه وقت إنشاء المدينة على يد محمد بن عبدالله بن زياد في مستهل القرن الثالث الهجري - التاسع الميلادي، وأقام الحسين بن سلامة في نهاية القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي سورها الثاني؛ أما السور الثالث فتفيد بعض المصادر التاريخية بأنه من بناء الوزير منَّ الله الفاتكي، والذي نرجحه هنا هو أن هذا الوزير قام فقط، في بداية القرن السادس الهجري، بعملية تجديد وترميم للسور الذي بناه الحسين بن سلامة؛ والسور الرابع بناه علي بن مهدي في منتصف القرن السادس الهجري - الثاني عشر الميلادي، وتنسب المصادر التاريخية بناء السور الخامس إلى طغتكين بن أيوب، ثاني ملوك بني أيوب على اليمن، في الربع الأخير من القرن السادس الهجري - الثاني عشر الميلادي. كانت مدينة زبيد في بداية القرن السابع الهجري - الثالث عشر الميلادي، حسب وصف ابن المجاور لها دائرية التخطيط محاطة بثلاثة أسوار يتخللها عدد من الأبراج. الغريب في المعلومات التي أوردها ابن المجاور عن أسوار مدينة زبيد بأنه يذكر بأن سور مدينة زبيد تتخلله مائة وتسعة أبراج. وهذا يعني حسب قوله أن مدينة زبيد كانت في عصره محاطة بسور واحد فقط. فأين ذهبت الأسوار الأخرى التي تحدث عنها، وأشار إلى وجودها وذكر أسماء منشئيها؟
يبدو أن التوسع العمراني الذي عرفته مدينة زبيد فيما بين القرنين الرابع والثامن الهجريين العاشر والرابع عشر الميلاديين كان أهم الأسباب التي أدت إلى إلغاء الأسوار القديمة وبناء سور جديد حول المدينة في كل مرة تزايد فيها عدد سكانها. أما أبواب المدينة الأربعة، التي أشرنا إليها، فقد إزدادت وبلغت في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي ثمانية أبواب، يذكر الرحالة الدانمركي كارستن نيبور الذي زار مدينة زبيد في تلك الفترة بأنه شاهد خمسة من هذه الأبواب التي كانت تفتح في سور المدينة. كانت مدينة زبيد مدينة واسعة تقدر مساحتها في العصر الرسولي بأربعمائة هكتار تقريباً.
أحياء مدينة زبيد :
تتكون المدينة في وقتنا الحاضر من أربعة أرباع (أحياء) هي:
رُبع العِلي: أهم المنشآت المعمارية التاريخية الباقية في هذا الربع:
باب سهام: (البوابة الشمالية للمدينة) والمدرسة الفاتنية والمدرسة الجعمانية ومسجد الخطوة ومسجد الجبلي .
ربع المُجنبذ: أهم المنشآت التاريخية الموجودة حالياً في هذا الربع:
باب الشبارق: (بوابة زبيد الشرقية)؛ قلعة زبيد؛ مدرسة الميلين المعروفة في وقتنا الحاضر بالإسكندرية؛ المدرسة الكمالية والمدرسة الدعاسية والمدرسة الوهابية ومدرسة الريمي وكل من مسجد المهادلة ومسجد سرور ومسجد الحداد .
ورُبع الجَزَع: وفيه باب القَرْتَب البوابة الجنوبية للمدينة والمدرسة العفيفية والمدرسة الجبرتية والمدرسة الفرحانية والمدرسة الياقوتية والخان المجاهدي والمدرسة الغصينية ومسجد الخاص ومسجد العدني.
ورُبع الجامع: وفيه توجد أقدم الأحياء السكنية في المدينة ومن أهم المنشآت المعمارية في هذا الحي:
باب النخل: (البوابة الغربية للمدينة)؛ الجامع الكبير؛ المدرستان المنصوريتان العليا والسفلى؛ المدرسة التاجية والمدرسة المزجاجية ومسجد المحب ومسجد الرهائن. أما جامع الأشاعر، والذي يرجح إعادة تاريخ بنائه إلى القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي، فإنه يقع وسط المدينة أي أنه يتوسط الأربعة الأرباع.
وقد كان جامع الأشاعر من أهم المراكز العلمية في العالم الإسلامي وحتى الآن لاتزال حلقات العلم تعقد في هذا الجامع كل يوم.
كل ربع من أرباع المدينة الأربعة يضم عدداً من الحارات ، وكان الأجانب الذين قدموا إلى زبيد من الهند أو من زيلع أو من أماكن أخرى يسكنون أحياءً بُنيت لهم خارج المدينة بالقرب من السور الذي تهدمت الأجزاء الباقية منه في منتصف السبعينات من القرن العشرين.
وقد كانت هذه الأحياء، ومازالت حتى اليوم، تعرف بالحافات مثل حافة الهنود وحافة الزيالع .. ومع التوسع العمراني الذي شهدته مدينة زبيد صارت هذه الحافات تشكل جزءاً من المدينة المسورة، حيث تقع حافة الزيالع في ربع العلي وتقع حافة الهنود في ربع الجزع.
تشتهر مدينة زبيد بحدائق النخيل التي تحيط بها وتزرع فيها الخضروات والقمح والذرة بأنواعها والموز وبعض الأعشاب الطبية، ويعود الفضل في ذلك إلى استخدام نظام ري متطور منذ وقت مبكر. احتلت زبيد مكانةً مرموقة بفضل منشآتها الدينية والعلمية التي جعلتها أهم المراكز العلمية والثقافية في العالم الإسلامي.
كما كانت مركزاً تجارياً مشهوراً، بفضل موقعها الهام بين عدن ومكة، حيث كانت تمر منها منتجات الهند عن طريق عدن إلى بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط. اشتهرت زبيد كذلك بمصنوعاتها التقليدية والحرفية، فكانت من أكبر المراكز الإنتاجية لصناعة الأقمشة من القطن والحرير، وصناعة النيلة indigo وكذلك الأغطية التي تعرف في اليمن «باللحافات»، فضلاً عن الصناعات الفخارية من أوان وكؤوس ومباخر وغير ذلك.
تمتاز مدينة زبيد بجمال وعظمة منشآتها المعمارية التي تشكل زخارف واجهات بعضها لوحات فنية رائعة استمدت طابعها المميز وملامحها الفريدة من محيطها الدافئ الجميل. ونظراً لأهمية هذه المدينة التاريخية ولجمال وروعة منشآتها المعمارية الغنية بعناصرها الزخرفية وطابعها المتميز الذي يقدم لنا نموذجاً من نماذج فن العمارة الإسلامية في اليمن، فقد أصبحت مدينة زبيد منذ 15 ديسمبر 1995م إحدى مدن التراث العالمي الذي يجب صيانته والمحافظة عليه.
مدرسة الميلين
أنشئت لتدريس المذهب الشافعي وتعتبر من أجمل وأهم مدارس العلوم الإسلامية في مدينة زبيد بنيت مدرسة الميلين في الركن الشمالي الشرقي لمبنى قلعة مدينة زبيد التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من حي ربع المجنبذ ، أنشأها الملك المعز إسماعيل بن طغتكين بن أيوب سنة 594ه - 1198م، وهذه المدرسة هي نفس المدرسة التي اعتقد بعض المؤرخين بأنها أول مدرسة ظهرت في اليمن، وقد أثبتنا عدم صحة هذا الاعتقاد. عرفت هذه المدرسة كذلك باسم المدرسة المعزية وتعرف حالياً باسم مسجد الإسكندرية نسبة إلى الأمير العثماني اسكندر موز بن سولي الذي قام بترميمها في القرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي.
وللملك المعز المدرسة السيفية التي أنشأها في مدينة تعز، كانت هذه المدرسة في الأصل منزلاً اشتراه الملك المعز وحوله إلى مدرسة وضريح أعاد دفن جثة والده الملك طغتكين فيه ويعتبر الملك المعز إسماعيل بن طغتكين الملك الأيوبي الوحيد الذي بنى مدرسة في اليمن. كان الملك المعز صاحب شخصية غريبة متقلبة وتصرفاته عجيبة، وقد أعلن استقلاله بحكم اليمن عن الخلافة العباسية في بغداد ونصب نفسه خليفة للمسلمين ولقب نفسه أمير المؤمنين الهادي سنة 597ه/ 1201م، كما ادعى بأنه هاشمي من آل بيت رسول الله وتوضح ذلك بعض الأبيات الشعرية التي كتبها هذا الملك قائلاً :
فإني أنا الهادي الخليفة والذي
يقود رقاب الغُلب بالضُمّرِ الجُردِ
ولابد من بغداد أطوي رُبُوعها
وأنشرها نشر السماسرةِ البُردِ
وأنشر أعلامي على عرصاتها
وأظهر دين الله في الغور والنجد
ويخطب لي فيها على كل منبرٍ
وأحيي بها ما كان أسسه جدي .
وصف المؤرخون هذا الملك بأنه كان شاعراً فصيحاً، ووصفوه بأنه كان سفاكاً للدماء، وقد تميزت فترة حكمه بانتهاج سياسة البطش وسفك الدماء والإساءة إلى قادة الجند وقد أدى ذلك إلى حدوث انقسام في صفوف الجيش الأيوبي كان نتيجة هذا الانقسام انضمام عدد من قادة الجيش الأيوبي إلى صفوف قوات الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة قائد أكبر قوة يمنية مناوئة للأيوبيين في اليمن. الملك المعز إسماعيل أراد بإنشائه هاتين المدرستين الجديدتين (المدرسة المعزية في مدينة زبيد والسيفية في مدينة تعز) تحقيق مشروع سياسي يتمثل في توجيه التعليم داخل المدارس بما يخدم مصلحة الملك والسيطرة عليه من جهة، واستغلال هذه المؤسسات الحيوية الهامة في نشر نظريته السياسية وأفكاره الدينية من جهة أخرى.
التخطيط المعماري العام للمدرسة: تتكون مدرسة الميلين في تخطيطها المعماري العام من فناء أول مكشوف يصل إليه عن طريق مدخل المدرسة الذي يفتح في الجزء الغربي من الجدار الجنوبي للفناء المذكور. تقع بركة المدرسة وأماكن الوضوء وعددها اثنان في الزاوية الجنوبية الغربية للفناء الخارجي للمدرسة، يؤدي هذا الفناء، عن طريق باب يفتح في الجدار الذي يطل عليه من جهة الشرق، إلى الرواق الغربي المطل على الفناء الرئيسي للمدرسة وتحيط بهذا الفناء وتطل عليه أربعة أروقة: يطل الرواق الشمالي على الفناء بواسطة ثلاثة عقود مدببة، والرواق الجنوبي بواسطة ثلاثة عقود فارسية الشكل، ويطل كل من الرواقين الغربي والشرقي على هذا الفناء بواسطة عقدين فارسيين في كل منهما، ويلاحظ وجود فسقية صغيرة مضلعة بجوار العمود الثاني للرواق الجنوبي ؛ تغطي جدران الأروقة الأربعة زخارف نباتية وهندسية وكتابية ملونة رائعة غاية في الجمال. يتم الصعود إلى السقف المسطح لهذه الأروقة عبر درج تلي الباب الذي يفتح في الزاوية الجنوبية الغربية للرواق الغربي.
قاعة الصلاة في هذه المدرسة مستطيلة الشكل ( الطول 18.10 م العرض 7.40 م ) : يتم الدخول إلى قاعة الصلاة من الرواق الشمالي عن طريق باب يفتح في منتصف واجهتها الجنوبية المطلة على هذا الرواق.
تنقسم قاعة الصلاة إلى ثلاثة أقسام : المساحة الرئيسة المخصصة للصلاة وتتقدم المحراب ويتوسط جدارها الجنوبي باب خشبي يعلوه وردة سداسية، وتظهر آثار زخارف ملونة تحيط بهذا الباب والبابين الجانبيين وهذه المنطقة الرئيسة في بيت الصلاة عبارة عن مساحة مربعة الشكل تقريباً 7.40 7.35م، تغطيها قبة كبيرة مقامة على طنبور مثمن تفتح فيه أربع نوافذ ونفذت مناطق الانتقال من الدائرة إلى المثمن ومن المثمن إلى المربع بواسطة ثماني حنايا ركنية في المستوى الأعلى و أربع حنايا ركنية في المستوى الأسفل، تنتهي كل حنية من هذه الحنايا بعقد فارسي الشكل. يكتنف هذه المساحة الرئيسة من الجانبين الشرقي والغربي إيوانان ، يغطي الإيوان الشرقي قبتان صغيرتان، أما الإيوان الغربي فيغطيه سقف مسطح، ويبدو أن السقف الأصلي لهذا الإيوان والذي كان عبارة عن قبتين مماثلتين لقبتي الإيوان الشرقي قد استبدل أثناء عملية ترميم في فترة متأخرة عن إنشاء المدرسة بالسقف المسطح الموجود حالياً تزين جدران هذين الإيوانين زخارف كتابية ونباتية وهندسية ملونة تؤطرها عقود زخرفية يفتح كل إيوان على مساحة الصلاة بعقدين فارسيين، ويفتح في الجدار الجنوبي لكل إيوان باب، يعلوه عقد مفصص، يؤدي إلى الرواق الشمالي الذي يقع جنوب قاعة الصلاة.
المحراب :
العمق : 1.45م ؛ العرض : 2.70م يتوسط المحراب منتصف جدار القبلة وهو عبارة عن دخلة نصف دائرية الشكل محاطة بأربعة عقود فارسية الشكل ترتكز على تيجان وأعمدة متداخلة تتوج فتحة المحراب نصف قبة تزينها التجاويف من الداخل، وثلاثة عقود فارسية الشكل وتؤطرها ثنية زخرفية مسطحة ناتئة وترتكز نصف القبة على شريط من الزخارف الكتابية الملونة يكتنف المحراب لوحتان من الرخام نفذت عليهما بعض النصوص الكتابية، يدور حول القبة شريط من الكتابات الكبيرة قوامها آية الكرسي ( آية رقم 255 من سورة البقرة).
المئذنة:
تقع مئذنة المدرسة في الركن الشمالي الشرقي للمدرسة والقلعة في آن واحد، وتعتبر مئذنة هذه المدرسة أجمل مآذن مدينة زبيد, كما تعتبر هذه المئذنة، من حيث البناء والزخرفة، واحدةً من أجمل المآذن اليمنية.
تتكون مئذنة مدرسة الميلين من قاعدة مثمنة ( 6 م ) تقريباً يختفي أحد أضلاعها الثمانية في سور القلعة ؛ يدور حول قاعدة المئذنة شريط من الكتابات تذكر تاريخ إصلاح المئذنة في سنة 742 أو 747ه/ 1341 ? 1346م وهذا النص الكتابي يدل ويؤكد أن هذه المدرسة هي مدرسة الميلين، وليست المدرسة الإسكندرية كما اعتقد البعض، يعلو الشريط الكتابي إفريزان من الأوراق النخيلية، تعلوها تجاويف زخرفية تزين الجزء الأعلى من قاعدة المئذنة يعلو القاعدة المثمنة بدن أسطواني الشكل ينتهي بشرفة مقامة على أربعة صفوف من العقود الزخرفية تليها حطات من المقرنص، ويعلو الشرفة بدن مضلع (يتكون من ستة عشر ضلعاً) يعلوه بدن مثمن تفتح في كل ضلع من أضلاعه الثامنة فتحة معقودة بعقد فارسي الشكل، وينتهي هذا البدن المثمن بقبة صغيرة من الأجر، تعد السقف الذي يغطي المئذنة، ولهذه المئذنة مدخل يفتح في الجهة الجنوبية على سقف الرواق الجنوبي للمدرسة.
أعمال الترميم :
يبين التخطيط الحالي للمدرسة بأنها خضعت لعدد من الترميمات والتوسعات، ففي سنة 601ه -1204م أمر الأتابك سنقر بإغلاقها، ووزع الأموال التي أوقفت عليها على منشآت أخرى، وقد قام آخر الملوك الأيوبيين في اليمن، الملك المسعود صلاح الدين يوسف بن أيوب ( 1216 ? 1225م)، بترميم هذه المدرسة وأعاد فتحها، أما مئذنة المدرسة فيوضح النقش الكتابي الذي يدور حول قاعدتها بأنه تم إصلاحها وترميمها في النصف الأول من القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي، كما أن مدرسة الميلين هي إحدى المدارس التي تم ترميمها في سنة 792ه - 1389م بأمر من الملك الرسولي الأشرف إسماعيل بن العباس (778?803ه1377 ?1400م) ومن الترميمات والتجديدات التي أجريت على هذه المدرسة تلك التي أحدثها الوالي التركي إسكندر موز بن سولي الذي كان والياً على اليمن في الفترة من 936 - 943ه إلى 1530 - 1537م، والذي تعتبر فترة ولايته على اليمن أطول فترة حكم مقارنة بفترات حكم غيره من الولاة العثمانيين على اليمن وبعد أن انتهى من ترميم هذه المدرسة، أطلق عليها إسكندر موز اسمه، وصارت منذ ذلك الحين وحتى وقتنا الحاضر تعرف باسم المدرسة الإسكندرية نسبة إليه، واختفى اسمها الأصلي مدرسة الميلين، ويعتبر قطب الدين محمد بن أحمد النهراوالي (917?990ه1511?1582) هوا المؤرخ الوحيد الذي ذكر بأن الأمير إسكندر موز هو الذي أنشأ هذه المدرسة في القرن العاشر الهجري /السادس عشر الميلادي.
أشهر من تولى التدريس في هذه المدرسة في القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي الفقيه أبو الحسن علي بن محمد الحكمي وخلفه على التدريس في هذه المدرسة ولده محمد ) توفي سنة 650ه/1252م)، وقد تولى الفقهاء من بني الحكمي التدريس في مدرسة الميلين منذ إنشائها وحتى عصر المؤرخ الجندي (توفي سنة 730ه/1329م)، وقد عرف هؤلاء الفقهاء بحكماء الميلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.