لأول مرة في تاريخه.. الريال اليمني ينهار مجددًا ويكسر حاجز 700 أمام الريال السعودي    افتتاح مشاريع خدمية بمديرية القبيطة في لحج    إيران تطلق موجة جديدة من الهجمات وصافرات الإنذار تدوي في الأراضي المحتلة    مومياء (الولاية) وسراب (الغدير)!    إخماد حريق في معمل إسفنج بالعاصمة صنعاء    برشلونة يتوصل لاتفاق مع نيكو ويليامز    حوادث السير تحصد حياة 33 شخصاً خلال النصف الأول من يونيو الجاري    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    سرايا القدس: قصفنا بالهاون جنود العدو في مدينة غزة    الوزير الزعوري يناقش مع مؤسسات وهيئات الوزارة مصفوفة الأولويات الحكومية العاجلة    الرهوي : العلامة السيد بدرالدين الحوثي كان منارة في العلم وتتلمذ على يديه الكثير    أبو شوصاء يتفقَّد قصر الشباب ويطِّلع على مستوى الانضباط في الوزارة والجهات التابعة لها    أخر مستجدات إعادة فتح طريق رابط بين جنوب ووسط اليمن    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس أركان الجيش الإيراني الجديد    ماكرون يكشف عن عرض أمريكي إلى إيران بشأن وقف إطلاق النار    تلوث نفطي في سواحل عدن    على خلفية أزمة اختلاط المياه.. إقالة نائب مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي بعدن    قصة مؤلمة لوفاة طفلة من ردفان في أحد مستشفيات عدن    انهيار مخيف الدولار يقترب من 2700 ريال في عدن    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 17 يونيو/حزيران 2025    أمنية تعز تعلن ضبط عدد من العناصر الإرهابية المتخادمة مع مليشيا الحوثي الارهابية    الإفراج عن 7 صيادين يمنيين كانوا محتجزين في الصومال    طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد    بالأدلة التجريبية.. إثبات وجود ذكاء جماعي لدى النمل!    د.الوالي: لن نشارك في تظاهرة هدفها ضد استقلال الجنوب العربي ورمزها الوطني    الشرق الأوسط تحت المقصلة: حربٌ تُدار من فوق العرب!    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على خلية حوثية    صوت الجالية الجنوبية بامريكا يطالب بالسيادة والسلام    قرار مفاجئ للمرتزقة ينذر بأزمة مشتقات نفطية جديدة    بعض السطور عن دور الاعلام    راموس: اريد انهاء مسيرتي بلقب مونديال الاندية    صنعاء .. التربية والتعليم تعمم على المدارس الاهلية بشأن الرسوم الدراسية وعقود المعلمين وقيمة الكتب    وجبات التحليل الفوري!!    السامعي يدعو لعقد مؤتمر طارئ لمنظمة التعاون الاسلامي لبحث تداعيات العدوان على إيران    كأس العالم للأندية: تشيلسي يتصدر مؤقتاً بفوز صعب ومستحق على لوس انجلوس    اتحاد كرة القدم يقر معسكرا داخليا في مأرب للمنتخب الوطني تحت 23 عاما استعدادا للتصفيات الآسيوية    القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى    البكري يبحث مع مدير عام مكافحة المخدرات إقامة فعاليات رياضية وتوعوية    تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف    الأمم المتحدة:نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن    بايرن ميونخ يحقق أكبر فوز في تاريخ كأس العالم للأندية    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    حصاد الولاء    مرض الفشل الكلوي (8)    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    اغتيال الشخصية!    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغاريد في ذمة الصبا للأديب الشاعرعبد الفتاح الأسودي
قراءة أولية في ديوان" العزف الصامت"
نشر في الجمهورية يوم 21 - 03 - 2013

لا شيء كالحب، هو إكسير الحياة، بل هو الحياة في الأولى وفي الآخرة، “ لن تدخلوا الجنة حتى تحابوا” والحب هو الجوهر المكنون في نواميس الوجود الكوني من البداية المجهولة إلى النهاية المعلومة ، فبالحب قامت أواصر الترابط السلالي بين البشر والأمم الأمثال ، من عوالم الأرواح والحيوان ، والإنس والجان ، والحب هو ذاته الدين الخالص بين العبد والمعبود، وبين الرسل وأممهم ، وبين الوالد والولد، وبين الذكر والأنثى وبين المكان والإنسان.
ولذلك كان الحب هو الإيمان “ لا يومن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده، ونفسه التي بين جنبيه “ ثم تشاطر الحب المخلوقون جميعاً بمراتب ومنازل متشابهة ومتعددة ، غير أن الانجذاب العشقي بين الذكر والأنثى ، جاء وفق مقاصد الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، ثم دعاهم للتعبد في محاريب الحب لتبقى سنة الحياة الوجودية ماضية وعمارة الأرض محققة ، وكلها لا سبيل إليها سوى العبور على جسر الحب ، الذي يقوم على أعمدة التأثير والمؤثر.
ومن هذه المنطلقات المنطقية، وبين يدي نوازع الفطرة السليمة جاءت قصائد العزف الصامت كسلسلة نفيسة المعادن، لا شئ فيها سوى الصدق، الحب، الوضوح، العفاف، الولوع، الموهبة.
نعم لقد شهدت تجارب حب طبيعي متوقد ومتعثر لابني هذا العازف بصمت عبدالفتاح قائد حسين منذ نعومة أظفاره قبل أن يشب له عذار.
وحشرني في آلام حبه وآمال مستقبله المنسوجة من خيال الافتراضات ونوازع الرفض والاستسلام ، فكم حزنت معه بالتضامن ، وكم فرحت له بلحظات لا يدوم سرورها سوى سويعات.
إن هذا الشاعر صاحب حياة مليئة بتجارب الهموم وتجاذب اليأس والطموح ، كلها مرسومة في صفحات هذا الديوان ، لا في طلاسم معقدة ، ولا رمزية ولا غموض.
وعندما يعرض شاعري هذا صورة لاحظة كان يرى لها صفات روحية ، ومعنوية ، وخلقية ، توجب عليه التقاط صورة وصافة.
في ساعة مبكره وتحت ظل شجره
رأيتها فاتنتي كدرة مزهره
فهكذا يهتم الشاعر بالضبط للزمان، والمكان ، والإنسان في بيتيه السالفتين ، ثم يغادر للوصف بأوصاف الفضل، والأدب ، والاحتشام ، منتقياً أحسن ما يحبه مجتمعه ومتطلبات ثقافته:
فالوجه في حجابه بدر حوته منظره
ثوب الحياء ثوبها فيا لها من مفخره
ناهيتك عن فضائل تشع منها نيره
مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن
فالإيقاع والموسيقى يوحيان بالبراءة، والبراءة، والبساطة، وعدم التكلف، وهذه هي حدود تلك المرحلة التي كانت من أهم شروطها السمات السلوكية قبل الجمال الفطري والملامح الخلقية قبل المحاسن الحسيّة.
ومما لا شك فيه أن شاعري هذا اليوم يخرج من كشاكيله القديمة يوم كان في مدرسته الثانوية، وبواكير أيامه الجامعية قصيداته المراهقة، وغنغنات أوتاره الناعمة التي كانت ذات يوم رنيناَ يجلجل في مسمعه، وحنينا إلى عالم الحلم الجميل الذي كان القدر الأحب يسوقه إليه دون توقع، لذلك نرى معظم غزلياته إما في أو تحت ظل شجرة بين أسوار ، أو في مواطن الثقافة ، أو لجميلة تحتضن دفتراً أو كتاباً:
في موطن الثقافه تلميذة شفافه
فليتني في حضنها كدفتر الثقافه
تضمه فا يرى بردّا ولا مخافه
وإيقاعات هذا البصر تحاكي صبيّاً يوالي قفزات عابثة أو مراهقاً ، يتابع مراهقة وهي تقفز على حبل المرح ، وعبدالفتاح بن قائد حسين كغيره من الرسامين لأي لوحة جميلة، ولو لم يكن له فيها بؤرة عشق أونقطة غرام يوجه ابتهالات شعره إليها ، ولكنه ماهرّ ، فنانّ ، فاتن حيثما يوجه لمعان مرآته العاكسة لضوء شمس الوجدان الوهاجه بالإعجاب إلى فتاتين جميلتين لعلهما زميلتين أيضاً في فناء مدرسة أو جامعة:
في موطن الثقافة تلميذة شفافة
فليتني في حضنها كدفتر الثقافة
تضمه فلا يرى بردّا ولا مخافة
فالألف الخاص بالتثنية أحاطهما معاً دون اختيار أو تفضيل لأحدهما على الأخرى ومع كل ذلك فالمدح بالعفاف، والوصف بالجمال ، يعتبر غراماً عذرياً بريئاً ، ينزع إلى الوصف لا إلى التشبيب العشقي من الصب المغرم، كما هي قصيدته “ صديقتان أنتما أم أنتما أختان “ لكن التشبيهات في سبائك هذا الشاعر رغم تبعثرها هنا وهناك في أرجاء ديوانه هي صور فاتنة وهّاجةٌ بالمهجة الولوعة بين عروقه، وهي شائقة بريئةٌ لطيفة وخالية من التكليف، والتقليد، ومنها:
فليتني في حضنها كدفتر الثقافة
وقوله:
فإن المُنى كالمنايا قدر
وقوله:
حتى تمنيت أني عقدٌ ينام بصدرك
ولكن قصيدته التي خاطب بها “رملة” والتي وصفها ببراءة الطفلة ، كانت ذروة البساطة والجمال، وخالية من نزعة الصنعة وجيّاشة بالعاطفة.
فيها أبارك له روح صدقه ووضوحه ، وشاعري هذا كل قصائده موجهة ومخصصة لذوات الأوصاف المسرودة في تضاعيف سطوره
سقى الله أرض الندى والمطر
ففيها حبيب الفؤاد استقر
حبيب وهبت حياتي له
ولو قال زد قلت خذ ياقمر
أحبك كم مرة قلتها
وكم سال دمعي هوىً وانهمر
وآن لي الأوان أن أحيل القارئ إلى العزف الصامت ليتأمل أوتاره ويتبتل في محرابه عاشقاً ومخبتاً ليتصل في حصيلته النهائية بروح الشاعر الذي يستحق هو الآخر أن يكتب فيه وعنه قصائد مغرمة ، ولكن بنبله ، وبأدبه وبأخلاقه ، وبفطرته.
رئيس مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون صنعاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.