من أرض بلقيس هذا اللحن والوتر من جوها هذه الأنسام والسحر من صدرها هذه الآهات، من فمها هذي اللحون. ومن تاريخها الذكر من «السعيدة» هذي الأغنيات ومن ظلالها هذه الأطياف والصور أطيافها حول مسرى خاطري زمر من الترانيم تشدو حولها زمر من خاطر «اليمن» الخضرا ومهجتها هذي الأغاريد والأصداء والفكر هذا القصيد أغانيها ودمعتها وسحرها وصباها الأغيد النضر يكاد من طول ما غنى خمائلها يفوح من كل حرف جوها العطر يكاد من كثر ما ضمته أغصنها يرف من وجنتيها الورد والزهر كأنه من تشكي جرحها مقل يلح منها البكا الدامي وينحدر يا أمي اليمن الخضرا وفاتنتي منك الفتون ومني العشق والسهر ها أنت في كل ذراتي وملء دمي شعر «تعنقده» الذكرى وتعتصر وأنت في حضن هذا الشعر فاتنة تطل منه، وحيناً فيه تستتر وحسب شاعرها منها - إذا احتجبت عن اللقا - أنه يهوى ويدكر وأنها في مآقي شعره حلم وأنها في دجاه اللهو والسمر فلا تلم كبرياها فهي غانية حسنا، وطبع الحسان الكبر والخفر من هذه الأرض هذي الأغنيات، ومن رياضها هذه الأنغام تنتثر من هذه الأرض حيث الضوء يلثمها وحيث تعتنق الأنسام والشجر ما ذلك الشدو؟ من شاديه؟ إنهما من أرض بلقيس هذا اللحن والوتر أحمل الذكرى أحمل الذكرى من الماضي كما يحمل القلب أمانيه الجساما هات ردّد ذكريات النور في فنّك الأسمى و لقّنها الدّواما ذكريات تبعث المجد كما يبعث الحسن إلى القلب الغراما فارتعش يا وتر الشعر وذب في كئوس العبقريّات مداما و تنقّل حول مهد المصطفى وانشد المجد أغانيك الرّخاما زفّت البشرى معانيه كما زفّت الأنسام أنفاس الخزاما و تجلّى يوم ميلاد الهدى يملأ التاريخ آيات عظاما واستفاضت يقظة الصحرا على هجعة الأكوان بعثا وقياما و جلا للأرض أسرار السما و تراءى في فم الكون ابتساما جلّ يوم بعث الله به أحمداً يمحو عن الأرض الظلاما و رأى الدنيا خصاما فاصطفى أحمدا يفني من الدنيا الخصاما “ مرسل “ قد صاغه خالقه من معاني الرسل بدءاً و ختاما قد سعى – و الطرق نار و دم – يعبر السهل و يجتاز الأكاما و تحدّى بالهدى جهد العدا و انتضى للصارم الباغي حساما نزل الأرض فأضحت جنّة و سماء تحمل البدر التماما و أتى الدنيا فقيراً فأتت نحوه الدنيا و أعطته الزّماما و يتيماً فتبنّته السّما و تبنّى عطفه كلّ اليتامى و رعى الأغنام بالعدل إلى أن رعى في مرتع الحق الأناما بدويّ مدّن الصحرا كما علّم الناس إلى الحشر النظاما و قضى عدلاً و أعلى ملّة ترشد الأعمى و تعمي من تعامى نشرت عدل التساوي في الورى فعلا الإنسان فيها و تسامى يا رسول الحقّ خلّدت الهدى و تركت الظلم و البغي حطاما قم تجد الكون ظلما محدثُُ قتل العدل و باسم العدل قاما و قوى تختطف العزل كما يخطف الصقر من الجوّ الحماما أمطر الغرب على الشرق الشّقا و بدعوى السلم أسقاه الحِماما فمعاني السلم في ألفاظه حيل تبتكر الموت الزؤاما يا رسول الوحدة الكبرى و يا ثورة وسّدت الظلم الرغاما خذ من الأعماق ذكرى شاعر و تقبّلها صلاة و سلاما