يشكل الإنتاج الدرامي المحلي مشهد خيبة كبيرا، بالنظر إلى بدائيته رغم وجود الخامة البشرية الملائمة والجمهور الواسع والأفكار الكتابية المغايرة ، لكن الواقع يحكي قصة فشل كبيرة ومثيرة، وتقصير كبير في الاستفادة من هذه الموجودات. والمثير في الأمر أنه مع تعدد جهات الإنتاج أكثر من ذي قبل (تحديدا منذ بدأت المؤسسة اليمنية للإذاعة والتلفزيون بالتعاقد مع جهات إنتاجية خاصة ، ومنذ ظهور الفضائيات الغير حكومية) منذ ظهر هذا التعدد في جهات الإنتاج لم تنتهِ حكايات الفشل، بل ظهرت كل جهة بحكاية فشلها الخاصة بها، ودون وعي سنجد بعضهم يفاخر بحكاية فشله!!! نعم لقد وصلت الكثير من الأعمال الدرامية إلى قدر معقول من الجمهور اليمني ، ولكن خانة التميز ظلت فارغة. نعم سنجد من يستمتع بإحدى إعادات مسلسل قديم ومشهور ك ( الفجر) الذي كتبه المرحوم أحمد الحملي، ولكننا لن نبذل جهدا لنكتشف أن علاقتنا بمثل هكذا عملا هي انشداد شبيه بمطالعة صورة فوتوغرافية قديمة لنتأمل في كيفية تلك اللحظة التي حبست في الصورة، لكن الدراما غائبة إلا عن تفاصيل صغيرة ولو التمسنا عذرا لإنتاج بسيط مثل (الفجر) لأنه كان يمثل بدايةً ما ، فمن أين سنأتي بأعذار لأعمال مثلت مراحل تالية، ولكنها لم تتطور عن أعمال البداية مهنيا ، إلا إذا اعتبرنا حداثة كاميرا التصوير !!! وأن التمثيل يقوم به جيل يتعامل مع تقنيات حديثة، ولكنه لا يختلف عن الجيل السابق في اعتباطية تعاطيه مع العمل الفني. نعم هناك أعذار (ليست مقبولة تماما) للقنوات الحكومية تعيقها عن التعاطي الحقيقي مع الدراما، ولكن القنوات الخاصة تستطيع أن تتجاوز مشكلة المنتج المترهل ، ولكنها لم تفعل إلا بقدر لا يستحق الذكر. أما أكثر القنوات الخاصة فإنها تنتج ما يشبه الدراما، ويكون إنتاجها مغايرا من جهة حمله لفكره مختلفة عما كان سائدا ولكنها أعمال لم تصل إلى حيث بدأ الآخرون، لا موضوعا ولا مهنيا ولا فنيا، كما تتشارك أكثر القنوات المحلية الخاصة بالانصراف إلى إنتاج أعمال كوميدية تحتوي أفكاراً مكررة، وتقنيات متشابهة، وحضورا كبيرا للتهريج ، وابتعادا عن الجدية. وحتى فيما يمكن أن نعتبره ناجحا منها، يكون النجاح متعلقا ببعض التفاصيل التي لم تواكبها تفاصيلها الأخرى، أي لم تواكب نفسها، فكيف ستواكب الآخرين فضلا عن أن تبدأ من حيث انتهوا . وأخيرا هناك الكثير من الميادين الخصبة لم تدخلها الدراما بعد، وحين تدخلها ينبغي أن تدخلها بقوة؛ لأنها ستكون فائقة الجدوى، من هذه الميادين: تناول حياة أعلام الأدب، خصوصا ممن تجاوزوا الحدود، ونالوا شهرة كبيرة في الوطن العربي، كالبردوني مثلا، وعلى ذكر البردوني سمعت مؤخرا عن سيناريو كتبه الروائي سامي الشاطبي، تناول فيه حياة البردوني، وما زال ينتظر إخراجه إلى حيز التنفيذ. ومن هذه الميادين أيضا أحداث الربيع العربي، وكم سيكون مجديا أن تظهر أعمال تجسد الجوانب الإنسانية لضحايا هذا الحراك السياسي والاجتماعي الكبير.