في ذروة هستيريا انتشار جرائم الاعتداء والقتل وجنون حمل السلاح بلا تراخيص فلا يعقل سقوط الضحايا من فئة اجتماعية دون غيرها, وبالتالي تتشابه ردود أفعال ذوي وأقارب تلك الفئات أكانوا من القبائل أم من المهمشين، ولتنامي حق التعبير السلمي عن الرأي وتعدد الأنماط العلنية في استنكار تلك الجرائم والمطالبة بالعدالة، فقد تطورت بعض تلك الأنماط السلمية إلى العكس من ذلك.. وكباقي فئات المجتمع، لم يقف المهمشون مكتوفي الأيدي لإسماع مطالبهم للعلن.. ثقافة جديدة غدا قطع الشوارع ثقافة ومطلبيه جديدة , لنيل العدالة في الأمن والقضاء والماء والكهرباء واسطوانات الغاز وووو... الخ !! لكن الأسطر التالية لا تتمحور حول أبعاد ثقافة قطع الطريق, والسخط على أصحابها, بل للاقتراب والإنصات جيداً لفئة اجتماعية عريضة في تعز, يتوارى خلف وجوهها السمراء قلوب كبياض الثلج سرعان ما تذوب وتسيح أحقادها, لكنها مجبورة هذه المرة على ترك قدر من السلوك, فالمصاب جلل والقتلة تمادوا في وحشيتهم ولا من عزاء يحسن المواساة .. أسباب الجريمة لم يعد سبقاً مقتل عبدالرحمن عبدالله قائد ذي العشرين عاماً, من فئة المهمشين في تعز، في التاسع من إبريل الجاري على أيدي 3 أشقاء وابن عمهم من سكنة حي كلابة بتعز, وعن الأسباب فيقول أحد عقال حي المهمشين في كلابة محمد الخضر إنها على خلاف (بين شباب هذه الأيام) , مضيفاً بأنه سبق أن أصلح بين الطرفين قبل الحادث بأيام. وناشد العاقل الجهات الأمنية في تعز وباقي المحافظات لسرعة القبض على القتلة كون الجريمة أخذت أبعادها الاجتماعية والنفسية والأمنية في الحي , سيما مع استمرار شباب حي المهمشين بقطع طريق كلابة وما ترتب عليه من معاناة أهالي وتجار الحي وسائقي باصات الأجرة . المجتمع المدني الأخ أيوب محمد حسن المسئول الإعلامي للمنسقية العليا للمهمشين بتعز, من جانبه استنكر تراخي الجهات الأمنية في القبض على الجناة الرئيسيون في الجريمة معتبراً أن القبض على والد الجناة لايكفي! مطالباً المنظمات الحقوقية والمدنية تحديد موقفها في مثل هذه الجرائم المفككة لنسيج المجتمع وقيمه الحضارية في التعايش السلمي المبنية على نبذ استقواء شريحة اجتماعية على أخرى بعيداً عن القوانين والأعراف , مضيفاً بأن شريحة المهمشين لم تعد خارطتها هينة الأمر, وأضحت واعية لحقوقها الاجتماعية والقانونية, تاركة ذلك الموروث الدوني العقيم. بطالة وفاقة مع بداية توافد أصدقاء وأقارب القتيل إلى خيمة اعتصامهم بعد الظهر, التقينا الشاب عادل عبدالله قائد شقيق القتيل، سألناه عن تفاصيل حياته وشقيقه القتيل فأجاب: أخي المرحوم عبدالرحمن عمره 20 وأنا أكبره ب 8 سنوات, كان سائقاً لدراجته النارية , وأنا شاقي على باب الله يوم ألاقي عمل ويومين لا , وقد توفي شقيقي أعزب وأنا أعزب أيضاً, وما حل بأخي زاد من تجاهلي للزواج! ( قد إحنا هكذا أخرج , فلا نضمن قاتل يجي ييتم عيالك ويؤرمل زوجتك ! والد القتيل انتهى عادل من بوحه فور وصول والده عبدالله قائد عضو محلي الدائرة المركز: (أ) المحوى, وبلباقة وحنكة في اختيار كلماته مضى قائلاً: البيت فيها 12 نفس والمرحوم عادوه بدأ يعاوني على مصاريفهم , لكن مشيئة الله أرادت سقوطه قتيلا بوابل من الرصاص من أسلحة الجناة الأربعة أبناء الشراعي الساعة 12 في منتصف ليلة التاسع من إبريل الجاري , وصدقوني أن دم ولدي لن يذهب هباء فالله معنا والشارع بأكمله يشهد على جريمتهم, فقد تكبروا وتغطرسوا في جريمتهم أمام الله والناس! .. هل بإمكانك إعادة سرد تفاصيل الجريمة من بدايتها ؟ نعم .. فالذي حصل أن أحدهم التقى ولدي قبل مقتله بأقل من ساعة في المحوى, واستدرجه إلى حيث ينتظره الجناة في الشارع الأسفلتي الواصل بين مستشفى الثورة وجولة الكهرباء سابقاً , وما علمناه من أصحاب المحلات في ذلك الشارع أن الجناة ترجلوا من سيارتهم ال "هاي لوكس" ثم انهالوا على ولدي بوابل الرصاص من أسلحتهم, ثم أصروا وظلوا شاهرين أسلحتهم على من يشاهدونهم في الشارع لمنعهم من إسعاف ولدي ولم يغادروه إلا بعد أن نزفت دماؤه وفاضت روحه, حسبي الله ونعم الوكيل عليهم! وأتساءل: من أين جاءوا بكل تلك القسوة والصلف والاستهتار بالقانون في فعلتهم تلك أمام الله والناس, واليوم وللأسف الشديد تحملوا بظلم والدهم القابع في السجن دون أن يصل أحد من الجناة, سألناه عن ثمة مساع للصلح من جانب الجناة, فأجاب: كل يوم أتلقى اتصالات عديدة من عدة مشايخ ووجاهات يريدون الصلح , لكننا مصرون على أن يصل الجناة أولاً إلى السجن. ومن بعدها (يكون خبر) , ثم يزيد استيائي من أولئك الوسطاء، الذين أكن لهم كل التقدير، عندما يتصلون بجوالي طالبين مجيئي إلى مجالسهم لأمتثل للصلح , دون أن يتواضع أياً منهم ويعزونا في ديارنا , كما هو في أعرافهم القبلية!. وعن موقف والد القتيل من قطع الشارع, فيجيب مشيراً إلى الشارع وإلى الشباب المحتشدين في الخيام والموزعين في الشارع: كما ترى, هؤلاء شباب جن ! سواء من أصدقاء المرحوم أو من سواهم من شباب المحوى اعتبروا القضية قضيتهم لا قضيتي وأسرتي فقط, فلا سلطان لنا عليهم, والكثير منهم عاطل عن العمل وطايش وينتظر من السائقين حتى حبة دخان ليفتح الطريق؛ لذا فلست مع قطع الطريق وقطع أرزاق الناس, ونصيحتي لشباب المحوى بالتعقل, فقطع الطريق قد يزعزع عدالة قضيتنا, وسيضعف مساعينا لنيل العدالة والمساواة وتنفيذ شرع الله, كما نستنكر ما تعرض له مدير أمن المحافظة لدى زيارته إلى هنا قبل أسبوع من إطلاق للنار ولا نعلم من الجناة الذين يسعون للصيد في الماء العكر وتمرير مكائدهم السياسية , فالرجل للأمانة متجاوب ولا يستحق إلا الثناء والشكر, وكلنا ثقة بنواياه الطيبة, لاسيما ووالد الجناة الثلاثة مسجون, لكننا نعول على الأجهزة الأمنية في المحافظات بتعميم نشر أسماء وصور الجناة في المنافذ الحدودية حتى لا يتمكنوا من الهرب خارج الوطن, كما نناشد الجهاز القضائي في تعز بسرعة طلب ملف القضية من النيابة للإسراع في محاكمة الجناة وإن طال هروبهم محاكمة غيابية, حتى تقر أعيننا ونواري قتيلنا الثرى بدلاً من طول سقيعه في الثلاجة !.