الحموضة الشديدة.. مشكلة تؤرق العديد منا، والبعض قد يشعر بها مع كل وجبة يتناولها، وأحياناً تكون مصاحبة لأنواع معينة من الطعام، فما أسبابها وكيف يمكن التخلص منها وعلاجها؟ يقول الدكتور سراج زكريا أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بطب قصر العيني: إن المعدة هي المكان الطبيعي لإفراز الحمض ولا يشعر الإنسان بالحمض، إلا إذا حدث ارتجاع من المعدة إلى المريء، وهنا يشعر الإنسان بحرقان أسفل الصدر (أي أن الحمض أصبح في مكان غير طبيعي) طبعاً وجود الحمض في المريء شيء غير طبيعي بالمرة ويؤدي إلى مشاكل بالمريء والتهابات ثم تقرحات ثم تحول للغشاء المخاطي حتى يصبح مماثلاً للغشاء المخاطي المبطن للأمعاء وهذا ما يسمى بمرض “باريت” الذي يمكن أن يتحول إلى ورم بالمريء، ثم ضيق بأسفله، ومشاكل خارجه، بأن يكون هناك شعور بآلام أسفل الصدر، تماثل آلام الذبحة الصدرية وارتجاع الحمض بالحنجرة يؤدي إلى التهابها وارتجاع الحمض بالقصبة الهوائية يؤدي إلى التهاب شديد وحساسية بالصدر كذلك تسوس الأسنان والتهابات الأذن الوسطى.. ولكن كيف يمكن تأكيد هذا التشخيص الإكلينيكي؟ يقول الدكتور سراج: قديماً كنا نلجأ لعمل أشعة بالباريوم ولكن الآن نقوم بالتشخيص بواسطة المنظار عن طريق الفم وأخذ عينات للتحاليل الباثولوجية. ولقد تطورت المناظير من مناظير الألياف الضوئية إلى مناظير الفيديو وتطورت مناظير الفيديو إلى مناظير تزيد وترفع كفاءة التشخيص HIGH RESOLUTION SCOPES AND NBI SCOPES وتسمى وباستخدام الصبغات مثل المثيلين الأزرق والتي باستخدامها على الغشاء المخاطي يمكن التمييز بين الجزء المصاب والغشاء الطبيعي ويمكن أيضاً عمل دراسة لحركية المريء والمعدة وقياس الحموضة أيضاً. وأشار إلى أن العلاج يتمثل في تنظيم الأكل وعدم تناول العشاء قبل النوم بأقل من ساعتين ورفع الوسادة من ناحية الرأس حوالى20 سم أو الارتفاع الذى يريح المريض بالتجربة والتعود، وأن هناك مرضى لا ينامون إلا في الوضع الجالس.. أما بالنسبة للطعام فينصح بعدم تناول هذه الأصناف ليلاً مثل القهوة والكحول والنعناع واللحوم خاصة السمينة مثل الكباب والكفتة والطرب والهمبرجر. أما الأدوية فلابد أن يتناول المريض أدوية لتقليل إفراز الحمض مثل مثبطات مضخة البروتون مثل “النكسيوم” والريسك (RISEK) وأدوية لتقوية العضلة أسفل المريء مثل الموسابرايد” MOSAPRIDE” وأدوية سائلة تشرب لتحمى الغشاء المخاطي من الحمض مثل “GAVISCON”. وهذا العقار “جافيسكون ” الإنجليزي الصنع يعتبر العلاج الأول لحالات ارتجاع الحمض من المعدة إلى المريء وهو عقار قديم وأصيل وله خواص أنه يمكث مدة طويلة على الغشاء المخاطي وعن طريق زيادة تقوس أعلى المعدة فيقوى أسفل المريء. وأضاف أن العلماء حاولوا كثيرا علاج الارتجاع عن طريق مناظير المعدة وباختصار فإن معظم هذه المحاولات لم تصل إلى طريق النجاح المبهر. ويقول الدكتور سراج زكريا إن آخر المطاف هو الطريق الجراحي فإذا كان فتق الحجاب الحاجز خلقياً والطفل مولود به فالجراحة هي الحل الأوحد والأمثل وإذا كان حجم الفتق كبيراً جداً وانزلق إلى القفص الصدري وأصبح المريض معرضاً لمخاطر كبيرة وضيق شديد في التنفس فالجراحة هي الحل الوحيد أيضاً. ويمكن أن يتم عمل جراحات للحالات التي لا تستطيع تناول أدوية طوال العمر وكذلك لحالات “مرض باريت” التي لا تستجيب للعلاج بالأدوية لفترات طويلة والخوف من التحول إلى ورم بالمريء وبعد الجراحة لابد من تناول أدوية لكن بجرعات قليلة وفترات وجيزة والعلاج الجراحي نوعان الأول عن طريق فتح جرح كبير من الصدر إلى البطن وهذه هي الطريقة التقليدية والتي دائماً ما يعود الارتجاع بنسبة 90 ٪ بعد الجراحة والثانية هي الجراحة عن طريق منظار البطن وهنا يكون نسبة النجاح للعملية أكثر من 90 ٪ أي أن إصلاح عيوب الارتجاع بواسطة المنظار الجراحي أفضل بكثير من الإصلاح عن طريق الجراحة التقليدية.