بين 60 - 65 عاماً هو عمر حياة اليهود اليمنيين في إسرائيل، وأكثرمن 3000 عام هو عمر حياتهم في اليمن، لكن مع هذا استطاعت إسرائيل سرقة موروثهم الثقافي والحضاري للثلاثة آلاف عام وتحويله إلى تراث إسرائيلي بجانب بعض الموروثات الإسلامية اليمنية. فالحكومات اليمنية المتعاقبة لم تكترث لتوثيق الموروث الثقافي الشفاهي اليمني بشكل عام، مما شجع بلداناً عديدة منها دول خليجية إلى توثيق بعضه ونشره ونسبته لنفسها، لكن إسرائيل سرقت حتى المؤلفات اليهودية اليمنية المكتوبة باللغة العبرية وأعادت إصدارها بطبعات فاخرة ودونتها ضمن مكتبتها الوطنية دون الإشارة إلى أنها مؤلفات تعود إلى ما قبل هجرة يهود اليمن إلى إسرائيل. خلال زيارتي للمكتبة الوطنية في تل أبيب وجدت حوالي (15) كتاباً للعالم والشاعر المشهور(مورفي شالوم شابازي)الشهير في اليمن باسم(الشبزي)، وجميعها تعرفه في مقدمتها بأنه “اسرائيلي” رغم أنه عاش وتوفي في اليمن ورفضت حكومة اليمن السابقة عرضاً إسرائيلياً مغرياً مقابل نقل جثمانه إلى اسرائيل. “الشبزي” أورد في بعض مؤلفاته آلاف النصوص لأمثال شعبية وأهازيج زراعية واقوال حكماء. ويقول بعض المثقفين من اليهود اليمنيين كبار السن أن معظم تلك النصوص كانت شائعة في اليمن لدى المسلمين واليهود على حد سواء وليست خاصة باليهود. لكنها الآن أصبحت موثقة بالعبرية وتحسب كتراث إسرائيلي. كما وجدت في المكتبة كتاباً للشعر الغنائي يتضمن قصائد غنائية يمنية مشهورة في اليمن أعاد غنائها فنانون يهود يمنيون مثل “عفراء هزاع” و«صولان»وغيرهم وتم توثيقها بالعبري كتراث غنائي إسرائيلي نسبت لمن غنوها. كان على اليمن أن لاتتجاهل الموروث الثقافي اليهودي؛ لأنه جزء من تاريخها الثقافي وهويتها، فلماذا لا تُترجم مؤلفات “الشبزي” إلى العربية وتضمها إلى مكتبتها الوطنية؟ فهذا شاهد على تنوعها الثقافي والحضاري ولا ينبغي التفريط فيه.