تميزت ليالي شهر رمضان الكريم في كافة المناطق اليمنية باحتضان ما يسمى بجلسات القات الليلية الرمضانية والتي تختلف عاداتها وتقاليدها الاجتماعية باختلاف المكان وطبيعة سلوكيات سكان هذه المناطق ومن حيث التشابه في المسمى والاختلاف في المضمون فالبعض يخصصها لتدارس القرآن وتعليم الأحاديث والأحكام الفقهية وترتيل الأناشيد والموشحات الدينية وإقامة الأنشطة الثقافية والبعض الآخر يجعلها مزيجا مختلطا من هذه العادات الرمضانية والتي بدأت في السنوات الأخيرة بالانحسار والتلاشي لمزيد من المعرفة ألتقت الجمهورية عدداً من المواطنين والذين تحدثوا لنا عن طبيعة أجواء جلسات القات الرمضانية ذات الطابع الاجتماعي والديني والثقافي وأسباب انحسارها مؤخراً. تقليد اجتماعي المواطن أحمد محمد علي حامد استهل حديثه بداية استطلاعنا الرمضاني.. بالقول: تعتبر الجلسات الليلية في شهر رمضان الكريم عادة وتقليدا اجتماعيا ويختلف باختلاف المكان؛ فمثلاً هنالك أماكن تقوم بإحياء ليالي شهر رمضان بالذكر والطاعات.. ومضغ القات في هذه الجلسات الليلية الرمضانية يعتبر وسيلة من وسائل تنشيط الصائمين على الذكر والعبادات في الليل.. وإن هذا السلوك موجود لدى الأشخاص الذين لا تتجاوز أعمارهم الأربعين سنة.. فهذه الفئة العمرية تخصص جلساتها الليلية لتدارس القرآن الكريم والتسبيح وإحياء الذكر.. ومنها ما تخصص بعض جلسات ليالي الشهر الفضيل لمناقشة مشاكل وهموم مناطقهم وإقامة أنشطة وفعاليات ثقافية وأدبية وإن هذا السلوك الاجتماعي تجده منتشر في بعض مناطق المحافظات اليمنية الوسطى. هموم المواطن الشيخ فؤاد الشيباني تحدث بالقول: في الماضي القريب، كانت معظم جلسات القات الليلية الرمضانية تتسم بمناقشة أهم وآخر المستجدات المحلية والعربية.. وذلك من حيث أهميتها.. وأيضاً اتسمت هذه الجلسات الرمضانية بمناقشة أبرز المشاكل والهموم والتي يعاني منها المواطن اليمني في شهر رمضان ومنها على وجه الخصوص مشكلة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتي لازلنا حتى الآن نعاني من ويلاتها.. ولذا فإني أنصح إخواننا التجار بأن يتقوا الله فينا وإن لا يجعلوا من موسم شهر رمضان. الكريم فرصة لزيادة الأسعار، وأن يقتنعوا بالمعقول من الربح خاصة وأن المواطن اليمني أصبح منكوب الحال.. وإن فعلتم ذلك فإن الله تعالى لسوف يبارك لهم في أرزاقكم ويجب عليكم شكر الله عزوجل على نعمه عليكم، ويجب أن يكون هذا الشكر بمساعدة المحتاجين والتيسير على المعسرين. ليالي.. مقسمة ويقول المواطن فيصل أحمد عبده أحمد.. من أبناء مديرية السياني التابعة لمحافظة إب: إن غالبية سكان هذه المديرية كانوا معتادين على قضاء أوقات ليالي شهر رمضان الكريم بعقد جلسات ومقسمة إلى عدة أجزاء.. فالجزء الأول يخصص لمناقشة هموم أبناء القرية كالاحتياج إلى مشروع خدمي، ودعوة الميسورين من أبناء القرية للتبرع في بناء هذا المشروع.. كذلك يتم طرح ما تعانيه بعض الأسر الفقيرة من ظروف مادية قاسية وتعاون الجميع على مساعدة هذه الأسر الفقيرة والمعدمة. تراتيل دينية وقال أيضاً بأن الجزء الثاني من الجلسات الليلية الرمضانية تخصص أوقاتها إلى الاستماع للتراتيل والموشحات الدينية والاستماع أيضاً إلى شرح الأحاديث النبوية والمسائل الفقهية المتنوعة بما فيها المسائل المتعلقة بالصيام ويكلف بذلك أحد فقهاء الدين من أبناء القرية، ولكن هذه العادات والتقاليد الرمضانية انحسر وجودها وخصوصاً في الثلاث السنوات الأخيرة، وأتمنى أن تعود كما كانت عليه في الماضي. جلسات مقامية وأما المواطن محمد عباس الصبري من أبناء عدن تحدث بالقول: جلسات القات الليلية في شهر رمضان الكريم عادة من العادات القديمة والتي يصل عمرها ربما إلى عشرات السنين ولذلك تجدهم حريصين تماماً على المحافظة عليها حيث يقوم أبناء القرية بتقسيمها إلى أجزاء ومقامات ومن ثم يجتمعون في كل ليلة رمضانية في مقام “أي مكان” معين ويعتبرون هذا المقام بمثابة الوقف.. فالتسلية والدعابة تكون بداية هذا الاجتماع ويعقبها مناقشة أبرز المواضيع الداخلية والخارجية وبعد ذلك نقوم بترتيل الأناشيد والمدائح الإسلامية كما يتم في كل مقام “مكان” إلقاء دورس من الساعة التاسعة مساء وحتى الساعة الواحدة صباحاً ويحضرها كافة أبناء القرية بما فيهم الأطفال، والذين يتم تشجيعهم للحضور والمشاركة في جلسات هذه المقامات الرمضانية. علوانية.. المواسط وأخيراً شارك الحاج خالد علي السوائي، من أبناء منطقة المواسط بالقول: لقد كان معظم سكان قرى المنطقة يقضون أوقات ليالي الشهر الفضيل.. إما في منازلهم مع أفراد أسرهم أو بعقد جلسات قات ليلية فردية أو جماعية مع الأهل والأصدقاء.. وكان هناك من يتكرم بمبادرة احتضان جلسات قات ليلية بهدف إحياء هذه العادة الاجتماعية وعن طريق الذكر والتسبيح وترتيل الموشحات العلوانية وتدارس القرآن.. كما أن الشخص المستضيف لهذه الجلسات الرمضانية يتكفل أحياناً بدعوة أبناء قريته لحضور مأدبة الإفطار والعشاء الرمضاني في منزله إلا أن هذه العادات الرمضانية اختفى نورها الديني والاجتماعي في العديد من القرى ويعود السبب في ذلك إلى أن سكان هذه القرى يكونون منشغلين في البحث عن مصادر الرزق بغية تأمين لقمة العيش لأفراد أسرهم خاصة وأن ظروف الوطن ليست على ما يرام في الوقت الراهن.