يفرض وجوده وأمواجه وممتلكاته في كل حدث ومكان ولقاء ورؤية, امتداد وجوده في روايته (إنه البحر). أخرج الرواية عن نمطية الرواية التقليدية بجدة فكرة البحر شخصية رئيسة في رواية يلتقي فيها أطراف البحر في بؤرة واحدة , رواية تسير أفقياً بشخصياتها وتتقاطع مع الشخصية الرئيسة، شخصية البحر الذي سمعناه ولمسناه وشممنا رائحته وأحسسنا بمشاعره وهو يلامس شخصيات الرواية الحسناء , سحيم , ...إلخ. جدة الرواية في نقض وظائف أركانها حيث البحر يفض نمطية المكان فقط ليكون مشاركاً في الأحداث بوصف ممتلكاته أثناء سرد حدث لإحدى الشخصيات , وحين يستقبل انفعالات الشخصيات وهي تحاوره حواراً داخلياً واستفهامات تجسّد تجربة ذاتية ,وهو أي البحر شاهد على مجموع احداث محسوسة وأخرى معنوية تأمل (كلما وطئ يم تعمق حلمه) ص8. البحر الرواية وهو مكان إقامة حد العقوبة ومرمى من خرق القاعدة الشرعية , وهو مكان انتظار الأحبة وسفح أخطارها ومرسى عذاباتها هو الداء والدواء. البحر الرواية ومنه تنفذ التجربة الذاتية وتتطور بين ممتلكاته وأعماقه وهو يأوي السحيم والحسناء والزين و...... ومن على سطحه تنطلق الموضوعات العامة , البحر الرواية قاموس ثقافة بحرية لمن لا يعرف الكثير والقليل من أدوات البواخر ومن لا يعرف مجموع أحياء البحر, وهو ثقافة جغرافية يسرد على القارئ المناطق المطلة عليه من جميع الجهات وعلى كل الأبعاد .البحر الرواية وعلى متنه تعرض الغرائبية وتظهر جزر الجن صعوداً مع القارئ ثم هبوطاً وهو أيضاً متن الواقعية والحياة الاجتماعية: تآلف الأب والأم في الرواية والعم وزوجة الإبن والأب والبنت ثم صداقة الزين والحسناء ثم الفقر الذي لأجله تسرح السفن والبواخر للقضاء على غباره ,ثم هو متن واقعية الشعوذة والدجل الذي تسترخي له بعض الشخصيات في الرواية مؤخرة نمو فكرها الإنساني وتأخر الحياة كنتيجة حتمية. البحر الرواية وهو يبتعد بلغة الرواية عن المباشرة حين تنبع التجربة الذاتية للسحيم والحسناء مع رموز البحر ومدلولات كنوزه. البحر الرواية وهو دعوة للسياحة ومحطة تشويق وترغيب وهو يعرض أجواءه ومغامراته وجمال محيطه يستمتع بهذه السياحة وواقعية عرضها واقعية القارئ , أما متعته الفنية فمع السير مع حبكة الأحداث وأسلوبية التصوير وسلاسة اللغة ووضوحها إلا من بعض المفردات غير المعروفة لدى بعض القراء كونه بعيداً عن بيئة البحر. البحر الرواية وهو قاعدة تجربتن : ذاتية فيها البحر الشجن ورافع الانفعالات , وتجربة عامة البحر هيبتها ومهول جوانبها سلبية كانت أم إيجابية. البحر الرواية وجديد الفن الأدبي حيث دمج العنوان في صلب العمل الفني الروائي وإيجاز الرواية في عنوانها ( إنه البحر ) إتمام الخبر بلفظة البحر موقعاً إعرابياً تأكيد احتواء الخبر على كل المدلولات والإشارة , والتوكيد للقادم من الأحداث , كما أن تقديم البحر في العنوان تحكيم مسبق ببطولة البحر كشخصية رئيسة وعرض انفعالات أمواجه مع الموضوع الخاص والعام. البحر، الرواية اختيار خبرة فنية من قبل الروائي وليس فقط علاقة إلزامية وحتمية معاشرة البيئة وضرورة التأثر بها ,لكنه البحر اكتشاف أسلوب من قبل الروائي وتراكم فني توصل إلى أن البحر أداة فاعلة في جمع إنسانية المتلقي واحتواء رؤى الحياة. البحر الرواية حين وصلنا مع نهاية الرواية إلى أن تجربة سحيم والحسناء الذاتية ليست غاية الرواية مع انحراف نهايتها واتجاهها إلى حدث موت والد سحيم نهاية , لم يمسك القارئ بأول خيطها في بداية الرواية كحدث رئيسي وتلك فنية الرواية وأساليب البحر في عدم إعطاء المتلقي الراحة الكاملة والوصول إلى نهاية التجربة الذاتية للسحيم والحسناء وإنما هدف إرباك المتلقي وإقلاقه مع أمواج وعواصف التجربة حيث الأمواج وإيماءاتها في مد وجزر. البحر الرواية مع قاموس بحري لأجزاء الرواية: ولوج , في الموبرة , ما قاله التجلوب , فوق غبب رؤوس عمان , في الجزيرة الخضراء. . إنه البحر , صالح سعيد باعامر ,ط1, طوى للثقافة والنشر والإعلام لندن , 2013م.