من بوابة الملف الأمني.. إخوان اليمن يحاولون إعادة الصراع إلى شبوة    النعي المهيب..    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    متهم بجريمة قتل يسلم نفسه للأجهزة الأمنية جنوبي اليمن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    رسالة تهديد حوثية صريحة للسعودية .. وتلويح بفشل المفاوضات    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    توحيد إدارة البنك المركزي في صنعاء وعدن.. خبير مصرفي يكشف عن حل مناسب لإنهاء الأزمة النقدية في اليمن    الذكرى 51 لجريمة قتل الدبلوماسيين الجنوبيين بتفجير طائرتهم في حضرموت    زيود الهضبة يعملون على التوطين في مأرب وسط ويحابون كوادرها المحلية    برفقة حفيد أسطورة الملاكمة "محمد علي كلاي".. "لورين ماك" يعتنق الإسلام ويؤدي مناسك العمرة ويطلق دوري الرابطة في السعودية    وزير الدفاع يؤكد رفع مستوى التنسيق والتعاون بين مختلف الوحدات والتشكيلات العسكرية لهزيمة الحوثيين    جماعة الحوثي تفاجأ سكان صنعاء بهذا القرار الغير مسبوق والصادم !    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    حزامٌ ذهبيٌّ يُثيرُ جنونَ لصٍّ: شرطةُ سيئون تُلقي القبضَ عليهِ بتهمةِ السرقةِ!    نجل الزنداني يوجه رسالة شكر لهؤلاء عقب أيام من وفاة والده    روما يسعى لتمديد إعارة لوكاكو    الحوثيون يتلقون ضربة موجعة بعد رسالة قوية من الحكومة اليمنية والقضاء    السفير السعودي يبحث مع بعثة الاتحاد الأوروبي "خارطة الطريق" ومستجدات الأزمة اليمنية    "لا تلبي تطلعات الشعب الجنوبي"...قيادي بالانتقالي يعلق على رفض مخرجات لقاء الأحزاب    شاهد...عمار العزكي يُبهر جمهوره بأغنية "العدني المليح"    انقلاب مفاجئ.. الانتقالي يوجه ضربة قوية للشرعية ويهدد بالحرب بعد يوم تاريخي في عدن.. ماذا يحدث؟    أول تحرك يقوم به أبو زرعة في عدن بعد وصول العليمي مأرب    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    دوري ابطال اوروبا: الريال يتجاوز جحيم الاليانز ارينا ويفرض التعادل امام البايرن    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    بيان الرياض يدعو الى اتخاذ خطوات ملموسة لحل الدولتين وإيقاف فوري لإطلاق النار في غزة    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواطَنة والمشاركة السياسية للمرأة اليمنية
نشر في الجمهورية يوم 10 - 09 - 2013

مع تنامي هاجس التغيير الديمقراطي في اليمن وفي باقي البلدان العربية، والتطورات الدولية المتسارعة للنظام الدولي الجديد، اتسع تداول مصطلح (المواطنة) لما يحمله من معاني المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ إن صفة (المواطن) سواءً كان ذكراً أو أنثى لا تعني فقط الانتساب للوطن، والارتباط به كتابع، وإنما هو بهذه الصفة عنصر فاعل في مختلف المجالات، له كيانه المستقل، وقناعاته الخاصة، ومن حقه أن يعبر بحرية عن آرائه واختياراته الشخصية، وأن يضطلع بدور إيجابي في الحياة العامة دون الإضرار بالوطن ومصالح الآخرين.رابعاً: مشاركة المرأة في الحياة البرلمانية
المشاركة في التصويت:
مع قيام دولة الوحدة في 22 مايو1990م وبداية عصر ديمقراطي جديد يعتمد على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة كان أول استحقاق ديمقراطي يتمثل في الاستفتاء على دستور الدولة وكان ذلك في أبريل 1991م حيث يتضح أن المسجلين في جداول الاستفتاء يصل إلى 40 % فقط من المستحقين للمشاركة وأن المستفتين حقاً هم قرابة ثلاثة أرباع المسجلين. وذلك لعدة أسباب منها: ضعف الوعي السياسي مع بداية التجربة – ضعف إمكانيات الوصول لكل السكان وخصوصاً في المناطق الريفية – ضعف التحرك الحزبي للدفع بالمشاركة.
والجدير بالذكر أن مشاركة النساء في هذا الاستفتاء لم تزد عن نسبة 15 % من المشاركين إجمالاً.
الانتخابات النيابية الأولى (27 أبريل 1993م):
وبلغ عدد الذين أدلوا بأصواتهم فيها 2.471.185 مشاركاً/ة وهو ما نسبته 84.5 % من المسجلين بشكل عام.
وهكذا ظل عدد المسجلات في جداول الناخبين في حدود 15 % من عدد النساء المستحقات للمشاركة وهو رقم يدل على ضعف مقدرة الأحزاب في الدفع بالنساء للمشاركة والاعتماد على المشاركة الذكورية بشكل واضح رغم أن عدد الأحزاب التي شاركت في هذه الانتخابات (22 حزباً) إلا أن عدد المرشحين المستقلين كان أكثر من المرشحين الحزبيين وبشكل ملحوظ (1968 مرشحاً مستقلاًّ، 1213 مرشحاً حزبياً) وكان نصيب المرأة في الترشيح (24 مرشحة مستقلَّة، 18 مرشحة حزبية) وهو ما يساوي 1.3% من إجمالي المرشحين وقد فازت امرأتان في هذه الانتخابات إحداهما حزبية والأخرى مستقلة وهو ما يساوي 0.66 % من قوام البرلمان. وهكذا نجد أن وضع المرأة، في هذه الانتخابات متدنٍّ من حيث المسجلات والمرشحات والفائزات؛ وهو مؤشر لعدم جدية الأحزاب في تفعيل مشاركة المرأة مع بداية التجربة الديمقراطية.
الانتخابات النيابية الثانية (27 أبريل 1997م):
أوضحت المؤشرات الإحصائية للجنة العليا للانتخابات في هذه الانتخابات ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المسجلين بالنسبة للرجال والنساء معاً وبالتالي في إجمالي المسجلين إلا أن التراجعات تمثلت في:
عدد الذين أدلوا بأصواتهم من المسجلين كان (2.827.369) مشاركاً وهو ما نسبته (61.4 %) من إجمالي المسجّلين.
لم يشارك من الأحزاب سوى 12 حزباً وانخفض عدد المرشحين الحزبيين إلى 755 مرشحاً.
انخفض عدد النساء المرشحات إلى (17) امرأة بعد أن كان عدد المرشحات في عام 1993م (42) مرشحة وكان عدد المرشحات الحزبيات 11 امرأة والمرشحات المستقلات 6 نساء ولم يتعدَّ عدد المرشحات من إجمالي المرشحين أكثر من 0.75 % فقط وهو تراجع آخر. في حين ظل عدد الفائزات لعضوية المجلس عضوتين حزبيتين وهو ما نسبته 0.66 % من قوام البرلمان.. وهكذا نجد مؤشراً جديداً في الدفع للتسجيل يقابله انحدار في الدفع للترشيح والدعم لضمان النجاح.
انتخابات المجالس المحلية في فبراير 2001م:
جرت أول انتخابات للمجالس المحلية متزامنة مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية وذلك في فبراير 2001م وزاد عدد المسجلين في جداول القيد بينما ظل عدد المسجلات من النساء متدنّياً.
ومن خلال البيانات الخاصة بعدد الذين أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي تمت في يوم الانتخابات المحلية نفسه وعددهم (2.767.587) مشاركاً وهو ما يساوي (49.3 %) من المسجلين، وهو تراجع عام نصيب المرأة فيه أكبر ولنستعرض بيانات الانتخابات للمجالس المحلية لنعرف وضع المشاركة النسوية. نجد أن النساء المرشحات لم يحظين بأكثر من 0.5 % من المرشحين، أما المنتخبات والملاحظ أن 18 فائزة من أصل 35 فائزة هن من مديريات محافظة عدن أي أكثر من نصف المنتخبات وبذلك نجد أن الانتخابات المحلية شكَّلت حلقة من حلقات ضعف المشاركة السياسية للمرأة وعدم جدية الأحزاب في تفعيل مشاركتها.
- الانتخابات النيابية الثالثة (27 أبريل 2003م):
نصل في هذا الاستعراض إلى الانتخابات النيابية الثالثة والتي جاءت بياناتها الإحصائية كما يلي:
حققت المرأة اليمنية رقماً جيداً في التسجيل بجداول القيد وهي بداية مهمة لتحسن وضع مشاركتها وقد بلغ نسبة الذين أدلوا بأصواتهم (76.5 %) من إجمالي المسجلين وبلغ إجمالي المرشحين في هذه الانتخابات (1801) مرشح ومرشحة ثلاثة أرباعهم حزبيّون والباقي مستقلّون. ومع تقدم عدد المسجلات إلا أن عدد المرشحات لم يتجاوز 0.6 % من إجمالي المرشحين حيث كان عدد المرشحات 11 امرأة (5 نساء حزبيات، 6 نساء مستقلات) وجاءت نتائج الانتخابات لتظهر تراجعاً آخر حيث لم تنتخب سوى امرأة واحدة في مجلس النواب وهو ما يمثل نسبة 0.33 % من إجمالي المجلس النيابي لتمثل تلك النتيجة شاهداً على مدى سلبية الرؤية الحزبية للمشاركة النسوية والطريقة القاصرة في الدفع بالنساء كناخبات فقط ورفضهن مرشحات منتخبات والتحايل على الحق في المشاركة بوجود ديكوري رمزي في قيادات الأحزاب.
- الانتخابات الرئاسية و المجالس المحلية سبتمبر- 2006م:-
بهذا يتضح لنا انه، لم تظهر أي دلائل تشير إلى وجود الإرادة والقرار السياسي الواضح من قبل قيادات الأحزاب الفاعلة لإشراك النساء في العملية السياسية. فبالرغم من ان الخطاب السياسي المعلن يتضمن تأكيدات على وجود نوايا جادة لتعزيز مشاركة المرأة، غير ان انتخابات سبتمبر 2006 قد صدمت كثيراً من الأطراف الداخلية والخارجية ليس بسبب التراجع عن تنفيذ الخطاب المعلن وحسب ولكن بسبب حدوث تراجعات في عدد النساء المرشحات والفائزات عن الانتخابات السابقة. بل وإن الأحزاب لم تفعل ما ينبغي لتحويل قرارها المتخذ إلى واقع من خلال جملة من الترتيبات داخل أطرها التنظيمية. فقد كان إجمالي عدد المرشحات من جميع الأحزاب السياسية هو27 للمجالس المحلية للمحافظات من إجمالي 1600 مرشح فازت منهن 7 مرشحت. و 122 مرشحه من جميع الأحزاب السياسية من إجمالي 19000 مرشحا لمحليات المديريات فازت منهن 28 مرشحة فقط. يتبين من خلال هذه النتائج أن هناك تراجعاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية فيما يتعلق بترشيح المرأة للانتخابات أو فوزها بالرغم من ازدياد نشاط المرأة السياسي في نطاق الأحزاب السياسية و تقديم الدعم والتدريب للمرشحات من النساء سواء من المعهد الديمقراطي الوطني أو منظمات المجتمع المدني في اليمن .
المشاركة في إدارة العملية الانتخابية:-
للتعرف على مدى إسهام المرأة اليمنية في إدارة العملية الانتخابية تشير الإحصاءات الى أن مشاركة المرأة في لجان القيد والتسجيل في 2006 تعادل 15 % بينما كان سابقاً عدد النساء لا يتجاوز 1 % وكذا لجان الترشيح والاقتراع يعادل 36 % ويعتبر هذا التطور بسبب الحراك النسائي وبسبب وجود إدارة عامة للمرأة .
وقد جنت المرأة ثماراً متواضعة في مجال المشاركة في إدارة الانتخابات في مرحلة مراجعة وتعديل جداول الناخبين، عن طريق تعيين نساء في اللجان الإشرافية والأساسية. حيث عينت 6 نساء في اللجان الإشرافية على مستوى المحافظات من مجموع 66 عضواً وبلغت نسبتهن 9.1 % كما عينت 60 امرأة في لجان أساسية بالدوائر الإنتخابية من مجموع 903 أعضاء، وبنسبة 6.6 %,وفي اللجان الفرعية بالمراكز ظلت نسبتهن مساوية للرجال لتساوي عدد اللجان المخصصة للتسجيل لكلا الجنسين .
أما في إدارة المرحلة الأكثر حسماً للانتخابات وهي مرحلة الترشيح والاقتراع فقد تدنت نسبة الثقة في النساء، ولم تشرك أي امرأة في اللجان الإشرافية، وأشركت 9 عضوات فقط في اللجان الأصلية بالمديريات ( من مجموع 999 عضواً )كما أشركت 37 امرأة فقط في اللجان الأصلية على مستوى المراكز( من مجموع يزيد عن 16 ألف عضو) .
مشاركة المرأة في الأحزاب والتنظيمات السياسية
أولا:- عضوية المرأة في الأحزاب والتنظيمات السياسية:-
هذا الجزء يسلط الضوء على الأنظمة الداخلية والبرامج السياسية للأحزاب اليمنية التي حصلت على مقاعد في مجلس النواب لانتخابات 1997 و2003م ,وكذا الوقوف على حجم مشاركة المرأة في عضوية الأحزاب والتنظيمات السياسية .
وبناءً على المواد التي تمت الإشارة إليها في قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية من ضرورة عدم التمييز في العضوية على أساس الجنس فقد جاءت الأنظمة الداخلية للأحزاب متناولة لهذا الشأن على النحو التالي:
1 - نصت (المادة 11) من النظام الداخلي للمؤتمر الشعبي العام على أن “العضوية حق لكل يمني ويمنية” وتوجد في دوائره المتخصصة (دائرتين متخصصة للمرأة)، أما البرنامج السياسي للمؤتمر فقد نصَّ في باب الأسس والثوابت على أن “النساء شقائق الرجال والتمايز بين الجنسين لا يصلح للتفاضل ولا يبرر عدم المشاركة الفاعلة للمرأة في الحياة العامة”.
2 - التجمع اليمني للإصلاح جاء في (المادة 6) من النظام الأساسي بأنه “يقبل في عضوية الإصلاح كل يمني ويمنية بشكل عام) وتوجد قطاعات نسوية للإصلاح في كل منطقة. وتوضح (المادة 64) على إنشاء أمانة للتنظيم النسائي تتولى مسؤولية العمل في قطاع المرأة. ولم يشر البرنامج السياسي للإصلاح إلى حقوق سياسية للمرأة إلا أن الإصلاح يقبل بمشاركة المرأة في التصويت ولكنه لم يقدم أي مرشحات في أي انتخابات نيابية أو محلية.
3 - أكدت المادة العاشرة من النظام الداخلي للحزب الاشتراكي اليمني على أن “الحزب يشجع المرأة اليمنية على الانخراط في الحياة العامة ويدعمها في مطالبها الأساسية ويساعدها في نيل المزيد من المكاسب الحقوقية والشرعية والدستورية” وأوضحت (المادة 11) بأن “يكون عضواً في الحزب الاشتراكي اليمني كل يمني ويمنية لديه الرغبة في الانضمام...”، ويشير البرنامج السياسي للحزب في موضوع الديمقراطية وحقوق الإنسان الفقرة (9) على ضمان حق المرأة في ممارسة النشاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وكفالة حقها في الانتخابات والترشيح إلى مجلس النواب ومجالس الحكم المحلي.
4 - تشير (المادتان 6، 7) من النظام الداخلي للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري على أن عضوية التنظيم اختيارية لكل مواطن يمني يتقدم بطلب العضوية على أن العضوية تمنح لكل مواطن يمني وفقاً للنظام، وينص النظام على إنشاء (اتحاد النساء الوحدوي) الذي يتحمل مسؤولية العمل لتنفيذ برنامج التنظيم وبوجه خاص ما يتعلق بالمرأة وتربيتها على الروح الوطنية والقومية والإسلامية.
ويفرد التنظيم في برنامجه السياسي جزءاً خاصاً للمرأة والأمومة والطفولة إلا أنه يقدم رؤية للاهتمام بالمرأة من الناحية الاجتماعية بتحسين وضعها الاجتماعي للدفع في اتجاه نيل حقوقها التي كفلها الإسلام والتأكيد على ضرورة تعليم المرأة وتأهيلها للقيام بدورها في بناء المجتمع. ولا يوجد ما يشير صراحة على حقها في المشاركة السياسية العامة رغم محاولات التنظيم المتواضعة لترشيح نساء في الانتخابات النيابية.
5 - حزب البعث العربي الاشتراكي (قطر اليمن) نصت المادة السابعة من نظامه الداخلي على أن “لكل مواطن أو مواطنة داخل اليمن أوفي المهجر الحق في طلب الانتماء للحزب” وفي باب الأسس والثوابت من برنامجه السياسي الفقرة الخامسة “أن حق المرأة في التمتع بحقوق المواطنة كاملة غير منقوصة حق مكفول لها للاستفادة من إسهاماتها ودورها الفاعل والمؤثر في بناء المجتمع وتنميته وتطويره فالمرأة نصف المجتمع إذا لم تكن كله بالنظر لأهمية وخطورة دورها في تنمية النشء وتربيته”. ورغم التأكيد على حق المواطنة الكاملة إلا أننا نجد النظرة للدور الاجتماعي للمرأة هي المقدمة دوماً حيث تؤكد الفقرتان (11، 13) من الجانب الاجتماعي للبرنامج على ضرورة الاعتناء بالمرأة باعتبارها جزءاً أساسياً من أهداف عملية التغيير الاجتماعي والعمل على إنشاء مجلس أعلى للأمومة والطفولة.
ونخلص هنا إلى القول إن البرامج السياسية للأحزاب تكاد تكون منسوخة وهي حريصة على عدم الإشارة بوضوح إلى السعي لوجود تمثيل نسائي لائق ومحدد بنسب كمية في الحياة السياسية الحزبية والعامة.
ثانياً:- المرأة في الهيئات القيادية للأحزاب السياسية :-
وبعد أن استعرضنا ما جاء عن المرأة في الأنظمة الداخلية والبرامج السياسية للأحزاب الرئيسة الممثلة في البرلمان نأتي إلى وضع المرأة في الهيئات القيادية لهذه الأحزاب (مكتب سياسي ولجنة مركزية وما يقابلها) ويمكن استعراض ذلك على النحو التالي:-
أن الأحزاب السياسية على الساحة أعطت مكانة متقدمة للمرأة في هياكلها التنظيمية ,والتي كان يتوقع أن تلعب دوراً متنامياً بالدفع بأعداد متزايدة من النساء للانتخابات السابقة 2006,ويعد هذا موافقة مبدئية من الأحزاب السياسية على نظام الكوتا الذي ينقصه الإقرار القانوني تفادياً لتنصل بعض الأحزاب من الاتفاق تجاه اشتراك المرأة في المشاركة السياسية في ظل المنافسة الانتخابية .
ولأول مرة تتولى المرأة منصب أمين عام مساعد في المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني وخمس سيدات أعضاء في اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام وسيدتان في الأمانة العامة وسيدة في هيئة الرقابة التنظيمية وعدد من المقاعد في اللجنة الدائمة الرئيسية واللجان الدائمة المحلية وفروع للمرأة بالمحافظات، وكذلك على مستوى الدوائر والمديريات والمراكز الانتخابية، ودعم المؤتمر للمرأة يحتل المرتبة الأولى على مستوى بقية الأحزاب. وسيدتان في الحزب الاشتراكي اليمني وسيدة واحدة لكل من التجمع اليمني للإصلاح والتنظيم الوحدوي الناصري .
وتمثل هذه الخطوات للأحزاب السياسية إجراءات مهمة لمناصرة ومساندة قضايا المرأة من قبل القوى السياسية والاجتماعية والثقافية الحديثة.
وواضح مما سبق أن مشاركة المرأة سياسيا في حراك دائم متزامنا مع الحراك الاجتماعي في اليمن منذ تحقيق الوحدة اليمنية ,ورغم تدني مشاركة المرأة اليمنية إلا أنها تعتبر متميزة بالنسبة للدول المجاورة لنا أو بالمقارنة للوضع اليمني قبل 22 مايو 1990، وهذا يؤكد لنا حقيقة واحدة هو التطور الحاصل لوضع المرأة اجتماعياً وثقافياً وسياسياً في اليمن وأنه بمرور الوقت ستحصل المرأة على كافة حقوقها السياسية، إن هي نظمت نفسها وحددت رؤاها لأن الحقوق تنتزع ولا تمنح.
كما يتضح لنا وجود عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية وقانونية أدت إلى تدني مشاركة المرأة في الحياة السياسية ووقفت أمام تحقيق طموحاتها السياسية وهذه العوامل كالتالي:-
عوامل وأسباب تدني المشاركة السياسية للمرأة اليمنية :-
1) عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية :-
على الرغم من إقرار الحكومات اليمنية المتعاقبة لعدد من السياسات والإجراءات التي تستهدف إفساح المجال أمام المرأة للمشاركة في الحياة الديمقراطية ولعب دور فعال تقتضيه حاجات التطور الديمقراطي إلا أن التغيير الاجتماعي والثقافي الذي من خلاله يمكن إدراك هذا الدور في وسط المجتمع تجاه المرأة لم يحدث بعد ...ومن الأسباب التي وقفت أمام المرأة كمشاركة في الحكم وكصانعة قرار ونرى أنها قد برزت أيضاً كمعوقات في مشاركتها وقد تمثلت في التالي:-
1.المرأة اليمنية في بداية سلم صناعة القرار السياسي .
2.معظم صانعات القرار لهن ماضٍ طويل وحاضر في الحياة العامة.
3.معظم صانعات القرار ينحدرن من أسر واعية.
4.بعض صانعات القرار معزولات عن الاتجاهات العالمية .
5.بعضهن ليس لديهن رصيد فكري سوى العمل التربوي .
6. بعضهن ليس لديهن فكرة واضحة ولا يمكن أن يدلين بآرائهن في مواضيع تؤثر في القرار السياسي كالعولمة.
وهكذا يتضح أن حجم مشاركة المرأة سياسياً مازال يتعرض لعدد من الصعوبات الأمر الذي يتطلب توفير بدائل وحلول ناجحة لتجاوز هذه المعوقات .
وبالنسبة لمشاركة المرأة في الحياة البرلمانية فقد حدث لها هي الأخرى حراك وتطور منذ تحقق الوحدة اليمنية المجيدة وهذا الحراك كان نتيجة للحراك الاجتماعي والثقافي الحاصل في اليمن ولكن للأسف فإن هذا التطور كان ضعيفاً جدا وما يزال ويلاحظ ذلك من خلال مشاركة المرأة كمرشحة حيث لا تتعدى عضوية النساء في مجلس النواب عن اثنتين ويعود هذا التدني في مستوى مشاركة المرأة إلى عوامل اجتماعية وثقافية أهمها:-
1. افتقار المرأة المرشحة إلى الدعم والتأييد الجماهيري الشعبي فالمجتمع اليمني لم يعط المرأة التقدير الكافي والثقة .
2. الأمية المتفشية في أوساط المجتمع اليمني فهي تبلغ أكثر من 60 %مما يؤدي إلى عدم معرفة المرأة بحقوقها وواجباتها تجاه نفسها بالإضافة إلى الوعي الاجتماعي المتدني .
3. النظرة السلبية للمرأة المرشحة يقلل من مشاركتها لهذا لا تقبل النساء المشاركة في الحياة السياسية.
4. تعرض المرشحات إلى ممارسات تخرج عن إطار قواعدها الأخلاقية من قبل بعض الأفراد من المجتمع ومن بعض المنافسين أثناء الترشيح كتمزيق ملصقاتها أو التعليق عليها وقذفها بالشتائم ....الخ.
5. الأساليب الدعائية في المعارك الانتخابية لا تسمح ولا تتلاءم مع وضع المرأة اليمنية واللقاء بالناخبين لتفعيل حملتها الانتخابية والزيارات المتكررة والجلوس بمقايل القات ....الخ.
6. نفقات الحملات الانتخابية المكلفة التي لا تستطيع المرأة تأمينها.
7. عدم وجود تدريب وتأهيل للمرشحات.
8. ضعف المشاركة السياسية من خلال انعدام وجود الإناث في قمة الهرم التنظيمي للأحزاب السياسية الفاعلة وبعض الأحزاب ترفض ترشيح المرأة نتيجة لمفاهيم دينية خاطئة .
وفي استطلاع للرأي قام به المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية بالاشتراك مع مؤسسة فريد ريش أيرتب الألمانية حول الموقف الاجتماعي من انتخابات المرأة إلى مجلس النواب 2003م وكانت النتائج إن النسبة الأكثر غير مؤيدة لترشيح النساء وذلك لعدة أسباب كان أبرزها :-
1.أن الوقت لم يحن بعد للمرأة أن تكون في مجلس النواب .
2.أن عمل المرأة في البرلمان يتناقض مع دورها الأسري .
3.أن الشريعة لاتسمح بأن تكون المرأة عضواً في مجلس النواب .
2) عوامل قانونية:-
هناك عوامل قانونية أعاقت المشاركة السياسية للمرأة سواء لاعتلائها لمواقع القرار السياسي أو للحياة البرلمانية ومن هذا:-
ما ينص علية الدستور فيما يتعلق بترشح المرأة لمنصب رئاسة الجمهورية فإن المرأة تواجه نصاً يمكن اعتباره تمييزياً ضدها ويكشف عن الصياغة الذكورية للدستور حيث تنص المادة (107) من الدستور على انه “ كل يمني تتوفر فيه الشروط المحددة فيما يأتي يمكن أن يُرشِّح لمنصب رئيس الجمهورية:-.. ه / أن لا يكون متزوجاً من أجنبية وألا يتزوج أثناء مدة ولايته من أجنبية” ورغم أن هذا الموضوع لم يتم إثارته أثناء تقديم الطلبات من الراغبات في الترشح وتم قبول ملفات النساء المتقدمات للترشيح في الانتخابات الرئاسية 2006م لكن هذا لا يمنع من القول بوجوب التغيير في الدستور الجديد بعد مخرجات الحوار الوطني الشامل بما يمنع أي محاولة لحرمان المرأة من حقها في المشاركة في الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية كما انه من المهم إزالة العوائق التي تحول دون مشاركة المرأة في هذا الجانب وفي الحياة السياسية والاجتماعية برمته.
ومن ذلك ما تنص عليه المادة (108) من الدستور التي تشترط أن “ تعرض أسماء المرشحين الذين تتوفر فيهم الشروط في اجتماع مشترك لمجلسي النواب والشورى للتزكية. ويعتبر مرشحاً لمنصب رئيس الجمهورية من يحصل على تزكية نسبة خمسة في المائة (5 %) من مجموع عدد الأعضاء الحاضرين للمجلسين وتكون التزكية بالاقتراع السري المباشر.” حيث إن اشتراط حصول المرأة على التزكية أسوة بالرجل يتجاهل صعوبات اجتماعية وسياسية تمنع المرأة من الحصول على التزكية بنفس المقدرة التي يتيحها المجتمع للرجل.
أما بالنسبة لحقها في الخوض في الحياة البرلمانية فينص دستور دولة الوحدة في مواده 41 ,42 منح المرأة حق الانتخابات والترشيح للبرلمان من خلال المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين بما فيها حق الترشيح والانتخابات للمناصب المختلفة كما قرر قانون الانتخابات العامة نوفمبر 2001م حق المرأة في الترشيح والانتخابات في المادة 3 منه “يتمتع بحق الانتخاب كل مواطن يمني أو يمنية بلغ من العمر 18 عاماً بحق الانتخاب والترشيح...”.
هذا الأساس القانوني والدستوري دفع بالمرأة للخوض بكل العمليات الانتخابية والمشاركة بفعالية وتقديم أقصى ما لديها لإثبات حقها إلا أن عوامل إجرائية وقفت عائقاً دائماً ومؤثراً سلبياً على نتائج مشاركتها في كل عملية انتخابية وخاصة في الواقع العملي زيادة في العراقيل التي أعاقت تمكين المرأة المرشحة عن مشاركتها وكان أهمها :-
الاشتراطات القانونية الجديدة التي فرضت على المرشحين المستقلين بإيراد شرط تعجيزي من خلال اشتراط وجود 323 مزكياً للمرشح المستقل مع ضرورة حضوره للمحكمة ليوقع ويبصم على تزكية المرشح .
إن صياغة الاشتراط القانوني هذا نجده يتضافر ويتكامل مع القيود الاجتماعية ليفصح عن ميل مناهض للحق المقر في القانون والدستور بل انه يزيل كل اثر واقعي له في الممارسة .كان هذا الشرط من أقوى عوامل إعاقة الترشيح للمستقلين الرجال فما بالك بالمرأة المستقلة وان وجدت نساء استطعن القيام بذلك فعددهن 5 فقط مما يعني ان هناك نساء ربما من رغبن في الترشيح ولكنهن لم يستطعن استكمال هذا الشرط الذي يواجه بعرقلة ومماطلة العمل الروتيني والبيروقراطي في دوائر المحاكم والمكاتب وهذا ما شكا منه المستقلون.
النظام الانتخابي المعمول فيه بالجمهورية اليمنية لا يشجع ترشيح النساء بحيث لا يوجد فيه نسبة مخصصة للنساء (نظام الكوتا) أي تخصيص دوائر مغلقة للنساء بالرغم من أن هذا النظام ليس حلا لمشكلة ترشيح المرأة ولكن التمسك به ولو مرحلياً أمر في غاية الضرورة .
حق الانتخابات باستقلالية واختيار المرأة للمرشح المرغوب فيه لم تحققه المرأه وفقاً لما منحها إياه الدستور والقانون فجمهور النساء دائماً ما يعزل المرشحات من النساء بسبب الأمية السلبية في اتخاذ القرارات الحاسمة فنتيجة اتباع المرأة لزوجها أو الرجل من أسرتها (وهو ما حدث في بعض الدوائر الانتخابية).
إحجام الأحزاب على ترشح النساء ورفض الرجل للدور السياسي للمرأة واستخدام العنف والإشاعات كسبيل للدعاية الانتخابية من أهم المعوقات التي تواجه النساء أثناء ممارسة حقوقهن السياسية.
تأتي أهمية المشاركة السياسية للمرأة كون المرأة جزءًا لا يتجزأ من المجتمع اليمني، وهي الجناح الآخر للوطن، وبدورها تكتمل جميع الأدوار المجتمعية، وقضية مشاركة المرأة في صياغة القرار الوطني هي قضية مجتمعية، تحتاج إلى وعي جميع أفراد المجتمع، ويعتقد البعض أن هذه القضية هي قضية تخص النساء فقط (قضية نسوية)، إلا أن الصحيح هي قضية جميع أفراد المجتمع، فمشاركة المرأة السياسية هي مسؤولية جميع أفراد المجتمع وليست من مسؤولية المرأة، فالمرأة بتكوينها الإنساني الخلقي قادرة على هذه المشاركة، وذلك من خلال التفاعل مع قضايا الرأي العام السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سواء بحضورها الندوات وورش العمل وبالكتابة عنها في الصحف والمجلات وفي المواقع الإلكترونية الإيجابية، كذلك من خلال المشاركة في الانتخابات البرلمانية والبلدية، ترشحاً وانتخاباً، والانضمام إلى الأحزاب السياسية وترؤسها لها، وفي بعض الدول تصل المرأة إلى أن تترشح إلى رئاسة الدولة ورئاسة مجلس الوزراء، وكثير من النساء يتحملن مسؤولية رئاسة مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني في اليمن وهنّ رائدات ومن أمثلة ذلك المغفور لها بإذن الله الأستاذة جمالة البيضاني رئيسة جمعية التحدي.
ولا تختلف أهداف مشاركة المرأة السياسية عن أهداف مشاركة أخيها الرجل، فالمشاركة واحدة وكذلك الهدف، كون الرجل والمرأة يعيشان في مجتمع واحد الذي يعيش ذات الظروف ويعج بالمشاكل التي تتعلق بجميع أفراد المجتمع، فليست هناك مشاكل خاصة بالرجل وأخرى بالنساء، فالجميع يسعى للحصول على حرية الرأي والتعبير، وجميعهم يخضعون لقانون واحد، ولا توجد بنود في الدستور ما يُفرق بين الاثنين باستثناء ما يتعلق ببيولوجية المرأة. فالدستور اليمني يتكلم عن حق المواطن وواجباته وحقوقه سواء كان رجلاً أم امرأة، فعلى سبيل المثال (للمواطنين رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق الانتخاب والترشيح)، (العمل واجب على كل مواطن)، (المواطنون سواء في تولي الوظائف العامة )، (يتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة)، وجاء ذلك بحكم التحولات الديمقراطية بعد قيام الوحدة المباركة في ال22 من مايو 1990 واقترانها بالتعددية بالإضافة الى توجهات النظام الدولي الجديد الداعي الى تعزيز الديمقراطيات وحقوق الإنسان في العالم وإيماناً بدور المرأة وبقدرتها على المشاركة السياسية بجانب أخيها الرجل. فإذا كانت الإجراءات التشريعية موجودة في دستور الجمهورية اليمنية كما هو مُبين أعلاه من أجل النهوض بالمرأة في كافة المجالات وبخاصة في مشاركتها السياسية كذلك يجب أن يكون الدستور الجديد يتضمن نصوصاً دستورية أكثر وضوحاً وجرأه في الدفع بالمشاركة السياسية للمرأة فما هو المُعيق لهذا النهوض؟ إن تمكين المرأة سياسياً لا يتطلب فقط تشريعات وقوانين قيادة تؤمن بذلك وتعمل على تحقيق هذا الهدف؛ أيضاً يحتاج إلى إزالة القيود التي تعرقل نهضتها في كافة المجالات. ويتطلب كذلك حماية حقوق المرأة في العمل وفي تمثيلها في المؤسسات السياسية بما لا يتعارض أو يؤثر سلباً على دورها الأسري، وبما يُحقق تطبيق تلك القوانين التشريعية بحق المرأة أولاً، والذي يضمن ثانياً المشاركة السياسية الفعالة والمطردة للمرأة في المجتمع. وهذا الأمر يتفق مع ما أكدته اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة على تبني سياسات وقرارات تكفل مساواة المشاركة السياسية بينها وبين الرجل دستورياً وقانونياً وحقوقياً، وإلغاء كافة القوانين والتشريعات التي تشكل تمييزاً ضدها. وأن ضعف المشاركة السياسية للمرأة في بلادنا ليس سببها هو المرأة بل لوجود الكثير من المعوقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية.
وتكمن أهمية مشاركة المرأة سياسياً في:
- المشاركة السياسية للمرأة لضمان طرح احتياجاتها لتضمينها في النصوص الدستورية والقوانين والتشريعات وهو ما لا يمكن أن يطرح من قبل الرجل.
- المشاركة السياسية للمرأة جزء لا يتجزأ من حقوقها، وبما يُحقق التنمية البشرية المتكاملة التي تُمكن المرأة من تحقيق أدوارها المجتمعية.
- المشاركة السياسية للمرأة تحقق للمرأة تكافؤ الفرص والعدالة بينها وبين الرجل، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
- المشاركة السياسية للمرأة الفاعلة والجادة تعمل على تغيير الثقافة المجتمعية حيال هذه المشاركة كالعادات والتقاليد المجتمعية خاصة تلك التي تهتم بالذكور أكثر من الإناث.
- المشاركة السياسية للمرأة تجعل من مساهمة المرأة في قضايا بلادها متساوية مع الرجل، وتقضي على سيطرة النخبوية الذكورية، وتمكنها من القضاء على هذا التفرد الذي يعمل على القضاء شيئاً فشيئاً على التمييز ضد المرأة.
رؤى وتوصيات لتعزيز المشاركة السياسية للمرأة اليمنية
يجب ان ننظر الى المشهد العام للمشاركة السياسية بشكل عام والمشاركة السياسية للمرأة بشكل خاص وايضاً حول مدى اعتبار الحق في المشاركة السياسية حقاً من حقوق الإنسان في اليمن ومدى اعتماد مرجعية حقوق الإنسان من طرف اليمن، فإذا كانت حقوق النساء تعتبر اليوم جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان وهي كيان موحّد غير قابل للتجزئة والتقييد فإن الواقع السائد في اليمن يبقى بعيداً عن هذا الاعتبار. كما نؤكد على وجود هوّة بين ما تنص عليه معظم مواد الدستور اليمني من مبدأ المساواة بين الجنسين أو مبدأ المساواة بين المواطنين، ومبدأ عدم التمييز بين الجنسين، وبين ما تضعه بقية القوانين الأخرى من قيود على ممارسة هذه الحقوق، كما أنّها تدخل بعض التمييزات بين الجنسين وبين الحقوق عند المصادقة على بعض الإتفاقيات المتعلّقة بالمرأة، ونؤكد ان ضعف مشاركة المرأة في العملية الانتخابية ومحدودية تمثيل المرأة في مختلف مؤسسات الدولة، وضعف مشاركتهنّ في السلطة التنفيذية اصبح واضحاً جدا . ولا تقتصر هذه الإشكاليات على التمثيل في مواقع إتخاذ القرارت الحكومية بل تمتد إلى منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية.
وهذا يوضح بعض النقاط:
ضعف التجارب الديمقراطية في اليمن التي تؤثر سلباً في التمتع بالحق في المشاركة عامة والمشاركة السياسية خاصة في ظل غياب الحراك الديمقراطي والاجتماعي العام، والذي غالباً ما يكون موسمياً الى جانب القيود الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
محدودية الدور الاجتماعي لحركة حقوق الإنسان عامة وحركة حقوق المراة خاصة.
ضعف الإرادة السياسية الهادفة إلى تفعيل دور ومشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية وفي تفعيل النصوص القانونية المتعلّقة بالمرأة.
عدم مراجعة القوانين المحلية التمييزية حتى تكون ملائمة لأحكام الاتفاقيات الدولية.
ضعف الثقافة السياسية عند المرأة والرجال على حدّ سواء.
تواصل مظاهر التمييز وانتشار الجهل التي تحدّ من التمتّع بالحق في المواطنة.
انتشار ظاهرة العنف على المستويات المختلفة بدءاً من الأسرة ووصولاً إلى الفضاء السياسي.
ظهور الإسلام السياسي وانعكاساته على تسيير السلطات وخاصّة على المشاركة السياسية للمرأة.
تأثير الوضع الاقتصادي على المرأة الذي أفرز ظاهرة الفقر.
ونحن نؤكد على ضرورة ربط المشاركة السياسية للمرأة بحقوق الإنسان التي نصّت عليها المواثيق الدولية ومن أبرزها الحق في الاختلاف والمساواة والاعتراف بالأهلية والكفاءة والحق في الانتخاب والترشّح، وتمّت الإشارة إلى أن استبطان هذه الحقوق يتطلّب إرساء علاقة شراكة مبنية على الانتفاع المتساوي والمتبادل، بالإضافة إلى أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية لا تقتصر على تبوؤ المرأة لمناصب سياسية بل في تنظيم أنفسهنّ في حركات ضاغطة تهدف إلى التأثير في عملية إتخاذ القرار وصنع السياسات.
أمّا آلية الكوتا ورغم أهميتها فإنه يجب أن لا تقتصر على إجراء مرحلي يكتفى به، بل أن تطبّق في ظل استراتيجية ورؤية واضحة تمكّن من توظيفها في زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية وصولاً إلى تمكين المرأة من الممارسة الحقيقية لعملها، وهناك بعض المعوقات تقف أمام مشاركة المرأة سياسياً وهي:
معوّقات قانونية تعود إلى:
ضعف الإرادة السياسية في بلورة قوانين تقوم على المساواة في الحقوق وعدم اقتصارها على المساواة أمام القانون.
مصادر التشريع المعتمدة والتي تقيّد مشاركة المرأة في الحياة السياسية .
عدم احترام اليمن لالتزاماتها عند المصادقة على الإتقاقيات الدولية، وافتقار تلك الإتفاقيات لآليات إلزامية وإقتصارها على آليات توعوية.
معوّقات اجتماعية وثقافية
ضعف الثقافة السياسية والمدنية.
سيطرة الموروث الاجتماعي والنظام الأبوي القائم على عادات وتقاليد وقيم تمييزية.
استمرارية التقسيم التقليدي للأدوار ما بين المرأة والرجل ..
تعدّد الأدوار التي تقوم بها المرأة داخل وخارج البيت، يحول ما بينها وبين إمكانية مشاركتها في الحياة العامة.
معوقات ذاتية
تعود إلى عدم وعي المرأة بأهمية دورها السياسي كنتيجة للتربية العائلية والمدرسية التي تتلقاها منذ الصغر.
ارتفاع نسبة الأميّة النسائية في اليمن.
ارتفاع نسبة الأمية القانونية.
ضعف تناول حركة المرآة اليمنية لمسألة المشاركة السياسية وعدم التعامل معها كقضية مجتمعية عامّة غير مقتصرة على المرأة، وفعاليات ضاغطة لانتزاع حقوقها لأن الحقوق تنتزع ولا تمنح.
معوقات سياسية
غياب التقاليد الديمقراطية.
الهيمنة الحزبية، والنظرة الحزبية الدونية للمرأة.
عدم تمتع المرأة اليمنية بالمواطنة الكاملة.
معوقات دينية
اعتماد تفاسير الدين لتكريس التمييز .
تعدد المدارس الفقهية واختلاف تفسيراتها.
فتاوى التكفير والتشهير ضد أي إبداع.
هذا بجانب انتشار العنف ضد المرأة و العنف هو التمييز ضد المرأة وانتهاك حقوقها والاعتداء على كيانها المعنوي والجسدي والجنسي. ونؤكد على أن العنف يبدأ داخل الأسرة ويمتد إلى المجتمع كالشارع والمدرسة ومؤسسات الدولة ومراكز العمل، ويرتبط بالموروث الثقافي الذي يقوم على مبدأي الإخضاع والسيطرة، وغياب الحريات العامّة والديمقراطية، ونتفق على أنّ العنف يؤثّر على المشاركة السياسية بإنشائه لعلاقة غير متوزانة وتابعة بين المرأة والرجل .
وختاماً فإننا نوصي القيادة السياسية وحكومة الوفاق ومؤتمر الحوار الوطني الشامل بما يلي:
ضرورة توفر الإرادة السياسية للقيادة العليا بتعزيز المشاركة السياسية للمرأة اليمنية.
تضمين ما يخص المرأة ويعزز من مشاركتها السياسية في نصوص دستورية واضحة وصريحة ومراجعة القوانين والتشريعات السابقة المتعلقة بالمشاركة السياسية للمرأة.
المصادقة على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (1979) والبروتوكول الاختياري الملحق بها من قبل الحكومة ، وضرورة نشر تلك الاتفاقية على المستوى المحلي وتضمينها في التشريعات الوطنية.
أن يكون مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ما يعزز من المشاركة السياسية للمرأة.
أن تعمل الحكومة على تبني برامج واستراتيجيات وسياسات وإجراءات تعزز من المشاركة السياسية الفاعلة للمراة اليمنية.
ضرورة مراجعة القوانين التمييزية لتتلاءم مع أحكام الاتفاقيات الدولية، وتعديل القوانين التمييزية الخاصة بالأحوال الشخصية بما يضمن المساواة بين الجنسين داخل المجتمع.
سن قوانين رادعة لحماية المرأة من العنف ولحمايتها من كلّ تهديد وتضييق تتعرّض إليه كنتيجة لانخراطها في العمل السياسي.
إعداد خطط وبرامج عمل لتفعيل الدور السياسي للمرأة .
مراجعة القوانين السياسية المحلية لضمان حقّ المرأة في المشاركة السياسية والتنصيص على التدابير التمييزية الاستثنائية، مثل قاعدة الكوتا، لتأكيد تواجد المراة في الهياكل التمثيلية.
توفير قاعدة معلومات وإحصائيات حول ظاهرة العنف المسلّط على المراة لاعتمادها كأساس للقيام بدراسات حول متابعة ومراقبة الظاهرة، وكذا دراسات دورية لتقييم المشاركة السياسية للمرأة.
توصيات موجهة إلى الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني
إشراك المرأة في مختلف التكوينات والهياكل التنظيمية للأحزاب والتنظيمات السياسية، وتبني مواقف وسياسات واضحة وبرامج علمية هادفة تعزز من المشاركة السياسية للمرأة اليمنية.
نشر الوعي بأهمية الاتفاقيات الدولية والعمل على تبسيطها حتى يسهل استعمالها من قبل المواطنات والمواطنين.
مراجعة الأحزاب والتنظيمات السياسية لمواقفها من المشاركة السياسية للمرأة اليمنية باعتبارها نصف المجتمع.
إعداد ونشر الدراسات حول أثر العنف على مشاركة المرأة في الحياة السياسية وإيصالها للأطراف المعنية .
الضغط على الحكومة من أجل إعادة النظر في السياسات والتشريعات الخاصة بحماية المرأة من كافة أشكال العنف الذي تتعرض له.
إعداد وتوجيه التقارير المتعلقة بالعنف ضد المرأة وتوجيهها إلى السلطات المعنية.
التدريب على إعداد التقارير البديلة (تقارير الظل) للتقارير الرسمية المعدّة من قبل الدولة حول مدى تطبيق اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
التنسيق بين الجهات البحثية والأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني المختلفة لإعداد دراسات تطبيقية حول العنف والجهل والأمية وأثره على مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
توعية المرأة حول ضرورة كسر جدار الصمت المطبق حول العنف
التوجّه إلى الهياكل القضائية واستخدام الآليات الدولية المتاحة لحماية المرأة من العنف.
استخدام وسائل الإعلام المختصة للكشف عن ظاهرة العنف المسلّط على المرأة ولتقديم صورة جديدة مختلفة عن الصور السائدة في الإعلام والتي تكرّس دونية المرأة.
إعداد مدربين ومدربات حول التعامل مع قضايا العنف والمشاركة السياسية.
استهداف المناطق النائية والريفية بحملات توعية لمناهضة العنف ضد المرأة .
الضغط على الحكومة بتوجيه الإعلام الرسمي لتناول قضايا المشاركة السياسية للمرأة اليمنية باعتبارها مشكلة مجتمعية ذات أهمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.