مشهد آخر يتكرّر كل يوم في الحياة الأسرية، بطله في أغلب الظروف رجل محملق بعينيه على شاشة جوّاله الصغيرة، تعلو ملامحه بين الفينة والأخرى مختلف تعابير ,وعلامات الفرح , الحزن والضحك ,العبوس , والضيق , والتهلّل .. وفي اليد الأخرى (ريموت) التلفاز يتنقّل بين الحين والآخر بين قنوات (التيه ,والفراغ ) بحثاُ عن (البرتقالة ) .. تجلس بالقرب منه تحدّثه لساعات لا يجيبها بحرف واحد سوى بكلمة واحدة تكسر صمت ذاك المساء المُمل , والرتيب, (ها أيش؟) تعيد ما قالته ثانية ,وثالثة, ولا جواب .. في صباح اليوم التالي يعلو صراخه حتى يصل الى أبعد مدى منكراً أنها قد أخبرته بأن المدرسة طلبت حضوره ،وبأن غاز المطبخ قد نفد فلا يوجد ما يؤكل وأخبرته أثناء انشغاله بالجوال والتلفاز ,ويمين له بأنها لم تخبره يتكرر مشهد تبادل الاتهامات والخلاف كل يوم .. هو في البيت وليس في البيت!! فهل لتطوّر وسائل التكنولوجيا ,ووفرة القنوات الفضائية ,علاقة في تدمير العلاقات الزوجية والإنسانية ؟ حول ذلك استطلعنا بعض الآراء فكانت كالتالي: حوّلت حياتنا لكل هذه الرتابة ,والفتور تقول الاخت (دينا ) معلمة : إنها لم تعد تهتم إن كان يتحدّث على (الواتس اب) مع فتيات أو يشاهد رقصاً ,وأغاني فهي تدرك في قرارة نفسها انه في الأخير ماله إلا بيته ,وأولاده,وليس العالم الافتراضي , كما أنها ملّت من كثرة مشاكل الغيرة وترى أن مشاكلهم خفت وطأتها بعد أن اشترى لها زوجها تلفازاً ,وللأولاد ,فأصبحت أنا ,والأولاد, نعيش في جانب المنزل الآخر, وأصبح هو منزوياً في المجلس لا اعرف حتى متى ينام لأني أنام في وقتي المحدد لأصحو أجهّز الأولاد واذهب بهم الى المدرسة وهو وبسبب السهر بالكاد يستطيع الصحو مبكراً ليلحق بصمة الدوام ,لأنني أجد صعوبة بالغة في إيقاظه وعادة ما تنتهي تلك المهمة بمشكلة يرتفع فيها صوته عالياً ,وكثيراً تجنباً لتلك المشكلة الصباحية لم اعد أحاول إيقاظه وإن تأخر عن الدوام حمّلني الذنب والمسؤولية.. باختصار في كل الحالات دوماً ما يلقي باللوم عليّ حتى المذاكرة ومراجعة الدروس للأولاد أصبحت مهمة خاصة بي فقط ولا علاقة له بها مطلقاً أحياناً ألعن وسائل التكنولوجيا الحديثة وأشعر أنها هي من حوّلت حياتنا الى كل هذه المشاكل وكل هذه الرتابة ,والفتور. قنوات هابطة يقول الأخ جميل اليوسفي: نعم لها تأثير كبير، شخصياً زوجتي كل يوم تعمل لصاحب ومخترع الفيس بوك ألف لعنة والسبب عندما أقضي أكثر الوقت أمام النت وأرى أن الحل في قاعدة أسرية وأخلاقية نصحنا بها رسولنا الكريم حيث قال (وإن لأهلك عليك حقاً) أما عن القنوات فيرى: إن هذا يعتمد في الدرجة الاولى على الرجل وأسلوب الإقناع الذي من خلاله يسمح بقنوات مفيدة ينصح بمشاهدتها ويحذر من مشاهدة ألقنوات الهابطة وهكذا. تقول الاخت يُمنى أحمد: معظم الناس بسببها يقصرون رجال ونساء بمعنى طول الوقت جلسة لمتابعة المسلسلات والفيس والواتس اب والمطبخ آخر الحسابات وكله من السوق .. تجربة رأيتها من خلال أقارب. أما عزوز السامعي فيؤكد من جانبه ويقول: إنها تدمير لفكرة الإنسانية بشكل عام وليس العلاقات الإنسانية فحسب .. أنا مثلاً أشعر إنني لم اعد إنساناً كما كنت في السابق. تهدّد النسيج الاجتماعي ويقول خالد الفضول، كاتب وناشط : إن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يعتبر كارثة تهدّد النسيج الاجتماعي داخل الأسرة ، فعندما الزوجان يهدران الوقت في التواصل الالكتروني فبالتأكيد سينعكس ذلك سلباً على الأسرة والعلاقة الزوجية. ويقول الأخ هاني القحطاني : إن وسائل الاتصال والقنوات الفضائية هي من ضمن مدمّرات الأسرة اليوم وليست الوحيدة لكنها مساهمة ولها تأثير كبير. ويقول محمد العماد، مصوّر فوتوغرافي : في اعتقادي أن تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال الحديثة هو سلاح ذو حدين فقد تكون نعمة نستفيد منها إذا أحسنا استخدامها واستغلالها فيما ينفعنا ..وقد تكون نقمة تسبب لنا الكوارث والمشاكل الكثيرة داخل الأسرة والتفكك الأسري في الأسرة والمجتمع بشكل عام إذا لم نحسن استغلالها الاستغلال النافع والمفيد للفرد والمجتمع، فنجد أن تكنولوجيا الاتصالات تؤثر تأثيراً كبيراً على العلاقات الزوجية و سمحت بقدر كبيرمن الحرية في تبادل المعلومات وخدمات الاتصال بالأنترنت وإقامة الصداقات و العلاقات في الفضاء الالكتروني بسهولة ويسر، بالإضافة إلى أنها تمكّن الإنسان من ممارسة أشكال عديدة من الاتصالات متجاوزاً بذلك حدود الجغرافيا والمكان وتدخل عليه الكثير من الثقافات والعادات السيئة..لكن ما نلاحظه هو أنها تجعل الإنسان ينشغل الساعات الطوال أمام الشاشة تاركاً زوجته وأولاده ومهملاً واجباته الزوجية و يهمل تربيه أولاده مما يجعله الحاضر الغائب في البيت وبما يحدث الفتور في علاقته بزوجته ويدفعها هي الأخرى إلى الابتعاد عن زوجها وبيتها وأولادها والجلوس أمام هذه الشاشة لتعويض ما ينقصها من فراغ ويجعلها عرضة للكثير من الإغراءات ينتج عن ذلك تفكك الأسرة وتصدعها ويحس أفرادها بالغربة داخل الأسرة نفسها وكلٌّ تكون له حياته الخاصة لا يشعرون بالتواصل فالتعامل مع التكنولوجيا ينبغي أن لا يكون على حساب الأسرة. عالم غير حقيقي طه صالح يبرر ذلك بقوله: إن الانترنت يخلق لنا عالماً آخر غير العالم الحقيقي يخلق لنا عالماً تستطيع أن تكون فيه ما تريد وعندما يعودون للواقع تبدأ المشاكل ويقع الاختلاف. هشام بداح، يدافع عنها بمبرر. اعتقد لا. لأن جدي وجدتي (اتشارعوا) زمان و ما كان في تلفزيون إلا إذا هم كانوا يستمعوا لقصص الراديو لا اعرف؟ بينما يؤكد ذلك ياسر المليكي: ويرى أنها تتحمل ما تصل نسبته إلى 50 % من تدمير العلاقات الزوجية. وهذا ما يراه ايضاً تميم السامعي إذ يقول: أكيد وليس اعتقاداً فكم والله من أسره كانت تنعم بالحب والسعادة حتى أتت وسائل التكنولوجيا التي والله دمّرت أسراً وخرّبت بيوتاً ويتّمت أطفالاً ورمّلت نساءً سواد كانت مسلسلات هدامة تحمل في طياتها أفكاراً غريبة عن عادات مجتمعنا وقيم ديننا وأخلاقنا مثل ،مسلسل مهند ونور وقرأتم إحصائيات الطلاق التي وقعت بسبب هذا المسلسل.. وغيره كثير. إلى جانب المصيبة الأكبر والأدهى والأمر وهي وسائل الاتصال . النت و الواتس اب والإسكايبي والفيبر وغيرها من وسائل الاتصال التي والله كانت سبب كل المشاكل الحاصلة بين الأسر وكم سمعنا وكم قرأنا عن هذه القصص .. أعاذنا الله وإياكم وكل المسلمين من هذه البلايا والمحن. الحب هو الأساس الأزواج وعلاقتهم ببعض.. هي من تتحمل مسؤولية ذاك الفتور والتدمير.. هكذا بدأ حديثه مصطفى السروري حيث يؤكد: ان العلاقة الزوجية المبنية على المحبة والحرص على الاهتمام بالآخر ومراعاة مشاعره والمبنية على الثقة والأخلاق والقيم الدينية لايزعزعها زلزال ولا بركان، أما العلاقة الزوجية الهشة المبنية على عدم الاقتناع أو تكون العاطفة من طرف واحد دون تفاهم فهي كالطلاء المائي إذا ما هطل عليه المطر عانى المحو وانكشف ماتحته. سوء استخدام الشاعر أحمد أبو النصر يرى: إن كل ذاك التدمير والفتور الذي يصيب العلاقة الزوجية سببه فقط سوء استخدام تلك الوسائل من قبل احد الطرفين سوا كان الرجل أم المرأة. عبدالسلام علوان : يرى أن كل وسيلة وكل شيء له في الأول والأخير حدان وكذلك هو الأمر مع وسائل الاتصال وقنوات التلفاز فهي سلاح ذو حدين. المستوى العلمي ويرى طارق البنا : إن مدى تأثيرها على العلاقات الزوجية يعتمد برأيي على المستوى العلمي والفكري لكلا الزوجين ، فكلما ارتفع هذا المستوى كلما انخفض ذاك التأثير.. لكن في ظل مجتمع متخم بالأمية والجهل ، فإن بيئة كهذه تبدو مناسبة تماماً لنمو مثل هذه المشاكل ، خاصة في ظل عدم وجود محددات ومعالم رئيسية يلتقي تحت ظلها كل أفراد الأسرة التي تبدأ مفاصلها بالتفكك حين ينعزل كل فرد منها ، فيلتجئ كل فرد منها إلى جهازه الخاص ليخلُد إليه هارباً من ضجيج الأسرة التي لم يعد بعضها يفهم البعض الآخر ، معتقدين أن هذا هو الحل ، بينما ذلك ليس سوى هروب من المشكلة ، ومراكمة مرعبة لها! عامل مساعد أميرة الأديمي(أستاذة جامعية ) تقول : ليست أساساً ولكنها مؤكد عامل مساعد..اقصد هنا: إن العلاقة تكون في بداية تدمير فتزيد التكنولوجيا من ذاك التدمير وبدلاً من تداركها وتحسينها والبحث عن حلول .. يتم وللأسف الهرب منها إلى وسائل التكنولوجيا وهنا يكتمل التدمير فعلاً..لكن لو أن العلاقة جيدة ومتينة برأيي لا يمكن لأية وسيلة تدميرها. علاقة إلكترونية سحر العريقي (أستاذة جامعية) أيضاً تقول : بالتأكيد لها ثأتير وتأثير كبير أيضا، ًفالتكنولوجيا ووفرة وسائل الاتصال والقنوات الفضائية جعلت العلاقات في معظمها الكترونية هذا من ناحية .. ومن ناحية أخرى جعلت الناس لا يقتنعون بما لديهم. وتقول عن ذلك أحلام حلمي ،طالبة جامعية : برأيي إن التقنيات الحديثة لوسائل التكنولوجيا تؤثر سلباً في العلاقات الزوجية والإنسانية بشكل عام ولكن يمكن تفادي ذلك وتقليل الآثار السلبية بخلق نظام أسري ينظم أوقات استخدام الانترنت, ومشاهدة القنوات بحيث تكون الاستفادة من ايجابيات تلك التقنيات دون إضرار بالعلاقات.