الأحزاب والمكوّنات السياسية تدعو المجلس الرئاسي إلى حماية مؤسسات الدولة وتحمل مسؤولياته الوطنية    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    المرتضى: تم التوقيع على اتفاق انتشال وتسليم الجثامين من كل الجبهات والمناطق    ذمار.. مقتل مواطن برصاص راجع إثر اشتباك عائلي مع نجله    النائب العام يأمر بالتحقيق في اكتشاف محطات تكرير مخالفة بالخشعة    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    فتح ذمار يفوز على فريق 22 مايو واتحاد حضرموت يعتلي صدارة المجموعة الثالثة في دوري الدرجة الثانية    مجلس الأمن يطالب بالإفراج الفوري عن موظفي الأمم المتحدة المحتجزين لدى سلطة صنعاء    علماء وخطباء المحويت يدعون لنصرة القرآن وفلسطين    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    مؤسسة الاتصالات تكرم أصحاب قصص النجاح من المعاقين ذوي الهمم    شباب عبس يتجاوز حسيني لحج في تجمع الحديدة وشباب البيضاء يتجاوز وحدة حضرموت في تجمع لودر    القاعدة تضع السعودية والإمارات في مرمى العداء وتستحضر حديثًا لتبرير العنف في أبين وشبوة    تحذيرات للمزارعين مما سيحدث الليلة وغدا ..!    الشيخ أمين البرعي يعزي محافظ الحديدة اللواء عبدالله عطيفي في وفاة عمه احمد عطيفي    شبوة تنصب الواسط في خيمة الجنوب    الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من 20 عاما    الرئيس الزُبيدي: نثمن دور الإمارات التنموي والإنساني    مصلحة الجمارك تؤيد خطوات الرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    لملس يتفقد سير أعمال تأهيل مكتب التعليم الفني بالعاصمة عدن    أبناء العمري وأسرة شهيد الواجب عبدالحكيم فاضل أحمد فريد العمري يشكرون رئيس انتقالي لحج على مواساته    سوريا.. قوة إسرائيلية تتوغل بريف درعا وتعتقل شابين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    السلطة المحلية بمحافظة لحج تعلن دعمها الكامل لقرارات الرئيس عيدروس الزبيدي واستعادة دولة الجنوب    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة الدكتور "بامشموس"    هدوء في البورصات الأوروبية بمناسبة العطلات بعد سلسلة مستويات قياسية    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    سياسي عماني: خيبة أمل الشرعية من بيان مجلس الأمن.. بيان صحفي لا قرار ملزم ولا نصر سياسي    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    حوادث الطيران وضحاياها في 2025    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    قراءة أدبية وسياسية لنص "الحب الخائب يكتب للريح" ل"أحمد سيف حاشد"    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    خطوة إنسانية تخفف المعاناة.. السعودية ترحب باتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    مستشار الرئيس الاماراتي : حق تقرير المصير في الجنوب إرادة أهله وليس الإمارات    فقيد الوطن و الساحه الفنية الشاعر سالم أحمد بامطرف    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    صلاح ومرموش يقودان منتخب مصر لإحباط مفاجأة زيمبابوي    الخارجية الروسية: روسيا تؤكد تضامنها مع فنزويلا على خلفية التصعيد في البحر الكاريبي    فنان تشكيلي يتلقى إشعاراً بإخلاء مسكنه في صنعاء ويعرض لوحاته للبيع    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة 14 أكتوبر.. مشوار طويل من الكفاح المسلح
نشر في الجمهورية يوم 12 - 10 - 2013

تكمن عظمة ثورة 14 أكتوبر المجيدة أنها «ثورة إنسانية» أنهت حكم استعمارياً بريطانياً لجنوب اليمن سابقاً عُرف عنه جبروته واستبداده الذي لايرحم.
وبمناسبة احتفالات بلادنا بالعيد ال 50 لقيام «ثورة 14 أكتوبر» المجيدة أعددنا هذه المادة التي استعرضنا فيها مراحل المقاومة اليمنية ضد الاستعمار البريطانياً البغيض.كيف استعمرت عدن؟
لقد تطرقت الكثير من المصادر التاريخية إلى الإجابة الحقيقية على هذا السؤال، حيث أفادت أنه توالت على عدن الكثير من القوات الطامعة والكثير من الدول الاستعمارية، ولقد كان من أهم تلك الدول هي الدولة التي لاتغيب عنها الشمس «بريطانيا» التي قامت ببعض المقدمات لاحتلال عدن، فأرسلت في بداية الأمر الكابتن «هينس» أحد ضباط البحرية إلى منطقة خليج «عدن» في عام 1835م وذلك لمعرفة مدى صلاحية المنطقة لتكون قاعدة بحرية ومستودعاً للسفن البريطانية،ولقد أشار الضابط البريطاني «هينس» في تقريره إلى ضرورة احتلال عدن لأهميتها الاستراتيجية وكان ولابد للإنجليز من عذر لاحتلالهم لمدينة عدن..ولقد ساقت لهم الصدف حادثة استغلوها استغلالاً جماً ، ففي عام 1837م جنحت سفينة هندية «داريا دولت» والتي كانت ترفع العلم البريطاني بالقرب من ساحل عدن ادّعى الإنجليز أن سكان عدن هاجموا السفينة ونهبوا بعض حمولتها وأن ابن سلطان لحج وعدن كان من المحرضين على نهب السفينة.. وهنا كان لابد للإنجليز استغلال ذلك ولقد مضى من وقوع الحادثة شهر وحينها زادت بريطانيا من أهمية ادعائها من أجل السيطرة الكاملة على البحر الأحمر وجعلت عدن كمحطة تعمل على تمويل سفنها بالوقود وجعلها قاعدة عسكرية تهيمن على المنطقة العربية، فكتب قائد السفينة في البحر الأحمر إلى مدير البحرية الهندية وكان ذلك في 6 يوليو 1837م كتب إليه التقرير التالي:(يشرفني أن أعلمكم أنه لدى وجودي في عدن خلال شهر ابريل تبينت أن البضاعة التي تمت استعادتها من السفينة المحطمة «داريا دولت» والتي تحمل العلم الإنكليزي والعائدة إلى المدارس كانت مطروحة في السوق بأقل من ثلث قيمتها..) وهنا وبعد هذه الرسالة التي كتبها «كوماندر هينز» تحقق لنا مدى نوايا الإنجليز وإقرارهم في الاستيلاء على عدن حيث تقوم الحكومة البريطانية بإرسال الكابتن هينس لإجراء مفاوضات مع سلطان لحج ولكنها باءت بالفشل وبعد محاولة سلطان لحج إعادة البضائع المسروقة ودفع قيمة ماتلف أو ماقد تم بيعه منها إلا أن الضابط البريطاني هينس لم يوافق على ذلك، لأن بريطانيا كانت تريد عدن نفسها.
الاستيلاء على عدن
وفي عام 1839م أعدت حكومة الهند البريطانية الإجراءات للاستيلاء على عدن وقامت ببعض المناوشات بين العرب في عدن وبعض جنود السفن البريطانية المسلحة والتي رابطت بالقرب من ساحل عدن انتظاراً لوصول السفن الباقية وفي 19 يناير 1839م قصفت مدفعية الأسطول البريطاني مدينة عدن ولم يستطع الأهالي الصمود أمام النيران الكثيفة وسقطت عدن في أيدي الإنجليز بعد معركة غير متكافئة بين أسطول وقوات الإمبراطورية البريطانية من جانب وقوات قبيلة العبدلي من جانب آخر.
عدن مستعمرة بريطانية
وكما ذكرنا آنفاً أن البريطانيين سيطروا على عدن في عام 1839م وعندما أصبحت مستعمرة بحد ذاتها وتابعة للتاج البريطاني كانت عدن آنذاك أكثر تقدماً وعمراناً ونسبة التعليم كانت مرتفعة بين سكانها، وذلك كان نتاج الإدارة الإنجليزية للمدينة،وأما المناطق القبلية المحيطة بها مثل حضرموت وشبوة وأبين وغيرها فكان وضعها التعليمي والاجتماعي لم يختلف كثيراً عن المناطق الشمالية لليمن سابقاً.. حيث إن الإنجليز قد عقدوا معاهدات صداقة مع سلاطين القبائل المحيطة في عدن وكعادتهم كانوا يدعمون من تبدو فيه بوادر التعاون معهم ضد الآخرين وكانوا يرصدون النزاعات بين السلاطين ودون تدخل مباشر ومتبعاً معهم سياسة«فرق تسد» ومنح الرتب والنياشين للسلاطين.
إضرابات عدن
وفي مارس عام 1956م شهدت مدينة عدن حوالي ثلاثين إضراباً عماليا،ً وفي شهر يونيو من العام نفسه قام الثوار اليمنيون في منطقة بيحان والواقعة في محافظة شبوة بالهجوم على المركز الحكومي.. وفي خريف عام 1957م أثارت الأحداث التي شهدتها مصر إثر العدوان الثلاثي عليها من قبل إسرائيل وفرنسا وبريطانيا وحينها غضب الشعب اليمني فازدادت وتيرة العمل الوطني ضد الاستعمار والتواجد البريطاني في مستعمرة عدن والمحميات الشرقية «السلطنة الكثيرية والقعيطية والمهرية» والغربية فعمل الاستعمار على زيادة التوغل في المناطق الريفية ولاسيما المناطق المحاذية لأراضي المملكة المتوكلية في شمال اليمن سابقاً وفي فبراير 1957م شهدت المحميات الغربية أكثر من 50 حادثة معظمها إطلاق نار على المراكز البريطانية وعلى المسئولين المحليين في كل من ردفان وحالمين والضالع.
وفي 24 فبراير 1957م نصب حوالي «16» رجلاً من قبيلة الأزارق كميناً لدورية عسكرية بريطانية والتي كانت تتكون من 22 فرداً من أفراد قوات الكاميرون مايلاندرو أسفر الكمين عن مقتل اثنين من الدورية البريطانية وإصابة ستة بجروح وفي شهر أغسطس من العام نفسه بدأت انتفاضة قبيلة الشعار في إمارة الضالع فتضامن معهم أبناء القبائل الأخرى، وعند مرور القوات العسكرية والخارجية من عدن عبر لحج لقمع تلك الانتفاضة وزعت منشورات في لحج والتي كانت تدعو أفراد جيش الليوي والحرس الحكومي إلى الثورة والهروب من الخدمة العسكرية ولقد تم رمي تلك القوات أثناء مرورها في مدينة لحج بالحجارة وانتفضت حينها قبائل بيحان ودثينة وقامت القوات البريطانية باعتقال العديد منهم وصادرت الممتلكات..
احتلال سلطنة لحج
وفي عام 1958م رفض سلطان لحج علي عبدالكريم الانضمام إلى اتحاد الإمارات للجنوب العربي وإثر ذلك أرسلت بريطانيا في شهر إبريل 1958م 4 آلاف جندي وتدعمهم الأسلحة الثقيلة واحتلت السلطنة وتحت مبرر اكتشاف مخازن للأسلحة والذخائر، وإثر ذلك نزح جزء من قوات سلطان لحج إلى مدينة تعز وبلغ عددهم 45 ضابطاً و300 جندي.. وفي 22 إبريل 1958م قامت قبائل الشاعري والدكام والحميدي والأحمدي والأزرقي والمخاربة وجحافة وبني سعيد وحالمين وردفان باحتلال مركز السرير في جبل جحاف بقصد السيطرة عليه وأما في يافع السفلى فقد نشب خلاف بين السلطان محمد عيدروس والبريطانيين على أسعار القطن والذي كانت تتحكم به السلطات البريطانية فعملت بريطانيا على عزل السلطان محمد عيدروس والذي قاوم الإجراءات البريطانية واستمرت العمليات القتالية بين السلطان عيدروس والقوات البريطانية من فبراير 1958م وإلى إبريل 1961م واستخدمت القيادة العسكرية البريطانية كل وسائل التدمير ضد قوات السلطان بما فيها الطيران والذي دمر تدميراً كاملاً معقل السلطان محمد عيدروس في قلعة «القارة» الحصينة في منطقة يافع وإثرها نزح السلطان عيدروس إلى مدينة تعز.
انتفاضة القبائل
وأما في 19 يوليو 1958م فاندلعت انتفاضة قبائل سيسان والمناهيل في حضرموت.. كما قامت قبائل الربيزي في العوالق. في مارس عام 1959م بإجبار القوات البريطانية على الانسحاب من المراكز العسكرية والتي أقاموها في العوالق فقامت القوات البريطانية بقصف مناطق تلك القبائل بواسطة الطيران مما أدى إلى استشهاد عدد من الثوار وأحرقت المزارع وأُبيدت المواشي وتشردت الأسر ولجأ الثوار إلى الجبال لمواصلة المقاومة.
و خلال الفترة من 1956م 1958م شهدت الانتفاضة الثورية في المحميات الغربية والشرقية اطراداً في الكم والكيف نتيجة للمد الثوري العربي و الذي خلفته الثورة العربية في مصر منذ قيامها في عام 1952م وتنامي الوعي الوطني بأهمية النضال ضد المستعمر وعندما ما شعر الإمام أحمد في الشمال بخطورة تنامي الوعي الوطني وما سوف يشكله أيضاً من خطورة على ملكه وحكمه توصل إلى حلول مع البريطانيين بمنع كافة أشكال الدعم والمساندة على رجال المقاومة الشعبية في الجنوب فكان نتاج ذلك زيادة الهجمة العسكرية البريطانية ضد القبائل الثائرة والتي لم تجد معظمها وخاصة القيادات من وسيلة سوى اللجوء إلى المناطق الشمالية من اليمن أو الهجرة إلى دول عربية.. ولكن القيادات التي لجأت إلى شمال اليمن “سابقاً” وقبل قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م حاولت أن تتخذ من الشمال قاعدة لانطلاقتها النضالية ضد المستعمر البريطاني.. وتكونت في عام 1957م جبهة أسميت “العاصفة العدنية” بقيادة محمد عبده نعمان الحكمي، الأمين العام للجبهة الوطنية المتحدة وكانت تذيع برنامجاً إذاعياً من إذاعة صنعاء وباسم “صوت الجنوب” ولكن الإمام رفض أي نشاط لهم في صنعاء فعملت مجموعة من المناضلين على تكوين تجمع جديد لهم في منطقة البيضاء الحدودية برئاسة محمد عبده نعمان الحكيمي ومقبل باعزب وباشتراك عدد من رؤساء القبائل وأسسوا هيئة تحرير الجنوب اليمني المحتل وحصلوا على بعض الأسلحة من مصر وكان ذلك في عام 1960م ولكن الإمام لم يسمح بخروج هذه الأسلحة من ميناء الحديدة.
مؤتمر دار السعادة
وفي 24 فبراير 1963م عقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر “القوى الوطنية اليمنية” والذي حضره أكثر من ألف شخصية سياسية واجتماعية ومستقلة إلى جانب عدد من الضباط الأحرار وقادة من فرع حركة القوميين العرب ،ولقد توصل المجتمعون خلال أعمال المؤتمر إلى اتفاق لتوحيد جميع القوى الوطنية اليمنية في إطار جبهة موحدة وجرى في المؤتمر استحداث مكتب تكون مهمته وضع مشروع ميثاق مؤقت للتنظيم الجاري تشكيله وذلك على هيئة نداء إلى جميع القوى التي تؤمن بوحدة الحركة الوطنية اليمنية في النضال لحماية النظام الجمهوري والدفاع عن ثورة سبتمبر الخالدة وتحرير الجنوب من الاحتلال الأجنبي.. حيث استقر الرأي على تسمية هذه الجبهة باسم “جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل” وأخذت في أغسطس من نفس العام تسميتها النهائية “الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل، أساس الاعتراف بالثورة المسلحة أسلوباً وحيداً وفعالاً لطرد الاستعمار البريطاني ولقد تمخض هذا المؤتمر عن تشكيل لجنة تحضيرية من الشخصيات والقيادات المشاركة فيه وكان على رأسها قحطان محمد الشعبي وبعد اجتماعات عدة عقدتها اللجنة التحضرية أقرت في 8 مارس 1963م نص الميثاق القومي والذي كان يتألف من مذكرة والميثاق نفسه.
تأسيس الجبهة القومية
وفي 19 أغسطس 1963م تم إعلان تأسيس الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل وتم تشكيل قيادة الجبهة من 12 شخصياً وقد تكونت الجبهة من خلال اندماج سبعة تنظيمات سرية أعلنت إيمانها بالكفاح المسلح وهي حركة القوميين العرب والجبهة الناصرية في الجنوب المحتل والمنظمة الثورية لجنوب اليمن المحتل والجبهة الوطنية والتشكيل السري للضباط والجنوب الأحرار وجبهة الإصلاح اليافعية ومن ثم التحق ثلاثة تنظيمات أخرى بالجبهة القومية وهي منظمة الطلائع الثورية بعدن ومنظمة شباب المهرة والمنظمة الثورية لشباب جنوب اليمن المحتل.. وفي أغسطس 1963م استقبل أبناء ردفان الثوار العائدين من شمال الوطن بقيادة غالب بن راجح لبوزة وذلك بعد مشاركتهم في الدفاع عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م.
انطلاق شرارة الثورة
انطلقت الشرارة الأولى لثورة 14 أكتوبر ضد الاستعمار البريطاني من جبال ردفان وبقيادة راجح لبوزة وشنت السلطات الاستعمارية حملات عسكرية غاشمة استمرت لستة أشهر وضربت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة وتشرد على إثرها آلاف المدنيين العزل واتبعت القوات البريطانية في هجماتها وغاراتها على مناطق ردفان سياسة الأرض المحروقة وخلفت كارثة إنسانية فظيعة جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال اللاإنسانية.. وبعد ذلك نفذ أحد الفدائيين في 10 ديسمبر 1963م عملية فدائية بتفجير قنبلة في مطار عدن في إطار الكفاح ضد الاحتلال البريطاني وأسفرت عن إصابة المندوب السامي البريطاني “تريفاسكس” بجروح ومصرع نائبه القائد “جورج هندرسن” كما أصيب بإصابات مختلفة 35 من المسئولين البريطانيين وبعض وزراء حكومة الاتحاد والذين كانوا يهمون بصعود الطائرة والتوجه إلى لندن لحضور المؤتمر الدستوري والذي أرادت بريطانيا من خلاله الوصول مع حكومة الاتحاد إلى اتفاق يضمن الحفاظ على المصالح الاستراتيجية لها في عدن، ولقد كانت هذه العملية الفدائية هي التي أعاقت هذا المؤتمر وهي البداية التي نقلت الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني من الريف إلى المدينة وفي 11 ديسمبر 1963م صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة قضى بحل مشكلة الجنوب المحتل وحقه في تقرير مصيره والتحرير من الحكم الاستعماري البريطاني.. وفي عام 1965م اعترفت الأمم المتحدة بشرعية كفاح شعب الجنوب طبقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
معركة الثوار
ولقد بدأت في 7 فبراير 1964م أول معركة للثوار اليمنيين والذين استخدموا فيها المدفع الرشاش في قصف مقر الضابط البريطاني في ردفان وفي 3 إبريل 1964م شنت ثماني طائرات مرتبة بريطانية هجوماً عدوانياً على قلعة حريب في محاولة للضغط على الجمهورية العربية اليمنية “سابقاً” لإيقاف الهجمات الفدائية المسلحة التي يشنها فدائيو الجبهة القومية من على أراضيها.. وفي 28 إبريل 1964م شن مجموعة من فدائيي حرب التحرير هجوماً على القاعدة البريطانية في الحبيلين “ردفان” وقامت ضد الثوار في قرى وسهول ردفان والتي أدت إلى تدمير المنازل في المنطقة.. كما أسقطت منشورات تحذيرية للثوار والذين أسمتهم بالذئاب الحمر ،وفي 22 مايو 1964م أصاب ثوار الجبهة القومية في ردفان طائرتين بريطانيتين من نوع هنتر النفاثة.. وفي 8 مارس 1967م أصدرت الجامعة العربية قراراً تشجب فيه التواجد البريطاني في جنوب اليمن وفي 2 إبريل 1967 حدث إضراب عام شل كافة أجهزة العمل في مدينة عدن والتي دعت إليه الجبهة القومية وجبهة التحرير في وقت واحد.. وفي 3 إبريل 1967م نفذ فدائيو حرب التحرير عدة عمليات عسكرية ناجحة ضد عدة مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني في مدينة الشيخ عثمان بمدينة عدن وكبدوا خلالها القوات الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وسقط عدد من الشهداء في صفوف الفدائيين وبعدها تمكن الفدائيون في 20 يونيو 1967م من السيطرة على مدينة كريتر ولمدة أسبوعين وفي 21 يونيو 1967م سيطر ثوار الجبهة القومية في إمارة الضالع علىعاصمتها ومعهم آلاف المواطنين الذين دخلوها في مسيرة حافلة وتبع ذلك سيطرتهم على مشيخة المفلحي في 12 أغسطس 1967م بعد أن زحفت عليها بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الثوار..
وفي 28 سبتمبر 1967م تأسست إذاعة المكلا التي انطلقت باسم “صوت الجبهة القومية” لتحرير الجنوب اليمني المحتل، وفي 5 نوفمبر 1967م أعلنت قيادة الجيش الاتحادي في جنوب الوطن وقوفها إلى جانب الثورة ودعمها للجبهة القومية وذلك بعد أن باتت غالبية المناطق تحت سيطرتها.
الحصول على الاستقلال
وفي 14 نوفمبر 1967م أعلن وزير الخارجية البريطاني “جورج براون” أن بريطانيا على استعداد تام لمنح الاستقلال لجنوب الوطن اليمني “سابقاً” وبدأت المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية في 21 نوفمبر 1967م من أجل نيل الاستقلال وانسحاب القوات البريطانية من جنوب الوطن وجرى في ختامها توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان محمد الشعبي ووفد المملكة البريطانية برئاسة اللورد شاكلتون وبعد ذلك بدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن في 26 نوفمبر 1967 وغادر الحاكم البريطاني عامفري تريفليان.
وفي 30 نوفمبر 1967م تم جلاء آخر جندي بريطاني عن عدن وإعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية “سابقاً” وبعد احتلال دام 129 عاماً وأصبحت الجبهة القومية إبان حرب التحرير تتولى مسئولية الحكم وتولى أمين عام الجبهة قحطان محمد الشعبي رئاسة الجمهورية وشكلت أول حكومة يمنية برئاسة قحطان الشعبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.