هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    عناصر الانتقالي تقتحم مخبزا خيريا وتختطف موظفا في العاصمة الموقتة عدن    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. جرف وهدم عشرات المنازل في صنعاء    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    18 محافظة على موعد مع الأمطار خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للأرصاد والإنذار المبكر    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    خطر يتهدد مستقبل اليمن: تصاعد «مخيف» لمؤشرات الأطفال خارج المدرسة    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    اسباب اعتقال ميليشيا الحوثي للناشط "العراسي" وصلتهم باتفاقية سرية للتبادل التجاري مع إسرائيل    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    اعتراف أمريكي جريء يفضح المسرحية: هذا ما يجري بيننا وبين الحوثيين!!    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



14 أكتوبر حكاية ثورة ضد الاستعمار البريطاني
نشر في الجمهورية يوم 14 - 10 - 2013

توالت على عدن الكثير من القوات الطامعة والكثير من الدول المستعمرة، ولقد كان من أهم تلك الدول بريطانيا فقد قامت بريطانيا ببعض المقدمات لاحتلال عدن فأرسلت في بداية الأمر الكابتن هينز أحد ضباط البحرية إلى منطقة خليج عدن عام 1835 وذلك لمعرفة مدى صلاحية المنطقة لتكون قاعدة بحرية ومستودعاً للسفن البريطانية.. وقد أشار هينز في تقريره إلى ضرورة احتلال عدن لأهميتها الاستراتيجية فكان لا بد للإنجليز من عدن وكان أيضاً لا بد أن يبرروا احتلالهم لعدن وقد ساقت لهم الصدف حادثة استغلوها استغلالاً جماً ففي عام 1837 جنحت سفينة هندية (دوريادولت) ترفع العلم البريطاني بالقرب من ساحل عدن وادعى الإنجليز أن سكان عدن هاجموا السفينة ونهبوا بعض حمولتها وان ابن سلطان لحج وعدن كان من المحرضين على نهب السفينة..
وهنا كان لابد للإنجليز من استغلال هذه الفرصة، فبعد حوالي شهر من وقعها عندما زادت حاجة بريطانيا للسيطرة على البحر الأحمر وجعل عدن كمحطة تعمل على تمويل سفنها بالوقود وجعلها قاعدة عسكرية تهيمن على المنطقة العربية ككل.
وهنا تحقق مدى نوايا الإنجليز في الاستيلاء على عدن وتتطور الأمور وترسل الحكومة البريطانية الكابتن هينز لإجراء مفاوضات مع سلطان لحج ولكنها باءت بالفشل بعد محاولة سلطان لحج اعادة البضائع المسروقة ودفع قيمته ما تلف أو بيع منها إلا أن هينز لما يوافق لأن بريطانيا كانت تريد عدن نفسها.
وفي عام 1839م اعدت حكومة البريطانية الإجراءات للاستيلاء على عدن وقامت ببعض المناوشات بين العرب في عدن وبعض جنود السفن البريطانية المسلحة التي رابطت بالقرب من ساحل عدن انتظاراً لوصول السفن الباقية والتي ظلت ثلاثة ايام في 19 يناير 1839 قصفت مدفعية الاسطول البريطاني مدينة عدن ولم يستطع الأهالي الصمود امام النيران الكثيفة وسقطت عدن في ايدي الإنجليز بعد معركة غير متكافئة بين اسطول وقوات الامبراطورية البريطانية من جانب وقوات قبيلة العبدلي من جانب آخر.
خروج قوات محمد علي باشا وانفراد بريطانيا بالسلطة ومن هنا بدأت متاعب الحكم المصري في اليمن بعد سقوط عدن في ايدي البريطانيين فقد بدأ هينز اتصالاته بمشاريع المناطق الجنوبية الواقعة تحت نفوذ المصريين يعزيهم بالهدايا والمرتبات ويحثهم على التمرد على الوالي المصري ولكن الأحوال تطورت بسرعة بعد تحالف الدول الكبرى ضد محمد علي باشا وانتهى الامر بانسحاب القوات المصرية من اليمن في عام 1840 وانفردت بريطانيا وحدها بمقدرات جنوب اليمن كله وبدأت انجلترا عشية احتلالها لعدن في تنفيذ سياسة التهدئة في المنطقة حتى تضمن استقرار الأمور في عدن بما يحقق مصالحها الاستراتيجية والتجارية والبحرية فعقدت مع سلطان لحج معاهدة للصداقة ومنحته راتباً سنوياً إلا أن هذا لم يجد نفعاً ان حاول سلطان لحج استعادة عدن ثلاث مرات في عامي 1840 و1841 إلا أن تلك المحاولات لم تنجح للفارق الهائل في تسليح القوتيين.
ولكن قد تمت سيطرة البريطانيين على عدن عام 1839 عندما قامت شركة الهند الشرقية بإرسال مشاة البحرية الملكية إلى شواطئ المدينة و كانت تحكم كجزء من الهند البريطانية إلى سنة 1937 عندما أصبحت مستعمرة بحد ذاتها تابعة للتاج البريطاني كانت عدن أكثر تقدماً وعماراً ونسبة التعليم كانت مرتفعة بين سكانها نتاج الإدارة الإنجليزية للمدينة, أما المناطق القبلية المحيطة بها حضرموت و شبوة و أبين و غيرها لم تختلف كثيراً عن المناطق الشمالية لليمن.
معاهدات صداقة
عقد الإنجليز معاهدات صداقة مع سلاطين القبائل المحيطة بعدن و كعادتهم كانوا يدعمون من تبدو فيه بوادر التعاون معهم ضد الآخرين و كانوا يرصدون النزاعات بين السلاطين دون تدخل مباشر في خمسينيات القرن العشرين تأثر أهالي المستعمرة من العرب بخطابات جمال عبد الناصر و الأغاني الثورية الصادرة عن إذاعة القاهرة و كان لسياسات الإنجليز التعسفية و المتجاهلة لمطالب العرب في عدن دور رئيس في تنامي تلك المشاعر وكان لوجود هيئات مجتمع مدني أثر كبير على المطالبين بإسقاط حكم الإمامة في شمال البلاد, فتزايدت أعداد النازحين من الشمال مما سبب قلقاً للمستعمر البريطاني فعرض إقامة ما عرف باتحاد الجنوب العربي وهو اتحاد فيدرالي يجمع خمس عشرة سلطنة منتشرة في أرجاء المستعمرة أملاً في تخفيف حدة المطالب الداعية للاستقلال الكامل.
ظهور حركات مقاومة
و ظهرت حركات مقاومة مثل جبهة التحرير القومية المدعومة من المصريين وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل المختلفة في التوجهات عن السابقة وأعلنت حالة في 10 ديسمبر 1963 عندما ألقى عناصر من جبهة التحرير القومية قنبلة أدت إلى مقتل المندوب البريطاني السامي.. واستمرت هجمات الفصائل حتى انسحبت القوات البريطانية عن عدن في 30 نوفمبر 1967 قبل الموعد المقرر من قبل رئيس الوزراء البريطاني هارولد ويلسون و قامت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وقامت الثورة لتحقيق أهداف ال 14 من أكتوبر.
ومن هنا شهدت عدن حوالي 30 إضراباً عمالياً في مارس 1956، وفي يونيو من العام نفسه قام الثوار في بيحان محافظة شبوة بالهجوم على المركز الحكومي،
وفي خريف عام 1956م أثارت الأحداث - التي شهدتها مصر، إثر العدوان الثلاثي على مصر من قبل إسرائيل وفرنسا وبريطانيا - غضب الشعب اليمني، فازدادت وتيرة العمل الوطني، ضد التواجد البريطاني في مستعمرة عدن والمحميات الشرقية السلطنة الكثيرية والقعيطية والمهريه والغربية، فعمل المستعمرون على زيادة التوغل في المناطق الريفية لاسيما المحاذية لأراضي المملكة المتوكلية في الشمال.. وقد شهدت المحميات الغربية في فبراير 1957 أكثر من خمسين حادثة معظمها إطلاق نار على المراكز البريطانية وعلى المسؤولين المحليين في كلٍ من ردفان وحالمين والضالع، وفي 24 فبراير 1957 نصب (16) رجلاً من قبيلة الأزارق كميناً لدورية عسكرية بريطانية تتكوّن من 22 فرداً من أفراد قوات الكاميرون مايلاندر أسفر عن مقتل اثنين من الدورية وإصابة ستة بجروح. وفي أغسطس أو سبتمبر من العام نفسه بدأت انتفاضة قبيلة الشعار في إمارة الضالع، فتضامن معهم أبناء القبائل الأخرى، وعند مرور القوات العسكرية الخارجة من عدن عبر لحج لقمع تلك الانتفاضة وزعت منشورات في لحج تدعو أفراد جيش الليوي والحرس الحكومي إلى الثورة والهروب من الخدمة العسكرية، وتمّ رمي تلك القوات أثناء مرورها بلحج بالحجارة، كما انتفضت قبائل بيحان ودثينة وقامت القوات البريطانية باعتقال العديد منهم وصادرت الممتلكات.
وفي عام 1958 رفض سلطان لحج علي عبد الكريم الانضمام إلى اتحاد الإمارات للجنوب العربي ، فأرسلت بريطانيا في أبريل 1958م 4000 جندي تدعمهم الأسلحة الثقيلة واحتلت السلطنة، تحت مبرر اكتشاف مخازن للأسلحة والذخائر، وإثر ذلك نزح جزء من قوات سلطان لحج إلى تعز وبلغ عددهم 45 ضابطاً و300 جندي. وفي 22 أبريل 1958 قامت قبائل الشاعري والدكام والحميدي والأحمدي والأزرقي والمحاربة وجحافة وبني سعيد وحالمين وردفان باحتلال مركز السرير في جبل جحاف بقصد السيطرة عليه، أما في يافع السفلى فقد نشب خلاف بين السلطان محمد عيدروس والبريطانيين على أسعار القطن الذي كانت تتحكم به السلطات البريطانية، فعملت بريطانيا على عزل السلطان محمد عيدروس الذي قاوم الإجراءات البريطانية، فاستمرت العمليات القتالية بين السلطان عيدروس وقوات الاحتلال البريطاني من فبراير 1958 إلى أبريل 1961 ، واستخدمت القيادة العسكرية البريطانية كل وسائل التدمير ضد قوات السلطان بما فيها الطيران الذي دمر تدميراً كاملاً معقل السلطان محمد عيدروس في قلعة (القارة) الحصينة في يافع وعلى إثرها نزح السلطان عيدروس إلى تعز.
وفي 19 يوليو 1958 اندلعت اتنفاضة قبائل سيسان والمناهيل في حضرموت، كما قامت قبائل الربيزي في العوالق في مارس 1959 بإجبار القوات البريطانية على الانسحاب من المراكز العسكرية التي أقاموها في العوالق، فقامت القوات البريطانية بقصف مناطق تلك القبائل بواسطة الطيران ما أدى إلى استشهاد عدد من الثوار وأحرقت المزارع، وأبيدت المواشي وتشردت الأسر ولجأ الثوار إلى الجبال لمواصلة المقاومة.
خلال الفترة من 1956 - 1958 شهدت الانتفاضة (الثورة) في المحميات الغربية والشرقية اطراداً في الكم والكيف نتيجة للمد الثوري العربي الذي خلفته الثورة العربية في مصرَ منذ قيامها في عام 1952 وتنامى الوعي الوطني بأهمية النضال ضد المستعمر، واستفادت المقاومة الشعبية من الدعم المحدود الذي قدمه الإمام أحمد لها؛ إلا أنّ التراجع الذي أقدم عليه الإمام أحمد بعد أن شعر بخطورة تنامي الوعي الوطني في الشمال والجنوب على حدٍ سواء ضد حكمه والحكم البريطاني، فتوصل إلى حلول مع البريطانيين قام إثرها بقطع كافة أشكال الدعم والمساندة على رجال المقاومة الشعبية، فكان نتاج ذلك زيادة الهجمة العسكرية البريطانية ضد القبائل الثائرة التي لم تجد معظمها - وخاصة القيادات - من وسيلة سوى اللجوء إلى المناطق الشمالية أو الهجرة إلى دول عربية مثل الكويت والسعودية.
العاصفة العدنية
ومع ذلك فإنّ تلك القيادات التي لجأت إلى الشمال، قبل قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 حاولت أن تتخذ من الشمال قاعدة لانطلاقتها النضالية ضد المستعمر، وتكوَّنت في عام 1957 جبهة أسميت (العاصفة العدنية) بقيادة محمد عبده نعمان الحكيمي الأمين العام للجبهة الوطنية المتحدة وكانت تذيع برنامجاً إذاعياً من إذاعة صنعاء باسم (صوت الجنوب)، لكن الإمام رفض أي نشاط لهم في صنعاء، فعملت مجموعة من المناضلين على تكوين تجمع جديد لهم في منطقة البيضاء الحدودية برئاسة محمد عبده نعمان الحكيمي ومقبل باعزب وباشتراك عدد من رؤساء القبائل وأسسوا هيئة تحرير الجنوب اليمني المحتل وحصلوا على بعض الأسلحة من مصرَ عام 1960 لكن الإمام لم يسمح بخروج هذه الأسلحة من ميناء الحديدة.
في 24 فبراير 1963 عقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر (القوى الوطنية اليمنية) حضرت أكثر من 1000 شخصية سياسية واجتماعية ومستقلة، إلى جانب عدد من الضباط الأحرار وقادة من فرع حركة القوميين العرب. وقد توصل المجتمعون خلال أعمال المؤتمر إلى اتفاق لتوحيد جميع القوى الوطنية اليمنية في إطار جبهة موحدة, وجرى في المؤتمر استحداث مكتب تكون مهمته وضع مشروع ميثاق مؤقت للتنظيم الجاري تشكيله، وذلك على هيئة نداء إلى جميع القوى التي تؤمن بوحدة الحركة الوطنية اليمنية في النضال لحماية النظام الجمهوري والدفاع عن ثورة سبتمبر الخالدة، وتحرير الجنوب اليمني من الاحتلال الأجنبي، حيث استقر الرأي على تسمية هذه الجبهة باسم "جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل" أخذت في أغسطس من نفس العام تسميتها النهائية (الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل) على أساس الاعتراف بالثورة المسلحة أسلوباً وحيداً وفعالاً لطرد المستعمر, وقد تمخض عن هذا المؤتمر تشكيل لجنة تحضيرية من الشخصيات والقيادات المشاركة فيه كان على رأسها قحطان محمد الشعبي، وبعد اجتماعات عدة عقدتها اللجنة التحضيرية وأقرت في 8 مارس 1963 نص الميثاق القومي الذي كان يتألف من مذكرة والميثاق نفسه، وبرز في صدر الميثاق شعار الجبهة «من أجل التحرر والوحدة والعدالة الاجتماعية». و نشرت في مايو 1963 الوثيقة الموضحة للخط السياسي لهذا التنظيم.
وفي 19 أغسطس 1963 تم إعلان تأسيس (الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل) وتم تشكيل قيادة الجبهة من 12 شخصاً, وقد تكونت الجبهة من خلال اندماج سبعة تنظيمات سرية أعلنت إيمانها بالكفاح المسلح، وهي: حركة القوميين العرب، الجبهة الناصرية في الجنوب المحتل، المنظمة الثورية لجنوب اليمن المحتل، الجبهة الوطنية، التشكيل السري للضباط والجنود والأحرار، وجبهة الإصلاح اليافعية (تشكيل القبائل)، ثم التحقت ثلاثة تنظيمات أخرى بالجبهة القومية، وهي: منظمة الطلائع الثورية بعدن، منظمة شباب المهرة، والمنظمة الثورية لشباب جنوب اليمن المحتل.
وفي أغسطس 1963 استقبل أبناء ردفان الثوار العائدين من شمال الوطن بقيادة غالب بن راجح لبوزة، بعد مشاركتهم في الدفاع عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الوليدة.
بداية الثورة
انطلقت الشرارة الأولى لثورة 14 أكتوبر في اليمن الجنوبي في 1963 ضد الاستعمار البريطاني، وذلك من جبال ردفان، بقيادة راجح لبوزة ، وشنت السلطات الاستعمارية حملات عسكرية غاشمة استمرت ستة أشهر، ضربت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة، تشرد على إثرها آلاف المدنيين العزل.. واتّبعت القوات البريطانية في هجماتها وغاراتها على مناطق ردفان سياسة "الأرض المحروقة"، وخلفت كارثة إنسانية فظيعة جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال اللا إنسانية.
وفي 10 ديسمبر 1963 نفذ خليفة عبد الله حسن خليفة عملية فدائية بتفجير قنبلة في مطار عدن في إطار الكفاح ضد الاحتلال البريطاني، وأسفرت عن إصابة المندوب السامي البريطاني (تريفاسكس) بجروح ومصرع نائبه القائد جورج هندرسن، كما أصيب أيضاً بإصابات مختلفة 35 من المسؤولين البريطانيين وبعض وزراء حكومة الاتحاد الذين كانوا يهمون بصعود الطائرة والتوجه إلى
لندن لحضور المؤتمر الدستوري الذي أرادت بريطانيا من خلاله الوصول مع حكومة الاتحاد إلى اتفاق يضمن الحفاظ على المصالح الاستراتيجية لها في عدن, وكانت هذه العملية الفدائية التي أعاقت هذا المؤتمر هي البداية التي نقلت الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني من الريف إلى المدينة.
وفي 11 ديسمبر 1963 صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، قضى بحل مشكلة الجنوب اليمني المحتل وحقه في تقرير مصيره والتحرر من الحكم الاستعماري البريطاني. وفي عام 1965 اعترفت الأمم المتحدة بشرعية كفاح شعب الجنوب طبقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
أول معركة للثوار
بدأت في 7 فبراير 1964 أول معركة للثوار اليمنيين استخدموا فيها المدفع الرشاش في قصف مقر الضابط البريطاني في ردفان (لحج)، وفي 3 أبريل 1964 شنت ثماني طائرات حربية بريطانية هجوماً عدوانياً على قلعة حريب، في محاولة للضغط على الجمهورية العربية اليمنية ، لإيقاف الهجمات الفدائية المسلحة التي يشنها فدائيو الجبهة القومية من أراضيها. وفي 28 أبريل 1964
شن مجموعة من فدائيي حرب التحرير هجوماً على القاعدة البريطانية في الحبيلين (ردفان) ، وقامت طائرات بريطانية في 14 مايو 1964 بغارات ضد الثوار في قرى وسهول ردفان، أدت إلى تدمير المنازل في المنطقة، كما أسقطت منشورات تحذيرية للثوار الذين أسمتهم ب «الذئاب الحمر» وفي 22 مايو 1964 أصاب ثوار الجبهة القومية في ردفان طائرتين بريطانيتين من نوع"هنتر" النفاثة.
الكفاح المسلح
انطلق الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وأعوانه في إمارة الضالع بتاريخ 24 يوليو 1964 بقيادة علي احمد ناصر عنتر، عقب عودة عدد من الشباب من تعز الذين خضعوا فيها لدورة تدريبية عسكرية دامت شهرين لينضموا إلى صفوف الرجال العائدين من شمال الوطن بعد مشاركتهم في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر في صفوف الحرس الوطني. وقد تلقى الثوار كل الدعم من إخوانهم في الشمال، فعاد قادتهم من تعز ومعهم السلاح والذخائر والقنابل اليدوية.
اشتدت العمليات الفدائية على قوات الاستعمار وأصدرت قانون الطوارىء في 19 يونيو 1965 وحظرت بموجبه نشاط الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، واعتبرتها حركة إرهابية، وقامت بأبعاد 245 مواطناً من شمال اليمن.
عقدت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل مؤتمرها الأول في تعز بتاريخ 22 يونيو 1965، وأعلنت فيه موقفها الثابت لمواصلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني حتى جلائه عن أرض الوطن. واعتبرت نفسها الممثل الوحيد لأبناء الجنوب اليمني المحتل. وأقرت في هذا المؤتمر لائحتها الداخلية والميثاق الوطني.
في 30 يوليو 1965 هاجمت فرقة ثورية بقيادة علي احمد ناصر عنتر سرية بريطانية كانت قد تمركزت بنفس اليوم حول دار أمير الضالع، لتعزيز الحراسات لحمايته من هجمات الثوار، وأصيب خلالها القائد الميداني علي شائع هادي بثلاث طلقات رصاص.. وفي 25 أغسطس 1965 رفضت الجبهة القومية نتائج مؤتمر جدة بين الرئيس جمال عبد الناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة، والملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، ونعتته ب"مؤتمر الخيانة"، ورفضت أي حلول أو تسوية مع الملكيين باعتبار ذلك تهديدا للنظام الجمهوري وإضعافاً للثورة في الجنوب.
اعلنت بريطانيا في 2 أكتوبر 1965 عزمها البقاء في عدن حتى عام 1968 مما ادى لانتفاضة شعبية عنيفة ضد البريطانيين في المدينة اسفرت عن خسائر كبيرة بشرية ومادية.
أصدرت الخارجية البريطانية "الكتاب الأبيض" في 22 فبراير 1966 الذي أعلن رسمياً قرار بريطانيا القاضي بمنح مستعمرة عدن والمحميات الاستقلال مطلع 1968. شكلت الجبهة القومية في 5 ابريل 1966 ، لجنة لجمع التبرعات من المناطق الشمالية، استهلت اللجنة عملها من لواء إب حيث بادر المسؤولون والمشايخ والمواطنون بالتبرع بالمال والحبوب بأنواعها وأسهموا بنقلها إلى قعطبة.
وفي 22 ابريل 1966 أسقط ثوار جيش التحرير طائرة بريطانية أثناء قيامها بعملية استطلاعية لمواقع الثوار في الضالع والشعيب، فأرسلت السلطات الاستعمارية للغاية نفسها طائرة أخرى، فكان مصيرها كسابقتها، ما جعل القوة الاستعمارية وأعوانها تشدد من قصفها للقرى وتنكل بالمواطنين فيها.
في 28 يوليو 1966 نفذ فدائيون في حضرموت عملية قتل الكولونيل البريطاني جراي ، قائد جيش البادية. وكان هذا الضابط هو الذي نفذ عملية اغتيال المناضلة الفلسطينية رجاء أبو عماشة عند محاولتها رفع العلم الفلسطيني مكان العلم البريطاني أثناء فترة الانتداب البريطاني لفلسطين.
وبعدها أعلنت الحكومة البريطانية في أغسطس 1966 اعترافها بقرارات منظمة الأمم المتحدة لعامي 1963 و1965 الذي أكدت فيه حق شعب الجنوب اليمني المحتل في تقرير مصيره.
ففي 31 ديسمبر 1966 قام ثوار جيش التحرير بهجوم مباغت على القاعدة البريطانية في الضالع، أدى إلى مقتل ثلاثة جنود وإصابة ثمانية آخرين، وتدمير ثلاث سيارات «لاند روفر» وإحراق عدد من الخيام بما فيها من مؤن ومعدات.. في غضون ذلك وحّد ثوار الضالع وردفان والشعيب هجماتهم على القوات الاستعمارية وأعوانها من خلال تشكيل فرقة قتالية مشتركة أسموها «الفرقة المتجولة» بقيادة علي شايع هادي.
وفي 5 أكتوبر 1966 قدم ثوار الشمال الدعم الشعبي والعسكري الكبير لإخوانهم في الجنوب ، وذلك بدأً من الضالع وحتى وصولهم إلى عدن، مما أدى إلى الضرر الأكبر في صفوف القوات البريطانية، والهزيمة الساحقة في نفوس قوات الاحتلال البريطاني.
مظاهرات حاشدة
في 15 فبراير 1967 خرجت جماهير غفيرة في عدن في مظاهرات حاشدة معادية للاستعمار البريطاني وهي تحمل جنازة رمزية للشهيد مهيوب علي غالب (عبود) الذي استشهد أثناء معركة ضد القوات الاستعمارية في مدينة الشيخ عثمان.
أصدرت الجامعة العربية في 8 مارس 1967 قراراً تشجب فيه التواجد البريطاني في جنوب اليمن. وفي | 2 ابريل 1967 حدث إضراب عام شل كافة أجهزة العمل في مدينة عدن، دعت إليه الجبهة القومية و جبهة التحرير في وقت واحد.
في 3 ابريل 1967 نفذ فدائيو حرب التحرير عدة عمليات عسكرية ناجحة ضد مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني في مدينة الشيخ عثمان بعدن، كبدوا خلالها القوات الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وسقط خلالها عدد من الشهداء في صفوف الفدائيين.
تمكن الفدائيون في 20 يونيو 1967 من السيطرة على مدينة كريتر لمدة أسبوعين.
وفي 21 يونيو 1967 سيطر ثوار الجبهة القومية في إمارة الضالع على عاصمتها ومعهم آلاف المواطنين الذين دخلوها في مسيرة حافلة يتقدمهم علي احمد ناصر عنتر.. وتبع ذلك سيطرة الجبهة القومية على مشيخة المفلحي في 12 أغسطس 1967 بعد أن زحفت عليها بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة.
تأسست إذاعة المكلا في 28 سبتمبر 1967 التي انطلقت باسم "صوت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل". و في 5 نوفمبر 1967 أعلنت قيادة الجيش الاتحادي في جنوب الوطن المحتل وقوفها إلى جانب الثورة ودعمها للجبهة القومية، بعد أن باتت غالبية المناطق تحت سيطرتها.
الإستقلال
وفي 14 نوفمبر أعلن وزير الخارجية البريطاني (جورج براون) استعداد بريطانيا لمنح الاستقلال لجنوب الوطن اليمني في 30 نوفمبر 1967 وليس في 9 يناير 1968، كما كان مخططاً له سابقاً.
بدأت المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية في 21 نوفمبر 1967 من أجل نيل الاستقلال وانسحاب القوات البريطانية من جنوب الوطن.. وجرى في ختامها توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان محمد الشعبي ، ووفد المملكة المتحدة (بريطانيا) برئاسة اللورد شاكلتون.
و بدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن في 26 نوفمبر 1967، وغادر الحاكم البريطاني هامفري تريفليان.
وفي 30 نوفمبر 1967 تم جلاء آخر جندي بريطاني عن مدينة عدن، وإعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماً، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم ، وتولى أمين عام الجبهة قحطان محمد الشعبي رئاسة الجمهورية وشكلت أول حكومة برئاسة قحطان الشعبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.