- عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    الإنتقالي يرسل قوة امنية كبيرة الى يافع    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    "صفقة سرية" تُهدّد مستقبل اليمن: هل تُشعل حربًا جديدة في المنطقة؟..صحيفة مصرية تكشف مايجري    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    البحسني يشهد تدريبات لقوات النخبة الحضرمية والأمن    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آخر غروب لشمس بريطانيا في جنوب اليمن
نشر في الجمهورية يوم 30 - 11 - 2013

لا اختلاف في أن ال30 من نوفمبر 1967م يعتبر يوماً عظيماً ومشهوداً لدى أبناء الشعب اليمني.. ففي هذا اليوم رحل آخر جندي بريطاني استعماري من جنوب اليمن (سابقاً)..وهذا اليوم لا يقل أهمية عن اليوم الذي فيه انطلقت أول شرارة ثورية من جبال ردفان الأبية والتي صرخت في وجه المستعمر البريطاني مؤكدة له أن يوم ال 14 من أكتوبر هو يوم انسلاخ اليمنيين من عبوديته الاستبدادية حتى جاء يوم ال30 من نوفمبر 1967م ليكون مكملاً ومتمماً للثورة الإكتوبرية العظيمة وكان لزاماً علينا التطرق أولاً ليوميات أحداث الحلقات الثورية والتي كانت بمثابة مقدمات أولية لليوم الأخير لرحيل آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن.
معركة الثوار
في 7 فبراير 1964بدأت أول معركة للثوار اليمنيين استخدموا فيها المدفع الرشاش في قصف مقر الضابط البريطاني في ردفان (لحج)، وفي 3 أبريل 1964 شنت ثماني طائرات حربية بريطانية هجوماً عدوانياً على قلعة حريب، في محاولة للضغط على الجمهورية العربية اليمنية، لإيقاف الهجمات الفدائية المسلحة التي يشنها فدائيو الجبهة القومية من أراضيها. وفي 28 أبريل 1964 شن مجموعة من فدائيي حرب التحرير هجوماً على القاعدة البريطانية في الحبيلين (ردفان)، و قامت طائرات بريطانية في 14 مايو 1964 بغارات ضد الثوار في قرى وسهول ردفان، أدت إلى تدمير المنازل في المنطقة، كما أسقطت منشورات تحذيرية للثوار الذين أسمتهم ب«الذئاب الحمر» ، وفي 22 مايو 1964 أصاب ثوار الجبهة القومية في ردفان طائرتين بريطانيتين من نوع “هنتر” النفاثة .
وانطلق الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وأعوانه في إمارة الضالع بتاريخ 24 يوليو 1964عقب عودة عدد من الشباب من تعز الذين خضعوا فيها لدورة تدريبية عسكرية دامت شهرين لينضموا إلى صفوف الرجال العائدين من شمال الوطن بعد مشاركتهم في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر في صفوف الحرس الوطني. وقد تلقى الثوار كل الدعم من إخوانهم في الشمال، فعاد قادتهم من تعز ومعهم السلاح والذخائر والقنابل اليدوية.
اشتدت العمليات الفدائية على قوات الاستعمار وأصدرت قانون الطوارئ في 19يونيو 1965وحظرت بموجبه نشاط الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل ، واعتبرتها حركة إرهابية، وقامت بإبعاد 245 مواطناً من شمال اليمن.
المؤتمر الأول
عقدت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل مؤتمرها الأول في تعز بتاريخ 22 يونيو 1965، وأعلنت فيه موقفها الثابت لمواصلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني حتى جلائه عن أرض الوطن. واعتبرت نفسها الممثل الوحيد لأبناء الجنوب اليمني المحتل. وأقرت في هذا المؤتمر لائحتها الداخلية والميثاق الوطني.....
وفي 30 يوليو 1965 هاجمت فرقة ثورية بقيادة علي احمد ناصر عنتر سرية بريطانية كانت قد تمركزت بنفس اليوم حول دار أمير الضالع، لتعزيز الحراسات لحمايته من هجمات الثوار ، وأصيب خلالها القائد الميداني علي شائع هادي بثلاث طلقات رصاص . وفي 25 أغسطس 1965 رفضت الجبهة القومية نتائج مؤتمر جدة بين الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة، والملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعوديةورفضت أي حلول أو تسوية مع الملكيين باعتبار ذلك تهديداً للنظام الجمهوري وإضعافا للثورة في الجنوب.
وبعد ذلك أعلنت بريطانيا في 2 أكتوبر 1965 عن عزمها البقاء في عدن حتى عام 1968 مما أدى لانتفاضة شعبية عنيفة ضد البريطانيين في المدينة أسفرت عن خسائر كبيرة بشرية ومادية.
الكتاب الأبيض
أصدرت الخارجية البريطانية “الكتاب الأبيض” في 22 فبراير 1966 الذي أعلن رسمياً قرار بريطانيا القاضي بمنح مستعمرة عدن والمحميات الاستقلال مطلع 1968. شكلت الجبهة القومية في 5 أبريل 1966 ، لجنة لجمع التبرعات من المناطق الشمالية، استهلت اللجنة عملها من لواء إب حيث بادر المسؤولون والمشايخ والمواطنون بالتبرع بالمال والحبوب بأنواعها وأسهموا بنقلها إلى قعطبة.....
وفي 22 أبريل 1966 اسقط ثوار جيش التحرير طائرة بريطانية أثناء قيامها بعملية استطلاعية لمواقع الثوار في الضالع والشعيب، فأرسلت السلطات الاستعمارية للغاية نفسها طائرة أخرى، فكان مصيرها كسابقتها، ما جعل القوة الاستعمارية وأعوانها تشدد من قصفها للقرى وتنكل بالمواطنين فيها. في 28 يوليو 1966 نفذ فدائيون في حضرموت عملية قتل الكولونيل البريطاني جراي، قائد جيش البادية. وكان هذا الضابط هو الذي نفذ عملية اغتيال المناضلة الفلسطينية رجاء أبو عماشة عند محاولتها رفع العلم الفلسطيني مكان العلم البريطاني أثناء فترة الانتداب البريطاني لفلسطين....ومن ثم أعلنت الحكومة البريطانية في أغسطس 1966 اعترافها بقرارات منظمة الأمم المتحدة لعامي 1963 و1965 الذي أكدت فيه حق شعب الجنوب اليمني المحتل في تقرير مصيره.
في 31 ديسمبر 1966 قام ثوار جيش التحرير بهجوم مباغت على القاعدة البريطانية في الضالع، أدى إلى مقتل ثلاثة جنود وإصابة ثمانية آخرين، وتدمير ثلاث سيارات “لاند روفر” وإحراق عدد من الخيام بما فيها من مؤن ومعدات. في غضون ذلك وحد ثوار الضالع وردفان والشعيب هجماتهم على القوات الاستعمارية وأعوانها من خلال تشكيل فرقة قتالية مشتركة أسموها “الفرقة المتجولة”.
وفي 5 أكتوبر 1966 قدم ثوار الشمال الدعم الشعبي والعسكري الكبير لإخوانهم في الجنوب، وذلك بدءاً من الضالع وحتى وصولهم إلى عدن، مما أدى إلى الضرر الأكبر في صفوف القوات البريطانية، والهزيمة الساحقة في نفوس قوات الاحتلال البريطاني .
مظاهرات حاشدة
في 15 فبراير 1967 خرجت جماهير غفيرة في عدن في مظاهرات حاشدة معادية للاستعمار البريطاني وهي تحمل جنازة رمزية للشهيد مهيوب علي غالب (عبود) الذي استشهد أثناء معركة ضد القوات الاستعمارية في مدينة الشيخ عثمان....وعلى إثر ذلك أصدرت الجامعة العربية في 8 مارس 1967 قراراً تشجب فيه التواجد البريطاني في جنوب اليمن. وفي2 أبريل 1967حدث إضراب عام شل كافة أجهزة العمل في مدينة عدن، دعت إليه الجبهة القومية و جبهة التحرير في وقت واحد.
وفي 3 أبريل 1967 نفذ فدائيو حرب التحرير عدة عمليات عسكرية ناجحة ضد مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني في مدينة الشيخ عثمان بعدن، كبدوا خلالها القوات الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وسقط خلالها عدد من الشهداء في صفوف الفدائيين والذين تمكنوا فيما بعد من السيطرة على مدينة كريتر ولكن كانت السيطرة لمدة أسبوعين....
وفي 21 يونيو 1967 سيطر ثوار الجبهة القومية في إمارة الضالع على عاصمتها ومعهم آلاف المواطنين الذين دخلوها في مسيرة حافلة يتقدمهم علي احمد ناصر عنتر. و تبع ذلك سيطرة الجبهة القومية على مشيخة المفلحي في 12 أغسطس 1967 بعد أن زحفت عليها بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة...وبعد ذلك تأسست إذاعة المكلا في 28 سبتمبر 1967 التي انطلقت باسم “صوت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل”. و في 5 نوفمبر 1967 أعلنت قيادة الجيش الاتحادي في جنوب الوطن المحتل وقوفها إلى جانب الثورة ودعمها للجبهة القومية، بعد أن باتت غالبية المناطق تحت سيطرتها.
وأعلن وزير الخارجية البريطاني (جورج براون) في 14 نوفمبر 1967 أن بريطانيا على استعداد تام لمنح الاستقلال لجنوب الوطن اليمني في 30 نوفمبر 1967 وليس في 9 يناير 1968، كما كان مخططاً له سابقاً.
مفاوضات جنيف
بدأت المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية في 21 نوفمبر 1967من أجل نيل الاستقلال وانسحاب القوات البريطانية من جنوب الوطن. وجرى في ختامها توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان محمد الشعبي، ووفد المملكة المتحدة (بريطانيا) برئاسة اللورد شاكلتون.
و بدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن في 26 نوفمبر 1967، وغادر الحاكم البريطاني هامفري تريفليان.
وفي 30 نوفمبر 1967 تم جلاء آخر جندي بريطاني عن مدينة عدن، و إعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماً، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم، وتولى أمين عام الجبهة قحطان محمد الشعبي رئاسة الجمهورية وشكلت أول حكومة برئاسة قحطان الشعبي.
مميزات تاريخ اليمن المعاصر
ولقد تميزت مرحلتا الخمسينيات والستينيات في التاريخ اليمني المعاصر بالعديد من المزايا منها:
تعاظم دور الحركات الوطنية في تهيئة الظروف الموضوعية للانتقال إلى الكفاح المسلح وتصدر مراحل النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني.
ومع تطور الأحداث في شمال اليمن بقيام ثورة 26 سبتمبر تسارعت الأحداث في جنوب اليمن مع بداية ظهور الحركات الثورية المسلحة في عام 1963م والتي بدأت تتشكل وتأخذ منحى ثورياً أكثر جدية وصرامة بدلاً من الرهان على الاستقلال السلمي حيث شهدت هذه المرحلة مداً ثورياً متعاظماً للنضال الوطني المعادي للاستعمار بفضل تلك التوعية لترسيخ الوعي الثوري داخل صفوف الجماهير إثر ائتلاف جبهوي موحد لجميع القوى اليمنية خاضت من خلاله نضالاً شرساً ضد الاستعمار بفضل تلك الأفكار القومية التي وجدت لها مجالاً أوسع وأرحب في عقول النخبة والصفوة من الحركات الوطنية في الساحة اليمنية والتي فجرت ثورة 14 أكتوبر 1963م.
وتأثرت اليمن بالمد التحرري الوطني العالمي والعربي مع تنامي الوعي القومي والوطني مما أوجد حالة نهوض وطني متقدم وبروز قوى اجتماعية في الساحة اليمنية فانتشرت الأفكار التحررية والوطنية والقومية والعقائدية وقد لعب جمال عبدالناصر وثورة 23 يوليو 1952م المصرية دوراً في قيادة كافة الشعوب العربية في دعوتها إلى التحرر من الاستعمار والذي اكتسب سمعة عالية في الوطن العربي وسخر كل إمكانيات مصر لمساعدة الثورات العربية وفي مقدمتها اليمن وقد شنت إذاعة صوت العرب هجوماً صارخاً ضد التواجد الأجنبي والاستعماري في جنوب اليمن كما ناصبت الأنظمة التقليدية الموالية للاستعمار العداء فيمكن القول أن قيام ثورة 14 أكتوبر 1963 المنطلقة من جبال ردفان التي اعتمدت على الكفاح المسلح لطرد المستعمر البريطاني ومساندة الجماهير اليمنية ووقوفها إلى جانب الحركات الوطنية والتي تحولت بفعل التلاحم والاصطفاف الثوري إلى ثورة عارمة شملت كل مناطق الجنوب اليمني المحتل انطلاقاً لنيل الاستقلال.
و بعد تصلب نضال الثورة شكلت القوى الثورية تهديداً مباشراً صارخاً للإنجليز وقواتهم وبشرت بقرب زوال الوجود البريطاني الذي استمر 129 عاماً من الاحتلال سارعت كافة القوى الثورية العربية والوطنية اليمنية في شمال اليمن إلى دعم الثورة الأكتوبرية لنيل الاستقلال بكل ما تملك مادياً ومعنوياً وكان الدعم يأتي عبر المناطق الشمالية من اليمن بعد قيام ثورة سبتمبر والتي كانت الداعم الأساسي والهام للثورة والاستقلال.
ورافق هذه التطورات السياسية والعسكرية الجديدة من قبل الاستعمار البريطاني الرامية إلى احتواء المد الثوري والوطني بهندسة بريطانية استعمارية لمشروعها المزيف بقيام اتحادين فيدراليين للمحميات وفيما بعد اتحاد فيدرالي باسم «الجنوب العربي» بغرض إحكام السيطرة على المنطقة من الداخل اليمني وخنق الحركات الوطنية والقوى الثورية والالتفاف على مطلب الاستقلال الذي يضع بريطانيا بمظهر الدولة المهزومة أمام العالم وأمام هذه الأسباب أقدمت الحكومة البريطانية على استخدام قواتها الجوية والبحرية والبرية ضد الثوار بعد فشل وانهيار الاتحاد الفيدرالي والذي عانى من التصدعات وأصبح مع الاستعمار غير قادرين على مواجهة التحديات الداخلية بعد اندلاع الثورة المسلحة.
اختراق الجيش
في عام 1966 استطاعت الحركات الوطنية كسب الضباط الأحرار العرب واليمنيين في الجيش الاتحادي وتشكلت مجموعة سرية داخل المؤسسة العسكرية لقوات الجيش الاتحادي والأمن الاتحادي بصورة ذكية الهدف منها كسب هذه القوات إلى جانب صف الثورة والشعب وقد استطاع التنظيم السري في الاتحادية أن يكسب عدداً كبيراً من الضباط والأفراد من أبناء المحميات وبواسطة هذا التنظيم استطاعت الحركات الوطنية الحصول على كميات من الأسلحة المتسربة إليها.
في 20 يونيو 1967م اندلعت انتفاضة الأمن وشرطة المدينة من معسكر التدريب في كريتر رغم الاستيلاء على مستودع السلاح وبعدها بدأ الفدائيون بشن هجومهم على المعسكرات حتى اضطرت القوات البريطانية الهروب بعد أن قتل منها عدد كبير وتمت السيطرة على مدينة كريتر لمدة 20 يوماً مما دفع بالسلطات البريطانية إلى طلب النجدة من لندن وتم إرسال قوات بريطانية إضافية لم تستطع أن تعيد السيطرة على المدينة إلا بصعوبة وبواسطة الإنزال الجوي وكانت هذه الوسيلة الوحيدة لاستعادة المدينة بعد أن عجزت الدوريات العسكرية والأمنية والدبابات من دخول كريتر.
نتيجة لما تعرضت لها القوات البريطانية والايرلندية والاتحادية من خسائر فقد سارعت لندن بإرسال اللورد «بسريك» الوزير في وزارة المستعمرات لإخبار المسؤولين في عدن بقرار الحكومة البريطانية بجلاء قاعدتها العسكرية من عدن وبناء قاعدة لها في البحرين وقد وصف هذا القرار والي عدن ترافكس ومساعدوه بالخيانة ونكث للعهود والوعود التي قطعتها بريطانيا على نفسها تجاه الرؤساء والوزراء في حكومة الاتحاد فيما علق الإعلام البريطاني المستقل في لندن «كان لا بد أن تعيد بريطانيا حساباتها مع كل من ضللت بهم وتعتمد عليهم من الوزراء والعملاء والمخربين في اتحاد الجنوب العربي وتلك الوعود قد انهارت تماماً أمام الأحداث التي تتسارع في عدن والجنوب اليمني لصالح الحركات الوطنية التي أصبحت جبروتاً أحمر في وجه الاستعمار وقواتهم في كل مكان».. وأضاف المحلل البريطاني المستقل: “أن تلك العمليات العدائية قضت على الكثير من البريطانيين وسببت للحكومة البريطانية الإحراج أمام العالم ومواطنيها”.
الحدث المشهود
بعد أن دخل الكفاح المسلح مرحلة النضج والذي شكل عاملاً إضافياً للثورة حيث استطاعت الجماعات الفدائية أن تنقل المعركة مع الإنجليز من الأرياف إلى عدن حيث تواجد القوات البريطانية العسكرية والأمنية والإدارة الاستعمارية ومخابراتها وعملائها في عدن والوقوف أمامهم وجهاً لوجه.
حيث بدأت الحركات الثورية الوطنية باغتيال كبار ضباط المخابرات وعملائهم عبر عمليات فدائية هجومية نادرة وتفجير المنشآت والدوائر البريطانية والمعسكرات والقتال مع دورياتها التي كانت تصول وتجول في أحياء وشوارع عدن .
وقد قادت الحركة الثورية انتفاضة معسكرات الجيش والأمن الاتحادي بدءاً من معسكرات كريتر وصولاً إلى معسكرات خور مكسر والشيخ عثمان وقد أعطى هذا التطور في الأعمال العسكرية دفعة قوية للقوات العربية الفيدرالية وخروج ضباطها وأفرادها وحملوا السلاح وفتحوا الخزائن والمستودعات في المعسكرات للثوار.
وبعد أن سقطت عدن في يد الثوار استطاعت الحركات الوطنية إسقاط كافة المناطق الجنوبية من اليمن والواقعة تحت الاحتلال والتي خرجت مذعورة بعد أن لحقت بها الخسائر الجسيمة وفر السلاطين والأمراء والمشائخ جميعهم من مناطقهم وحملتهم الطائرات من مطار عدن مع عائلاتهم إلى بلدان خارجية والبعض الآخر سلموا أنفسهم وقد عوملوا معاملة جيدة وتم العفو عنهم.
وقد كانت عدن المستعمرة آخر المناطق التي أعلن البريطانيون خروجهم منها وإعطاء اليمن الجنوبي الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م حيث رحل آخر جندي مستعمر في 28 نوفمبر 1967 وأعلنت الثورة الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كدولة مستقلة معترف بها من قبل العالم والدول العربية وأصبحت عضواً في الأمم المتحدة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.