أشياء متداخلة ومعقدة أجبرتني اليوم تناول الموهوبين والمبدعين الذين يعتبرون وقود الضوء والتنوير ورمز للحضارة والموروث الثقافي لهذا الوطن الكبير باحتضانه للجميع وبدون تمييز. بدر الدين الحاتمي تجسيداً واقعياً (للملهاة والمأساة)..نعم بدر الدين الحاتمي هو خليط من الإحباط والأمل واليأس والترقب للغد المشرق الذي قد لايأتي. مبدع أحبطناه ونذبحه يومياً بتعمدنا لتجاهل واقعه الذي لايمثل بالنسبة لكاتب السطور بدر الدين الحاتمي كشخص ولكنه رمز لجيل لم يأخذ مايستحقه ولم نمنحهم الوقت الكافي لنتعرف على ماعندهم ليظهروا ويثبتوا مابإمكانهم أن يصنعوه. الحاتمي بدر الدين انتظر أن تعيينه وتمكنه من وظيفة ستغيره وتدفع به نحو قمة الإبداع وسيفجر طاقاته التي لم تظهر بعد،فإذا كانت أجمل الأيام التي لم نعشها بعد فإن مواهب الحاتمي هي التي لم تظهر ولم نشاهدها على خشبة المسرح أو على شاشة التلفاز. بدر الدين الحاتمي الشاب الذي خلد اسمه في ساحة الحرية في تعز ودفع ثمناً باهظاً لمواقفه وصرخاته التي كانت تنتصر لتعز المحبة والسلام والثقافة وترفض التبندق والعنف والتطرف والتعصب. وكان حزبه الوطن ومصالحه الكبيرة البعيدة عن الحزبية وشتاتها وضيق أفقها ..عرفته موهوباً يقدم أُسكتشات كما هو الحال بالنسبة لفهد القرني وصلاح الوافي اللذان كانت بدايتهما في ثانوية تعز وبعض المدارس والأندية ومايميز الحاتمي أنه أحد أفراد الحركة الكشفية في تعز وكان يفرض نفسه في الأعمال والأوبريتات السابقة في تعز ولكن(طفاسته) على رأي الأشقاء المصريين وعدم صبره واستفزازه من بعض الحالات والمواقف والمجاملات وغيرها كانت تدفع الحاتمي لتسجيل آراء صدامية تتعارض مع مواقف ومصالح البعض فتحول الحاتمي إلى (مسجل خطر) وشاب غير مرغوب به ويتم التحجج له بأكثر من مبرر للإقصاء حتى لايشارك في هذا العمل أو ذاك لأنه صار مصدر إزعاج كما يعتبره البعض من المسيطرين على الأعمال المسرحية أو الفعاليات التي تنظم في تعز أو تحتضنها تعز. والحاتمي إنسان جميل وأحد الجنود غير المجهولين المدافعين عن المجتمع المدني في كل مكان يتواجد فيه،ورغم حالة القهر على مدار الساعة التي يمر بها الحاتمي إلا أننا نتعذب أكثر منه ونعاني الوساوس والأوهام ومصدومين حد البلاهة في فهم طلاسم واقع المثقفين والمبدعين الذين يناشدون بالحرية والديمقراطية ويطالبون بالشفافية والمصداقية..ولماذا يضيقون بآراء الحاتمي أو بمواقفه التي لاتستهدف أحد ولاتهدف للإضرار بمصالح هذه الشلة أو اللوبي المسيطر بالمحافظة على معظم الفعاليات والحاتمي حالة واقعية محزنة ومحبطة وتعري المتشدقين بالحريات والشفافية وهم معقدون ويعانون من أمراض نفسية ومنفصمين في الشخصية يطالبون بأشياء وهم دكتاتوريون حد الذبح لأي زميل مشكلته عدم المهادنة. الحاتمي يعيش صراعاً نفسياً رهيباً ويتجرع مرارة الخذلان والغدر من أقرب المقربين وممن يفترض بهم أنهم مع الحاتمي بخندق واحد ويمتلكون مشاعل تنوير وينتصرون للمصالح الكبرى البعيدة عن المصالح الشخصية أو الحزبية. بدر الدين الحاتمي الذي تنكرت لأدواره في ساحة الحرية ثورة الشباب أو قام البعض بسلخه ليصبح وحيداً يخيم عليه الحزن ويتدفأ بطيبته البعض الذين يعتبرون ببقعة ضوء وبصيص أمل وقوة إرادته التي قد لاتقف طويلاً وقد لاتمكنه من الوقوف في الأيام القادمة إذا استمرينا بتجاهله هو ومن يمثلهم من شريحة الموهوبين والمبدعين الذين لايطالبون إلا بمنحهم فرصهم ،ليشعروا بآدميتهم ونعطيهم حقهم كشباب ليشعروا أن الشباب فعلاً هم نصف الحاضر وكل المستقبل وليسوا وقوداً للبعض في الحاضر وضحايا المستقبل ونحن لازلنا متفائلين رغم أن الشواهد توحي بغير ذلك ولانملك إلا الاعتذار للحاتمي بدر الدين لأننا خذلناه هو وشباب كُثر يقعون تحت طائلة سهام إنصاف المواهب ولايجدون من يمكنهم من نيل أبسط حقوقهم..فقف أمامك بدر الدين الحاتمي، قف أمامك جيل يحتضر بالإهمال،قف وانظر حولك لترى المواهب والمتميزين من الشباب تتصارعهم الأيام والظروف.. فعذراً لجيل الحب والسلام،جيل التميز والانتصار للمدنية،جيل تسلب حقوقه جهاراً كما هو واقع الوطن العربي الذي يسلب من يستحقه ويعطي لمن لايملك الموهبة ولايعرف أبجديات الإبداع.. وللحاتمي: لاتنظر إلينا وتشعرنا كم نحن سلبيون تجاهك وتجاه غيرك ولاتقل كلمة الملتصقة التي ترددها دائماً(تباً لكم) فنحن لانستحق نظرات العتاب لأننا قد نكون مظلومين بكم ومصابون أكثر منكم..وبس خلاص.