لا ندري كيف غابت عاصمة الثقافة اليمنيةتعز عن برامج ثقافية كانت في غاية الأهمية ومن أفضل البرامج الثقافية حضوراً ومتابعة واستفادة خاصة أن الكثير منا يدعي التقصير والتجاهل الإعلامي الثقافي، وأن الإعلام لم يقم بدوره على أكمل وجه لتنشيط وإحياء الجوانب الثقافية داخل المجتمع اليمني. لكننا عندما تابعنا وشاهدنا أن الإعلام المرئي بدأ يوظف نفسه حسب إمكانياته في سبيل صقل وإظهار الكثير من المبدعين الذين لم يجدوا السوق الذي يروج لبضاعتهم أو سلعتهم الإبداعية إذا بنا نصطدم بأصحاب الثقافة نفسها وحاملي منبرها الثقافي يغيبون عن ذلك. فمن تابع قناة اليمن الفضائية خلال شهر رمضان المبارك والبرنامج الثقافي الشعري الذي يقدمه المذيع المثقف والشاعر اللامع جميل عز الدين والموسوم ب (صدى القوافي) سوف يستغرب بشدة أين غابت العاصمة الثقافية تعز؟ وأين هم أبناء الحالمة المبدعون؟ وأين جيل الشعر التعزي؟ أين أحفاد الفضول ومحمد عبد الباري الفتيح وأحمد سلام ناجي وسلطان الصريمي؟ وأين غاب الموهوبون وشعراء الكلمة والحكمة من أبناء العاصمة الثقافية؟ ولماذا كانت بقية محافظات الجمهورية حاضرة بقوة من خلال تواجد العشرات من أبناء هذه المحافظات التي ربما كان لها القدر الأكبر من الحضور في مضمار برنامج صدى القوافي وفي كل حلقة من حلقات البرنامج الشعري. بينما أبناء عاصمة الثقافة كانوا يمنون أنفسهم بمتابعة ومشاهدة ولو حتى شاعراً واحداً يمثل هذه المحافظة الغنية بالمواهب، فيما البعض ظل يتأسف ويتأوه ويحكي في نفسه متسائلاً وبكل استحياء يقول لها: هل من المعقول أن يكون شعراء تعز قد حضروا بين من حضر من مئات مبدعي الشعر لكنهم أخفقوا وأخرجتهم قصائدهم من مرحلة المفاضلة الأولية التي لم تبث، وهذا ما لا يتوقعه أحد، فكيف أن شعراء تعز سوف يخرجون ويرحلون من البداية كما هو حال منتخباتنا اليمنية الرياضية لكرة القدم. وليس من المعقول أن تكون الأمهات في تعز قد عجزن أن ينجبن ولو شاعراً واحداً يصل إلى منصة أو مضمار برنامج صدى القوافي، بينما تعز تزخر بالشباب المثقف والفكر الشاعري، وخير دليل أن آخر برنامج من صدى القوافي الذي بث العام قبل الماضي كان الوصافة أو المركز الثاني قد حصل عليه شاب أعمى وكفيف البصر من أبناء الحالمة تعز هو (صادق الحكيمي) الذي سبق لنا أن تطرقنا عن موهبته الشعرية في هذه الصفحة وتساءلنا بعد عام من حصوله على المركز الثاني أين يقطن بردوني الحالمة تعز صادق الحكيمي وأين هو اليوم؟ وهل هناك جهة تلقفت موهبته وأخذت بيده لكي يواصل إبداعه وتألقه؟ خاصة كونه كفيف البصر ويمتلك ذلك القدر الكبير من الموهبة والإبداع الشعري، وما زال صوته يرن ويجلجل في مسامعنا حتى اللحظة ومفرداته السلسة والقوية المعنى وأداءه الجميل الذي يُبكي القافية بين شفتيه تارة ويضحكها تارة أخرى.. يرقص البيت الشعري في لسانه كما يُرقص نسيم الصباح غصون الشجر في علالي الجبال لتفوح منها روائح الزهور العطرة. فهل كان صادق الحكيمي هو آخر العناقيد الشعرية في الحالمة تعز التي صارت اليوم تحلم بمشاهدة ولو شاعر واحد بين 300 شاعر وشاعرة دخلوا هذا العام في منافسة الشعر الشعبي لبرنامج صدى القوافي؟. نعم لقد شعر أبناء تعز وعشاق الشعر والأدب بغبن في القلب وحسرة بالفؤاد واستحياء وخجل عند الحديث عن الشعر والشعراء بعد أن تابع المحبون والمهتمون بهذا الجانب بعد أن تابعوا برنامج صدى القوافي طوال شهر رمضان ووجدوا أن محافظات الجمهورية كانت كلها حاضرة من خلال ممثليها من الشعراء بينما تعز عاصمة الثقافة هي الاستثناء الذي تفتقر لمن يمثلها. إذاً بماذا نجيب الشباب عندما يسألنا الآخرون: كيف تدعون أن تعز عاصمة الثقافة ونحن لم نشاهد لكم ولو ممثلاً واحداً بين شعراء اليمن خلال شهر رمضان أم إن شعراء الحالمة يصومون في رمضان حتى عن الشعر والكلام المباح؟ أم إن فضائية اليمن وبرنامج صدى القوافي تعمدا عدم دعوتهم خوفاً من احتكار كل حلقات البرنامج، لتبق تعز تتنافس مع نفسها شعرياً كون شعرائها سوف يقصون بقية الشعراء من البداية.