هل حقاً لا زال من المسلمين من ينتظر المهدي كي يخرج من سردابه أو يولد من نسل معين , بالنسبة لي لا أنتظر إلا العقل العربي كي يخرج من سردابه عجل الله فرجه , أو يولد من جديد بنهضة فكرية شاملة . لا زلت أتذكر جيدا صديقي المسكين الذي كان يدافع بشراسة عن فكرة المهدي وأنه سيظهر في آخر الزمان وسيملأ الأرض عدلاً وسلاماً كما ملئت جوراً وظلاماً , وقد حاولت مرارا مع صديقي كي أخفف عن عقله تلك الخرافة التي سيطرت على فكره وفكر الكثير وجعلتهم يعيشون الوهم وحلم الانتظار , فمرة آتي له من زاوية دليل النص ومرة من زاوية العقل ومرة مما قاله عقلاء سبقونا في تفنيد تلك الخرافة . وقد أحببت نقل تلك النصائح التي وجهتها لصديقي في الواقع لتكون لصديقي القارئ الذي لا زال يؤمن بتلك الفكرة . يا صديقي هل تعلم أن العقائد الأساسية في الدين لا بد أن تذكر في القرآن الكريم , ومسالة المهدي لم تذكر في القرآن الكريم لا صراحة ولا إشارة برغم أهميتها وأهمية ما يبنى عليها وخاصة ما يبنيه إخواننا الشيعة الإثنى عشرية من أوهام حول هذا الوهم . هل تعلم يا صديقي أن كل الروايات التي تذكر المهدي متعارضة ومضطربة وضعيفة وفيها كثير من الإشكالات والعلل .وبإمكانك أن تعود إلى ما كتبه في ذلك العلامة المؤرخ ابن خلدون وما كتبه كذلك العلامة رشيد رضا. هل تعلم يا صديقي أن كل روايات المهدي المنتظر الموجودة عند السنة لا تخلو من راو شيعي كما قال ابن خلدون , وهذا يعني أنها تسربت من الثقافة الشيعية إلى الثقافة السنية كما تسربت أخواتها من الأفكار عبر وسائل كثيرة قد تكون إحداها التقية . هل تعلم يا صديقي السني أن روايات المهدي المنتظر ليست في كتابي البخاري ومسلم وهذا يعني أن السابقين لم يعيروها اهتماما كبيرا كونها لم تذكر في الكتابين الأساسيين عند الفكر السني . هل تعلم يا صديقي أن المذهب الزيدي يرفض فكرة المهدي المنتظر كونها تدعو للقعود ولا تدعو للثورة على الحاكم الظالم , وهذا ما نسبه الشيخ أبو زهرة للإمام زيد في كتابه “ الإمام زيد “ . هل تعلم يا صديقي أن فكرة المهدي تعارض القرآن الكريم لأنها تعارض فكرة ختم النبوة بمحمد (ص) , فما هو الداعي لمجيء شخص بعد انتهاء الرسالات وختمها. هل تعلم يا صديقي أن فكرة المهدي فكرة سياسية كسيت ثوب الدين استخدمها الشيعة لتثبيت أفرادهم عندما استبد بهم بنو أمية وبنو العباس , وربما انتقلت تلك الفكرة من التراث اليهودي الذي يقول بفكرة المخلص . هل تعلم يا صديقي ما جنته علينا هذه الفكرة من مفاسد طوال التاريخ فقد ظهر في التاريخ الإسلامي مئات المدعين لهذه الفكرة , وهذا كان سببًا في نكبات تقع من أدعياء المهدية وما يتبع ذلك من سفك للدماء ، وإزهاق للأرواح. هل تعلم يا صديقي أن فكرة المهدي رفضها كثير من العلماء بعد البحث والمناقشة لأدلتها ومن هؤلاء العلماء : الشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا في تفسير المنار والأستاذ أحمد أمين في ضحى الإسلام والشيخ محمود شلتوت والشيخ ابن عاشور والشيخ طه جابر العلواني والمفكر الإسلامي جمال البنا والمفكر الإسلامي أحمد الكاتب وقد فندها بشكل دقيق في كتابه “ المهدي” والشيخ عبد الله بن زيد آل محمود قاضي ومفتي دولة قطر بحث بعنوان( لا مهدي ينتظر بعد الرسول محمد خير البشر ) والباحث الدكتور طه الدليمي وغيرهم , ومن قبلهم جميعاً رفضها المعتزلة.