على خرير الماء المنسكب من الساقية الوعرة, يصدح اللحن الجميل “ قولوا اليمن غالٍ وما نختصم فيه” هكذا ترنم فن الإنشاد الحديث، للدين والوطن، للمبادئ والقيم, التي تخلق في قلوب المستمعين “مدائن فاضلة.. يلتمس فن الانشاد سطوته من الاحساس المرهف, ويخاطب العقل قبل القلب والعواطف، فأوجد له مساحة كبيرة وجمهور عريق.. نقف في الاستطلاع التالي مع آراء بعض الفنانين والجماهير حول سطوة فن الإنشاد الحديث على الفن الغنائي.تناسب جميع الأذواق بدايةً التقينا بمهندس الصوت والمنشد شهاب الدين سعيد, وهو ايضاً مالك لاستديو تسجيل حيث تحدث قائلاً “ توجه الفنانين نحو الفن الإنشادي جاء نتيجةً لتناسب الإنشاد مع كل الأذواق، إضافةً الى دخول جميع الألحان في الفن الإنشادي، فتجد الحجازي والشامي والخليجي والصنعاني، ولم يقتصر على ذلك فحسب بل تعدى حدود العالمية ليصبح لحن الروك والراب وغيره من الألحان الأجنبية والأوربية “. لافت للانتباه أما المنشد أبو بكر الشيخ تحدث قائلاً:” ظهور الأعمال القوية واللافتة للانتباه من خلال كليبات وأصوات مميزة ,وضعت الجماهير والفنانين أمام اتجاه إجباري نحو فنٍ بديع يترك أثره في القلب ليعيش معاني السمو والاعتزاز, وكلنا يعلم كيف بدأ الفنان سامي يوسف وماهر زين ليصبحوا بعد ذلك منشدين عالميين، لهم صدى واسع في شتى بقاع العالم. ظمأ لا يرتوي أما الشاب أسعد الفائشي، تحدث هو الآخر بالقول:” اتجاه الناس نحو الإنشاد، هو بسبب شعورهم بالفراغ والظمأ الشديد الذي لا يرتوي إلا منه” وراح يضيف” الانسان أصبح بحاجة إلى فن يخاطب واقعه، لا يدغدغ مشاعره ويذهب به عالم الخيال, فقل ما تجد من يبحث عن الفن الخيالي الذي لا يلبي طموحا بل يصنع فجوات أخلاقية”. رسالة سامية أما المنشد عمرو الأهدل، قال: النشيد لم يكن ذات يوم إيقاعا وموسيقيا وطربا يتغنى بهِ فئات أو بعض من الناس، انما رسالة سامية أجبرت الأضواء الفنية على الاتجاه نحوه، وبرزت بقوة من خلال الفنانين المميزين الذين وجدوا حاجتهم الروحية ولم يجدوا حاجاتهم المادية ,ورغم ذلك فهم مقتنعون. ثقافة المجتمع أما الشاعر الغنائي سليم المخلافي فقد قال :”الفن معبر عن ثقافة المجتمع, وثقافة المجتمع العربي والإسلامي معروفة بالمحافظة والتدين والأخلاق , فكان الفن الإنشادي هو المعبر الحقيقي عن تلك الثقافة . ولذا برز كواقع في بيئة تفتقده, حتى العالم الغربي تلمس هذا الفن , كفن يخاطب الروح لا يخاطب الجنس, فأصبح الإنسان الغربي يستمتع بسماع الطرب الإنشادي ,وبعضهم أثر فيهم كالأتراك المسلمين وبعض من فناني جنوب إفريقيا والشرق الجنوبي لأمريكا واوروبا . البحث عن الأفضل أما الشاب يونس الفائشي فقد قال :”دائماً كل المجتمعات تزهو إلى الأفضل ,وتبحث عما يدفعها إلى الأمام بكل النواحي الاقتصادية والسياسية والفنية إلى غير ذلك، فكان من ناحية الفن أن وجدت الفن الإنشادي موطناً لها لتبني فيه مسكنها وتتغذى من تربته وتعيش بين أحضانه”. احترام للذات الأستاذ رضوان الحناني، تحدث بدوره قائلاً:” لم يعد الناس يرغبون بالأغاني , وذلك لفقدنها للمعنى الحقيقي للفن ولم تعد سوى وصف جنسي بحت ,مما جعل الجماهير تنصرف عن هذا الفن الذي لا يلبي رغباته, إلى فن يعزز مكانته ويحترم ذاته, حتى الفنانين كان لهم نصيب من هذا الشعور فاتجهوا نحو ما يثبت وجودهم ومكانتهم الحقيقية.