التاريخ وحده لا يكفي.. لسان حال أعرق الأندية المحلية.. وبعيداً عن واقعنا نرى غير، أن التاريخ كله يكفي أندية العالم الأخرى كونه يمثل حافزاً نحو المزيد من الإنجازات التي تصنع تاريخاً جديداً. أقول ذلك وأنا أتابع مصير أعرق الأندية اليمنية وابتعاد كثير منها عن منصات التتويج منذ سنوات إن لم تكن عقود. بل إن البعض منها يقبع في الدرك الأسفل من الدرجات الدنيا، ولم يستطع العودة إلى مكانه الطبيعي بين الكبار، وأندية أخرى تراوح بين الصعود والهبوط. غير أن الحال مختلف هناك، في أندية الدوريات الأخرى من حولنا، فنرى أن التاريخ يعد حافزاً ودافعاً نحو صنع نجاحات جديدة. وحتى لا نقع تحت إشكالية المقارنة مع أندية أوروبية، نقارن بين دوريات مجاورة، فالتاريخ المتخم بالإنجازات لم يلغِ روح التنافس لنادٍ عريق وكبير مثل النصر السعودي، الذي ما انفكت عنه عزيمة المنافسة حتى وهو يعاني مادياً وإدارياً، وها هو اليوم يعود إلى سدة الصدارة في الدوري المحلي، ويقدم مستويات مثالية أدهشت الخبراء والمحللين. ولنقس على هذا المنوال وضع كثير من الأندية العربية والأوروبية التي قد يخبو وهجها لبضع سنين ماتلبث أن تعود إلى الواجهة بكل ثقلها وتاريخها لحصد الكؤوس والألقاب، ناهيكم عن تلك الأندية التي لا تغيب (إطلاقاً) عن المنافسة سواءً محلياً أم قارياً. بينما يظل الوضع المحلي لعدد من الأندية التاريخية والعريقة البعيدة تماماً عن إنجازاتها بل حتى مجرد المنافسة. ولعل ذلك يعود إلى إشكاليات عديدة، مالية وإدارية عانت وتعاني منها معظم الأندية ذات الصيت والعراقة. ففي واقعنا، التاريخ وحده لايكفي، فهناك الاستقرار المالي والإداري قبل الاستقرار الفني، وهذا الأخير يكون دائماً عطفاً على الأول والثاني. فثمة أندية لايتجاوز عمرها العقد والعقدين وربما أقل وفي جعبتها من الإنجازات ما يوازي تلك التي يقارب تاريخها من القرن أو يزيد، وليس في ذلك أي عيب أوانتقاص من إنجازات قياسية تحسب للنجاح الإداري والدعم المالي المستمر.. لكن ما يحز في النفس هو غياب الروح لدى المنتمين إلى أعرق الأندية في بلادنا، إداريين كانوا أو لاعبين، وربما تهافتوا على النزاع فيما بينهم والتصارع في غير صالح النادي. أقول ذلك وأنا أتمنى أن تجتر أنديتنا العريقة أمجادها على الواقع اليوم، ليس بالتمني فقط، ولكن بوضع استراتيجيات مستقبلية، يتم من خلالها تحفيز الأجيال المتعاقبة وجعل تاريخ أنديتهم نصب أعينهم لإعادته إلى الحياة من جديد، عن طريق إجراءات عملية وفعلية، وليس مجرد كلام، تلك الإجراءات قد تشمل بناء وتأسيس أكاديميات تستغل فيه طاقات وخبرات النجوم القدامى ومنحها للأجيال الصاعدة، فنياً وتحبيباً في النادي العريق وأمجاده. كل ذلك من شأنه أن يعيد الإنجازات، ويعيد أندية غابت كثيراً عن المنافسة، الأمر الذي ينعكس بالإيجاب على دورينا ومستواه المقلق للجميع.