في اليمن ثمة أصوات جميلة، ومواهب إبداعية، تمتلك من مقومات الروعة ما يوازي مواهب الآخرين في دول أخرى، بل ويفوقها في كثير من الأحيان.. وفي هذه الوقفة من حوارنا نقف مع صوت شجي أحبه الناس، وطربت نفوسهم لعذوبته، يسافر بك بعيداً حيث الجمال المتدفق يعبق الأجواء بما راق من الصوت الحسن، والإنشاد الجميل. منشدنا عرفه الجمهور بعد أن صدح صوته بالأناشيد في كثير من الاحتفالات والمهرجانات التي كانت تقام لدعم ومساندة القضية الفلسطينية، سكب من خلالها أروع الأناشيد الجميلة، وانطلق من خلالها إلى عالم الفن من تعز ومن خلال الأعراس ليصبح نجماً، بفضل موهبته الفنية الجميلة وإحساسه المرهف ليتجه بعد ذلك إلى صقل الموهبة عبر سفرياته إلى المحافظات لإحياء الفعاليات والمهرجانات والأعراس، محققاً نتائج جيدة ورصيد من المشاركات المحلية التي تربو عن المائتين. وبالتوازي مع ذلك ومن خلال ما اكتسبه من خبرة في مجال الإنشاد استطاع أن يقتحم عالم العزف الموسيقي من خلال عزفه لكثير من الأناشيد الإسلامية التي أضفي عليها كثيراً من اللمسات الجمالية. (إبداع) التقت بالعازف والمنشد الشاب عبد الحميد علي الحكيمي وخرجت معه باللقاء التالي... .. ماذا لو تحدثنا عنك قليلاً وعن البدايات الأولى للمنشد عبد الحميد الحكيمي؟ عبد الحميد علي عبد الإله الحكيمي، مواليد محافظة تعز عام 1982م، أما بالنسبة لبداياتي الأولى مع النشيد فتستطيع القول بأنها في العام 2000م من خلال المشاركة في مسابقات المواهب التي كانت تقام بين مدارس محافظة تعز، شاركت فيها ممثلاً عن مدرسة الصديق الأساسية حصدنا فيها المراكز الأولى بين مدارس المحافظة، ومن ذلك الحين وأنا أمارس الإنشاد، تهيأت لي الكثير من الفرص التي شاركت من خلالها في كثير من المهرجانات والاحتفالات. .. محلياً بمن تأثرت، وترى أن له فضلاً عليك في صقل موهبتك؟ طبعاً تأثري كان بوالدي المنشد والتربوي علي عبد الإله الحكيمي الذي كان له الكثير من الفضل في نشر النشيد الإسلامي في محافظة تعز من خلال الترويج للمنشدين السوريين في الشام أمثال أبو الجود وأبو راتب وأبو دجانة إضافة إلى الترمذي، فأنا قد بدأت مسيرتي الفنية عبر والدي الذي تعلمت منه الكثير من فنون النشيد الإسلامي، ووالدي يعرفه الكثير من رواد النشيد الإسلامي في محافظة تعز التي عرفت الفن الإنشادي منذ وقت مبكر، أيام ما كان النشيد يشق طريقه نحو عقول ووجدان الناس في بواكيره الأولى، طبعاً هذا لا يعفيني من القول بأن مجد الدين العلفي أيضاً المنشد اليمني الكبير له الكثير من الفضل بعد الله عزوجل في صقل موهبتي، فعن طريق هذا المنشد الذي جدد كثيراً من أناشيد أبو الجود استطعنا أن نطالع سماعاً لكثير من الأناشيد التي صقلت من مواهبنا، وقدمتنا مبدعين في النشيد الإسلامي، ولعلي أتذكر في هذا المقام من شجعني على النشيد ودعمني وساندني وقدمني للجمهور في أحلى ما يكون الحضور والتجلي الأستاذ محي الدين الحاشدي رئيس فرقة الكتاب التي عبرها وعن طريق هذا الرجل الرائع والعزيز انفتحنا على الدنيا كما يقال، لقد كان النشيد في ظلال فرقته التي كان يرأسها ظلاً وارفاً استنشقنا عبير النشيد الفواح ، له مني كل التحية والشكر والتقدير، لا أستطيع في مثل هذا المقام إلا شكره وتحيته وتذكره، فهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لهذا الرجل. .. وماذا عن المنشدين في الوطن العربي؟ المنشدون في الوطن العربي كما تعرف كثر، وأناشيدهم غاية في الروعة، لكن لأناشيد عماد رامي سحر خاص، ومذاق فريد تابعناها لسنوات، فإذا فيها من المتعة والعذوبة ما جعلتنا نعيشها دائماً وأبداً، حتى اليوم أجد نفسي مشدوداً إلى هذا المنشد الذي ما زلت أيضاً حتى اليوم أقف متعجباً من حنجرته الرنانة، وصوته القوي الذي يسحر النفوس بجماله وعذوبته، وأنا كغيري من المعجبين به أرى في هذا المنشد مشروعاً - إلى ما يحمله من صوت جميل - نهضوياً يريد منه نهضة أمته، ونصرة قضاياها العادلة. .. ماذا يعني لك الإنشاد؟ النشيد قبل أن يكون أنغام وألحان كما يقال هو رسالة قبل كل شيء، ونحن ما ولجنا عالمه الجميل إلا لرسالته السامية والراقية التي نرجو أن يستفيد منها كل إنسان ينشد الحياة الطيبة في ظلال الأخلاق التي نرى تفلتها من قبل البعض، وهو إلى ما يحمله من رسالة، فيه كثير من المتعة والترويح عن النفس، وأدعو إلى الاستماع إلى الأصوات التي لدى المنشدين ويعيشوا المعاني التي ندعو - ليس بالضرورة نحن- فالمنشدون كثر وخاصة منهم الشباب المحدثين ممن ظهروا هذه الأيام أمثال ماهر زين وعبد القادر قوزع ويحيى حوى وغيرهم، وأنا على يقين أن الإقبال على هؤلاء لمجرد الاطلاع سيجعل الآخرين يدركون أن لدى النشيد الإسلامي من الأصوات ما تضاهي تلك الأصوات التي تنزل بالناس إلى مستويات غير محترمة نظراً لما فيها من الدعوة لغير الفضيلة والأخلاق. .. سمعنا مؤخراً بأنك أصبحت تمارس العزف وصناعة الألحان والأنغام والتوزيع الموسيقي لكثير من الأناشيد ماذا عن هذه التجربة؟ وجدت نفسي في العزف من خلال الممارسة التي دخلتها عن طريق الصدفة، ومن باب التجربة بعيداً عن ممارستها بجدية، لكنني مع الأيام وجدت نفسي في العزف الموسيقي، أصنع الأنغام وأوزعها للأناشيد التي تطلب مني، والحمد لله وجدت نفسي في ذلك، ولا ينتقص ذلك مني كمنشد على العكس أرى أن العزف داعم للنشيد، والمنشد حين يكون عازفاً ومنشداً في نفس الوقت فإن ذلك يخدم فنه، ويستطيع من خلال ممارسة الفعلين أن ينطلق بفنه نحو آفاق من الإبداع، والظهور بمظهر حسن فيما يؤديه من فن. .. وماذا عن مشاركاتك الفنية؟ بالتأكيد المشاركات الفنية تعد رافداً من روافد الخبرة لدى أي منشد يمارس النشيد، أنا شاركت في الكثير من الأناشيد الداخلية أقصد في محافظة تعز وشاركت في الكثير من محافظات الجمهورية التي زرتها لعشرات المرات لإحياء كثير من الاحتفالات والمهرجانات، لا أنسى أنني شاركت مع الفنان صلاح الوافي في أكثر من مناسبة للزمالة التي تجمعني به منذ كنا فريقاً واحداً في تعز نحيي الفعاليات معاً. .. هل للمنشد عبد الحميد علي الحكيمي من وصية نختتم بها لقاءنا؟ وصيتي أو كلمتي الأخيرة أتوجه بها للناس بأن ينظروا لفن الإنشاد الذي نقدمه بعين الاعتبار، لأننا نحمل لهم مشروعاً وبضاعة غير مزجاة، فأقول أيها الناس إن لدينا من الدعوة للأخلاق ما تهفو إليه الفطر السليمة.