يواصل الجيش اليمني حملته العسكرية الواسعة ضد معاقل «القاعدة»، التي بدأها أواخر شهر أبريل الماضي في محافظتي أبينوشبوةجنوب البلاد، ويجري التحضير حاليا لإطلاق خطة حاسمة ستشمل محافظات عدة بينها البيضاءومأرب لملاحقة عناصر «القاعدة» الفارين من القتال، وسط تأييد شعبي واصطفاف غير مسبوق.. ويقول مختصون وأكاديميون ومراقبون إن هذه الحملة الجديدة حققت مكاسب كثيرة على الأرض، وهي الأكثر جدية في تاريخ الحرب على «القاعدة» في اليمن، غير أن هناك الكثير مما ينبغي القيام به لتحقيق شعار “يمن خال من الإرهاب”، حد قولهم..نتمنى التوفيق للجيش تقول الطالبة في جامعة صنعاء آثار الصبري: “تنظيم القاعدة يسبب تخريباً للدولة تخريباً للأمن يسبب قلقاً لكافة أفراد الشعب. لن ننسى التخريب والعمل الإجرامي الذي ارتكبه هذا التنظيم داخل مستشفى وزارة الدفاع (مستشفى العرضي داخل مجمع وزارة الدفاع بصنعاء) بداية شهر ديسمبر من العام الماضي، قتلوا أطباء وممرضين ومرضى بدم بارد وبطريقة بشعة”. توافقها الرأي زميلتها إيمان أبو ليلى: “تنظيم القاعدة عبارة عن جماعة متسترة تحت شعار الإسلام أو الدين مع أنها لا تمت بأي صلة لهذا الموضوع، وهي مدعومة من قوى خارجية وقوى داخلية تعمل على زعزعة الوطن اليمني وأمنه واستقراره، وقامت بتخريب أكبر قدر من المنجزات، استغلت الظروف التي يعيشها الإنسان اليمني والشعب اليمني بشكل عام لتوسيع أعمالها الإجرامية. القاعدة تعتبر المدمر الأكبر والهم الأكبر الذي يعيق تفكير ونشاط الدولة اليمنية”. من جانبه يقول بشير محمد صالح، طالب دراسات عليا في جامعة صنعاء: “تنظيم القاعدة معضلة كبيرة جداً على اليمن، من أبرز الجرائم التي نفذوها جريمة ميدان السبعين بصنعاء (في إشارة إلى الانتحاري المنتمي لتنظيم القاعدة هيثم حميد مفرح الذي فجر حزاماً ناسفاً وسط كتيبة من جنود الأمن المركزي (سابقاً) قوات الأمن الخاصة في تاريخ 21 مايو 2012م أثناء تواجدهم مع جنود آخرين لأداء بروفات العرض العسكري للعيد الوطني (22 مايو)، ما أدى إلى مقتل 86 جندياً وجرح 171)، والجريمة الكبرى التي تمت في مستشفى العرضي العام الماضي نتمنى التوفيق لأفراد الجيش في أبين وغيرها للقضاء على هذه المشكلة أو المعضلة التي تطعن في خاصرة اليمن”. حملة جديدة وتقدم ملموس وبدأ الجيش اليمني أواخر شهر أبريل الماضي حملة جديدة ضد القاعدة في محافظتي أبينوشبوة، وأعلن الناطق الرسمي للجيش العقيد سعيد الفقيه في مؤتمر صحفي عقده في الخامس من يونيو الجاري بصنعاء نجاح الحملة العسكرية في اجتثاث عناصر تنظيم القاعدة في جنوب البلاد، وقال إن 500 مسلح من تنظيم القاعدة قُتلوا فيما تم اعتقال 39 من المشتبه بهم. وأوضح الفقيه أن الحملة أزالت معسكرات ومراكز تدريب ومعاقل عناصر تنظيم القاعدة في منطقة المحفد بأبين وعدد من مناطق شبوةجنوب شرق اليمن، بعد أن سيطر عليها خلال الأربعة الأعوام الماضية. وتأتي هذه الحملة بعد أقل من عامين من سقوط الإمارة الإسلامية المزعومة في محافظة أبين، وتقول الحكومة اليمنية إنها تستعد لإطلاق خطة عسكرية حاسمة ستشمل محافظات عدة بينها البيضاءومأرب لملاحقة عناصر القاعدة الفارين من القتال. وتحقق هذه الحملة الجديدة المدعومة بمقاتلي اللجان الشعبية تقدما ملموساً بحسب أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، الدكتور عادل الشرجبي: “هذه الحملة هي الحملة الأكثر جدية في تاريخ الحرب على القاعدة في اليمن، وضعضعت كثيراً تواجد القاعدة بالذات في محافظتي أبينوشبوة وإن كان عدد منهم انتقلوا إلى مأربوالبيضاء، لكن مع ذلك أعتقد أن الحكومة سوف تظل في المعركة لفترة طويلة بالتأكيد سوف تكون هناك أعمال انتقامية، لكن أنا أرى هذه الأيام أن هناك جهوداً أمنية كبيرة وتم اكتشاف كثير من عناصر القاعدة في مختلف محافظات الجمهورية، وبالتالي هذا سوف يضعف من تأثير الأعمال الانتقامية التي تمارسها القاعدة مستقبلا”. أضعفت قدرات القاعدة وحول قدرة الجيش اليمني على التعامل مع المناطق التي تم تطهيرها من عناصر القاعدة في أبينوشبوة قال الدكتور الشرجبي: “طبعاً هو الجيش يتعامل معها بإيجابية لكن تدعمه اللجان الشعبية، واللجان الشعبية هي تتسلم كل المناطق التي يتم دحر القاعدة منها فهذا عامل مهم لأن مؤسسات الدولة في هذه المناطق تكاد تكون غائبة ودمرت، ولهذا سوف تحل اللجان الشعبية لفترة بدلاً عن مؤسسات الدولة وهي التي سوف تُديرها”. بدوره أكد أستاذ الآثار بجامعة صنعاء الدكتور غيلان حمود غيلان، أن ضربات الجيش المتلاحقة والمستمرة أضعفت قدرات تنظيم القاعدة وشتت بعض قواه التي تمكنت من الهروب. وتابع الدكتور غيلان: “ينبغي أن نكون منصفين لهذا الجيش بأفراده وضباطه لما بذلوه من جهود جبارة في سبيل تحرير تلك الأماكن صعبة التحرير خاصة وأن تنظيم القاعدة يعتمد على حرب العصابات وليس على حرب جيش منظم المعروف أن أي جيش منظم يواجه عصابات يتكبد خسائر فادحة لكن ما يلاحظ أن القوى الشعبية الساكنة في تلك المناطق قد أسندت وساندت الجيش بأشياء كثيرة لم نكن نتوقعها لاسيما بعدما عانوا من وطأة هذا التنظيم وجبروته وتحكمه في تلك الأماكن...”. تجفيف المصادر وضبط الحدود لكن تحقيق هدف هذه الحملة العسكرية الذي اطلقته الحكومة تحت شعار “يمن خال من الإرهاب” يتطلب أيضاً بحسب الدكتور عادل الشرجبي معالجة أسباب تواجد وازدهار القاعدة في اليمن: “تنظيم القاعدة صحيح له عوامل ذاتية وموضوعية لكن بالتأكيد العامل السياسي مهم هناك دعم من قبل قوى في الداخل والخارج تدعم هذا التنظيم. بالنسبة للحرب على القاعدة ينبغي أن تكون شاملة وينبغي أن يكون هناك تجفيف لمصادر تمويل هذه القاعدة. وفوق ذلك يقول أستاذ الآثار بجامعة صنعاء الدكتور غيلان حمود: “الانفلات الأمني بالدرجة الأولى أولا من وجهة نظري نحن لدينا حدود كبيرة مفتوحة برية وبحرية، لم تتمكن قوات حرس الحدود من ضبط هذه الحدود جعلت من بعض الثغرات وبعض ضعفاء النفوس المتواطئين مع هذا التنظيم من داخل البلاد أن يمرروا تلك العناصر، ولهذا نجد أن الكثير من المجاميع جاءت إلى اليمن هروباً من أفغانستان ومن بعض المناطق التي بدأت تتحرر فبدأوا يتجمعون في اليمن والعراق بسبب الانفلات الأمني وضعف سيطرة الدولة على منافذها الحدودية هذا عنصر دخل غريباً في جسم اليمن يمن الإيمان والحكمة، يمن التسامح في الدين الوسطي المنتشر من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه هذه العناصر تجمعت في اليمن مستغلة طيبة الإنسان اليمني والنقاء الديني المتأصل في نفوس اليمنيين وبالتالي بثوا سمومهم وخبائثهم ...”. الحرب القادمة أمنية بامتياز من زاوية أخرى يقول الصحفي المتخصص في شئون القاعدة عبدالرزاق الجمل إن مثل هذه الحرب لا تحسمها جيوش في إشارة إلى أن الحرب مع القاعدة أمنية لكون التنظيم يخوض حرب عصابات وليس حرباً تقليدية تنظيمية، ويقول الجمل: “حرب العصابات تمكن تنظيم القاعدة من التنقل من مكان إلى آخر ويصعب على الجيش الاستمرار في ملاحقة التنظيم معظم المناطق التي يتواجد فيها التنظيم لا تخضع لسيطرة الحكومة اليمنية، ويسهل على التنظيم كثيراً أن يتنقل من مناطق إلى أخرى... وأعتقد أن تنظيم القاعدة سيستفيد مما حدث بمديرية المحفد في أبين ولن يفصح عن مناطق تواجده أو لن يتجمع بشكل كبير في مناطق معينة، وسينتشر في اليمن لخوض حرب عصابات. الحرب مع القاعدة ستكون أمنية بامتياز بمعنى أنه لن تكون هناك تجمعات تستدعي حملات عسكرية يقوم بها الجيش”. وأضاف عبدالرزاق الجمل: “أنا لا أدري هل لدى الحكومة خطة أم لا لمنع إعادة انتشار التنظيم، لكن ما أعرفه أن الحكومة اليمنية ليست أقوى من الحكومة الأمريكية في هذا الجانب. جدية للاستمرار ومهما يكن من أمر تبدو القيادة السياسية والحكومة اليمنية اليوم جادة أكثر من أي وقت مضى على مواصلة معركتها المصيرية مع القاعدة وصولا إلى تدمير بقية البنى التحتية لهذا التنظيم الإرهابي، والقضاء على كافة عناصره الإجرامية.