مع بداية الموسم الدراسي تواجه الأسرة متطلبات إضافية يصعب على أولياء الأمور توفيرها, فالمصاريف اليومية وتكاليف الحياة الاعتيادية طاغ يروض بصعوبة، وأية أعباء إضافية تكون عواقبها وخيمة.. الاستطلاع التالي يعرج بعجالة على تفاصيل هذا الهم المتجدد. ميزانية خاصة أنفاس حنين صادق - طالبة في المرحلة الابتدائية - لم تهدأ بعد خوض قدميها مسافة (كيلو) باتجاه المدرسة, والدتها وأخوها هما الآخران نال منهما التعب والإرهاق في نفس المشوار (ذهاباً – وإياباً)، وفي اليوم التالي – بعد فكرة عابرة – تبادل الأم والأب الدور توصيلهما، غير أن حنين وأخاها ملزمان بالمشوار يومياً على مدار العام فوالداهما لا يملكان من المال إلا لقوتهما, ومصاريف النقل الدراسية ومستلزماتها تحتاج لميزانية خاصة والحال غير ذلك. صفية سعيد (ربة بيت) وتفاصيل قصتها تنطبق على أسر كثيرة بذات المشكلة تعييها متطلبات أبنائها نتيجة “قلة الرزق وسوء الحال”, تعول صفية ثلاثة أولاد (العدد المتوسط لأفراد الأسرة اليمنية) والتي قد تزيد عن ذلك بضعفين ما يجعل حالهم أشد شظفًا بعد “الجرعة” وبقدوم الدراسة التي تطلب مصاريف نقل وتكاليف مدرسية, أعوزهم الوضع من توفيرها لأولادهم كي ينعموا بالدراسة كسائر الطلاب. تقول صفية: المسافة البعيدة عن منزلي تطلب مركبة تنقل أولادي “ذهاباً وإياباً” وتحتاج ل (410) ريالات بمعدل يومي تعين أبنائها للوصول للمدرسة، فيما زوجها المشئوم بعد قضائه لسنوات من الدراسة لم يحصل على الوظيفة، ويعمل حالياً “معلم بروة” لا تفي بالتكاليف الشخصية بعيداً عن المتطلبات التي تحتاجها أسرته كنفقه شهرية للغذاء، تؤكد: تكاليف النقل التي يحتاجونها شهرياً (12300) ريال، وزوجي يعمل بناء وشغله مرتبط بظروف أرباب العمل، وحظه غالباً متعثر. أما الحاج سالم علي (عامل) هو الآخر واحد متعثر الحال، ويعول خمسة من الأولاد مستواهم العلمي (جامعي- ثانوي ) ينامون، على قرير البطن ويصحون على هم الدراسة ومصاريفها التي تتطلب مالاً وفيراً لتغطية الاحتياجات التي ازدادت سوءاً ، يقول: أحتاج – لبنك فلوس – لتغطية حوافز أولادي ومتطلباتهم مع بداية العام، يعني بمبالغته المقبولة المصاريف الدراسية شاقة. السبب الرئيسي مراد سلطان (موظف) هو الآخر يرى أن الأسرة مع بداية العام الدراسي الجديد تدخل معتركاً اقتصادياً شديداً، وتحتاج لميزانية تفوق أيام العطلة لهدفين أولهما المصاريف اليومية التي تتعلق بتمكين الطالب من المثابرة والجد والاجتهاد والتشجيع، وثانياً المستلزمات المدرسية وتكاليف النقل التي جعلت واقع أغلب الأسر صعباً للغاية نتيجة لارتفاع قيمة المتطلبات الأسرية. ويزيد: إحساس الطالب بعدم قدرة الأسرة على توفير هذه المتطلبات يقلل من نجاحة وقد يذهب البعض للعمل ويترك الدراسة جانبا لظروفه الصعبة التي تمر بها أسرته، ويعد هذا السبب هو الرئيسي لأغلب الطلاب الذين تسربوا من التعليم. يشاركه عبدالقوي فرحان (تربوي) قائلاً: من خلال عمله التربوي توجد طبقه من الطلاب (اليتامى والفقراء) لا يحصلون على زيهم المدرسي، بل قد تعجز بعض الأسر عن توفير الدفاتر التي تعد من الأساسيات التي يحتاجها الطلاب، ويؤكد أن هناك بعض الجمعيات الخيرية كانت لا تقصر في هذا الجانب وتعطي المستلزمات والأدوات المدرسية في بداية كل عام دراسي، وبكفالة من أغلب التجار، غير أن الأوضاع الصعبة قطعت هذا المدد الذي يواسي حاجات الفقراء ويعينهم على الدراسة والمثابرة. التزامات جديدة وفي ظل الظروف الصعبة الراهنة واجهت الأسرة اليمنية ضغوطاً اقتصادية، خاصة مع بداية الموسم الدراسي، حيث ازدادت مشاكلها المادية مقارنة بما كانت عليه في السابق. يؤكد ذلك خبراء اقتصاديون ومتخصصون بدارسة وضع الأسرة، جازمين أنها تحتاج لمعالجة وخاصة فيما يتعلق بالجانب الدراسي الذي لن يكلف الحكومة سوى إلغاء رسوم التسجيل، وتخفيض أسعار النقل على وجه الخصوص للطلاب الدارسين، إضافة إلى حصر الطلاب المسجلة أسرهم بالضمان الاجتماعي ومدها بالمستلزمات المدرسية عبر بطائق الشؤون الاجتماعية. فؤاد عبدالكريم الصباحي (خبير اقتصادي) من جهته يوضح قائلاً: بدخول العام الدراسي تواجه الأسرة متطلبات جديدة شاقة، وذاك يتطلب مادة نقدية تفوق أيام العطلة للالتزامات الجديدة, ونظرًا للحالة التي تعيشها البلاد من أوضاع متردية وأسعار مرتفعة فالأسرة اليمنية تضخمت مسئوليتها، والمصاريف الدراسية باتت عبئا ًثقيلاً على الأسرة وخاصة بعد إعلان الحكومة معالجات شؤونها الاقتصادية عبر رفع أسعار المشتقات التي ترتبت عليها مشاكل مادية تعاني منها أغلبية الأسر، والخوف لو تصبح اليمن بعد سنوات شبيهة بالهند، حيث اختفت الطبقات المتوسطة وبقيت طبقتان متضادتان فمنهم من يعيش بترف وغنى فاحش ومنهم من يبحث عن لقمة العيش، والسبب في ذلك معالجة مشكلة على حساب الأخرى ويزيد الطبقة الفقيرة هي الأولى بالعناية لأنها انتقلت من حال سيئ إلى أسوأ. وأضاف: ومن المفترض على الحكومة أن تلتفت إليها قبل كل شيء بعد إعلان الجرعة عبر رواتب الضمان الاجتماعي المقدرة (2000) ريال إضافة لمجيئها كل ثلاثة أشهر ما يعني أن دخل الفرد داخل هذه الأسر يعادل شهريا (500) ريال.