أيها الربيعُ المقبلُ من عينيها أيها الكناري المسافرُ في ضوء القمر خذني إليها قصيدةَ غرامٍ أو طعنةَ خنجر فأنا متشرّد وجريح أحبُّ المطر وأنين الأمواج البعيدة من أعماق النوم أستيقظ لأفكر بركبة امرأة شهيةٍ رأيتها ذات يوم لأعاقرَ الخمرة وأقرضَ الشعر قل لحبيبتي ليلى ذاتِ الفم السكران والقدمين الحريريتين أنني مريضٌ ومشتاقٌ إليها إنني ألمح آثار أقدام على قلبي . دمشقُ يا عربةَ السبايا الوردية وأنا راقدٌ في غرفتي أكتبُ وأحلم وأرنو إلى المارة من قلب السماء العالية أسمع وجيب لحمك العاري. عشرون عاماً ونحن ندقُّ أبوابك الصلدة والمطر يتساقط على ثيابنا وأطفالنا ووجوهِنا المختنقةِ بالسعال الجارح تبدو حزينةً كالوداع صفراءَ كالسلّ ورياحُ البراري الموحشة تنقلُ نواحنا إلى الأزقة وباعةِ الخبزِ والجواسيس ونحن نعدو كالخيولِ الوحشية على صفحاتِ التاريخ نبكي ونرتجف وخلف أقدامنا المعقوفة تمضي الرياحُ والسنابلُ البرتقالية ... وافترقنا وفي عينيكِ الباردتين تنوح عاصفةٌ من النجوم المهرولة أيتها العشيقةُ المتغضّنة ذات الجسد المغطَّى بالسعال والجواهر أنتِ لي هذا الحنينُ لك يا حقودة! يا نظراتِ الحزن الطويلة يا بقع الدم الصغيرة أفيقي إنني أراكِ هنا على البيارقِ المنكسة وفي ثنياتِ الثياب الحريرية وأنا أسير كالرعد الأشقرِ في الزحام تحت سمائك الصافية أمضي باكياً يا وطني أين السفنُ المعبأةُ بالتبغ والسيوف والجاريةُ التي فتحتْ مملكةً بعينيها النجلاوين كامرأتين دافئتين كليلة طويلةٍ على صدر أنثى أنت يا وطني إنني هنا شبحٌ غريبٌ مجهول تحت أظافري العطرية يقبعُ مجدك الطاعن في السن في عيون الأطفال تسري دقاتُ قلبك الخائر لن تلتقي عيوننا بعد الآن لقد أنشدتُكَ ما فيه الكفاية سأطل عليك كالقرنفلةِ الحمراء البعيدة كالسحابةِ التي لا وطن لها . وداعاً أيتها الصفحات أيها الليل أيتها الشبابيكُ الأرجوانية انصبوا مشنقتي عاليةً عند الغروب عندما يكون قلبي هادئاً كالحمامة .. جميلاً كوردةٍ زرقاء على رابية، أودُّ أن أموتَ ملطخاً وعيناي مليئتان بالدموع لترتفعَ إلى الأعناق ولو مرة في العمر فإنني مليء بالحروفِ، والعناوين الدامية في طفولتي، كنت أحلم بجلبابٍ مخططٍ بالذهب وجواد ينهب في الكرومَ والتلال الحجرية أما الآن وأنا أتسكَّعُ تحت نورِ المصابيح انتقل كالعواهرِ من شارعٍ إلى شارع اشتهي جريمةً واسعة وسفينةً بيضاء، تقلّني بين نهديها المالحين، إلى بلادٍ بعيدة، حيث في كلِّ خطوةٍ حانةٌ وشجرةٌ خضراء، وفتاةٌ خلاسية، تسهرُ وحيدةً مع نهدها العطشان .