صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مدبّات المياه» الأثرية بالحديدة.. مطامع للناهبين
نشر في الجمهورية يوم 03 - 12 - 2014

على الرغم مما تمثله «مدبات المياه» القديمة بالحديدة من قيمة تاريخية وسياحية باعتبارها إحدى المعالم الأثرية الدالة على قدم حضاراتنا، إلا أن ما تبقى منها لايزال يعاني من الإهمال الكبير والمتعمد من قبل الجهات المعنية والسلطة المحلية والمركزية في عدم ترميمها وصيانتها والاهتمام بها، والمحزن أنها تحولت إلى مقالب قمامة، ناهيك عن التدمير والعبث والتخريب.. كما هو الحال في مدب المطراق الذي أصبح نموذجاً حياً وبارزاً لاعتداءات العابثين التي ترسم صورة غير حضارية ومشوهة وسيئة لهذه المدينة جراء تلك السلوكيات والممارسات المخلة بالذوق العام.
عما سبق نسلط الضوء على ما تتعرض له هذه المدبات التاريخية بالحديدة.. وكيف أصبح حالها اليوم...
مواطنون
محمد عبيد عطية مفوض عن الأهالي والأعيان لمتابعة القضية أمام الجهات المعنية - يقول:
بصفتنا أحفاد من قاموا ببناء هذه المدبات الأثرية والتاريخية لا نقبل هذه الاعتداءات والتدميرات التي تتعرض لها اليوم، وتستفز مشاعر المواطنين الذين يتفاخرون بها أمام صمت الجهات المعنية والمسئولة، ولهذا جاء التحرك الشعبي للحفاظ على هذه المعالم وحمايتها ومطالبة السلطة المحلية بإعادة الاعتبار لها وتأهيلها بنفس النمط المعماري، وإيقاف الاعتداءات وضبط المعتدين.
ويشاركه في ذلك الأستاذ يوسف جابر الأهدل، الذي يطالب بتكوين جمعية لحماية الإرشاد والحفاظ عليها، فيما عبده جازم القباطي يعتبر الإهمال المتعمد من الجهات المعنية لهذه المعالم والآثار القديمة دليل جهل واضح لهؤلاء المسئولين بما تمثله من قيمة تاريخية عظيمة، ويناشد المواطن عارف ذياب الدبعي السلطة المحلية بسرعة حماية هذه المعالم الأثرية، وعدم السماح لضعفاء النفوس بتدميرها واستغلال مواقعها لمصالح شخصية؛ لأن ذلك يعتبر تراثاً للأمة، وليس لشخص يتصرف به كما يريد.
مكتب الأوقاف.. أقوال تدحضها أفعال
وينفي مدير عام مكتب الأوقاف والإرشاد أن يكون لمكتبه أي علاقة في تأجير أي من المحلات المحيطة بمدب المطراق الأثري وتحصيل أي إيجارات منه، أو ما يتعرض له من حالة العبث والتشويه لمعالمه.. منها جهات حكومية أخرى من غير الأوقاف قامت بمنح أصحاب المحلات عقود إيجار وتصاريح مزاولة العمل.
ولكن هذه الأقوال تدحضها الأفعال؛ لأن الواقع يؤكد أن مكتب الأوقاف ذو علاقة مباشرة بعملية التأجير القديمة أو الجديدة لهذا المدب الأثري، وما ترتب عن ذلك من حالة العبث والتدمير، وذلك من خلال الوقائع التالية:
قيام مكتب الأوقاف بتأجير المدب الأثري بحي المطراق المدعو الحميري من خلال العقد المبرم معه والمؤرخ في 5 9 2004م؛ بهدف إعادة ترميمه وتأهيله والحفاظ عليه واستغلاله تجارياً، وبإيجار سنوي خمسون ألف ريال “أقل من 4500” ريال ولمدة عشرين عاماً، وأعطى له الحق في استخدام المساحات والأبعاد المحددة في الكروكي الموضحة لهذا المعلم الأثري، بل وله الحق في إقامة مباني من جميع الجهات لاستغلالها تجارياً، كما جاء في أحد بنود العقد المذكور والمشئوم بحسب وصف الأهالي الذين قاموا بوقف المذكور عن العمل ورفع القضية للقضاء.
وكذلك قيام مكتب الأوقاف بإبرام عقد إيجار في 7 10 2012م للمدعو الحمادي لبناء صندقة لغرض البيع والشراء لمدة ثلاث سنوات وبإيجار شهري ثلاثة آلاف ريال؛ باعتبار أن الأرض وقف، وتنازل الحمادي عن عقد الإيجار والصندقة للمدعو حاجب وبمبلغ مليوني ريال، وذلك في 18102012م بمباركة مكتب الأوقاف الذي وافق عن التنازل بمقابل ثلاثمائة ألف ريال تورد للمكتب “مائة ألف ريال رسوم تنازل + مائتي ألف ريال مقابل مأذونية بناء” مخالفاً بذلك للبند الثاني من العقد: “لا يحق للطرف الثاني تأجير العين المؤجرة منه للغير أو التنازل أو بيع ما يسمى بحق المفتاح، وفي حالة مخالفة هذا الشرط يعتبر العقد لاغياً ولا يتحمل الطرف الأول أي مسئولية تجاه الغير، ويحق له استعادة العين المؤجرة بدون قيد أو شرط.
ومن ثم قيام الأوقاف بتحرير عقد إيجار جديد للمتنازل له حاجب والذي قام بالبناء في المدب من الداخل وإحداث التشوهات بالمعالم الأثرية للمدب.. وتم إيقافه من قبل الأهالي والمطالبة بضبطه وإعادة بناء ما تم تهديمه.
كما أن ما يثبت العلاقة المباشرة لمكتب الأوقاف بالحديدة تأكيد تقرير اللجنة المكلفة من الهيئة العامة للآثار والمتاحف بتحمل مكتب الأوقاف المسئولية الكاملة جراء حالة الخراب والعبث الناتج عن هذا التأجير للمدب الأثري.
فبعد كل هذه الوقائع هل يستطيع مكتب الأوقاف أن يستمر في علاقته بهذا المدّب الأثري!!
توصيات
ويوصي تقرير لجنة الهيئة العامة للآثار 2013م، فيما يخص مدبّ المطراق، على إلغاء عقد الإيجار الذي مُنح من مكتب الأوقاف للحمادي؛ لأنه قام بالمخالفة للبند رقم (2) من العقد وهو عدم التنازل للعين المؤجرة أو تأجيرها لآخر، إلغاء العقد الجديد مع تصريح البناء للمستأجر عادل حاجب؛ باعتباره تم بصورة مخالفة للقانون ويتحمل مكتب الأوقاف المسئولية الكاملة بذلك.
إلزام مكتب الأوقاف بعدم تجديد عقود الإيجارات للمحلات الأخرى المقامة حول المدب وإشعار المستأجرين بإفراغ محلاتهم، مع تكليف الهيئة العامة للآثار والمتاحف للإدارة الهندسية بعمل الدراسات والتصاميم لمشروع الصيانة والترميم للمدب وإعادته إلى وضعه الأصلي والعمل على بحث مصدر تمويل بالتعاون مع المحافظة ووزارة الثقافة ووزارة الأوقاف؛ حيث إن الأخيرة (الأوقاف) كانت المستفيدة من الإيجارات السابقة ولم تكلف نفسها القيام بأعمال الصيانة والترميم والنظافة للمدب الذي أصبحت حالته سيئة جداً بالرغم أن تلك العقارات هي وقف لصالح المدب.
وفيما يخص المدبات الثلاثة الأخرى في (باب مشرف، الصديقية، المشرع) أكدت اللجنة على سرعة رفع أكوام القمامة المتكدسة بمواقع هذه المدبات ورش المبيدات وعمل نظافة كاملة حولها بالإضافة إلى عمل حلول عاجلة لعدم تسرب المياه إلى داخلها وضرورة تسوير المواقع بالشبك وتكليف أشخاص بالحراسة عليها والمراقبة المستمرة بالتنسيق مع المجالس المحلية، وعمل الدراسات والتصاميم لمشروع الترميم والصيانة، ووضع تصور لاستغلال المدبات بعد أعمال الصيانة والترميم؛ بهدف الاستفادة منها لصالح السكان في تلك الأحياء حتى لا تتعرض للإهمال والتدمير مستقبلاً، وإزالة جميع الاستحداثات التي أقيمت على أو حول هذه المعالم الأثرية بأسرع وقت ممكن.
لجان... ولكن!!
بناءً على مطالبات متكررة من مدير الآثار إلى مسئولي السلطة المحلية بشأن المطالبة بتشكيل لجنة للنظر في الاعتداءات التي تتعرض لها مدبات المياه القديمة ذات الطابع الأثري والتاريخي وحالة العبث والتشويه التي أصابتها ووضع المعالجات لها فقد تشكلت العديد من هذه اللجان جميعها ولدت ميتة، وأبرز هذه اللجان تلك اللجنة الصادر بها قرار إداري من محافظ المحافظة في 4 /11 /2009م والمكونة من مدراء عموم مكاتب (الأشغال العامة والطرق، الأراضي، الآثار، الأوقاف، صندوق النظافة والتحسين، فرع الهيئة العامة لحماية البيئة)، وخرجت هذه اللجنة بعدد من القرارات والتوصيات التي تم رفعها للمحافظ والتي تضمنت: إلغاء العقود المبرمة من أي جهة كانت والتي بأيدي الباسطين وإشعارهم بالإزالة خلال شهرين من تاريخ الإشعار، وقيام السلطة المحلية والجهة المعنية بإعادة ترميم المدبات المتبقية وعددها أربعة بنفس النمط القديم وبنفس الدور الذي كان يؤديه سابقاً واستغلالها الاستغلال الأمثل؛ كونها مزاراً سياحياً وأثرياً، وعلى الجهات المعنية تنفيذ ما ورد في قرار اللجنة وفقاً للإجراءات القانونية.
وعلى الرغم من مصادقة المحافظ على قرارات وتوصيات اللجنة واعتمادها والتوجيه للجهات المعنية بتنفيذها.. إلا أن الجهات المعنية لم تنفذ شيئاً مما ورد في توصيات اللجنة حتى اليوم.. والسبب أن اللجنة ضمن العديد من الجهات المتهمة بحالة العبث والتشويه لهذه المدبات وقيامها بإصدار عقود إيجار للباسطين بالمخالفة للقانون.. فكيف يمكن لهؤلاء إدانة أنفسهم ومطالبة الباسطين بالإخلاء لمحلاتهم وهم من قاموا بشرعنة العمل لهم رسمياً.
وهكذا كانت كل اللجان بهذا الشأن والمكونة من عدد من الجهات المهتمة والمعنية بالمحافظة تولد ميتة وتظل قراراتها وتوصياتها حبراً على ورق محفوظة في أدراج المسئولين بانتظار من لديهم الإرادة الحقيقية لتنفيذها.
وتوجيهات حبرية!!
أن أي توجيهات أو قرارات أو أحكام تكمن أهميتها بالتنفيذ وماعدا ذلك تصبح حبراً على ورق، ولا تمثل أي أهمية، كما أن عدم التنفيذ للتوجيهات تجعل القضايا تدور في حلقة مفرغة.
هذه الحالة تنطبق على هذا المدب الأثري والتاريخي والذي شهد العديد من التوجيهات التي لم تنفذ منذ العام 2009م وحتى اليوم.. وكلها تتعلق بإيقاف العبث في المعلم الأثري لمدب المطراق وضبط المعتدين والعابثين، وحماية هذا المعلم الأثري، وإزالة الاستحداثات وصيانة وترميم هذا المدب.. وغيرها من التوجيهات.. ولعل من أبرز تلك التوجيهات ما جاء في رسالة المحافظ في20 /8 /2010م الموجهة إلى مديري مديريتي الحوك والميناء، والمطالبة بتنفيذ التوجيهات السابقة بإزالة الاستحداثات حول المدب بحي المطراق؛ كونه معلماً أثرياً وتاريخياً لمدينة الحديدة وكذا التعميم الصادر من المحافظ في 28 /11/ 2012م والموجه إلى مدراء عموم مكاتب (الأشغال، الأراضي، الأوقاف، صندوق النظافة والتحسين)بضرورة إبلاغ المستأجرين لمواقع المدبات الأثرية بالتوجه إلى مكتب الآثار والمتاحف لإبرام عقود جديدة ولمدة محددة على أن يكون عائد تلك الإيجارات لصالح ترميم وصيانة هذه المدبات طبقاً لنفس النمط والمواصفات القديمة.
ومذكرة مكتب الآثار بتاريخ 4/11/ 2012م الموجهة إلى المحافظ، والذي اتهم فيها مكاتب (الأشغال العامة والطرق، والأراضي، والأوقاف، وصندوق النظافة والتحسين) القيام بتأجير حرم المدبات وإصدار عقود إيجار للمستأجرين والتصرف بالمبالغ المحصلة لصالحها وعدم استفادة المدبات منها في شيء، مطالباً هذه الجهات بعدم التدخل بإصدار عقود جديدة؛ كون ذلك من اختصاص ومهام مكتب الآثار باعتباره الجهة المعنية بالحفاظ على المواقع والمعالم الأثرية بموجب قانون الآثار رقم (21) لعام 94م.
وكذا مخاطبة وزير الثقافة إلى محافظ المحافظة في 19 /12 /2012م بإيقاف العبث في المعلم الأثري والتاريخي لمدب المياه القديم بحي المطراق وإحالة المعتدين إلى النيابة للتحقيق معهم وإعادة بناء السور الذي يتم تهديمه من قبل المدعو عادل حاجب.
عموماً كان لتفاعل أهالي وأعيان حي المطراق أثره الملموس والفعال في التصدي لإزالة هذا المعلم الأثري من قبل العابثين والطامعين لنهبه والسيطرة عليه بدعم جهات مسئولة، وتفاعلهم في القضية أكبر من دور الجهة المعنية الغائبة حيث قام الأهالي بتفويض محمد عبيد قاسم عطية لمتابعة القضية لدى مختلف الجهات الرسمية والذي أثمر نتائج طيبة بإيقاف الاعتداءات وإحالة المعتدين إلى القضاء الذي لايزال ينظر في القضية..
مبررات وهمية..
تعددت الجهات المانحة لتراخيص مزاولة العمل وعقود الإيجار الخاصة بتلك المحلات القائمة والمحيطة بسور وجدران مدب المياه القديم ذي الطابع الأثري والكائن بحي المطراق وسط قلب المدينة ولعل موقعه قد أغرى هذه الجهات والطامعين الذين يتسابقون في الحصول على موقع قدم تجاري على أنقاض هذه المعالم الأثرية والتاريخية بمباركة جهات مسئولة تضع لنفسها العديد من المبررات، فالأراضي تقول: إن الأرض ملك للدولة ولها حق التصرف فيها، فيما مكتب الأشغال يقول إنه فقط يعطي تراخيص مزاولة العمل وليس عقود إيجار، بينما مكتب الأوقاف يشير إلى أن هرم مساحة مدب المطراق هي (وقف) وهو المسئول عنها.
وهكذا كل جهة تتسابق لإبرام العقود مع المستأجرين وتحصيل الإيجار لصالحها ولم تتسابق في الحفاظ والاهتمام بهذا المعلم الأثري والقيام بصيانته وترميمه من هذه الموارد، وكل تلك المبررات وهمية ولو كان مسئولو هذه الجهات يتحملون بقدر من المسئولية لوضعوا نصب أعينهم المعالجات الكفيلة التي لا تؤثر على هذا المعلم الأثري وتجاوز ووضع الأضرار العامة طالما وهم من يقومون بتحصيل الإيجارات لصالحهم لكنهم لم يراعوا المصلحة العامة والمسئولية التي يتحملونها، فكانوا خير معين للعابثين ومشرعنين للفساد حتى وإن ابتدعوا العديد من المبررات التي بالتأكيد لا تخلي مسئوليتهم عما اقترفوه بحق هذا المعلم الأثري والتاريخي الذي يحكي عراقة الإنسان اليمني على مر العصور.
معالجات وحلول..
هذا هو حال مدبات المياه القديمة ذات الطابع الأثري والتاريخي بمدينة الحديدة التي وصلت إليه اليوم من عشرة مدبات كانت موجودة لحفظ المياه النظيفة التي يتزود سكان المدينة بها وظلت تمارس وظيفتها حتى مطلع الثمانينيات من القرن الماضي لم يتبق منها اليوم سوى أربعة فقط جميعها صارت في حالة سيئة جداً، ومدب المطراق هو نموذج لأسوأ هذه الحالات، حيث أصبحت جميع هذه المدبات مكاناً لتجمع القمامة والقاذورات التي تشكل خطراً على البيئة وسكان المناطق المجاورة.
ما يفرض اتخاذ إجراءات سريعة أولية إسعافية وإنقاذية لمعالجة الوضع القائم للأربعة المدبات، ورفع القمامة المتكدسة ورش المبيدات وعمل حلول سريعة لعدم تسرب المياه إلى داخلها، وتسوير المواقع بالشبك وتكليف أشخاص للحراسة والمراقبة المستمرة بالتنسيق والتعاون مع المجالس المحلية، وعمل الدراسات والتصاميم لمشروع الترميم والصيانة، إضافة لوضع تصور لاستغلالها بعد أعمال الصيانة والترميم يمكن الاستفادة منها لصالح السكان في تلك الأحياء، على سبيل المثال (مركز للطفولة معرض فني للتوعية بأهمية الحفاظ على البيئة والمعالم الأثرية والتاريخية)، وهذا ربما يساعد في المحافظة عليها، ووقف الاعتداءات أو رمي المخلفات أو غيرها من الأعمال غير الأخلاقية.
أما ما يخص المحلات المحيطة بمدب المطراق وعددها ثمانية محلات عبارة عن صندقات وأكشاك ودكاكين صغيرة، وحالات البناء العشوائي للواجهة الأمامية للمدب والواقعة على الشارع الرئيسي فهو وضع قائم منذ سنوات وشرعنت له رسمياً جهات مسئولة قامت بإصدار عقود إيجار للمستأجرين وتراخيص مزاولة العمل واستلام الإيجارات.
اليوم قبل التفكير بإزالة هذه المحلات علينا التفكير بكيفية معالجة الوضع الناتج عن هذه العقود الرسمية وتراخيص مزاولة العمل ومن يتحمل المسئولية في الأساس هم الذين منحوا أصحاب هذه المحلات الشرعنة الرسمية، ولابد من المعالجات الحقيقية من خلال الشروع في الآتي:
- حصر حجم الضرر الذي أحدثه صاحب كل محل بالمدب الأثري وتحديد نوع الضرر.
- إلزام أصحاب المحلات بإزالة البناء الملاصق لسور وجدار المدب الأثري، وترك مساحة فاصلة بينهما، وإلزام أصحاب المحلات بإزالة البناء المرتفع الذي يحجب رؤية المدب عن المشاهدة من كافة الجوانب وإبراز المظهر الجمالي للمدب.
- تحديد جهة واحدة فقط مسئولة مسئولية مباشرة عن إبرام عقود لتأجير وتحصيل الإيجارات وإلغاء الازدواجية القائمة حالياً بهذا الخصوص..
نبذة تعريفية عن المدبات
هي منشأة مائية قديمة متكاملة ذات طابع أثري وتاريخي تسمى (مدبات المياه) تميزت بها محافظة الحديدة قديماً عن غيرها من محافظات الجمهورية.
مبانيها تشكل نموذجاً فنياً وهندسياً معمارياً فريداً.. ويعود تاريخها إلى حقبة زمنية من عهد الأتراك في اليمن، وظيفتها استقبال المياه من منطقة الحالي حيث المصدر القديم لمياه الشرب وذلك عبر سراديب صغيرة تحت الأرض، حيث كانت وحتى مطلع سبعينيات القرن الماضي تزود سكان المدينة بكل ما يحتاجون من مياه للشرب وللحياة اليومية.
ويتكون بناء هذه المدبات من قبة رئيسية كبيرة في الوسط مبنية من مادة الآجر ومطلية من الداخل والأرضية وجزء من الجدران الداخلية إلى ارتفاع معين دقيق وبديع جداً وسور خارجي ببواتين، والمساحة الواقعة بين السور والقبة مطلية بالقضاض، والساقية التي تنقل الماء إلى داخل المدب موصلة مباشرة إلى داخل القبة؛ بحيث يحفظ الماء فيها، وكان يوجد أيضاً سبيل للشرب مبني أيضاً من الآجر على شكل قبة صغيرة توجد على جانبي المداخل الرئيسية للمدب، وتوجد كذلك زخارف على جدران القبة تذكر اسم بانيها وتاريخها وربما نصوص الترميمات والصيانة التي كانت تجرى لها خلال الفترات التاريخية، ولم تتضح أغلب الكتابات عليها نتيجة الطمس والعبث والتشويه الذي أصابها.
ويبدو من عملية الإنشاء والتوزيع لهذه الشبكة المائية وعملية توصيل للمياه إليها من منطقة الحالي التي كانت تتوفر فيها المياه العذبة قد تمت عبر دراسة فنية وهندسية وتنظيمية دقيقة جداً تضمن توصيل الكمية المطلوبة من المياه لجميع سكان المدينة.
ومشروع مثل هذا كما يفيد المؤرخون كان يحتاج أيضاً إلى إمكانيات مادية وموظفين وإدارة ولابد من توفر موارد مالية مستمرة وثابتة لضمان دفع تكاليف وأجور العاملين وأعمال الصيانة والترميمات إلخ.
لذلك يبدو أنه كان هناك أوقاف خصصت لهذا الغرض، وتلك الأوقاف كما هو معمول به في الغالب خلال تلك الفترات التاريخية هي عبارة عن أراضي أو عقارات.
لقد عكست هذه المنشآت المائية القديمة عظمة ما توصل إليه الإنسان اليمني عبر العصور القديمة في مختلف المجالات وعلى وجه الخصوص وتقنيات المنشآت المائية التي اشتهر بها اليمنيون منذ فجر التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.