التقطعات على الطرقات العامة ينصبها أمراض النفوس لتحقيق أغراض تخصهم، وتُعد ثقافة ابتزاز دخيلة على المجتمع اليمني المعروف بكرم الأخلاق وحسن الضيافة. ظاهرة قطع الطريق أمام الناس جريمة يعاقب عليها القانون، ويجرمها الشرع الإسلامي، وتستنكرها الأعراف والتقاليد مهما كانت ذريعة الإقدام. وقد سجلت ظاهرة التقطع «القطاعات القبلية» ارتفاعاً بنسبة «90 %» خلال العام الماضي 2013م، وبزيادة مقدراها «47» جريمة، عما كانت عليه في العام الذي سبقه، بحسب تقارير أمنية. ووصلت الخسائر المادية لظاهرة التقطع خلال العام 2011م إلى نحو «300» مليون ريال؛ جراء احتجاز بعض قاطرات النفط والغاز والبضائع الأخرى. محللون اقتصاديون يرون بأن ظاهرة التقطع تنهك الاقتصادي اليمني، وتمثل حجر عثرة أمام تحسن وتعافي اقتصاد البلد، ولها آثار سلبية على مستوى الفرد والدولة، خاصة مع ما تمر بها البلاد من ظروف صعبة، موضحين بأن هذه الظاهرة تؤثر كذلك على جلب المستثمرين لليمن التي هي بحاجة ماسة لهم في هذا الوقت؛ من أجل إنعاش الاقتصاد وإنقاذ البلد من التدهور الاقتصادي الذي تكون انعكاساته وخيمة جداً على مستوى المواطن اليمني. منوهين بأن أي اقتصاد في العالم لا يتعافى وينهض إلا بوجود أمن واستقرار؛ لما يمثله من عامل حيوي في التنمية، وكونه يخلق الثقة لجلب المستثمرين الذين تستفيد منهم البلاد في تخفيف البطالة بين أوساط الشباب والخريجين. ويرى علماء الاجتماع بأن هذا السلوك شاذ ويؤثر على أبناء المجتمع خاصة في تلك التقطعات التي تذهب فيها ضحايا، حيث يتحول سلوك الأفراد الذين يفقدون أعزاء لهم إلى العدوانية بفعل الانتقام، وتتحول هذه السلوكيات إلى ممارسة على الواقع، مولّدة للعنف الذي ينتج عنه المزيد من الضحايا. مبينين أن ارتكاب مثل هذه الجرائم تحت ذرائع حقوق مطلبية ليست بالسلوك السوي وليست وسيلة إنصاف، ولا تخدم أحداً غير الشيطان؛ لأن هذه الأفعال يترتب عليها خراب مجتمع بأسره، ويدمر اقتصاد البلاد، وهي جريمة يطال ضررها المصلحة العامة. ونوه علماء الاجتماع إلى ضرورة تعزيز دور علماء الدين حول هذه الظاهرة عبر الإرشاد الديني الصحيح؛ لما يمثله من أهمية في تهذيب الأسلوب من خلال التوجيه والإرشاد؛ كونه علاجاً وتربية وتعليماً يقوم على تعريف الفرد بنفسه وربه ودينه وبالقيم والمبادئ الروحية والأخلاقية التي من شأنها قد تعلمهم أن حل مشاكلهم لا يكون إلا عن طريق اتباع الطرق القانونية. ويعول الكثير من أبناء المجتمع اليمني أن يكون هناك دور لمنظمات المجتمع المدني في خلق توعية لنبذ ظاهرة التقطع أياً كان شكلها أو غايتها؛ من خلال إقامة ندوات ومحاضرات وورش عمل بالتنسيق مع السلطات المحلية ومشائخ المناطق خاصة التي يغلب عليها الطابع القبلي والمرتبطة بطرقات المسافرين، وكذلك أن تعزز الجهات الأمنية دورها أمام هذه الجرائم في القضاء أو الحد من هذه الظاهرة التي تقلق سكينة الأمة وتنهك اقتصاد البلاد وتشوّه سمعة الوطن أمام العالم.