الكتابة الإبداعية عملٌ ذاتي والشعر تصوّرات داخلية وأحاسيس يعيشها المُبدع ويترجمها على شكل نصوص، وكل نصّه عبارة عن عملية القبض على اللحظة عند المبدع الذي يصوغ الصّور الفنية معبّراً عن ذاتية في ما يطرح. والكاتب وجدان عبدالعزيز يطرح مشروعه في الكتابة من خلال مجموعته الشعرية المعنونة «عباءة العُري» التي تدور حول عدّة محاور؛ ولكن لها نقطة مركزية وهي الحب والغزل: رقصتْ روحي في استدارة عينيكِ وعلى عزف غيوم قلبي كان اسمكِ... على بياض المطر كنتِ تنزلقين كنبضي كسرير الأحلام يتثنّى فرحي يقضم شيئاً من حزني .... ألتم كراعٍ في حدائقكِ لا رغبة لي ثم تداخل لمجموعة عن الصور الشعرية في هذا النص مع محافظة الكاتب على البنيوية، وهذا التنوُّع يعود إلى الذات الشاعرة في داخل الكاتب التي تجعله يخلق ابتكارات عديدة كتوظيفه عزف غيوم قلبه والمطر الأبيض، وهنا تظهر سياقات دلالية من خلال استعارات الشاعر تحيلنا إلى معرفة مدى قدرة صاحب المجموعة على تخيُّل الصورة وتسويقها في مشروعه الإبداعي، وقد استطاع أن يعبّر عن أحاسيسه بطريقة حداثوية. أيا تنهّدات الأقحوان أنفاسك في فراغ الصمت وتأمّلاتي فراشة.. ورحيق.. هي أنت يا ألذّ من الحلم والمياه العذبة يا عذبة الرّيق والأنفاس.. وصدى معطّر لأغنية شوق بلّلت أحرفها روحي يقول غرام هف كانت المأساة والملحمة بالنسبة إلى أرسطو تكونان نموذجاً للشعر الاسميين وعلى مدى الكثير من مسيرة الحضارة الغربية، وظلّ هذان النمطان العموميان الرئيسان الدراما والقصص في أدب الغرب. وفي أدبنا العربي الموروث الضخم كان الغزل والفخر المهيمنين على الذائقة العامة، فكان الشاعر العربي يقرأ في مطلع كل قصيدة أبياتاً من الغزل حتى لو كانت قصيدة هجاء أو مديح كي يجلب الانتباه نحوه، وفي مجموعة «عباءة العُري» أكثر وجدان عبدالعزيز من الغزل، وفي هذا النص يصف أنفاس حبيبته بنها فراغ الصمت وتأمّلاتي فراشة ورحيق ورد ونشوة الحلم.