تعدُّ السلاحف البحرية جزءاً مميّزاً من التنوّع الحيوي العالمي فهي تعيش في البحار والمحيطات منذ ما يزيد عن 100 مليون سنة مضت، وتمتلك تاريخاً مدهشاً، فهي من الأنواع طويلة الأعمار، وتصل سن النضج متأخراً، وتقطع مسافات شاسعة خلال فترة حياتها، كما تتميّز بقدرات ملاحية ممتازة، حيث تُهاجر باستمرار مئات أو حتى آلاف الكيلو مترات بين مناطق التغذية ومواقع التعشيش. مناطق تعشيش وتوجد في اليمن مجموعة من المناطق التي تعشش فيها السلاحف ومنها السواحل الجنوبية والشرقية الواقعة على خليج عدن، ومنها محميات «شرمة وجثمون وجزيرة ميون وخور عدن و خور الشورى في باب المندب ورأس عمران وعرفة ونشيمة وبير علي وسيحوت وخلفوت وجزر أرخبيل سقطرى وغيرها». ذبح السلاحف في منطقة خور الشورى، باب المندب خلال سيرنا على الساحل وجدنا صدفة سلحفاة نافقة نتيجة ذبحها من قبل مرتادي الساحل؛ سألنا بعض سكّان المنطقة فأخبرونا أن المواطنين حين يرون سلحفاة يأسرونها، فإذا كانت صغيرة جداً يبيعونها، وإذا هي كبيرة يذبحونها ويأكلون لحمها. مواقع طاردة كما أظهرت بعض الدراسات الميدانية الحديثة أن هناك الكثير من آثار القتل والتخريب التي تتعرّض لها السلاحف البحرية ومواطن تعشيشها، حيث وجد العديد من بقايا أذرع السلاحف الخضراء منتشرة في مواقع التعشيش على طول الشريط الساحلي لخليج عدن والمواقع الساحلية وخاصة القريبة من المدن، والتي كانت في السابق مواقع تعشيش السلاحف البحرية، أصبحت في الوقت الراهن مواقع طاردة لها. ويؤكد المهتمون بشؤون البيئة أن «العديد من الجزر البحرية اليمنية التي أصبحت مأهولة بالأفراد والصيادين غدت تضيق الخناق على أماكن تعشيش السلاحف، نتيجة انعدام الوعي، لأن هؤلاء في الغالب لا يعرفون الشيء الكثير عن السلاحف ودورة حياتها وما تواجهه من أخطار». العديد من السلاحف البحرية أصبحت تبتعد عن مواقع تعشيشها ومناطق تغذيتها بسبب المضايقات التي تتعرّض لها أثناء وضع البيض أو التغييرات وإقامة المنشآت المستحدثة في بعض شواطئ التعشيش». وفي وقت سابق تم الاتفاق مع قيادة السلطة المحلية بمحافظة حضرموت على تطبيق غرامات مالية، حيث سبق وأن بدأت الهيئة عملية تطبيقها في جزيرة سقطرى، إضافة إلى تطبيق إجراءات عقابية نص عليها قانون حماية البيئة، وتم بناء نوبات حراسة في منطقة شرمة وتزويدها بالحراس من قبل الهيئة والسلطة المحلية بغية إيقاف عمليات قتل السلاحف بغرض أكلها. أنواع نادرة ويشير مدير «الجمعية اليمنية للتوعية وحماية البيئة» إلى أن السلاحف المتواجدة في منطقة شرمة «تصنّف من بين الأربعة أنواع النادرة على المستوى العالمي والموجودة في السواحل اليمنية والتي يجب أن تُعطى الحماية الكافية لضمان استمراريتها، ومن يريد أن يعرف عن السلاحف التي يُضرب بها المثل في البطء! فعليه أن يتوجّه مباشرة إلى محمية شرمة التي استوطنتها السلاحف منذ آلاف السنين، هذه المحمية هي أشبه ما تكون بمملكة صغيرة أسّستها هذه المجاميع المتوافدة من كل البحار المحيطة. تعشّش السلاحف فيها وتنطلق باحثة عن رزقها في جوف البحر، وتعود إليها كلّما حان موسم التزاوج ووضع البيض».