الضوء في حياتنا عنصرٌ أساسي، وهو كذلك في دنيا العلوم؛ لذلك أعلنت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة عن عام 2015م أنه السّنة الدولية للضوء والتكنولوجيات القائمة على الضوء "في مبادرة عالمية ترمي إلى إبراز الدور الرئيسي للضوء والتكنولوجيات البصرية في حياتنا اليومية وإلى تبيين أهمية هذه العوامل فيما يتعلّق بمستقبلنا والتنمية المستدامة للمجتمعات التي نعيش في كنفها".. وذلك لأن تكنولوجيات علم الضوء قد أحدثت ثورة في شتّى المجتمعات من خلال تطبيقاتها في مجالات الطب والاتصالات والترفيه والثقافة، كما أن الصناعات القائمة على الضوء تُعتبر بمثابة محرّكات اقتصادية رئيسية، ففي غياب التكنولوجيات القائمة على الضوء لن يكون هناك ألواح شمسية ولا إضاءة من خلال الصمّام الثنائي الباعث للضوء «LED» ولا أجهزة حاسوبية أو شاشات الهواتف، ولا كاميرات أو آلات العرض، ولا تصوير بالرنين المغناطيسي، ولا آلات للأشعّة السينية، وقد يتساءل أحّدنا لماذا عام 2015م بالذات..؟!. فتجيب اليونسكو، وذلك لأن سنة 2015م “ستصادف مناسبات ذكرى سلسلة من المعالم المهمّة في تاريخ علم الضوء التي يعود تاريخها إلى 1000 و200 و150 و100 و50 سنة مضت، ومن هذه المعالم: سوف يصادف عام 2015 ذكرى مرور 1000 سنة على نشر الأعمال العظيمة لابن الهيثم بشأن البصريات خلال فترة من الإبداع والابتكار رفيعة المستوى اشتهرت بكونها العصر الذهبي للإسلام «نشر العالم ابن الهيثم كتابه المناظر عام 1015م». وفي عام 1815، قدّم أوغسطين جان فرينيل نظريته التي تحدّد الضوء باعتباره موجة؛ وفي عام 1865م ظهرت نظرية جيمس كليرك ماكسويل الخاصة بالموجات الكهرومغناطيسية للضوء، وفي عام 1916م، اشتهر ألبرت أينشتاين بفضل النظرية النسبية العامة التي وضعها لتأكيد الأهمية المركزية للضوء على صعيدي المكان والزمان, وأخيراً وليس آخر سوف نقوم بتكريم أرنو بينزياس وروبرت ويلسون لاكتشافهما إشعاع الخلفية الميكروويفية الكوني Cosmic Microwave Background Radiation في عام 1965م، وهو ما يعتبر صدى لأصل الكون يمكننا من “رسم خريطة” الكون كما كان قد ظهر بعيد الانفجار الكبير (big bang) الذي حصل قبل 13.7 مليار سنة، وذلك باستخدام تكنولوجيات تتسم بالدقة. محاضرة الافتتاح في يوم 19 يناير 2015م، كان أول يوم من فعاليات السنة الدولية للضوء في المقر العام لمنظمة اليونسكو بباريس، فكان الافتتاح بمحاضرة “الضوء والحياة” للدكتور أحمد زويل، العالم المصري (حامل الجنسية الأمريكية) الذي فاز بجائزة نوبل في الكيمياء عام 1999م لعمله الرائد في كيمياء الفيمتو femtochemistry، وبعد المحاضرة نشر موقع اليونسكو هذه المقابلة: .. أنت معروف كرائد في مجال كيمياء الفيمتو ، كيف يمكن أن تحفّز كيمياء الفيمتو تطوير التقنيات المستندة على الضوء اليوم، وهل هناك تطبيقات عملية يمكن أن تساعد على تحسين نوعية حياتنا في نطاق عالمي..؟. زويل : إن حقل علم الفيمتو بالكامل معتمد على الوصلة بين ليزات الفيمتو ثانية والتفاعل مع المواد، وفيما يتعلّق بالتقنية، فقد طوّرت مجال ليزر الفيمتو ثانية بالكامل؛ الذي جزء منه تقنية، والجزء الآخر، بالطبع هو العلم نفسه - وهذه هي المرة الأولى التي نستطيع أن ندرس الذرات والجزئيات أثناء الحركة، هي تتحرّك وأنت تريد أن تعرف: “كيف أنها تحب وتكره بعضها البعض..؟” العلوم لها نطاقات واسعة جدّاً في التطبيقات. .. أنت العربي الوحيد الفائز بجائزة نوبل في العلوم، كيف نشجّع طلب العلوم اليوم في العالم العربي - خصوصاً وسط الشباب..؟!. زويل: لكي أكون صادقاً، فأنا حزين جدّاً لأني الشخص الوحيد العائش الذي حصل على الجائزة، ليس في الوطن العربي فقط، بل في العالم الإسلامي قاطبة من بين أكثر من مليار شخص، وذلك ليس له معنى عندما تعرف ما قد حقّقه العرب والمسلمون منذ آلاف السنين- تشعر بالحزن حيال ذلك، لقد قلت دائماً إنه إذا لو منحت جائزة نوبل عندما كان “مكتبة الإسكندرية” في أوج ازدهارها قبل ألفي سنة، فربما مصر كانت قد حصدت معظم الجوائز. أعتقد يمكننا تصحيح هذا الوضع بزيادة الاستثمار في التعليم والعلوم، وهذا ما ينبغي أن نقوم به في جزئنا هذا من العالم، وهذا ما أحاول جاهداً الدفع به في العالم العربي والإسلامي. .. ماذا تأمل أن يتحقّق في السنة الدولية للضوء 2015م..؟!. زويل: الوعي أكثر من أي شيء آخر، وأعتقد أن الناس يعيشون كنتيجة لأهمية العلوم، لكنهم لا يعرفون ذلك، فوجود شيء من هذا القبيل “سنة الضوء” يجعلهم يدركون كم أن العلم رائع ومهم في حياتنا. .. بعد ألف سنة من نشر “كتاب المناظر” لابن الهيثم، ما هو تأثير هذا العالِم وكتابه..؟. زويل: الشيء الأكثر أهمية هو أننا كلنا بنينا على ما فعله آخرون قبلنا، غير أنه لو لم تكن هناك أعمال ابن الهيثم، ولا ديكارت، ولا نيوتن، ولا بيكون ولا غيرهم، فالعالم ما كان رأى ما قام به ابن الهيثم، وأنا على أمل الآن أن العالم العربي والإسلامي سوف يستفيد من الإنجازات التي حدثت في العالم الغربي ويطوّروها، تماماً مثلما يفعل الصينيون والكوريون الجنوبيون حالياً، لذا يمكننا أيضاً أن نستفيد وأن نكون جزءاً من العالم «1». وأخيراً توجد فعاليات هذه الاحتفالات على هذا الموقع http://www.light2015.org/Home.html هامش: 1 مصدر المقابلة من هنا «ترجمي الشخصية»: http://www.unesco.org/new/en/media-services/single-view/news/investing_in_education_science_is_vital_in_the_arab_world_interview_with_ahmed_zewail/#.VM6TCi7SlWo