استطاع المستشفى الجمهوري بتعز أن يسحب البساط عن كثير من المستشفيات الحكومية العاملة في المحافظة، وكذا الخاصة بعد أن تراجع دوره الريادي في تقديم الخدمات الطبية وظل محتفظاً باليافطة المعلقة على مبنى قديم في أمسّ الحاجة لمن ينفّض عنه الغبار. قصة التغيير والنقلة النوعية التي شهدها المستشفى تكمن في العقلية التي تديره بحجم المسؤولية في منصب يتصل بصحة الناس ومعاناتهم وآلامهم. تلك الإدارة لم نستوردها من الخارج بل جاءت من المختبر المركزي المجاور للمستشفى والذي كان صيته يُحسّن من وجه (الجمهوري) المشوّه، فالدكتور راجح المليكي الذي عيّن مديراً عاماً للمختبر قبل أن يتولى إدارة المستشفى كان أول قرار يتخذه إغلاق مختبره الخاص وتفرّغه للمختبر الحكومي، وعمل على إخراج أجهزته الطبية من المخازن لتقديم الخدمة المخبرية لأبناء المحافظة والمحافظات المجاورة وبأعلى مستوى وأعتقد أن نجاحاته في المختبر أوصلته إلى المستشفى الجمهوري الذي كان بحاجة إلى عملية جراحية تعيد له الحياة. لا يمكن لأحد أن يلمس الفارق بين ما كان عليه المستشفى من معاناة بالغة السوء، وما وصل إليه من رقي طبي. المستشفى حصل كغيره على مساعدات طبية تمثّلت في الأجهزة ومعدات حديثة لم تُركن على جنب، بينما مستشفيات أخرى أجهزتها ظلت في مخازنها للجرد السنوي لحاجة في نفس يعقوب. التحديث لم يتوقف، وقد تفقد محافظ تعز، شوقي أحمد هائل سير العمل بالمستشفى، وافتتاح عدد من الأقسام المتخصصة بعد إعادة تأهيلها كقسم الغسيل الكلوي والعيون والعمليات الكبرى والأشعة الحديثة جميعها ستُسهم في الرقي بخدمات المستشفى المقدمة للمرضى دون أن يتكبّدوا عناء البحث عن مستشفى يقدم الغلاء دون النظر إلى جيب المريض. إن الحاصل في «الجمهوري» من تحديث يضع قيادات تدير مستشفيات مشابهة أمام المساءلة، ومن يتحدث عن قلة الامكانيات يجب أن يوضع في خانة الاتهام بتعمد الإهمال والاستهانة بأرواح المرضى، وبالذات الفقراء غير القادرين على تلقّي العلاج في المستشفيات الخاصة باهظة التكاليف فيجد المريض نفسه في مواجهة مع آلام الموت المحقق. إني لا امتدح المستشفى الجمهوري ولكني أتمنى أن أجد مستشفياتنا تسير في نفس الخطى من التقدم في تطوير الخدمات الطبية، فمن العار أن نشتم في أغلب مستشفياتنا رائحة المجاري في طواريدها والفئران تأخذ حريتها في التجوّل، والمرضى لا ينامون ولا يصحون إلا على أصوات نباح الكلاب.