الحياة لا تكتمل ولن نستطيع أن نكون أقوياء قادرين لو قرّرنا أن نعيش بمفردنا ووحدنا، أن نعتزل في عالم صغير ونلغي أهمية وجود الأخرين حولنا. من دون الناس حولنا نكون وحيدين، ضعفاء، غير قادرين على مواصلة الحياة بتلك العافية النفسية الإيجابية العالية. إننا نحتاج إلى الآخرين ليحمونا من جفاف أرواحنا، لنشعر معهم بالحب والرعاية والتكافل والدعم والمساندة، نحن لا نعيش في عوالم منفصلة، بل هناك ترابط وتشابك في حياتنا سواء في البيت أم العمل أو حتى في مشاعرنا الخاصة، نحن نحتاج إلى الآخرين لنشعر بالحب والقبول والدعم العاطفي والعملي أيضاً.. من الإجهاد فعلاً في العمل أن نقوم بكل المهام، لابد من التفويض والاعتماد على الآخرين والثقة بهم، وفي الحياة العامة لابد من المشاركة معهم بكل ما يجعل للحياة معنى وهدفاً، فسر القوة يكمن هنا «في إدراكنا ووعينا كم نحن بحاجة إلى الآخرين ليدعمونا». نحن لدينا القدرة على أن نصمد في المحن، نحن مجبرون، لأنه ليس لدينا الخيار إلا أن نصمد، بيد أن البعض يمسك جيداً بطرف آخر يسانده ويقف إلى جواره. إنها تلك القوّة القادرة على إحاطة الآخرين من حولك وجعلهم قريبين إلى درجة إنهم يشعرونك أحياناً أن شيئاً لم يحدث. هذه القوّة الهائلة هي «قوة الدعم العاطفي» إنها ثمرة اعترافنا بحاجتنا إلى الآخرين، وثمرة معرفتنا بما نريده، وثمرة معرفتنا بمن نكون. هذا الدعم العاطفي من الآخرين، يخفّف الكثير، ويعطينا القدرة على التحمُّل والصمود. عندما بدأت في كتابة هذه الملاحظات؛ درست بعض الحالات الشخصية والفردية؛ إلا أنني اكتشفت أن أسرار القوّة قد تورثها العائلات إلى أبنائها كقيمة مشتركة لهم تتناقلها أجيال هذه العائلة. إحدى العائلات التي كنت أبحث عن أسرار القوّة لديهم، فبخلاف أن لديهم الحب الكبير للحياة والقدرة على الاستمتاع باللحظة؛ فإن لديهم أيضاً القدرة على إحاطة أنفسهم بكم كبير من الأصدقاء، وهم من يجعلونهم في كثير من الأحيان قادرين على اجتياز الكثير من المحن والمصائب التي قد تحصل في حياتهم. وقد كنت أحتار من قدرتهم على الاستمتاع بحياتهم في وسط هذه المشاكل الكبيرة التي لا تنتهي، فقد كانت قيمة الأصدقاء تورث لدى العائلة من الأخوة الأكبر سناً إلى الأصغر، فمنزلهم لا يخلو من التجمّعات الظريفة للأصدقاء، والتي تُنسي الواحد همومه ومشاكله وتنقله إلى إحساس منفصل عن واقع مشاكلهم. هذه القدرة على جعل الآخرين قريبين هكذا؛ تحتاج إلى عدّة مهارات، لكني أعتقد أن أهم مهارة هي المعرفة بأهمية كون الآخرين حولك. وأهمية قيمة «الحب» التي تحوّلنا إلى أناس قادرين على محو الكثير من الذاكرة واستقبال أفضل ما يمنحه الآخرون لنا.