أجمل ما في الإسلام أنه (دعوة للرقابة الذاتية على النفس), هذا ما يرفع الإنسان إلى مقامات الإرادة والتحكم بالنزوات, وهذا هو الفهم الذي فهمه الصحابة جيداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, هل مُنعت المرأة من صلاة الفجر لأنها فتنة تمشي في شوارع المدينةالمنورة ليلاً ؟! كلا لم يحدث هذا .. وهل منع سيدنا عمر بن الخطاب الرجل الغيور زوجته من هذا ؟؟ كلا إنهُ لم يفعل .. قد يقول البعض: إنهم الصحابة أتشبهيننا بمجتمعهم النظيف! لكن الم يكن هنالك اليهود والمنافقون وضعاف النفوس, وكان هنالك من يزني ويتوب في عصر الصحابة, ألم يكن الجدير بهم أن يشددوا على خروج المرأة بأكثر ما نفعل مع كل هذا الخليط, لكن كان هنالك بالمقابل الفهم الصحيح للإسلام, الذي يدعو إلى عدالة الحياة للجميع بحيث لا يحمل أحد وزر أحد, وكانت هنالك تربية الإرادة وتهذيب النفوس, والدعوة لحسن الظن وطهارة الضمير.. إننا في مجتمعنا نضع المرأة في قمة الفتنة , فهي فتنة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها ,هي فتنة إن خرجت, وفتنة أن دخلت, وإن ضحكت, وإن تحركت, وإن لبست وتحشمت, أو لم تتحشم - فمن الأفضل لهذا الكائن الشيطاني أن يستكين في البيت ولا يخرج إلا إلى القبر كما يدعو له البعض - فأين هي الرقابة الذاتية التي تدعو إلى غض البصر وحسن الظن؟ وأين هي الإرادة التي تضبط التصرفات والسلوكيات وقد صارت بعض الفتاوى تحمّل المرأة مسؤولية فتنة بمجملها, ولم يتقاسمها شقيقها الرجل, فلكي يحصن الرجل نفسه من فتنة المرأة حُرمت عليها الكثير من المباحات في اللبس, والمعيشة, والحركة, وحتى تنفس الهواء, ولم تشدد على مسؤولية الرجل في أن يراقب نفسه وأن يهذب طباعه, وأن يسمح لهذا الكائن اللطيف أن يمارس حقه في الحياة كما ارتضاها له ربه ويسعد في مقامه على أرضه .. إنه لتكليفٌ سهل أن نُحمل غيرنا ضُعف عزيمتنا, وعدم قدرتنا, ونزوات أنفسنا, لأننا لا نستطيع مقاومة الفتنة, وكان من الواجب مع هذا ا النوع من التفكير أن نحاصر أنفسنا بمسألة المال والبنين بالكثير من الضوابط التي تمنعنا من الوقوع في هذه الفتن أيضاً, فعن أي ابتلاء نتحدث عنه ونحن ضعفاء لهذه الدرجة, إنها ليست من الكرامة الإنسانية التي منحها الله للبشر, وهي القدرة على الاختيار والتحكم أعظم هبه لم تمنح حتى للملائكة ,, إننا مع هذا النوع من التفكير كمثل من جاء إلى الرسول صائماً لا يفطر, والآخر لا يتزوج, وآخر يقوم الليل كله, لقد اجتهد كل واحد منهم فوق ما تتحمله الفطرة البشرية لأنهُ يحب الله, لكن الله يحبهم بأكثر مما فعلوا لذلك أنكر هذا عليهم ... لقد شددوا على أنفسهم مثلما فعلت النصارى حينما ابتدعوا رهبانية لم ينزلها الله فحرموا بعض الطيبات على أنفسهم, فهل كانوا وقتها أكثر تعبداً وحباً لله سبحانه وتعالى من الرسول صلى الله عليه وسلم؟. للأسف هكذا يفعل البعض حينما يتصدر الفتاوى الخاصة بالمرأة, إنه يأتِ بشرعٍ فوق ما تتحمله فطرة المرأة, ويشدد عليها بما لم يأتي به الرسول صلى الله عليه وسلم, وعذره شيء اسمه الفتنة والتي طالت الكثير والكثير من حقوق المرأة في الإسلام, أنها دعوة للوقوف على هذه الذريعة فهل المرأة فتنة تستحق كلّ هذا العقاب؟!