بسبب منعه عكس الخط .. شاهد بالفيديو قيادي حوثي يدهس متعمدا مدير المرور بصنعاء    الحوثيون يطوقون أحد المركز الصيفية في صنعاء بعناصرهم وسط تعالي صراح وبكاء الطلاب    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    العثور على جثة مواطن معلقة في شجرة جنوب غربي اليمن    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    عندما قال شيخان الحبشي للشيخ محمد بن أبوبكر بن فريد أنت عدو للغنم    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    البدعة و الترفيه    عضو مجلس القيادة الدكتور عبدالله العليمي يعزي في وفاة المناضل الشيخ محسن بن فريد العولقي    فيديو مؤثر.. فنان العرب الفنان محمد عبده يكشف لجماهيره عن نوع السرطان الذي أصيب به    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    "ضمائرنا في إجازة!"... برلماني ينتقد سلوكيات البعض ويطالب بدعم الرئيس العليمي لإنقاذ اليمن!    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    "ثورة شعبية ضد الحوثيين"...قيادية مؤتمرية تدعو اليمنيين لهبة رجل واحد    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    جريمة مروعة تهز شبام: مسلحون قبليون يردون بائع قات قتيلاً!    لماذا رفض محافظ حضرموت تزويد عدن بالنفط الخام وماذا اشترط على رئيس الوزراء؟!    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    ليفربول يعود إلى سكة الانتصارات ويهزم توتنهام    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    أين تذهب أموال إيجارات جامعة عدن التي تدفعها إلى الحزب الاشتراكي اليمني    ورشة في عدن بعنوان "مكافحة غسل الأموال واجب قانوني ومسئولية وطنية"    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    السلطة المحلية بمارب توجه بتحسين الأوضاع العامة بالمحافظة    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    افتتاح دورة مدربي الجودو بعدن تحت إشراف الخبير الدولي ياسين الايوبي    خصوم المشروع الجنوبي !!!    لماذا اختفت مأرب تحت سحابة غبار؟ حكاية موجة غبارية قاسية تُهدد حياة السكان    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    مجلس القضاء الأعلى يقر إنشاء نيابتين نوعيتين في محافظتي تعز وحضرموت مميز    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بغزة وارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و683    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    صحيفة بريطانية: نقاط الحوثي والقاعدة العسكرية تتقابل على طريق شبوة البيضاء    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تزال الفجوة قائمة بين الإنفاق والدخل والادخار بالسالب
الأسرة اليمنية.. هل تتحسب للأزمات..؟!
نشر في الجمهورية يوم 01 - 02 - 2011

الإنسان لا يمل الكلام، وإن فعل ستبقى مساحة لهموم الفجوة بين الإنفاق والدخل.. صحيح أن الآدمي هو قيم وهو الحب والعاطفة وليس مجرد رقم حسابي، إلا أن حياة العصر وزمن الفواتير تستنهض الأفراد والأسر كي تخطط للمستقبل وتتقي شر الأزمات وتستغل أقل الفرص الممكنة التي إن مرت لا تتكرر.. لقد جعل الله البرد والحر ووهبنا العقول فاخترع الإنسان المدفأة والمكيف، وتحتاج الأسرة لشيء من طاقة التحضير لاستعادة إرث الآباء والأجداد وتربية أفرادها على ترشيد الإنفاق والاستهلاك وبناء القرار الإنتاجي فالتحسب للمستقبل في ظلمة تدهور مستوى معيشة الأسرة لا يتحقق بدون التزام بخطة دقيقة تساعد على الانتقال من مستوى ادخار سلبي إلى إيجاد مدخرات إيجابية تشكل في الأخير أساساً للمدخرات العامة والانتقال من مستوى التخطيط للمستقبل إلى العيش فيه لكن ذلك حسب آراء من استطلعنا آراءهم لن يتحقق في ظلمة الظواهر السلبية وتدني الثقافة الاستهلاكية وإهمال الاقتصاد الأسري وإن وجدت أنماط متوازنة لإنفاق دخل الأسرة في مجتمعنا الذي يواجه تحديات تتطلب تشابك الأيدي لمواجهتها ونفض غبار الأزمات عن مستوى الحياة المعيشية لأسر وفئات تأثرت بها، وأجبرت آخرين على التقشف كما سنرى..
التخطيط
عبدالرحمن حاشد “موظف”أكد أن التخطيط هو أساس القرار الاقتصادي السليم ويرتبط بمستوى تعليم الأشخاص وتحدث عن كيفية إنفاق دخله قائلاً:
راتبي كموظف اقتطع منه جزءاً لتوفير الغذاء لأسرتي ولي ثمانية أبناء أهتم بتعليمهم جميعاً ولمن يذهبوا إلى المدارس “4” 50ريالاً لكل واحد و200ريال لاثنين في الجامعة قد يزيد عن 200 لكل واحد من يوم لآخر حسب الحاجة.
غرس قيم
وأضاف عبدالرحمن قائلاً: أنا ومثلي كثير من الزملاء والأصدقاء اعتمدنا الصبر والنفس الطويل وتمسكنا بالترشيد عن وعي منا من استطاع تأمين السكن وتطوير ذاته مع العيش في مستوى حد الكفاف ونعمل قدر الإمكان على تربية الأبناء على فضيلة الصبر والنفس الطويل وقيم الادخار، ومنهم من يدخر من مصروفه اليومي حتى أن الهاتف المحمول كضرورة مع بعض الأبناء هو من النوع العادي وغالباً مستقبل فقط لمتابعة من تذهب إلى الجامعة للاطمئنان وجزء من مسئوليتي تجاه ابنتي، إلا أننا نسمع ونشاهد ونأسف للنزعة الاستهلاكية لدى بعض الناس بشراء الأغلى ومتابعة الموضة في الكماليات في حين أن دخل أسرهم محدود واحتياجاتهم تفرض قرارات سليمة وتجدهم يشترون مواد أساسية حسب الحاجة اليومية أي بالتجزئة من أقرب محل أو دكان وربما وجبات من المطاعم والاستدانة أيضاً وهذا يعني وجود خلل ما في التحكم بالميزانية ما كان ليحدث ويتكرر لو اعتمدت الأسرة على المطبخ وشراء المواد الغذائية من دقيق وسمن وبيض أو خضروات وبقوليات بالكميات المناسبة لشهر كامل مع تخصيص جزء من المال للحالات الطارئة بدلاً من بيع مدخرات كالذهب في حال الأزمة.
مشكلة التنظيم
الحاجة جوهرة محمد نعمان التي أشاهدها كثيراً تذود عن عرين الأحفاد أمام منزلهم الصغير الضيق تقول:
نسأله تعالى الستر لأن أبناء الموظف والشاقي هذه الأيام يقومون من مائدة الطعام جياعاً وفي البيت الواحد يتزوج الابن الأول والثاني ويقسمون الغرف ويخلفون أطفالاً وكأنهم يتسابقون وإذا لم يجد عملاً لأيام تجد الواحد كالمجنون وإذا قام ببناء غرفة باع ذهب الزوجة وحضرت “أم الصبيان” فلا تغادر السكن إلا بمعجزة.. ولأن أحداً لا يستطيع مساعدة الآخر بالمال فالكل يحقد على الكل ويغلق باب غرفته لساعات أمام التلفزيون، السقف الواحد عليه ثلاثة أو أربعة صحون لاقطة وإذا سمعت ضحكة في البيت يتبعها اليوم الثاني قرض وشراء جهاز أو قطعة أثاث، الكل محتاج لكل شيء إلاَّ النصيحة والمشورة ومطالبة الدائن بحقه.
تقليد
وتقلب الأم الكبيرة الصفحة لتقول: يستطيع الناس أن يحولوا التراب إلى ذهب لو أرادوا لكنهم إما بلا عقول أو مرضى ومثلهم القادرون الذين لا تدري من أين يأتون بالمال وتدعو لهم بالبركة لكنك تخاف إذا رأيت بناتهم ونساءهم في الحفلات والمناسبات.. الواحدة تبدل ثلاث مرات في الصالة كل ساعة موضة والعجب أن أهل العروس أو العريس يلبسن ملابس مرة واحدة في حفل عقد القران أو الزفة أقل من ساعة والنساء حياتهن المظاهر حتى المتعلمة تدفع آلافاً مقابل قطعة قماش أول ما تلبسها تظن أنها تنمو مع الأيام مثلنا.. خلينا من ذكر الناس الزمان اختلف، ناس يتمنون الريال وناس يبعثرون الفلوس وغيرهم يجوعون ويقلدون ويقولون كلنا عيال تسعة حتى الخدج تقولها.. رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه.
تجاوز أزمات
منصور عثمان يفتخر بأنه استطاع أن ينجو من مشكلة كساد بعض الأعمال والمهن فهو كسمكري اغترب وعاد إلى البلاد وأسس ورشة مع اخوته وكونوا أسراً وكبر الأولاد وبسبب تراكم الديون للضرائب ومطالب الجهات وهي كثيرة تكونت عقدة وتفرق الأخوة والعمال وطيلة عشر سنوات نعيش على القليل ولما تعثر بعض الأبناء في الدراسة وبفعل الحاجة وجدوا فرص عمل ولكن بدخل لا يذكر ولأن التربية الطيبة والاستقامة هي مصدر قوة فمن القليل ادّخرنا واستطاع البعض الاستمرار في التعليم والعمل وكنا كلما وصل المبلغ إلى مائة ألف في الحصالة أودعناه البنك واشترينا «تاكسي» ثم «تاكسي» آخر وتزوج اثنان من الأولاد ومن أزمة دامت سنوات الكل يعيش الآن سعيداً.. عملنا المفروض ويبقى ما هو واجب ويحقق السعادة في الدارين ولكن ليس بالمال وحده.
مواكبة
عدم الاكتراث بما تفرضه تقلبات الأحوال الاقتصادية وما يصاحب مراحل الانتقال في حياة المجتمع من مرحلة إلى أخرى من صعوبات لبعض الناس يجعل من مشاكل بعض الأسر وكأنها قدر مع أنها ناتجة عن سوء تخطيط، عدم الإدراك وسوء التقدير لجدوى التخطيط وإتباع طرق إنفاق لمداخيل الأسرة يعتبر تفريطاً بسبل مضمونة لاستقرار معيشة الأسر في الريف والمدينة وبسبب ارتفاع نسبة الأمية في الريف وزيادة معدل النمو السكاني تحتشد الأسباب والمبررات ليس فقط لترشيد الإنفاق والارتقاء بمستوى الثقافة الاستهلاكية بل واتخاذ قرارات حاسمة وفورية لتنظيم النسل.
وحسب قول محمد عمير رئيس فرع الاتحاد التعاوني الزراعي بمحافظة تعز فإن كل أسرة مكونة من ستة أفراد تحتاج بالضرورة لموازنة شهرية بل ويومية ودور فاعل لمنظمات المجتمع المدني لغرس قناعات بأهمية التخطيط لا سيما في الريف حيث تقل فرص تغيير نمط الحياة. ويضيف عمير قائلاً : قد يكون للأسرة الريفية عدد من رؤوس الماشية ويمكنها التقشف فترة لقلة النفقات مقارنة بالمدينة وبالتالي زيادة رأس المال بإكثار عدد الماشية والاستفادة من منتجاتها والمتاجرة ببعضها إلا أن الأمية لا تمكن من التخطيط لتنمية موارد الأسرة وغرس ثقافة الادخار لدى الأبناء وإنفاقها فيما هو مثمر وتبقى المشكلة في جانب استثمار الموارد الذي يتطلب زيادتها أولاً قبل التفكير بإنفاقها على توسيع السكن لتبقى ساحة حزن عند حلول جائحة أو نكبة صحية تحوج الأسرة لبيع ماشيتها ويصبح الأبناء في بطالة يقضون أوقاتهم باللعب بزرارات الهواتف المحمولة.
مشكلة الأمية
وفي المدينة هناك صور لممارسات ليست أقل سوءاً حسب رأي محمد عمير الذي قال : في المدينة قد يكون رب الأسرة عامل “حجر وطين” هاجر من القرية ويسكن بالإيجار وتجد ثلاثة وأكثر من أفراد أسرته يبالغون في الملبس واقتناء المحمول وأكثر من “دش” وتلفزيون في المنزل وقبل أن نسأل ما إذا كانت للأسرة هذه موارد من الريف ومن أين ينفقون على الأساسيات والكماليات نقول سبحان الله لعلها حالات نادرة رغم أنها ليست كذلك ومع ذلك يمكن أو توفير جزء مما يذهب على المظاهر والكماليات لتحسين دخل الأسرة فتصبح البنت خريجة جامعة والولد صاحب مهنة والأم سعيدة بتضحياتها مع أبناء يسيرون إلى النجاح بثقة.. وهذا النجاح كنتيجة للتربية الأسرية والتنشئة الاجتماعية على السلوك الاقتصادي تعيقه الأمية المنتشرة بين النساء والتي ترتبط معدلات الزيادة السكانية مع شح الموارد المستغلة فالأمية نسبتها 50 % ومعدلات المواليد في اليمن وبالتالي الضغوط على موازنة الأسرة تبعاً لحظ المرأة من التعليم فمعدل الخصوبة الكلية للمرأة المتعلمة “ثانوية عامة” 3 أطفال و 3 أطفال للحاصلة على الإعدادية ومعدل 94 أطفال لكل امرأة حاصلة على الشهادة الابتدائية ومعدل 25 أطفال لمن تقرأ وتكتب وأكثر من 6 أطفال لكل امرأة أمية.. وإذا كان زيادة عدد أفراد الأسرة عائقاً في طريق تنمية أفرادها فهو في المحصلة عائق أمام التنمية الشاملة في المجتمع ككل.
تدني ثقافة الترشيد
ثقافة ترشيد الإنفاق متدنية لدى الأسرة اليمنية هذا مايراه غانم علي،الأمين العام لجمعية ترشيد الاستهلاك ويؤكد ماذهب إليه قائلاً:
إذا استرجعنا ما كان لدى الآباء والأجداد فقد كانت الموارد محدودة ونادرة لكنهم فكروا واستطاعوا توفيرها وترشيد استخدامها على مدار العام سواء الحبوب أو المياه أو غير ذلك فقد رشدوا جميع عناصر حياتهم.
أنماط سلبية
وأضاف أ. غانم: الآن يسود نمط غير سليم للاستهلاك بسبب افتقار كثير من الأسر لأهم المبادىء التي تشكل ثقافة ينتج عنها قرار رشيد ومن تلك المبادىء: معرفة حجم الموارد والتحسب للاستهلاك وموازنته بحيث يتخذ القرار السليم، القرار الإنتاجي على أساس موضوع تقليل الاستهلاك بأكبر قدر ممكن، لأن الأهداف الأساسية جعل ثقافة الترشيد سلوكاً يومياً وأساسياً في الحياة اليومية.. وعامل الترشيد أهم عوامل اتخاذ القرار سواء للأفراد والأسر أو الدولة.
هجمة إعلانية
وعن أهمية ترشيد الإنفاق لمواجهة ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية والإبقاء على ثقافة الادخار حية في وعي الناس قال غانم:
الموضوع برمته مهم وكل الناس يتحدثون فيه وهو حديث ممتع للمتكلم والسامع، والإشكال في ثقافة الاستهلاك حيث يقع أفراد الأسرة في مصيدة سهلة لأصحاب المنتجات بفعل الهجمة الإعلانية والإغراء بأن كثيراً من السلع لا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونها وكأنها أساسية وضرورية مع أنها كماليات حتى الموبايل يلعب دوراً في ذلك إذ يسحب الإعلان المستهلكين إلى المساحة التي يريدها المنتج وهي أن تتأثر وتستهلك منتجات كمالية وتصبح وكأنك لا يمكنك الاستغناء عنها وقد تكبل نفسك بقروض وفوائد وسلف وعهد لتوفيرها بعد استنفاد مواردك.. من هنا نقول لابد من ثقافة الترشيد.
التخطيط للمستقبل
الرأي الأكاديمي بشأن السلوك الاقتصادي للأسرة اليمنية ينطلق من أرضية ترتسم ملامحها بوضوح ففي مجتمعنا اليمني عادات وظواهر سلبية تقوم على ثقافة سلبية متخلفة من الماضي غطت على إيجابيات وفضائل كثيرة عرف بها الآباء والأجداد في التخطيط للمستقبل وتأمين حياة الأسرة من أي لحظات قد تكون غادرة.
الدكتور عمر إسحاق الأكاديمي المختص في علم الاجتماع تحدث عن ميزانية الأسرة فقال:
في مجتمعنا تحتاج إلى تربية على أساس الاقتصاد الأسري، فهي تختلف عن الأسرة العربية.. كما أن الأسرة العربية في هذا الشأن تختلف عن الأسرة الأوروبية وأساس الاختلاف هو عدم التخطيط للمستقبل فالشباب إذا قرر الزواج فإنه يستدين وتنفق الأسرة على العرس بطريقة تسبب مشكلة بعد فترة والانفاق البذخي غير المعتمد على خطة يعكس افتقار الأسرة في مجتمعنا اليمني حتى في ظل محدودية الدخل الثابت أو المنظور تنفق الأسرة على أشياء استهلاكية بطريقة لا تتناسب مع مستوى الدخل فتشتري الأرز بالكيلوجرام ولكنها تفضل الأرز البسمتي بسعر قد يصل خمسمائة ريال للكيلو والأصل أن يكون الانفاق متوازناً مادامت هناك بدائل بأسعار أقل.
ميزانية القات
د. عمر يستطرد قائلاً: عندما لا يتناسب الانفاق مع الدخل فالآن الالتزام بالخطة إن وجدت ليس دقيقاً، وهذا ليس فقط شأن كثير من الأسر ذات الموارد المحدودة بل إن الأسرة التي قد يكون عائلها أستاذ جامعي لا تستطيع الإلتزام بدقة، وكثير من المداخيل تنفق على أشياء فيها تباهي، هذا إذا استثنينا ما ينفق على استهلاك القات وتلك مشكلة كبيرة تستنزف ميزانية الأفراد والأسر؛وفي سوق القات تجد من يدعي الفقر يخادع نفسه وهو يدفع ثمن ممارسة عادته اليومية،أمر كهذا إلى جانب التباهي والتفاخر في اقتناء الكماليات والأنواع الغالية الثمن من الأغذية سلبيات حقيقية.
ضرورة الادخار
وعن إمكانيات الاقتطاع من الراتب كادخار في شكل حساب بريدي أو بنكي أو عمل جمعية قال الدكتور عمر:
ادخار القليل من الراتب للمستقبل ممكن للبعض وضرورة للبعض الآخر لمواجهة متطلبات المناسبات كالأعياد من ملابس وإضاحي وتوفير متطلبات أخرى،وتجنب اللجوء إلى الاستدانة، الإدخار مهم لتحسين وضع الأسرة، ولكن لو اقتربنا من حقيقة الوضع لوجدنا أن الأسرة اليمنية لا تملك احتياطياً من الغذاء والمال لغياب التخطيط الأسري، وهذه المشكلة تبرز عند حدوث أزمات وتقلبات في أسعار السلع الغذائية،ونحتاج إلى دور أوسع لوسائل الإعلام،وحلقات نقاش تصل رسائلها إلى كل الأسر في الريف والحضر بشأن ميزانية الأسرة ومساوىء الظواهر السلبية ومن ذلك أن هناك من يقترض كثيراً من المال دون خبرة أو خطة مدروسة لتوظيفها وفي النهاية يكون مصيره السجن بسبب سوء التصرف.
ترشيد إلزامي
من جانبه يرى رجل الأعمال عبدالله الدميني أن التثقيف والتوعية بكل ما يتعلق بمفردات الحياة المعيشية للأسرة رغم أهميته تبقى مساهمته محدودة لأن الأمر بيد الإنسان نفسه.
أما ترشيد الإنفاق فهو قرار لابد منه لأنه أصبح إلزامياً لعدم كفاية دخل الفرد لتوفير متطلباته وتأمين أكثر احتياجات الأسرة إلحاحاً.
ترشيد استهلاك
ويضيف الدميني: إذا كان دخل الموظف محدوداً فإنه لايفي بالحد الأدنى من احتياجات أسرته الأساسية ودفع تكاليف فاتورتي الماء والكهرباء، وفي هذه الحالة يصبح ترشيد الاستهلاك ضرورة ففيما يتعلق بالمياه وبسبب تأخر وصوله “لمرة أو مرتين” في الشهر تعمل الأسرة على تعبئته في كل شيء متاح وفي الوقت هناك إسراف في استخدامه وكل ذلك يرهق موازنة الأسرة محدودة الدخل لأن الوحدات المستهلكة إذا بلغت 30 وحدة قيمتها ثمانية آلاف ريال وسعر الوحدة يصبح خمسمائة ريال إذا تجاوز الاستهلاك ال 25 وحدة وبسعر 600 ريال إذا تجاوز هذا الرقم مع مراعاة الرسوم 50 % من قيمة الفاتورة تقريباً وكذا قيمة خدمات الكهرباء.
أما ارتفاع أسعار السلع الأساسية في السوق العالمية بسبب تغيرات المناخ في السنوات الأخيرة والزيادات في الأسعار عالمياً شمل بالذات المنتجات الزراعية: قمح ، دقيق، أرز ، العبوة التي كانت ب 4000 ريال زاد سعرها إلى 6000 والزيت من 2900 ريال إلى 6200 ريال عبوة 20 لتراً وعلبة حليب الأطفال أصبحت ب 4500 ونوع آخر من 1100 إلى 1700 لذا أصبح الترشيد إلزامياً.
بدائل
وعن وجهة نظره فيما يخدم ترشيد الاستهلاك والحد من هدر الدخل المحدود قال الدميني:
ليعرف الجميع أن عبوات السلع الأساسية وغيرها ذات المنشأ الخارجي كالسمون والأرز،وحتى الدقيق والملح إذا كانت صغيرة فإن تكاليف العبوة فارغة قيمتها 30 %35% وتكون عملية التعبئة والتغليف في الأحجام الصغيرة سواء أكياس أو علب أو غيرها من أوعية أعلى من السلع ذات العبوات الكبيرة،حيث أن الأكياس الصغيرة “مثلاً” أو العلبة إنتاجها يأخذ وقتاً أكبر حتى أن بعض الأوعية أو العبوات فارغة يصل سعرها إلى 40% من سعر السلعة وكلما كبر الحجم انخفضت قيمة السلعة تبعاً لانخفاض سعر العبوة،فهل يدرك المستهلك ذلك أن الثقافة الاستهلاكية تسند القرار المتوازن الذي يجعل الشخص يشترى كيس رز كبير من دفع 100 ريال زيادة على كل كيلو يشتري ب 350 ريالاً فعند شراء كيس كبير سعر الكيلو يكون 250 ريالاً .. وهذا ينطبق على أسعار عبوات مواد غذائية وضرورية أخرى..
اتقاء الاختلال
وقال الدميني: حين تضطر لركوب التاكسي مرة كل يوم أو يومين لمشوار ب 500 ريال فإنك ستنفق 15000 ريال أو نصف المبلغ شهرياً، رتب أمورك لتركب وسائل النقل الجماعي المتاحة أو ادخر لشراء وسيلة نقل مناسبة إذا كنت مضطراً لتوفر جزءاً من مصروفاتك لتحسين معيشة أسرتك.. فهل معظم الناس بهذا المستوى من الثقافة الاستهلاكية والحرص على منع اختلال ميزانية الأسرة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.