ما إن سمعت (حنان) دوي طلقتين ناريتين متتاليتين شقت سكون تلك الليلة المقمرة، حتى انتابها القلق، وغادرت المنزل المجاور لجامع القرية تماماً باتجاه “الصرح” فزوجها خرج تواً ليجيب طارق مجهول يبدو أنه أراده في أمر ما, كانت نظراتها الزائغة تجوب زوايا وجوانب صرح المسجد، وهي تنادي (ياسر) أين أنت (ياسر) ولامجيب إلا صدى صوتها المرتعش ووقع أقدامها المرتجفة على مصير زوجها، وبعد برهة من التطواف هنا وهناك رأت خيالاً على مقربة من الحمامات, وكلما اقتربت ازداد الأنين الذي يكاد ينطفئ، كان الخوف يأكل خطاها، ويكاد قلبها يقفز من بين ضلوعها.. ترددت كثيراً في اكتشاف هوية هذا السواد فلم يكن لديها من يقف بجانبها ويأخذ بيدها سوى زوجها، الذي تبحث عنه وأطفال صغار تركتهم داخل منزلهم الصغير، وهم بالتأكيد يحاصرهم الخوف في تلك اللحظة منتظرين عودة والدتهم على الأقل، وقررت أخيراً التغلب على خوفها والتعرف على صاحب أنين الكتلة السوداء التي وجدت صعوبة في تمييزها عن بُعد تحت ضوء القمر، الذي لايكاد يظهر شيئاً. لم تستغرق طويلاً فما إن وقفت على رأس ذلك الخيال الذي كان يسبح في بركة من مادة لزجة حتى أطلقت صرخة أفزعت سكان المنازل المحيطة بالمكان، فلم تكن تلك الكتلة السوداء سوى زوجها ياسر، الذي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة..! وماهي إلا لحظات حتى كان صرح جامع القرية يغص بالعشرات من رجالات القرية ونسائها، الذين تقاطروا تباعاً لاستطلاع الأمر وأسباب الصراخ, وقد استبد بهم الحزن على فراق جارهم وابن قريتهم الواقعة في محيط مدينة ذمار وازداد غضبهم على أن الجريمة الشنعاء حدثت داخل مسجد من مساجد الله.. فمن هذا الشيطان الذي سولت له نفسه اغتيال الشاب (ياسر) وفي هذا المكان الطاهر بالذات. مزيداً من التفاصيل