في مجزرة جمعة الكرامة “الجمعة الحزينة جمعة المآسي المثقلة” ظهر الوجه الأسود القبيح للنظام ومدى حقده ضد شباب الثورة العزل لقد كانت أبشع مجزرة تشهدها اليمن في تاريخها الحديث.. ليس لعدد الضحايا وإنما لبشاعة طريقة القتل والذي نقلته قناة الجزيرة مباشرة على الهواء.. حيث كانت معظم الإصابات في الرأس والرقبة والصدر مما دل على أن عملية إطلاق النار كانت عملية قنص منظمة ولم تكن مجرد طلقات عشوائية. هادئاً يبدو موقع مجزرة الكرامة في شارع الدائري بعد مرور عام على ذكراها إلا من تحركات الثوار وصور الشهداء التي تتوسط الجولة، غير أنك ما أن ترفع ناظريك إلى الأعلى صوب المنازل المجاورة حتى تستعيد ذاكرتك أحداث المجزرة الدامية، وتتحفز الصور المختزنة التي شاهدناها عبر شاشات التلفزة لتطفو إلى الذهن مصحوبة بألم وحزن عميقين. يرتفع نظرك قليلاً لترى منزلاً من طابقين كان القناصة الملثمون يتمركزون على سطحه مطلقين النار بلا رحمة صوب المعتصمين السلميين. سيتبدى شبح الموت والمأساة مطلاً من وراء نوافذ المنزل المهشمة حسب يحيى اليناعي وسترى جدرانه المحترقة التي تود أن تشي بالكثير عن المجزرة التي صعقت لهولها اليمن. ستمر على البنايات والمحال التجارية الأخرى التي ورد ذكرها في محاضر التحقيق كمسرح للجريمة، وسترى آثار الرصاص والدخان باقية على بعضها وامتلاء الشارع بالخيام المتوزعة فيما بينها وعلى مقربة منها قطع من الطوب المتكسر. فهنا كان الجدار المشئوم الذي بني للحيلولة دون توسع خيام الثورة، وخلفه كان يختبئ الموت ويحتمي القتلة والملثمون، لم يبق منه الآن قائماً سوى ثلاث طوبات، وفي الأعلى منه على جدار المنزل الملاصق له يبدو آثار حريق الإطارات التي تم إشعالها على السور قبل تنفيذ الجريمة بدقائق معدودة. لقد سقط الجدار وسقط معه النظام، ولم يسلم الشباب أرواحهم على السور فحسب، بل أمامه بمئات الأمتار، ولم يفتحوا ثغرة للنور فقط، بل اقتلعوا الجدار من أساسه لينشر الضوء أشعته على أرجاء اليمن، ويبدد دياجير الظلمة والطغيان الكالحة. جمعة الكرامة هي الجمعة الموافقة لتاريخ 18 مارس 2011م.. فيها وقعت مجزرة ساحة التغيير في صنعاء التي راح ضحيتها 52 شهيداً و”617” جريحاً من الشباب المعتصمين في الساحة ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح. تجمع المعتصمون بأعداد كبيرة كعادتهم في كل جمعة في ساحة التغيير لأداء صلاة الجمعة التي كانت قيادات الثورة الشبابية قد أسمتها من قبل بجمعة الإنذار ثم تغير اسمها إلى جمعة الكرامة عقب المجزرة. وسبق جمعة الإنذار تصريحات عدائية من قبل بعض الساكنين في الحارات جوار الساحة بتهديد للمعتصمين عبر مقابلات بثتها قناتا اليمن وقناة سبأ الرسميتان فيما صرح صالح وبعض أركان حكمه بحق المتضررين من سكان تلك الحارة بدفع الضرر عن أنفسهم.. بينما أكد المعتصمون أنهم على وفاق مع سكان الحارات المجاورة وأنهم يؤيدونهم وأن ما يبثه الإعلام الرسمي ماهو إلا مجرد تضليل وتأليب للسكان عليهم للضغط عليهم للخروج من الساحة التي تقع في منطقة الدائري وجامعة صنعاء. المجزرة كان أهالي الحارات المجاورة للساحة قد بنوا حواجز من الطوب تفصل شوارع الحارات عن الساحة منعاً لتمدد المعتصمين وتوسيع ساحتهم كما حدث في الجمعة التي سبقت جمعة الكرامة. ويقول مروان عبدالجليل الأصبحي أحد شباب الثورة الذي كان حاضراً في جمعة الكرامة: كان الجنود من الأمن المركزي موجودين في مداخل الساحة وبعد الانتهاء من صلاة الجمعة تم إحراق الإطارات من قبل المسلحين الملثمين وتصاعدت الأدخنة التي تلاها إمطار الرصاص علينا من قبل القناصة بشكلً كثيف جداً. ويضيف الأصبحي: لقد ابتدأ الشهداء في التساقط نتيجة إطلاق النار الذي كان يستهدفنا بالقتل في مناطق الرأس والعنق ليصل عدد الشهداء إلى “52” شهيداً والجرحى إلى “617”، عقب الانتهاء من أداء الصلاة باشر مسلحون بعضهم ملثمون وبعضهم يرتدون ملابس مدنية “قال حينها النظام أنهم من أهالي الحارات وقال المعتصمون أنهم بلاطجة وحرس جمهوري يرتدون ملابس مدنية” إطلاق النار الكثيف بعد أن كانوا قد قاموا بإحراق مجموعة من الإطارات من خلف جدران الحواجز “من جهة الحارات” وبعد ارتفاع الدخان الكثيف تم إطلاق النار من خلف الدخان باتجاه المعتصمين من خلف الحواجز وكذا من فوق أسطح بعض البنايات المجاورة للساحة ومنها منزل محافظ محافظة المحويت الذي استطاع المعتصمون فيما بعد اقتحامه وقد تركزت الاشتباكات في محيط الساحة من جهة شارع الرباط وشارع عشرين وجولة المركز الطبي الإيراني. في مجزرة جمعة الكرامة “الجمعة الحزينة، جمعة المآسي المثقلة” ظهر الوجه الأسود القبيح للنظام ومدى حقده ضد شباب الثورة العزل حسب مروان الأصبحي. لقد كانت مجزرة جمعة الكرامة أبشع مجزرة تشهدها اليمن في تاريخها الحديث.. ليس لعدد الضحايا وإنما لبشاعة طريقة القتل والذي نقلته قناة الجزيرة مباشرة على الهواء.. حيث كانت معظم الإصابات في الرأس والرقبة والصدر مما دل على أن عملية إطلاق النار كانت عملية قنص منظمة.. ولم تكن مجرد طلقات عشوائية. تداعيات المجزرة ساد الغضب مختلف مدن اليمن وخرجت المظاهرات العفوية تنديداً بما حصل في عدة مدن يمنية ومنها مدينتي تعز وعدن التي انطلقت الدعوات من مآذن مساجدها للخروج تنديداً لما حصل في صنعاء. صالح وبسبب هذا الغضب العارم خرج في مؤتمر صحفي قصير نفى تهمة قتل المتظاهرين عن قوات الأمن أو الحرس الجمهوري واتهم سكان الحارات المجاورة للساحة بأنهم وراء ماحدث.. كما قدم تعازيه للشعب اليمني في الضحايا واعتبرهم شهداء الديمقراطية ودعا إلى حداد رسمي على أرواحهم، كما أعلن فرض حالة الطوارئ لمدة شهر تبدأ من يوم إقرارها من البرلمان. تنديدات دولية لقد توالت ردود الفعل الدولية والعربية المنددة بالقمع الدامي للاحتجاج مطالبة بالسماح بسير المظاهرات السلمية ودعت جميع الأطراف اليمنية للتحاور للوصول بالبلد إلى بر الأمان، وأتت الإدانات من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ووزارة الخارجية الفرنسية، مسئولة الشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، وزارة الخارجية الروسية، وزارة الخارجية القطرية، تونس، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، منظمة هيومن رايتس ووتش. وعقب المجزرة بدأت سلسلة من الاستقالات وكانت من أهمها القاضي حمود الهتار وزير الأوقاف والإرشاد وكذلك وزير السياحة نبيل الفقيه ورئيس وكالة الأنباء اليمنية سبأ نصر طه مصطفى وسمير اليوسفي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الجمهورية للصحافة وتوالت الاستقالات بعضها كانت على استحياء إلى أن جاء يوم الاثنين 21مارس الذي أعلن فيه اللواء علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع والمنطقة الشمالية الغربية والرجل الأقوى في الجيش اليمني والأكثر تأثيراً في أوساط القبائل انضمامه للثورة الشبابية ومساندته لها.. لتشكل ضربة موجعة لصالح ونظامه لا سيما بعد سيل من الاستقالالت التي تلت هذا الانضمام من عدد كبير من السفراء والقيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام.. وكاد الجميع يوشكون على أن نهاية نظام صالح سيسقط نهائياً خلال أيام إلا أن تراجع الشباب عن الزحف بضغوط من أحزاب المشترك وتدخل السعودية والولايات المتحدة وتقديم المبادرة الخليجية منح صالح وقتاً أعاد فيه ترتيب أوراقه ليستمر في صموده أمام ثورة الشباب. المجزرة كما يرويها ضابط أمن ورد في محاضر التحقيقات حول مجزرة جمعة الكرامة أقوال النائب مدير المنطقة الغربية بالعاصمة أحمد الطاهري، وفيها الكثير من التضارب بين كلام القادة الأمنيين، ففيما يؤكد أحدهم أن الحماية والتعزيزات الأمنية في جاهزية عالية للسيطرة على أي تطور قد يحدث، يكتشف آخر أن لا وجود للجنود من الأساس، وأن الحملة التي وصلت من الأمن المركزي بعد ساعة إلا ربع من بداية الجريمة كان أفرادها يحملون العصي فقط!! إلى غير ذلك من الثغرات التي وردت في شهادة الطاهري والتي نشرها موقع الصحوة نت حيث قال فيها: تم استدعائي من قبل مدير المنطقة للحضور يوم الجمعة الساعة العاشرة صباحاً قبل المجزرة ووصلت إلى المنطقة الساعة العاشرة والنصف صباحاً فوجدت المقدم علي نعيم نائب مدير المنطقة لشئون الدعم والرائد ناصر الطائفي مدير إدارة السجون وخرجنا إلى الدائري ووجدنا عدداً من الناس مجتمعين في الشوارع الفرعية وكان التجمع غير اعتيادي ويلفت النظر، ووجدنا مدير المنطقة العقيد يحيى الأكوع وكان في نفس المكان وأخبره أنه قد عقب على كل الأماكن المؤدية إلى ساحة التغيير، وأخبرنا أن كل الأماكن فيها قوة كافية، فرددت عليه: ضروري من خدمات مكثفة خلف السور من الجهة الجنوبية، فأفاد أنه قد بلغ وطلب خدمات. وبعدها عدنا إلى المنطقة حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً، وسألته ما هي المهام الملقاة علينا؟ فأجاب بأنه لايوجد علينا أي مهمة سوى أنكم تنزلون بعد صلاة الجمعة إلى الشارع ولو في أي حاجة تواصلوا معي بالتلفون وأنا سوف اتجه إلى قسم الحميري للتعقيب على بقية الشوارع الفرعية في المنطقة. وبعد أن صلينا الجمعة في الجامع قريباً من المنطقة خرجنا مبكرين، وفي باب المنطقة التقيت الرائد خالد العقاري وناصر الطالعي والمقدم علي نعيم واتجهنا إلى الدائري حسب توجيه مدير المنطقة لغرض الإطلاع وإبلاغه بما يحصل، وعند وصولنا الشارع وجدنا كثافة غير عادية من الناس وشاهدنا البعض يحمل أسلحة والبعض عصياً وأثناء مرورنا في الشارع وجدنا شخصاً يدعى علي أحمد الأحول والناس متجمعون وأنه لا داعي للتجمع، فرد علي بقوله: ما دخلكم أنتم رجال الأمن نحن سنحمي بيوتنا، واتصلت بمدير المنطقة وأخبرته أن الوضع متأزم جداً لأن هناك تجمعاً كبيراً ومسلحين، وقد يحصل اشتباك بينهم وبين المعتصمين، فرد عليّ: قد بلغت والتعزيز سوف يصل، وفجأة شاهدت شخصاً سميناً يدعى عبدالجليل السنباني يقترب من السور ويعطي شخصاً آخر بترولاً لكي يحرق الإطارات فأرسلت الضابط خالد العقاري يقول لهذا الشخص لا داعي للإحراق واستفزاز الناس لأنه سوف يحدث مشاكل وعاد إلى عندي وقال له: ما دخلكم، وبعدها اشتعلت النار والدخان تصاعد وبعد عشر دقائق سمعت طلقات نار كثيفة غير عادية من منزل علي علي أحمد الأحول وكذا سمعت طلقات نارية من خلفنا باتجاه الجو أما الطلقات النارية التي كانت من بيت الأحول فكانت موجهة نحو المعتصمين. وتم التواصل مع مدير المنطقة على أساس طلب تعزيز ولماذا لم يصل، وبعدها اتصل بي عبدالوهاب زبارة مدير العمليات وقلت له: لا يوجد أفراد، ثم بحثنا عن رقم الأحول من أجل أتواصل معه لإيقاف إطلاق النار، وبعدها اتصل بي مدير الأمن يسألني كيف الأوضاع عندك فأخبرته أن هناك إطلاق نار كثيف وخاصة من بيت الأحول، وقال: سيرسل تعزيزاً وكان إطلاق النار من بيت الأحول من السطح والنوافذ وكذا من باب البيت بشكل جنوني. وبعد ساعة إلا ربع وصل أفراد الأمن المركزي بالعصي والخوذ وحاولوا جاهدين فك الاشتباك فخرج لهم المعتصمون بعد هدم السور يرمونهم بالحجارة وأثناء انسحاب الأمن حصل ضرب نار كثيف من بيت الأحول باتجاه المعتصمين وإطلاق نار نحو المعتصمين فهرب أفراد الأمن وانسحبت أنا والضباط الذين كانوا معي.. وشاهدت ثلاثة أشخاص ملثمين ويلبسون “معاوز مقعشين” ومعهم جعب كانوا يطلقون النار باتجاه المعتصمين وتقدموا حتى وصلوا إلى بيت الأحول، وكانت مهمتي هي أن أبلغ مدير المنطقة حسبما كلفني به. أحداث مجزرة جمعة الكرامة كما هو ثابت في ملف تحقيقات النيابة. تحقيقات النيابة يقول عنها المحامي طه الشرعبي أحد المحامين الأكثر اطلاعاً وإلماماً بالتحقيقات في الجريمة من واقع ملف تحقيقات النيابة العامة حسب يحيى اليناعي ما حدث في مجزرة جمعة الكرامة بالقول: بدأت فصول هذه المجزرة بالاجتماع في منزل مسئول بارز، حيث حضر الاجتماع قيادات تابعة للنظام ومن تلك القيادات أحد وكلاء جهاز الأمن السياسي، وعبدالرحمن الكحلاني عضو المحلي والعقيد عبدالرحمن المضعلي وعلي الحبيشي دكتور في جامعة صنعاء وعباس العلفي ومحمد يحيى الشهاري، وهناك قيادات أخرى وتم الاتفاق في هذا الاجتماع على القيام بتشكيل عصابات مسلحة سميت ب«لجان شعبية لحماية الحارات» كما حضر الاجتماع بعض عقال الحارات وفي الاجتماع كلف عاقل حارة الغدير الشرقية عقيل البوني بالقيام بحصر وتجميع أفراد لتكوين عصابات تلا ذلك عقد اجتماع ثانٍ في نفس المنزل وقرروا أن يجتمعوا في المرة الثالثة في صالة الزراعة وطلب من عقيل البوني أن يقوم بإبلاغ أفراد تلك العصابات بالحضور للاجتماع، وفعلاً تم الاجتماع في صالة شارع الزراعة وفي هذا الاجتماع حضر أيضاً رئيس الدائرتين 13 14 للمؤتمر الشعبي في الاجتماع تم تشكيل تلك العصابات كمجموعات.. كما تم الاتفاق على تسليح من ليس لديه سلاح، ويتولى هذه المهمة أحمد علي محسن الأحول الذي كان يحضر تلك الاجتماعات أيضاً ويتولى أحد المسئولين في القضاء معه بناء الجدار، وقام أحمد علي محسن بتسليم أسلحة لمن لا يمتلك سلاحاً وكان يتم تسليم الفرد منهم مع مبالغ تترواح ما بين 2000 5000 ريال. جدار عازل وقام المسئول البارز بشراء ثلاثمائة طوبة لبناء الجدار في الشارع لحجز المعتصمين من التوسع في الشارع العام، ثم قام بالاتصال بعقيل البوني للحضور لأخذ الطوب لبناء الجدار فذهب عقيل البوني وتم البناء، وقام أحمد علي محسن الأحول بشراء النيس والأسمنت وحديد لكي يكون الجدار متينا وتم بناء الجدار وبعد استكمال بناء الجدار الرئيس في الشارع العام تم بناء جدران في الشوارع الفرعية. مستشفى خاص كما اجتمعوا في منزل العقيد عبدالرحمن الكحلاني، وبعد أن وضعوا الخطة واستكملت التجهيزات، ومن ضمن تلك الخطة والتجهيزات القيام بتجهيز مستشفى الشهاري الواقع في شارع عشرين التابع للعقيد الشهاري الذي يعمل في المستشفى العسكري، وذلك تحسباً للحالات الطارئة التي قد تحدث من ردة فعل المعتصمين عندما يرتكب ضدهم مجرزة من تلك العصابة، فتوقعوا ردة فعل من المعتصمين ضد أفراد تلك العصابة، فجهزوا مستشفى الشهاري كونه قريباً من مسرح الجريمة على أن يتم الإسعاف الأولي إليه ثم يتم نقل المصاب من أفراد تلك العصابات بعد ذلك إلى أحد المستشفيات الحكومية. ترويج إعلامي بعد ذلك كانوا يقومون بالدفع بأشخاص للظهور في الفضائيات الرسمية، مثل قناة اليمن وسبأ لكي يقولوا أنهم من أهالي الحارة وأنهم متضررون، ثم تم تجهيز المنازل التي سوف تستخدم لارتكاب الجريمة من داخلها وهي تابعة لقيادات في النظام تطل منازلهم على ساحة الاعتصام إلى جانب القيام باستئجار أسطح بعض المنازل من ملاكها المؤيدين للنظام حيث كان يتم استئجار سطح المنزل الواحد بمائتي ألف ريال. عصابات مسلحة وبعد استكمال كافة التجهيزات قامت بعض تلك العصابات بالظهور بأسلحتها في الحارة والشوارع وعند الجدران وفي مساء يوم الخميس 17/3/2011م قام بعض أفراد العصابة بالذهاب لشراء إطارات وبعضهم لشراء سلاسل حديد لربط الإطارات مع بعضها عند وضعها بجانب الجدران لكي تحترق بأكملها وكذلك شراء مادة أسفلت تصب فوق الجدار حتى يكون الدخان المتصاعد أسود لكي يحجب رؤية أفراد العصابة وهم يطلقون النار فلا يعرفهم المعتصمون، حيث تم شراء السلاسل الحديدية من صاحب محل أدوات بناء في شارع عشرين ولم يأخذ نقوداً مقابل شراء تلك السلاسل وإنما قام بالتبرع بها لهم كما تم شراء مادة التينار، وقام علي أحمد علي محسن في مساء ذلك اليوم بإدخال أفراد من العصابات هو ووالده محافظ محافظة المحويت ومرافقيه وإدخال أسلحة وذخائر، من تلك الأسلحة معدل وبعد ذلك التجهيز جاءت الأوامر العليا لقوات الأمن المركزي مكافحة الشغب التي كانت تتواجد طوال أيام الأسبوع في تلك المنطقة ومكلفة بحماية للمعتصمين كما يزعمون، وفي منتصف ليلة الجمعة 18 مارس سحبت تلك القوات فجأة، فاستغرب بعض أفراد العصابة الذين كانوا منتشرين في تلك المنطقة وسألوا: لماذا انسحبت؟. فأجابوا عليهم إنها تعليمات عليا وردت، ثم قالوا: لا تخافوا لن يستطيع المعتصمون هدم الجدار والتوسع. تسهيلات أمنية وقام بعض الضباط التابعين للأمن المركزي ووزارة الداخلية بالاتصال بقيادات الأمن المركزي ووزير الداخلية عن تواجد كثيف للمسلحين في مساء هذه الليلة ينوون مهاجمة المعتصمين إلا أن قيادات الأمن المركزي ووزير الداخلية لم يتجاوبوا وأغلقوا هواتفهم. وفي صباح يوم الجمعة 18 مارس قام علي أحمد علي محسن ابن محافظ محافظة المحويت بالاجتماع ببعض أفراد العصابة جوار السور، وقال: إن دماء المعتصمين دم حنش “أي مباحة”، وبدأت تتوافد تلك العصابات وكانت تصل في وقت واحد ومن تلك الجماعات مجموعة الكسارة بقيادة خالد شوتر ومجموعة اللكمة بقيادة صالح المراني وآخرين والمجموعة الثالثة مجموعة القاع. كما حضر مصورون تابعون للفضائية اليمنية ليصوروا ما يجري من أحداث حتى يكذبوا قناة سهيل والتي قالوا: أنها تزعم أن من يعتدي ويطلق الرصاص على المعتصمين هم العسكر فنحن اليوم نريد إثبات العكس من أن من يعتدي على المعتصمين ويطلق الرصاص عليهم ليسوا العسكر، وطلبوا أن يصعدوا فوق أسطح بعض المنازل للتصوير، كما حضر مصور تابع للتوجيه المعنوي يريد أن يصور ما سيقع من أحداث وكذلك قام محافظ المحويت وابنه باستئجار مصورين للقيام بتصوير الأحداث، وأثناء أداء الصلاة قاموا بصب مادة الأسلفت على الجدار وبعد أداء المعتصمين صلاة الجمعة والعصر وعند قول الإمام: السلام عليكم ورحمة الله أي عند الانتهاء من الصلاة قام عضو المجلس المحلي عبدالجليل السنباني والذي كان قد حضر الساعة العاشرة صباحاً في سيارة عليها ميكرفون ينادي بها ويقوم بتحريض أهل الحارة ويصيح فيهم : يا أهل الحارة أخرجوا دافعوا عن حارتكم من المعتصمين فقام هذا الشخص ومعه مجموعة من أفراد تلك العصابة منهم بشير النمري وآخرين بإحراق إطارات السيارات وصبوا عليها مادة التينار والبترول لكي يتصاعد الدخان بكثافة ويعمل غطاء يحجب الرؤية. حسبنا الله ونعم الوكيل وكان المعتصمون في تلك اللحظة على الأرض بعد الانتهاء من الصلاة يرددون شعاراتهم: حسبنا الله ونعم الوكيل، وعند الانتهاء من ترديد هذا الشعار وغيره وبدأوا بترديد شعارهم: الشعب يريد إسقاط النظام وبدأ علي أحمد محسن بإطلاق النار مباشرة على المعتصمين الذين مازالوا جالسين يرددون شعاراتهم، لا كما زعم وزير الداخلية أنه بسبب هدم المعتصمين الجدار تم إطلاق النار عليهم، وبعد سقوط أول شهيد قام المعتصمون وشاهدوا أن إطلاق النار يأتي عليهم من منزل محافظ محافظة المحويت والمنازل المجاورة والمطلة على ساحتهم فحاول البعض منهم الاتجاه نحو الجدار لإيجاد فتحة منه للخروج للإمساك بمن يطلق النار فكان كلما اقترب الشباب من الجدار تساقطوا شهداء من كثرة إطلاق النار عليهم وقنصهم في الرأس والرقبة. ومع ذلك استطاع بعض الشباب هدم جزء من السور للخروج منه وفعلاً خرجوا واتجهوا للشارع فتساقط الشباب حيث كان الشاب الذي يخرج من السور يسقط شهيداً حتى استطاع بقية الشباب هدم كامل السور والاتجاه نحو من يطلق النار للإمساك به وكانت قوات الأمن المركزي التي حضرت تقوم بالاعتداء على المعتصمين ورشهم من خلال عربات الرش وإلقاء قنابل غازية سامة ومواد حارقة وإطلاق نار من الضباط والجنود الذين كانوا حاضرين بعضهم بلباس مدني وبعضهم بلباس رسمي كما أن ضابطاً كان جوار سائق عربة الرش كان يقوم بإطلاق الرصاص من داخل العربة على المعتصمين وحاول جنود الأمن المركزي منع المعتصمين من الإمساك بأفراد تلك العصابة الذين كانوا يطلقون النار من وسط وأمام وخلف أولئك الجنود ضد المعتصمين ولم يتحرك جنود الأمن المركزي بإلقاء القبض على أولئك الجناة أو منعهم من الاستمرار في ارتكاب الجريمة وظل إطلاق النار ما يقارب ثلاث ساعات واستطاع بعض المعتصمين الإمساك ببعض أفراد تلك العصابة أثناء إطلاقهم للرصاص باتجاه المعتصمين وتساقط أيضاً شهداء عند محاولتهم الإمساك بأولئك الأفراد وقد نجحوا في الإمساك بهم. ويضيف الشرعبي: هكذا تم التآمر والاتفاق والإعداد والتجهيز والتمويل لتلك العصابة من قبل النظام وقياداته العسكري والأمنية والسياسية والحزبية والمدنية، وهذا ما أكدته النيابة عن قرار الاتهام بقولها عن تلك العصابة التي هاجمت المعتصمين وارتكبت تلك المجزرة ما نصه: شكلوا عصابة مسلحة للقيام بمهاجمة المعتصمين في الشارع العام جوار جامعة صنعاء الدائري الغربي بأمانة العاصمة وأعدوا لذلك الغرض عدته من أسلحة نارية وذخائر وإطارات سيارات ومواد قابلة للاشتعال وسدوا مداخل الشوارع الفرعية والشارع العام وتقاسموا الأدوار بينهم وما أن استكملوا مخططهم قاموا بارتكاب الجريمة،هكذا أثبتت النيابة كذب النظام وقياداته أنه بسبب تحريض خطيب الجمعة المعتصمين قاموا بهدم الجدار ونتيجة لذلك قام أهل الجامعة بإطلاق النار بينما أثبتت النيابة عدم صحة هذا المزعم وأن هذه المجزرة قد تم التآمر والاتفاق والتخطيط والإعداد والتجهيز لها مسبقاً وبعد استكمال كافة التجهيزات نفذوها يوم الجمعة إلا أنه للأسف رغم ثبوت ذلك للنيابة إلا أنها لم تقدم أحداً من القيادات التي قامت بذلك للمحاكمة،رغم الحقائق التي كشفتها التحقيقات أن هناك ضباطاً وجنوداً كانوا بلباس مدني يحملون مسدسات كلاك يطلقون النار منها على المعتصمين وبعضهم لديهم أسلحة وتلك النوعية من المسدسات لا تملكها إلا القوات الخاصة وبعض ضباط الحرس والأمن المركزي. مقاربة تحليلية للجريمة ويزيد الشرعبي: إذا كان هناك من ملاحظات وصلت إليها من خلال إطلاعي على ملف الجريمة بما يحويه من اعترافات وشهادات ووثائق ومحاضر، فإن ثمة مسرحية تتكرر لمؤلف ومخرج واحد، من أحداث الحجرية إلى مجزرة جمعة الكرامة، خلاصة هذه المسرحية على النحو التالي: للتخلص من أي خصم يتم توريط محيطه فيما سيجري لاحقاً من جرائم ماحقة، أو عزله عن محيطه، فيجري الدفع بأبناء المحيط الذي يتواجد فيه الخصم ليكونوا في واجهة الحدث، ويأتي المجرمون الحقيقيون مقنعين ليكون لهم اليد الطولى في الجريمة وينسحبون من مسرحها إلى حيث لا يدري أحد، وتلصق التهمة ضد أبناء المحيط ممن يجري القبض عليهم بالفعل وهم متلبسون بالجريمة وأدواتها، ومشاركون في بعض ما دار فيها، لكنه لم يكن يدور في خلدهم أن تؤول الأمور إلى تلك العواقب الوخيمة، وأن تكون النتائج على ذلك النحو من الإجرام والفاشية. هذا ما حدث فعلاً، فقد تمت تعبئة وتحريض أبناء الحارات المجاورة والمحلات التجارية بطريقة ممنهجة عبر عناصر أمنية وقيادات في الدولة بعضها من سكان تلك الحارات، فتم استدعاؤهم أكثر من مرة لاجتماعات أكدت على ضرورة أن يقف أهالي الحارات صفاً واحداً ضد توسع الثوار وحماية الشوارع والأزقة منهم. وجرى تشكيل ما يسمى باللجان الشعبية للدفاع عن الحارات والتي تزعمتها قيادات أمنية كما ورد في التحقيقات، ووزع المال والسلاح والذخيرة، ونشط بعض عقال الحارات وعناصر أمنية في جمع التبرعات من أصحاب المحلات التجارية لبناء الجدار وجلب الإطارات، وقبل صلاة الجمعة خرج ضابط أمن وعضو مجلس محلي وفقاً للتحقيقات بسيارة عليها ميكروفونات لتحريض الأهالي، وكان ينادي الأهالي قائلاً «اخرجوا احموا منازلكم ومحلاتكم» وكأن الثوار سيقتحمون البيوت وينهبون المحلات التجارية، وهو ما يؤكد أن الخطة تسير في اتجاه استكمال توريط أبناء الحارات حتى النهاية، فخرج الكثير من سكان الحارات وفقاً للتحقيقات إلى أمام منازلهم قبل صلاة الجمعة وهم يتمنطقون الأسلحة، وعندما بدأت الجريمة عقب الصلاة أطلق أشخاص إشاعة مفادها أن الثوار قتلوا أحد أبناء الحارة «يدعى محمد الشامي» لتحريض الأهالي على الخروج بأسلحتهم دفاعاً عن حياتهم، إذ الأمر تجاوز مسألة حماية المنازل والمحلات إلى الدفاع عن الأنفس، بدا وكأنهم يريدون تصوير القضية على هذا النحو. حصل هذا فيما كان عدد من القتلة الحقيقيين قد أخذوا أماكنهم على أسطح المنازل وخلف نوافذهم وباشروا إطلاق النار على المعتصمين، فيما كان عشرات من القتلة الملثمين يتقاطرون من حارات أخرى، ويتوافدون على المكان ويطلقون النار صوب شباب الثورة مباشرة. وبمرور عام على جمعة مجزرة الكرامة لا تزال هذه الجمعة تمثل يوماً فارقاً في تاريخ الثورة الشبابية الشعبية السلمية وحدثاً عظيماً في مسارها.