استمع فريق بناء الدولة المنبثق عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل، اليوم، وبحضور عدد من أعضاء المؤتمر إلى محاضرة حول: المتطلبات الأساسية لإقامة ديمقراطية وصياغة دستور، ألقاها وزير الخارجية الموريتاني الأسبق، وأستاذ القانون بجامعة تولوزالدكتور محمد الحسن ولد لبات. وفي مستهل المحاضرة التي أقيمت في قاعة المؤتمرات الصغرى، تحدث سفير فرنسا لدى اليمن فرانك جيله الذي قدم المحاضر وعرض جزءاً من سيرته المهنية وانشغاله في مجال الفقه الدستوري.. مبيناً أن هذه المحاضرة تأتي في إطار المشروع الفرنسي لدعم الدستور الجديد في اليمن. وقدم الوزير لبات محاضرته في سياق ثلاث محاور أساسية، شملت قواعد إعداد الدستور، ومعايير اختيار لجنة كتابة الدستور المهنية والأخلاقية، فضلاً عن ضرورة توفر الإرادة الوطنية الكاملة لإنجاز الدستور وإنفاذه. وقد أبان المحاضر عن دراية وخبرة، وإحاطة كاملة بموضوع صياغة الدساتير، مستنداً في ذلك إلى سنوات من الانشغال الأكاديمي في مجال القانون والفقه الدستوري، ورئاسته أوائل التسعينات للجنة صياغة الدستور في بلده الجمهورية الإسلامية الموريتانية، واشتراكه في مهام مماثلة في عدد من الدول الإفريقية. واعتبر الدكتور لبات أن مسألة صياغة الدستور عملية تقنية تستند إلى جملة من الموجهات التي يقرها مؤتمر الحوار الوطني، لكنه أكد ضرورة أن تتوفر للجنة الدستورية هامشاً خاصاً تستطيع من خلاله وضع الصيغ والتقليل من حدة بعض الأفكار والتوجهات، وأن تتوفر في اللجنة إرادة الاتفاق. وفي سياق المحور الأول من محاضرته رأى الوزير الموريتاني الأسبق وأستاذ القانون في جامعة تولوز الفرنسية أن هناك ما أسماها الدرر العشر، كقواعد أساسية يجب الأخذ بها عند صياغة الدساتير الجديدة، وأهم هذه الدرر أو القواعد تحديد طبيعة شكل الدولة، وتحديد طبيعة نظامها السياسي، والتوازن بين السلطات وتوزيعها على أساس عقلاني ومدروس، وتوفر هيئة تتولى الرقابة على مطابقة القوانين مع الدستور، والتحديد الواضح لحقل الحريات العامة، والتمييز في بعض هذه الحريات كالتركيز على المرأة وعدم الإقصاء، والعدالة الانتقالية من خلال معالجتها بنصوص نهائية، والتناوب على السلطة، وسلامة حرية الانتخابات من خلال معالجتها قاونونياً، وأخيراً الدور الأممي أو الكوني ممثلا بالسياسة الخارجية ورسالة الدولة للعالم الخارجي. وفي سياق المحور الثاني أكد المحاضر أهمية توفر جملة من المعايير الضرورية لاختيار أعضاء لجنة صياغة الدستور، وأهمها ان تكون قليلة العدد، وأن تتشكل من الخبراء القانونيين وأن لا يكون فيها سياسيين، وأن يحدد لها زمن محدد للإنجاز، وأن يستعان بخبرات دولية منتقاة على أساس الكفاءة والصداقة والأخوة. وفي إطار هذا المحور شدد المحاضر على أهمية أن تتوفر في أعضاء لجنة صياغة الدستور الدراية والخبرة والاستقامة والأمانة والاستقلال التام، وأن لا يترشح أي من أعضائها في أول دورة انتخابية بعد الاستفتاء على الدستور الجديد. ونصح المحاضر بأن تؤدي اللجنة عملها في معزل تام عن أية تسريبات إعلامية. وخلص المحاضر في سياق محوره الأخير إلى التأكيد أن توفر الإرادة المشتركة لأبناء الوطن ، هي الضمانة الوحيدة لكتابة الدستور وإنفاذه. وقد أجريت في ختام المحاضرة نقاشات مستفيضة من قبل أعضاء فريق بناء الدولة، ومؤتمر الحوار الوطني، عبروا من خلالها عن ارتياحهم العميق للمضمون القيم في محاضرة الدكتور ولد لبات، وتضمنت كذلك جملة من الاستفسارات التي أضافت لمضمون المحاضرة وأحاطت بكافة أبعاد عملية كتابة الدستور. حضر الفعالية مدير المشروع الفرنسي لدعم الدستور الجديد، جويل دوشي لوبرتر، وفرانسوا فيرزون الخبير في المشروع، وليندا العباهي مساعدة الخبير. هذا ومن المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الموريتاني الأسبق في محاضرة مماثلة غداً الخميس بفندق شهران، مع ممثلي الفعاليات السياسية ومنظمات المجتمع المدني خارج مؤتمر الحوار.