امتحانات القبول في بعض الجامعات الحكومية رغم أهميتها في تقييم مخرجات الثانوية العامة والمفاضلة بين المتقدّمين بمعدلات عالية للحصول على مقاعد خصوصاً في كليات القمّة مثل الطب والهندسة وأقسام الحاسوب واللغة الإنجليزية إلا أن تباين الآراء بين الأكاديميين وشعور الكثير من الطلاب بالإجحاف يفتح جراح الواقع التعليمي بمراحله المختلفة ويدفع باتجاه المبادرة لمناقشة قضايا التعليم ووضع رؤى وحلول عملية تضع حداً لتراكمات المشاكل وترحيل القضايا من عام إلى آخر خاصة وأن الامتحانات في السنوات الثلاث الأخيرة وما رافقها من اختلالات ومعدلات عالية يشكّك بها المنصف قبل المتحامل على التعليم العام لنرى حقيقة الأمر في وجهة علمية. البنات أفضل أ.د عبدالوهاب العوج، كلية العلوم بجامعة تعز أكد: أن امتحانات الشهادة الثانوية لا تشكل فرزاً حقيقياً للمخرجات وقال: قد يكون مجموع الطالب قوياً ومعدله فوق ال 90% لكن مستواه أقل، ويرى العوج أن معيار الفرز يتحقق من خلال اختبارات القبول في الجامعة إذا حصل الطالب على 50% وتحسب له 50% من نتيجة الثانوية ..وقال الدكتور العوج: هناك طلال يستحقون المعدلات العالية وخاصة البنات، يدخلون المفاضلة للحصول على مقاعد في كلية الطب ثم الهندسة والعلوم والأقسام المرغوبة كالحاسوب واللغة الإنجليزية وتكشف القبول في المواد التطبيقية: كيمياء، فيزياء أحياء، رياضيات والبيولوجي حسب معايشتنا أن الضعف لدى مخرجات الثانوية موجود رغم استعداد الطالب للقبول،ولذلك يسقط بعضهم ووجدنا تفوق طلاب مدارس تعلّم باللغة الإنجليزية مثل مدرسة محمد علي عثمان بتعز، لكن طلابها لديهم ضعف في الكيمياء والفيزياء والبيولوجي والبعض الآخر قد يكون معدله 83% ولكنه يكون متميزاً ومنافساً للحاصلين على 90% وما فوق ولأن امتحانات الثانوية ليست معبّرة تماماً عن قدرات الطلاب لذا يعد اختبار القبول في الجامعة معياراً سليماً ولايحرم البعض من الالتحاق إذا رسب في اختبار القبول لوجود التعليم بالنفقة الخاصة..والملاحظ أن الجامعات تقبل أكثر من طاقتها رغم نقص الإمكانيات والتجهيزات في القاعات والمعامل والمواد في كليات العلوم “مثلاً” ويعيش الأستاذ والطلاب منغصات منها،عدم وجود المياه في دورات المياه وعدم صلاحية الحمامات وانقطاع الكهرباء وفي القاعات لا تزال التجهيزات متخلّفة والسبورة أسوأ مثال ..جامعات عربية تطورت وأدخلت حتى الستائر ووسائل الكترونية للعرض وتقديم محاضرات نموذجية لكن ماعندنا قديم وإن وُجد الحديث فإن التجهيزات والتوريد تعكس فساداً والإنفاق كبير لكنه بلا فائدة والأجهزة رخيصة الثمن وأحياناً نحتاج ربع ساعة لتشغيلها، إذن لا اهتمام بهذا الجانب ولابالتعليم عموماً ونعلم بنظام النفقة الخاصة والموازي ولا أثر إيجابي على مستوى تحسين التعليم. تُخمة ونوّه الدكتور العوج إلى أن جامعة تعز حسب الإحصائيات أكثر من 35 ألف طالب وفي بعض الأقسام العدد حقيقي في كليات الطب والعلوم والهندسة وأقسام اللغة الإنجليزية في التربية والآداب وباقي الأقسام والكليات النظرية العدد من 6 7 آلاف طالب ،كالحقوق والعلوم الإدارية وحسب رأي د/عبدالوهاب فإن الأهم هو التركيز على جودة المخرجات لا ،الكم كما هو حاصل تردي مستوى التعليم في الثانوية وما دونها يتفق عليه الأكاديميون لكن من الطلاب والطالبات من اجتاز امتحان القبول في كلية الطب أوالهندسة العام الماضي ولم يحصل على مقعد لأن الكليتين استوفتا طاقتهما الاستيعابية من الناجين في العائمة وكان على آخرين منهم أن يدفعوا لكي يدرسوا وهذا العام رسب من أعاد الكرة وفي أكثر من مادة وتعين عليه دخول امتحان النفقة الخاصة مع 530 طالباً وطالبة يتنافسون على 40 مقعداً في كلية طب تعز وهي حالة جديرة بالنظر كون مخرجات الثانوية كبيرة والطاقة الاستيعابية محددة بسبب طبيعة الكلية. وفي كلية الهندسة كانت الجامعة قد خفضت الرسوم على الطلاب بالنفقة الخاصة إلى 500 دولار وعادت لترفع المبلغ إلى 1000 دولار وهو ما شكّل صدمة للطلاب لكن ما هو معروف عن الأوضاع في المدرسة والأحداث في البلد خلال ثلاثة أعوام زادت من انفلات التعليم والامتحانات والأداء التعليمي في الثانوية . طبيعة الأسئلة من جانبه قال الدكتور علي المطيري “جامعة تعز” إن امتحانات القبول في الجامعة معيار حقيقي وصحيح لأنها اختبارات موضوعية واختبار متعدد بمعنى إن الأسئلة تحتمل إحدى إجابتين إما صح أوخطأ. وليست اختبارات تقليدية لقياس مستوى التلقين والحفظ، أما التصحيح ففيه دقة وتدقيق في جمع الدرجات وبالتالي ينجح من حصل 50% من الدرجات في امتحانات القبول وتحسب له 50% من مجموعة درجاته في النتيجة الثانوية العامة وبذلك يتحقق العدل بين الطلاب المتقدمين للمفاضلة مادام عددهم أكبر ولا يمكن استيعابهم وبنفس المعيار تتم المفاضلة بين الراغبين في الحصول على فرصة التعليم بالنفقة الخاصة إذا زاد العدد عن احتياج الجامعة وهذا العدد الزائد لابد أن يكون محدوداً كأن يكون عشرة طلاب، لكن العدد الحاصل الآن أكبر بكثير منذ بدأ العمل بالمفاضلة. الكيف ويؤكد د. مطير إن المسألة تحتاج إلى قرار فوقي وخطط تحدّد بدقة كم نريد أن نعلّم في كل مجال وماهي الإمكانيات المطلوبة والكادر المؤهل من مدرسين ومساعدين وفنيين في الأقسام العلمية والتوسع يفترض في الجانب العلمي التطبيقي وليس النظري والتركيز على الكيف لا ، الكم بما يضمن تدريب وتأهيل الطلاب وتخصصهم وهذا ينبغي ألا ننشغل عنه بلوم بعضنا والوقوف فقط على مستوى تحصيل الطلاب في الثانوية والتعليم العام ككل ..المسألة مهمة وخطة التعليم المنشودة جزء أساس من خطط واستراتيجيات الدولة. إذ من غير المقبول أن يكون احتياج القسم 50 طالباً وتقبل 100 طالب وطالبة وإذ وُجد هذا التجاوز مثلاً فهذا غير صحيح وغير مقبول من الناحية العلمية. عمق المشكلة لكن المشكلة أكبر من وجهة نظر د. محمد المخلافي- عميد كلية التربية بجامعة إب، إذ يرى الطاقة الاستيعابية ثابتة في كلية الطب سواءً البشري أوطب الأسنان والتجهيزات والمعدات هي ذاتها لم تزد وميزانية الجامعات هي نفسها وإن وجدت زيادة لا تكاد تذكر وإذا كانت الكلية تحتاج 150 طالباً وطالبة وزيادة نسبة بسيطة وطب صنعاء تحدد النسبة ب 300 طالب ويضيف د. المخلافي قائلاً: حتى أكون منصفاً امتحانات القبول في جامعة إب كانت دقيقة اعتمدت أرقاماً سرية وتم التصحيح وفي اليوم الثاني تعلن النتائج 12 عضو هيئة تدريس قاموا بعملية الاختبارات وأمام العدد المتزايد من الراغبين في هذا القسم أوالكلية لابد أن من يحالفهم الحظ لديهم رغبات أخرى أو يحالوا حسب رغبتهم إلى نظام النفقة الخاصة والموازي. مسألة لافتة وبشأن ما يتبرّسم منه طلبة كثر من أن هناك امتيازات لأساتذة الجامعة حسب القانون فيما يتعلق بقبول الأبناء والأقارب قال د. المخلافي: نتائج امتحانات القبول توضّح لكل واحد ماله وما عليه، التصحيح بأرقام سرية ولا مجاملة أومحاباة لأحد، أما عن رسوم الموازي فيحصل أبناء أعضاء هيئة التدريس على نسبة إلا أن رسوم أعداد من معدلاتهم 90% وما فوق في امتحان الطب واللغة الإنجليزية مسألة لافتة للأنظار وليس لصعوبة الامتحانات أوأنها تعجيزية ..المتقدمون عندما يتراوح عددهم بين 500 و3000 طالب ويتنافسون على 50 مقعداً لابد أن تعزّز النتائج العدد المطلوب فقط من بين الناجحين. تفاوت الإمكانيات المشكلة كما يراها عميد تربية إب: أن جامعات كجامعة صنعاء لديها كادر كبير لكن في كلية الطب وقسم الحاسوب وأقسام كلية الهندسة المعامل والمعدات والورش والتجهيزات قليلة بينما النقص يشمل هذا كله إلى جانب نقص الكادر في جامعات أخرى كجامعتي تعزوإب ويفترض تأهيل كادر وتوفير إمكانيات حتى نتجاوز مشكلات الحاضر ولابد أن تبذل الدولة جهوداً كبيرة وأن يسهم إلى جانبها القطاع الخاص في دعم التعليم الجامعي والاستثمار فيه ونأمل أن تخطط الجامعات لإيجاد استثماراتها الخاصة ومصادر تمويل وهذه فكرة موجودة على النقاش، فالجامعات العريقة في أوروبا لها استثماراتها ولها مايشبه الوقف. مشكلة الغد إذن المشكلة أعمق حسب رؤية د. محمد المخلافي لاسيما وأن أكثر من 600 ألف طالب يدخلون سنوياً إلى المدرسة يحتاجون إلى فصول إضافية وكادر تربوي مؤهل والمدارس تحتاج معامل ومكتبات ما يفرض على القطاع الخاص الإسهام مع الدولة في مواجهة التحدي والارتقاء بالسياسات من مخرجات جيدة ذات قدرات تحقق شروط الدخول إلى الجامعات وفي إطار سياسة عامة تدعم التعليم لتلبية متطلبات التنمية والاستجابة لاحتياجات سوق العمل فيما الحاصل أن لدينا 17 ألف مدرسة تحتاج كل واحدة إلى 50 كادراً تربوياً واحتياج المجتمع يصل إلى 30 ألف مدرسة وضعف الكادر وتجهيزات ومعامل بحيث يكون لكل خمسين طالب معمل في المدرسة. مشكلات متراكمة ولاتزال بعض المدارس تدرّس فترتين لأنها لا تستوعب عدد الطلاب في الفترة الصباحية، ولأن مشكلات التعليم متراكمة فهي تفرض عقد مؤتمر وطني تدعو إليه الدولة وتحشد له الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ويرصد له الدعم الكافي لوضع حلول من قبل مختصين والخروج برؤية واضحة. وحسب رأي د. صلاح المقطري “ جامعة صنعاء” أن محافظة تعز من عجز الجامعة عن استيعاب أعداد من المخرجات تعاني أيضاً من تقص في عدد المدارس والفصول ويتفق مع زملاء آخرين بأن التعليم يعيش حالة من التدمير الممنهج، وما يتبرم من الطلاب والآباء من أعباء التعليم بالنفقة الخاصة والموازي من مظاهر المشكلة وكذلك مشكلة الغش وبالتالي بأن شعور الطلاب باعتباء امتحانات القبول حتى لمن اضطر للتعليم على نفقته الخاصة ويقول د. صلاح: إن المشكلة تعكس مدى الفساد الذي أصبح ثقافة اجتماعية توجّه الطالب إلى البحث عن المعدل المرتفع ليضمن تعليماً مجانياً كحق دستوري وقانوني، هذا الفساد لا يستثنى منه الأكاديميون. المقطري يرى الخلاص من إشكاليات التعليم بداية بتعز من داخل الإنسان ونظرته للتعليم وحقوقه وواجباته. اختيار الأفضل أ.د. فضل حراب “ جامعة صنعاء” قال:تقييم الطلاب عند دخول الجامعة مهم وفقاً لضرورة قياس جودة المدخلات خاصة في كلية الطب والصيدلة ولكن هناك مشكلة تتمثل بالسماح للجامعات الخاصة بقبول مخرجات المعاهد الصحية في إطار ما يُسمى بالتجسير والتعليم العالي العالي يعتمد على الشهادة، فإذا كانت مخرجات الثانوية في الظروف التي عاشتها البلاد ويعرفها الجميع تبرر امتحانات القبول لاختيار الأفضل بحدود ما تسمح به الطاقة الاستيعابية فإن قبول مخرجات المعاهد الصحية اعتماداً على الشهادة لا يتفق مع المعايير الصحيحة وإن كانت المعدلات عالية، إلا أن الحكومة بطريقتها والجامعات أيضاً، في العام الماضي قبل 200 طالب بالنفقة الخاصة والجامعات تسعى إلى تحسين دخلها وهذا مطلوب لكن ليس على المعايير السليمة، وأضاف د. حراب قائلاً: إذا قلنا : الفترة هذه ما تزال امتداداً لفترة سابقة الغاية تخريج كادر بأعداد مناسبة فإن الحاصل هو تخريج كادر بأعداد كبيرة بطريقة غير مستوفية لشروط الإعداد والتأهيل والتدريب لممارسة الطب البشري أوطب الأسنان أوالمختبرات والأسوأ هو أن اليمن ليست بحاجة الى الكم وإنما تحتاج الى الكيف بالنسبة للكادر وتحتاج الى الكم والكيف بالنسبة للكادر الفني والمساعد بحيث يكونون قادرين على إيجاد فرص عمل، والآن الموجود كم وليس النوع ولهذا كان عقد لقاءات مع وزير التعليم العالي ونائبه ولاتزال القضية مطروحة والطلب ملح من أجل التغيير. تدليس ويرى د. حراب: إن موضوع التعليم بكل مراحله وليس فقط موضوع اختبارات القبول، الأمر كله حصيلة تراكمات والقضية معقدة وطويلة وحساسة ومخرجاته غير مناسبة وإن نجحنا في امتحانات القبول ومانشاهده اليوم من إجراءات ليست أكثر من تدليس لاسيما مع وجود الخلل في الجامعات الخاصة لأنها تخرّج طبيباً بشرياً وطب أسنان ومخبرياً دون إشراف حكومي ولا احتكام لقانون وكل معهد صحي يدرّس بمنهجيته وطريقته، ولدينا تكتل أوتشبع في تخصصات معينة بغض النظر عن تميزها ولاتزال الجامعات تقبل معدلات 85% و65% في المعاهد الصحية على اعتبار أن حاملي هذه المعدلات عن جدارة فماذا نقول على نجاح طالب بمعدل 85% ورسوب حامل معدل فوق ال 90% من مخرجات الثانوية؟. ولكن يهمني أكثر موضوع، بل مشكلة التجسير في الجامعات الأهلية وقبول مخرجات المعاهد لدراسة البكالوريوس رغم أنها لم تدرّس سوى مواد بسيطة وتقبل في الجامعة وبحسبة سهلة خريج المعهد الصحي قرأ نحو 100 صفحة والمنهج متواضع بينما المؤهل لدخول الجامعة ينبغي أن يدرس ويقرأ 500 - 1000صفحة. أما المعدلات العالية لمخرجات الثانوية يتدافع أصحابها الى الطب والصيدلة والمختبرات ونضع اختبارات قبول وبعدها امتحانات قبول للراغبين بالموازي والنفقة الخاصة مع عجز الجامعات عن توفير الإمكانيات هذا يعني أننا نسير عكس الاتجاه العالمي لماذا؟ لأن المعيار العالمي يقوم على وفرة الكادر الفني والمساعد بحيث يكون لكل طبيب بل مقابل كل طبيب خريج”1000” ألف صحي وصحية وقابلة وهذا الكادر المتوسط هو الذي يعول عليه بينما الملموس والملاحظ هو أن التكالب على تخصصات الطب والصيدلة هو السائد وكأننا نريد جيشاً من حملة الشهادات وبدون جودة نتيجة الافتقار إلى الإمكانيات في مؤسساتنا العلمية.