عندما تسرق الأحلام وتمزق المشاعر، عندما تغرق بالبؤس، عندما ترافق القهر وتسامر المعاناة، فأنت في مشهد من مشاهد الظلم تراه في زاوية من زويا المجتمع الممتد على بساط الجهل، وفي صفحة من صفحات العادات والتقاليد المكتوبة بدموع القهر، هذه ليست حكاية أسطورية، وإنما هي قضية دمرت أسراً، وكسرت قلوباً وخواطر، ودفنت آمالاً وأحلاماً.. كل هذا عندما أصبح من أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بهن خيراً سلعة تباع في مزاد الجهل..! زواج (الشغار) أو( البدل)، أو(المناقلة،) أو(الزقار) كلها مسميات لهذا النوع من الزواج، وهو زواج البنت مقابل زوجة للابن أو كما يقال (رأس برأس) أو أن تقول لشخص زوجني أختك على أن أزوجك أختي، نتعرف أكثر على تفاصيل هذه القضية في هذا الاستطلاع.. حياة مؤلمة خديجه الخولاني أكدت أن مثل هذا الزواج منتشر بكثرة في بلادنا، وقالت: أحكي لكم قصة فتاة أعرفها عاشت حياة مؤلمة.. كانت هذه الفتاة ضحية أهلها الذين أصروا على تزويجها بما يسمى (البدل) وبالفعل تزوجت ابن عمتها والأخ تزوج بنت عمته، ومع مرور الأيام حصلت مشاكل مع هذه الفتاة، فيما كان الأخ يعيش مع زوجته بتفاهم وانسجام، وكانت زوجته حاملاً لكن بسبب أن أخته غير منسجمة مع زوجها أصر والده على الطلاق، وبالتالي أهل زوجة الأخ أصروا على طلاق ابنتهم، رفض الأخ طلاق زوجته لكن تحت ضغط الأسرة وبعد انجاب طفل تم الطلاق المتبادل، وأصبح الأربعة ضحايا زواج البدل، وكان أكبر الضحايا هو «الطفل» الذي أعطوه لأبيه بعد الولادة مباشرة بدون مراعاة لحق الأمومة أو الطفولة ولا حول ولا قوة إلا بالله. عجز الأسرة أمينة عجلان قالت: ينتشر هذا النوع من الزواج في الريف والمناطق الأكثر فقراً والتي ترتفع فيها نسبة الأمية ففي بعض المناطق تعطى العروسة مهراً أو يسمى، ولكنه لا يدفع وبعض المناطق لا يعطى ولا يسمى، فكل أسرة تقوم بتجهيز ابنتها من حيث الكسوة والذهب وإقامة العرس بحسب إمكانية كل أسرة، ويلجأ الناس إلى زواج البدل بسبب الجهل، وغلاء المهور، والحالة الاقتصادية المتدنية لبعض الأسر، وعجز الأسرة عن دفع تكاليف زواج الابن فيزوج هذه مقابل تلك وقد يصر الابن على تزويجه بفتاة معينة لكن أسرة الفتاة ترفضه، ومع شدة إصراره يتم اللجوء إلى زواج البدل، فيضحي بأخته مقابل رغبته بالحصول على مبتغاه، مشيرة إلى كثرة المقارنة بين الزوجات “اشترى أخي لأختك ليش أنا “وهكذا فيحدث الطلاق لأبسط الأسباب. - محمد أحمد أكد أن زواج البدل زواج غير ناجح ويدخل فيه التعصب و كثر الاختلافات، ويؤدي إلى تفكك الأسر والمجتمع، بل تشعر الفتاة بأن ليس لها أي قيمة بسبب حرمانها من حرية الاختيار. زواج سلبي بشير أبو القاسم يؤكد أن زواج الشغار زواج سلبي بامتياز لأنه مبني على ظلم الفتاة في حقها في الاختيار وما بني على ظلم موعود بالانتهاء، وهو زواج فيه الكثير من المآسي والقصص الحزينة، فما إن يمر على الزواج أيام قليلة حتى يدمر أسرتين وعلاقتين، فإذا حدث خلاف في أسرة ينتقل مباشرة إلى الأسرة الأخرى، وتبدأ المعركة بين مد وجزر، تنتهي بأبغض الحلال إلى الله، والكثير من التجارب في الواقع تؤكد أن نسبة نجاح هذا الزواج ضئيلة جداً. - نورية هادي تقول: يلجأ البعض إلى زواج البدل لعدة أسباب لكي لا يذهب الميراث إلى أشخاص آخرين، ومن الأسباب أيضاً عدم قدرة بعض الآباء على تزويج الولد فيضطر إلى زواج البدل، كما أن عادات وتقاليد بعض الأسر التي تحبذ زواج الأقارب تظلم الفتاة وتضيع الأسرة والأطفال، ولا تعطي قيمة لرأي الفتيات مع أن ديننا القويم أوجب على أولياء الأمور أخذ رأي الفتاة، كما أكدت الأخت هادي أن زواج الشغار عواقبه وخيمة منها عدم الاستقرار ومشاكل أسرية عديدة قد تدفع بالفتاة الضحية إلى الانتحار أو القتل لا سمح الله. ضياع الحرية حسن الحداد تحدث بقوله: هي ظاهرة سلبية و منتشرة بشكل كبير بل مصيبة في حد ذاتها ولها نتائج سلبية، خاصه عند عدم وجود ضوابط تحكمها أي عند ربط مشاكل شخص بالشخص الآخر، وقد تكون إيجابية في حالة واحدة عندما يكون الشاب غير قادر على الزواج بشرط أن توضع ضوابط، بحيث لا تسقط الحقوق للطرفين ويوجد فاصل زمني بين زواج كل واحد وهذا لا يندرج تحت زواج الشغار بينما عاصم يقول: هذا زواج غير مرغوب به لأن معظم الفتيات يتزوجن مكرهات وهذا أمر لا يقبله الدين وهو يفكك الكثير من الأسر لأنه مبني على أساس غير صحيح، ويحدث التشتت والفرقة والنزاعات والقطيعة والعداوة، وقد تتطور إلى القتل ودخول المحاكم، ولابد من توعية المجتمع بخطورة هذه الظاهرة ففيها ضياع للحرية والحقوق لكل من الرجل والمرأة. لا يصلح ولا يجوز ولكي أعرف وتعرفون رأي الشرع في هذا الزواج قمت بزيارة القاضي العلامة محمد بن إسماعيل العمراني حفظه الله إلى مسجده وسألته عن حكم زواج الشغار بكل أشكاله أجاب بقوله: زواج الشغار اذا تم بدون مهر لكل زوجة وبدون رضاها فهو باطل لا يصلح ولا يجوز، وإن كان يتم ولكل واحدة مهر مسمى لها وهي راضية بالرجل (ولا تحنق) أحداهن إذا (حنقت) الأخرى ولا تطلق الأخرى لسبب طلاق الأولى فلا مانع وإلا فلا يجوز.